أجريت
على هذه المقالة عدة تغييرات جديدة للأحداث و الوقائع :
ليس من أجل سواد عيون العراقيين قامت قوات التحالف الأمريكية و
البريطانية و غيرها بشن حرب مدمرة لإزالة أبشع نظام دموي شهده عالمنا
العربي و الإسلامي بقيادة دكتاتوري وعميل للمخابرات الأمريكية و
البريطانية الذي خرج عن طاعتهما، بعد أن قدم لهما كل الخدمات بافتعال
الحروب العدوانية ضد الجارة المسلمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية و
ضد دولة الكويت العربية و الإسلامية الشقيقة من أجل إنعاش الإقتصاد
الأمريكي و الأوروبي بقسميها الشرقي و الغربي عن طريق شراء مئات
الطائرات و آلاف الدبابات و مئات الصواريخ و مختلف المعدات العسكرية و
مئات الأطنان من المواد الكيمياوية و الجرثومية التي كلفت خزينة الدولة
العراقية مئات المليارات من الدولارات بدلا من صرفها على إنعاش الحياة
الإقتصادية و العمرانية و الصحية و الإجتماعية في عراقنا الحبيب.
كل ذلك حدث في مدة ما يقارب الأربعة عقود كلفت أرواح الشعب العراقي
أكثر من أربعة ملايين نسمة دفنوا في مقابر جماعية بلغ عددها 300 مقبرة
لغاية تاريخ اليوم، تقشعر منها الأبدان.
كما كلفت سياسة النظام الدموي الفاسد خسارة الدول العربية الشقيقة
المجاورة و البعيدة بعشرات المليارات من الدولارات طوال حربه الغاشمة
ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية و في أثناء غزوه البربري الهمجي
لدولة الكويت العزيزة بالإضافة إلى الأرواح البشرية للإخوة المصريين
الذين قتلتهم حربه المشؤومة ضد إيران و أرواح الشهداء القتلى و الأسرى
الكويتيين و الكويتيات.
كل ذلك حدث بمرأى و مسمع و بمساعدة بعض الدول العربية التي تدعي
بالعروبة و الإسلام، فهي لم تحرك ساكنا في حينه و لم تتخذ الإجراءات
القانونية و الإنسانية لمنع نظام البعث العراقي من وقف عمليات القتل و
الإبادة الجماعية.
نعم، لقد خدعهم طاغية بغداد، إلا ان بعضهم لا يزال يقدم من خلال بعض
الفضائيات العربية العميلة و الصحف المأجورة الدعم الإعلامي، آملين
عودته للحصول على مصالحهم.
و بعد تحرير العراق من النظام الفاشي في التاسع من نيسان المبارك
2003 أخذت جامعة الدول العربية مواقف سلبية تجاه الشعب العراقي و مجلس
الحكم العراقي الوطني الذي تم تشكيله من الأحزاب السبعة التي تمثل معظم
الطيف السياسي و العرقي بروح ديمقراطية في هذه المرحلة على خلاف ما
كانت تريده الإدارة المدنية لقوات التحالف بتشكيل مجلس إستشاري بدلا
عن مجلس الحكم العراقي المؤقت، لكن وبإصرار السادة أعضاء مجلس الحكم
العراقي المؤقت الذين يمثلون الأحزاب السياسية السبعة تمكنوا، و لله
الحمد، من تشكيل مجلس الحكم العراقي الوطني الموقر بعد أخذ موافقة
الإدارة المدنية لقوات التحالف و الإحتلال بإعتبارها سلطة الإحتلال
العليا في العراق بموجب قراري هيئة الأمم المتحدة رقم 1483 و رقم 1511.
