توابع الزلزال القوي فعلا لا تقاس بشدتها أو بالمسافة التي شملتها
بل بالقرون.
بعد مرور 250 عاما على وقوع واحد من اقوى زلازل العالم الذي حول
لشبونة المبهرة إلى مدينة أشباح سيجتمع خبراء من مختلف أنحاء العالم
بحثا عن مقدمات لما قد يحدث في المستقبل.
ودق الزلزال الذي ضرب لشبونة في الاول من نوفمبر تشرين الثاني عام
1755 أجراس الكنائس في باريس وأثار موجة مد من النرويج إلى أمريكا
الشمالية. وأحدث صدمة في مختلف أرجاء اوروبا.
وقال كارلوس سوسا اوليفيرا رئيس الجمعية البرتغالية لهندسة الزلازل
"يجب ان ننبه السلطات والسكان بشكل عام إلى أن هذا الحدث المروع الذي
وقع في الماضي قد يقع مرة أخرى."
وأضاف "لا نعرف متى. وقد لا يكون بنفس القوة. لكن يجب ان نستعد
لمواجهته."
ومن المتوقع أن يحضر نحو مئتين من خبراء الارصاد والمهندسين
والمعماريين ومخططي المدن والمؤرخين وحتى الفلاسفة مؤتمرا يستمر أربعة
أيام في لشبونة ويبدأ في الاول من نوفمبر ذكرى وقوع الزلزال.
وسيعرض الخبراء شهادات من زلزال جنوب آسيا القاتل الذي وقع هذا
الشهر والدروس المستفادة من كوارث سابقة مثل زلزال شمال غرب تركيا عام
1999 والمحيط الهندي عام 2004.
وسيناقشون الابحاث والاستعدادات الجارية في الدول المعرضة لمخاطر
الزلازل مثل اليابان وايطاليا وروسيا وسيحاولون زيادة الوعي بالمخاطر
في مناطق أخرى.
وقال الفريدو كامبوس كوستا مهندس الزلازل الذي يعمل في أبحاث تقييم
المخاطر السيزمية "المقيمون في البرتغال ليس لديهم أي فكرة عن المخاطر.
وهم لا يدركون المخاطر لان الزلازل تأتي على دورات متباعدة أي قد تمر
مئات السنين قبل أن تتكرر."
ويقر الخبراء بأن المعلومات لا تعني الكثير دون التطبيقات وان الحجة
الاكثر فاعلية لاحداث أي تغيير مثل تصميم مبان أكثر أمانا هي ذكريات
كوارث سابقة.
وقال روبن سبنس استاذ الهندسة المعمارية في جامعة كيمبردج ورئيس
الاتحاد الاوروبي لهندسة الزلازل "ان الذكريات القديمة وليس الاجراءات
التنظيمية هي ما يحدد كيف يتم البناء."
وقبل المؤتمر سيعقد الخبراء ورشة عمل مدتها يوم واحد يوم 31 أكتوبر
تشرين الاول لوضع سياسة تشمل اوروبا كلها للتعامل مع مخاطر الزلازل.
وقال كامبوس كوستا "نحن لا نعرف بالتحديد ما هي المناطق الاكثر عرضة
للمخاطر السيزمية والاسوأ أننا لا نعرف كيف نحد من المخاطر."
وأضاف "اذا حدث شيء يشبه زلزال عام 1755 اليوم... ستدفع أوروبا كلها
الثمن لاننا متحدون على المستوى الاقتصادي... اوروبا اصبحت الان مثل
مدينة واحدة."
وبدد زلزال عام 1755 الذي ضرب المغرب كذلك وأودى بحياة 70 الفا
التفاؤل السائد بأن هذا هو العالم الافضل.
ويقول الخبراء انه كان أول كارثة حديثة تشهد اجراءات إغاثة منسقة
وخطة لاعادة البناء وضعت اخذة في الاعتبار احتمال وقوع كوارث أخرى.
وقال كارل فوخس استاذ علوم طبيعة الارض في معهد علوم طبيعة الارض
بجامعة فريدريتشيانا في كارلسبرو في المانيا "الحدث والتنظيم الاداري
الذي تلاه يمكن اعتباره بداية نشأة العلوم السيزمية لانها كانت المرة
الاولى التي تتحمل فيها حكومة مسؤولية ادارة كارثة."
وضرب الزلزال يوم سبت مشمس واحدة من اغنى مدن أوروبا ومركزا تجاريا
دوليا.
وكانت الهزة قوية إلى درجة انها اثارت المياه قبالة فنلندا وأطاحت
بمبان وارسلت موجة مد مدمرة وصلت حتى وسط المدينة. واستمرت حرائق يعتقد
انها نتجت عن شموع الكنائس لمدة ستة ايام. واستمرت الهزات التابعة تسعة
أشهر.
وبلغت شدة الزلزال 8.75 درجة على مقياس ريختر. ومازالت قوة الزلزال
ومركزه موضع خلاف حتى اليوم. لكن الامر المؤكد هو السرعة التي استجابت
بها السلطات.
ونسبت عبارات مثل "ادفنوا الموتى واطعموا الاحياء" إلى سيباستياو
جوزيه دي كارفالو اي ميلو ماركيز بومبال الذي كان الحاكم الفعلي
للبرتغال في ذلك الوقت والذي نصب تمثاله وسط ميدان مزدحم في المدينة
التي أعاد بناءها.
وتحت ادارته نصبت لشبونة على الفور المشانق لدرء اللصوص وانقذت مواد
البناء من انقاض المباني المهدمة.
وارسل باحثون لعمل استطلاعات للتقييم تسأل الناس عن عدد الهزات التي
شعروا بها والاضرار التي الحقت بهم. وبعض هذه الاسئلة مازالت تطرح حتى
اليوم.
واشتهرت بومبال بخطة بناء لحي بياكسا في لشبونة شملت شبكة طرق
مستوية ومباني متناسقة باستخدام تكنولجيا للبناء صممت لتقاوم الزلازل
والحرائق.
ورغم أن الكوارث الحديثة تظهر ان العلوم التي توصلت اليها البشرية
مازالت غير قادرة في بعض الاحيان على التعامل مع ضراوة الطبيعة فان
مؤتمر لشبونة سيظهر الى أي مدى تطورت العلوم السيزمية منذ زلزال عام
1755. |