الاستغلال والتمييز والظلم: العاملون الأجانب في قطر يشعرون بوطأة ارتفاع التكاليف

راقب عبد العزيز داتري مهندس الإنشاءات دامع العينين أسرته وهي تستقل طائرة عائدة للهند وتأمل كيف اضطر لإعادتهم لوطنهم بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة في قطر.

وقبل بضعة أشهر فقط كان المهندس (38 عاما) يقف عند بوابة السفر نفسها في مطار الدوحة الدولي يودع شقيقته وزوجها اللذين لم يتمكنا كذلك من تحمل تكاليف العيش في قطر.

وقال "حاولت جاهدا أن أحافظ على شمل الأُسرة لكن لم نعد نستطيع تحمل التكاليف... المعيشة أصبحت مكلفة للغاية هنا. لم يكن أمامي خيار سوى إعادتهم للوطن."

وتزدهر قطر مثل دول خليجية أخرى مجاورة منتجة للطاقة مع ارتفاع أسعار النفط العالمية مما يجعل هذه الدولة الصغيرة واحدة من أغنى دول العالم.

لكن التضخم ارتفع كذلك وتوقع بعض المصرفيين أن يزيد الى أكثر من سبعة بالمئة بحلول نهاية هذا العام.

وتفيد بيانات البنك المركزي أن التضخم بلغ 5.8 بالمئة في الربع الثاني من عام 2005 و6.8 بالمئة في العام الماضي.

ويقول مصرفيون ان الاجور لم تواكب ارتفاع أسعار كل شيء من الايجارات الى رسوم المدارس والمواد الغذائية الاساسية مما قلص من موارد غالبية المغتربين في قطر الذين جاءوا الى هذا البلد الغني لتحسين مستوى معيشتهم.

وسعى الكثيرون مثل داتري حتى يتمكنوا من التكيف مع الاوضاع لاعادة أسرهم الى بلادهم أو البحث عن عمل اضافي.

وقال دومينيك بيانج من بنك الدوحة "هناك ضغوط متنامية على الشركات لزيادة الأجور لاننا نشهد ارتفاعا في تكاليف المعيشة بشكل عام." وأضاف "أصحاب الأجور المحدودة هم الاكثر تضررا. فليس أمامهم مخرج."

وقال الاقتصادي روي توماس "هناك مستوى جديد من تكاليف المعيشة والاسعار. الاجور لا تواكب ارتفاع التكاليف في قطر."

ويشكل الاجانب وأغلبهم عمال من شبه القارة الهندية 83 بالمئة من سكان قطر البالغ عددهم 860 الف نسمة. وهم عماد موجة الانتعاش في قطاع الانشاءات التي تشهدها المنطقة.

وتوفر حكومات دول الخليج التعليم والرعاية الصحية بالمجان لمواطنيها الذين يتمتعون كذلك بدعم كبير على نطاق واسع من الخدمات تشمل الاسكان والمرافق. لكنها لا توفر هذه الامتيازات للاجانب.

ويتركز حديث السكان حول ارتفاع تكاليف المعيشة. وتمتليء الصحف برسائل من مستاجرين ينتقدون اصحاب المنازل بسبب رفعهم للايجارات.

وحتى الشيخ يوسف القرضاوي وهو رجل دين سني بارز دعا الى تهدئة الأسعار يصف أصحاب المنازل بالجشع.

وقال للمصلين في خطبة الجمعة ان فرض زيادات غير مبررة في الايجارات يعد ظلما وخطيئة كبيرة.

وأعرب الامير الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني عن قلقه من ارتفاع التضخم ووصفه بانه "المؤشر السلبي" الوحيد في الاقتصاد المزدهر.

وأغلب الشقق السكنية المكونة من حجرتين تؤجر مقابل نحو 5500 ريال (1512 دولار) شهريا ارتفاعا من نحو ثلاثة الاف ريال قبل عام. وايجارات الفيلات التي تتراوح الان بين 12 الف و25 الف ريال كانت تتراوح بين ستة الاف وعشرة الاف ريال.

حتى المرافق زادت تكاليفها فقد قالت شركة قطر للكهرباء والماء انها ستزيد الاسعار بسبب ارتفاع التكاليف.

ويعترف المسؤولون الحكوميون بانه ليس بيدهم ما يمكن أن يفعلوه للحد من الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة ويلقون اللوم على الشركات بسبب عدم رعايتها للعاملين بها.

وقال مسؤول بارز طلب عدم نشر اسمه "لسنا في موقع ادارة الاقتصاد الجزئي او تنظيم تكاليف السكن لكن الشركات يجب ان تفكر للمستقبل وترعى مواردها البشرية."

واضاف "يجب ان نتذكر كذلك أن هناك أوقاتا ترتفع فيها الاسعار وستأتي أوقات تنخفض فيها الاسعار. وستوازن الاسواق نفسها دائما."

لكن ساتاش وهو عامل من سريلانكا لا يتوقع ان تحدث هذه الموازنة في وقت قريب.

يعمل ساتاش (20 عاما) في ثلاث وظائف لكسب عيشه ويقيم في حجرة واحدة مع اربعة رجال على مشارف الدوحة.

ويقول "كل شيء أصبح غاليا للغاية الان ولم يعد يمكنني العيش في أي مكان آخر... وسأضطر للمغادرة قريبا فقد تعبت للغاية والحياة تزداد صعوبة بهذه الشكل."

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 18/ تشرين الأول/2005 -  14/ رمضان/1426