اليونسكو تقر اتفاقية التنوع الثقافي رغم معارضة أمريكا

وافقت منظمة اليونسكو يوم الخميس على اتفاقية لحماية وتعزيز التنوع الثقافي رغم معارضة الولايات المتحدة التي تخشى أن تضر الاتفاقية العالمية بصناعة السينما والموسيقى الأمريكية.

وأقرت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بأغلبية ساحقة الاتفاقية التي يقول المؤيدون لها مثل فرنسا انها ستساعد على حماية التنوع اللغوي والثقافي من الآثار السلبية للعولمة.

ووافقت على الاتفاقية 148 دولة ولم ترفضها إلا دولتان هما الولايات المتحدة واسرائيل في اجتماع الجمعية العمومية لليونسكو بمقرها في باريس.

ويقول مسؤولون أمريكيون انهم يخشون أن تُقيد الاتفاقية التجارة الحرة وتدفق الأفكار إلا أن فرنسا أشادت بها باعتبارها انتصارا سيساعد الدول على الدفاع عن ثقافتها وفنونها القومية.

وترى فرنسا في الاتفاقية سلاحا لمكافحة ما يعتبره كثير من الفرنسيين خطر الهيمنة الثقافية الأمريكية وهيمنة سينما هوليوود.

وقال الرئيس الفرنسي جاك شيراك في بيان مكتوب "هذا تطور مهم في عالم يجب أن يحمي التنوع الثقافي وينظم حوارا بين الثقافات يحترم الجميع." تصدق على الاتفاقية على وجه السرعة وأن تطبقها.

وتؤكد الاتفاقية حق الدول في صياغة سياساتها بهدف حماية وتعزيز التنوع الثقافي.

وبوسع الدول أن تستخدم هذا كذريعة لتحديد عدد معين من الأفلام الأجنبية لعرضها بهدف حماية صناعة السينما المحلية والهوية القومية لهذه الدول.

وتنص الاتفاقية أيضا على كفالة حق التعبير الثقافي للنساء والاقليات والشعوب الأصلية.

وتصبح الاتفاقية مُلزمة بعد ثلاثة أشهر من تصديق 30 دولة على الأقل عليها.

وكانت الولايات المتحدة قالت ان اليونسكو لا تتمتع بسلطة تتيح لها ضمان تنفيذ الاتفاقية. لكنها أصبحت معزولة بعد أن أخفقت في حشد التأييد لسلسلة من التعديلات التي اقترحت إدخالها على الاتفاقية.

بدورها قالت السفيرة لويز أوليفر إن الولايات المتحدة تعتقد أن مشروع المعاهدة حول حماية التنوع الثقافي تشوبه عيوب، وإن المسؤولين على استعداد لبحث تعديلات من شأنها أن توضح حالات الغموض التي قد تفضي إلى إساءة الاستعمال من قبل الحكومات.

وكانت السفيرة الأميركية قد أعربت عن شعور الولايات المتحدة بالإحباط خلال مؤتمر منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) الذي انعقد يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر الجاري في باريس لعدم استعداد البلدان الأخرى للتفاوض على وثيقة يفترض أن يكون هناك اتفاق جماعي في الرأي عليها، وشرحت دواعي القلق لدى الولايات المتحدة حول العيوب التي تشوب المسودة الحالية.

وقالت أوليفر: "نظرا لأننا (الولايات المتحدة) من أكثر بلدان العالم من حيث التنوع الثقافي، ونظراً لأننا نعتز بالتنوع الثقافي ونحتفي به وندعو إليه، فلقد كنا نتطلع إلى المشاركة بصورة بناءة فيما كنا نتوقع أن تكون عملية تتميز بعقل منفتح ترمي للتوصل إلى إجماع حقيقي حول أداة أو وسيلة تشجع وتدعو إلى التنوع الثقافي نكون قادرين على تقبلها بفخر واعتزاز."