فبدلا من أن تسارع الجامعة العربية بالإعتراف بمجلس الحكم العراقي
المؤقت الذي يمثل معظم الشعب العراقي و تضمد جراح الشعب العراقي من
أفعالهم و ظلم النظام البائد، أدلى رئيس جامعة الدول العربية و كذلك
وزير خارجية مصر أحمد ماهر في حينه بتصريحات جارحة و مؤلمة لمشاعر
الشعب العراقي بحجة عدم إنتخاب مجلس الحكم العراقي المؤقت من قبل الشعب
العراقي تارة و أن مجلس الحكم العراقي تم تعيينه من قبل قوات الإحتلال
تارة أخرى. و هل تم انتخاب رئيسهما بطرق ديمقراطية سليمة من قبل الشعب
المصري ؟ و كلنا يعلم ما أسفرت نتيجة إنتخاب الرئيس 99%. هل هذه النسبة
معقولة و صحيحة ؟
وأن هذا الموقف الذليل السلبي تجاه الشعب العراقي سبب للشعب العراقي
المزيد من الإحباط و الآلام تجاه مصر و جامعة الدول العربية. و قد تيقن
للشعب العراقي أن مصر و بعض الزعامات السياسية العربية كانت لديها
مصالح إقتصادية مع نظام طاغية بغداد أو دعمه ضد الشعب العراقي منذ
الثامن من شهر شباط 1963 بل وحتى من عهد المرحوم الزعيم عبد الكريم
قاسم. و هذه المصالح توقفت بسقوط طاغية بغداد. و المثل العراقي يقول :
" كل الدگة إعلى المدگوگة ". و المثل الثاني " كل واحد يحود
النار الگرصته ".
أي أصبحت شعارات القومية العربية و الإخوة االعربية بل و الوحدة
العربية في خبر كان. فسياسة العرب و العالم أصبحت للأسف الشديد متوقفة
على المصالح فقط.
و على الحكومة العراقية الحالية و القادمة بعد الإنتخابات في نهاية
هذا العام 2005 أن تضع مصلحة العراق فوق كل الإعتبارات، لا أن تلتجئ
إلى المجاملات تجاه الدول العربية و العالمية.
و بعبارة أخرى أن تحقق مصلحة العراق أولا و المصلحة المشتركة بين
العراق و الدول العربية و العالمية على مبدأ " أخذ و عطاء " ثانيا.
و كلنا يعلم كيف كانت مصر تزود البعثيين و القوميين في العراق
بالأسلحة المختلفة و بالإذاعة لغرض القيام بانقلاب الشواف ضد الزعيم
عبد الكريم قاسم، رحمه الله، و إثارة الفتن و البلبلة في العراق.
نعم، لقد ساهمت مصر مباشرة و غير مباشرة بقتل الآلاف من العراقيين
طيلة أربعة عقود من خلال مصالحها الإقتصادية التي أجرتها مع النظام
الدموي المخلوع، على حساب الشعب العراقي و ضحايا المجازر و المقابر
الجماعية التي بلغت لحد هذا التاريخ 300 مقبرة. و لم تكتف بذلك، بل
انها وجهت شتى النعوت و التهم الجارحة للسادة أعضاء مجلس الحكم العراقي
الوطني و حكومتي السيدين د. أياد علاوي و الدكتور إبراهيم الجعفري
المحترمين.
لا يمكن للشعب العراقي أن يثق بسياسة مصر و مواقف الدكتور عمرو موسى
تجاه عراق اليوم، ولا يمكن أن يسمح العراق للسيد عمرو موسى و غيره من
التدخل في شؤون العراق الداخلية.
ولله الحمد فقد تم إتفاق كل الأحزاب الوطنية السياسية و الدينية و
القومية و المذهبية سنة و شيعة و أكرادا و تركمانا و غيرها بدافع الحرص
على وحدة العراق الوطنية و مصلحة الشعب العراقي الكريم على التصويت
" بنعم " لمسودة الدستور العراقي الدائم دون الحاجة إلى مجيئ و تدخل
الدكتور عمرو موسى في الشأن العراقي فكأن العراق خال من الرجال و
الأبطال و متوقف على السيد عمرو موسى.
نهنئ الشعب العراقي و السيد رئيس الجمهورية العراقية الدكتور جلال
الطالباني و سيادة رئيس وزراء العراق السيد الدكتور إبراهيم الجعفري و
السادة رئيس و أعضاء الجمعية الوطنية العراقية و كل الإخوة و السادة
الذين ساهموا على تقريب خلافات وجهات النظر
من أجل إنقاذ العراق الحبيب من أوضاعه المتردية، سائلين العلي
القدير أن يكلل مساعي و جهود الجميع بالتوفيق و النجاح من أجل بناء
عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي موحد للجميع.
إذن أن مصالح الدول العالمية و العربية لعبت و تلعب دورا أساسيا في
تقسيم الكعكة العراقية الدسمة ( عليها الگيمر والدبس و العسل )، فكل
دولة ساهمت مع بريطانيا و أمريكا والتي أرسلت قواتها العسكرية الرمزية
إلى العراق تسعى أيضا للحصول على نصيب وافر من الكعكة العراقية.
و السؤال هنا يطرح نفسه : ماذا قدمت مصر و الجامعة العربية و بعض
الدول العربية و الإسلامية للعراق و للشعب العراقي باستثناء الدولة
العزيزة و الشقيقة الكويت التي أخذت على عاتقها إنقاذ الشعب العراقي
المظلوم من نير نظام صدام المخلوع و تحملت كافة الأخطار و المسؤوليات.
فلولا دولة الكويت الشقيقة، لبقي نظام البعث الدموي في العراق إلى
الأبد.
و لم تستطع جامعة الدول العربية بأجمعها وقف الحرب العدوانية
الصدامية ضد الجمهورية الإيرانية الإسلامية التي أحرقت الحرث و النسل
في العراق و إيران.
وأن جامعة الدول العربية لم تستطع إرغام و إجبار العراق على سحب
قواته من دولة الكويت الشقيقة أثناء غزوه البربري للكويت في الثاني من
شهر آب عام 1990.
نطالب الحكومة العراقية الوطنية توطيد العلاقات الأخوية و
الإقتصادية مع دولة الكويت الشقيقة لزيادة إستثماراتها و مساهمتها في
إعادة إعمار العراق و تنمية الروابط الإنسانية بين شعبينا و مع كل
دولة عربية و أجنبية لم ساعدت العراق و الشعب العراقي.
أما مواقف الدول الأربعة فرنسا و روسيا و ألمانيا و الصين التي
عارضت الحرب ضد طاغية بغداد، فإنها كانت من أجل مصالحها الإقتصادية
أيضا، حيث عقدت هذه الدول صفقات تجارية و اقتصادية و عسكرية بعشرات
المليارات مع النظام البعثي العراقي المخلوع.
و المقالة التالية التي قمت بترجمتها في حينه من الألمانية إلى
العربية تبين للقارئ العربي الكريم فداحة و بشاعة النظام في تبديد ثروة
العراق من ناحية و مصالح هذه الدول من ناحية أخرى على حساب شعبنا
العراقي الكريم :
حق النقض الفيتو مقابل النفط و الأسلحة
ترجمة : د. عدنان جواد الطعمة
نشرت صحيفة دي فلت أم سونتاغ الألمانية الأحد الماضي بتاريخ 9
/3/ 2003، صفحة 3، مقالة الصحفيين هانس كريش Hans Krech و هايمو
شفيلك Heimo Schwilk بعنوان: حـق الـنـقـض الـفـيـتـو مقابل النفط و
الأسلحة.جاء فيها " في شباط عام 1995 وقع وفد عراقي برئاسة الجنرال
عامر رشيد في موسكو صفقة أسلحة تتعهد روسيا بموجبها تزويد العراق
أربعة آلاف دبابة من طراز T80 U بعد رفع الحصار. وهذه الصفقة
التجارية لروسيا تـعـد من أكبر صفقاتها منذ إنتهاء الحرب الباردة.
وفي مارس عام 2001 قدم رئيس وزراء العراق طه ياسين رمضان الى روسيا
عرضا تجاريا قيمته 21 مليار دولار بعد رفع الحصار. وفي أغسطس 2002 أكدت
الحكومة الروسية رسميا بأن 70% من صادراتها لإقامة المشاريع في
العراق، سبعة منها في مجال صناعة البترو كيمياويات وأربعة عشر مشروعا
في مجالات المواصلات و المرور و الإتصالات، يبلغ مجموع قيمتها
الإجمالية 40 مليار أويرو. وقدم تم بالفعل التوقيع على العقود في شهر
سبتمبر الماضي. وبهذا أصبح العراق أكبر سوقا تجارية لروسيا، إضافة الى
ذلك فان روسيا تتوقع عقد صفقات أسلحة أخرى لبناء القوات المسلحة
العراقية مثل تزويد العراق بطائرات مقاتلة وصواريخ وقاذات الصواريخ
و محطات للرادار. وفي مطلع هذا العام وقع العراق معاهدات و صفقات
تجارية مع روسيا لحفر آبار و استخراج النفط في جنوب و غرب العراق.