ومضت تقول "إن تلك العملية المنفتحة لم تتوفر لنا بعد، وهذه (المسودة) ليست الأداة المطلوبة."

وقد سبق وأن أعربت الولايات المتحدة عن دواعي القلق لديها بشأن المعاهدة المقترحة حول حماية تنوع المضامين الثقافية والتعابير الفنية مرارًا وتكرارًا. ففي حزيران/يونيو الماضي وصف المفاوضون الأميركيون مشروع المعاهدة بأنه يغص بعيوب كثيرة ولا يتوافق وواجب اليونيسكو الدستوري لتشجيع التدفق الحر للأفكار عن طريق الكلمة والصورة .

وفي 20 أيلول/سبتمبر، أبلغت أوليفر المجلس التنفيذي الـ172 لليونسكو أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تدعم النص المبدئي للمعاهدة بسبب الالتباس الذي يتسم به مما قد يؤدي إلى استخدام المعاهدة للحد من التبادل الثقافي والحرية الفردية. (راجع المقال المتعلق بالموضوع، باللغة الإنجليزي.

وفي الكلمة التي ألقتها أوليفر يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر الجاري لفتت الانتباه إلى عيبين رئيسيين في مشروع المعاهدة بصيغتها الحالية.

العيب الأول هو أن "الغموض الموجود في النص قد يساء استعماله من قبل حكومة ما كمبرر لتبني سياسات وإجراءات تحمي ثقافة الأغلبية وتروج لها ضمن أراضيها، على حساب ثقافات الأقليات."

وقالت "إن الولايات المتحدة منزعجة بشكل خاص من البنود التي يبدو أنها تتيح مجالا لا مبرر له للتدخل من قبل الحكومات في حريّة التعبير والمعلومات والاتصال، وكذلك في قدرة الأفراد على تبني التعبيرات الثقافية التي يختارونها."

وأردفت أن العيب الرئيسي الثاني هو أن افتقار أحد البنود إلى الوضوح يمكن استغلاله من قبل الحكومات لإقامة الحواجز التجارية باسم التنوع ثقافي. إذ إن "مصطلح التعبيرات الثقافية لم يتم تعريفه بوضوح أبدا ولذلك فسيظل معرضا لسوء الفهم والتفسير الخطأ على نطاق واسع." وأضافت أن اتباع سياسة الحماية تلك سوف لا يقتصر على التدخل في التبادل الحر للأفكار فحسب، ولكنه أيضا يمكن أن يضر بنظام التجارة في العالم.

وأكدت أوليفر "أن باب المفاوضات التي كان يمكن أن تؤدي إلى إجماع على المعاهدة أغلق في وجه المخاوف الأميركية التي لا تهدأ والمشروعة والمعقولة."

وقالت "إنه تم إبلاغ المفاوضين الأميركيين بأن الأفكار الأساسية والمتضمنة في هذه المعاهدة قد تم الاتفاق عليها قبل أن تعاود الولايات المتحدة الانضمام إلى اليونيسكو في العام 2003 بوقت طويل" بعد انسحابها منها في العام 1984.

وتابعت "ولكننا سنظل نطرق هذا الباب، على الرغم من هذا الرفض، لأن الولايات المتحدة، كدولة، تعتبر في طليعة التنوع الثقافي، ونحن نود أن نكون جزءًا من إجماع حقيقي على معاهدة إيجابية تقرها اليونيسكو حول التنوع الثقافي.

وأشارت التقارير الإخبارية أنه تمت الموافقة على نص مشروع المعاهدة في وقت متأخر من يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، ومن المتوقع أن يتم إقرار المعاهدة نفسها في وقت لاحق من هذا الأسبوع.

يذكر أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم تتخذ من باريس مقرا لها وعدد الدول الأعضاء فيها 190 دولة.

شبكة النبأ المعلوماتية -الأحد 23/ تشرين الأول/2005 -  19/ رمضان/1426