وقد صرح إتـحاد شركات الطاقة لوكويل Lukoil أن العراق ألغى
إتفاقية نوفمبر 2002 للتنقيب عن النفط غرب حقول نفط القرنـة. إلا
أنه أعاد فاعلية تنفيذ هذه الإتـفـاقـيـة.
وقد ألغـت بغداد هذه الإتفاقية من أجـل الـضـغـط على روسيا لدعم
كامل للموقف العراقي في مجلس هـيـئـة الأمم الـمـتـحـدة. ان روسيا
البـيـضـاء تبحر بزورقها الشراعي في مـيـدانـهـا. وهي لم تصنع
الأسلحة، إلا أنها تبيع أجهزة و معدات روسية. فمدينة منسك Minsk تعد
سادس أكبرمدن العالم المصدرة للأسـلـحـة. ومن المعلوم أن صواريخ
المضادات العراقية الروسية الصنع لم تستطع منذ عام 1991 من إسقاط
مقاتلة أمريكية أو بريطانية فوق منطقة حظر الطيران الجوي في جنوب أو
شمال العراق، لأن محطات الرادار و قاذفات الصواريخ الد فاعية
المضادة قديمة عـتـيـقـة.
وفي مارس 2002 أصبح معروفا لـلـجـمـيـع ان 36 ضابطا عراقيا
تدربوا في أكاديمية منسك العسكرية على أحدث الصواريخ المضادة
الروسية من نوع سام 300 S-300 التي تحل محل صواريخ حلف الناتو
باتريوت. وقد تم الأتفاق مع روسـيـا الـبـيـضـاء على إرسال هذه
الصواريخ الى العراق. وفي شهر يناير من هذا العام تمت في مطار بيروت
مصادرة إثنا عشر طنا من أجهزة الإتصالات و خوذا لـطاقم الدبابات التي
أرسلتها روسيا البيضاء الى العراق.
أما مقاومة فرنسا ضد موقف واشنطن، فهي للرياء. وقد نسى وزير خارجية
فرنسا دومينيك ده فليبين أن يذكر بأن العلاقات الإقتصادية العراقية
الفرنسية تستند على العلاقة المتينة منذ سنوات طويلة بين الرئيس جاك
شيراك و صدام حسين. إن الـرحلة الوحيدة التي قام بها في حينه نائب
الرئيس صدام حسين خارج العراق إلى بلد أوروبي كانت الى باريس لزيارة
جاك شيراك عام 1974. و على ضوء هذه الزيارة قامت فرنسا بإنشاء المفاعل
النووي اوسيراك Osirac الذي دمرته الغارات الإسرائلية عام 1981.
وأن المكونات الأساسية لبرنامج التسليح النووي السري العراقي
مصدرها من فرنسا.
وفي حرب الخليج الأولى ( 1980 - 1988 ) التي قام بها العراق ضد
جارته إيران زودت فرنسا بغداد بطائرا ت ميراج و صواريخ إكسوست
Excocet ضد الـسفن الحربية. ومن خلالها كان بـإمكان العراق أن يثبت
أمام الأسطول البحري الإيراني المتفوق.
وبذمة العراق ديون كبيرة مستحقة تجاه فرنسا. كما لوحت باريس بطلبات
الأسلحة في مجالات البحرية والسلاح الجوي و تقنيات الصواريخ. وإلى
جانب روسيا البيضاء فان لفرنسا النصيب الأهم من الطلبات و العقود
لإعادة بناء العراق و التنقيب عن حقول نفط جديدة بواسطة إتحاد شركات
إلف Elf.
أما الصين، المعارضة للولايات المتحدة الأمريكية، في هذا الإتحاد
الثلاثي، فلها أيضا مصالح إقتصادية محددة لمنع سقوط صدام حسين، حيــث
أن الشركات الصينية تمد الكوابل لمنشئات الإتصالات العسكرية في العراق
منذ أشهر مضت، لاسيما في مجال الدفاعات الجوية وتزويدها بكوابل مصنوعة
من خيوط وألياف زجاجية لضمان سرية التراسل. وتتوقع بكين الحصول على
طلبات في مجالات البنية التحتية و البحرية عندما يبقى النظام في
السلطة. وقد تم بالفعل بناء سفينيتين حربييتين موجهتين (فرقاطتين )
للعراق في الصين يمكن تسليمهما عندما يرفع الحصار الإقتصادي عن العراق.
وعلى العكس من ذلك فقد اتبعت المانيا لغاية العام 1998 موقفا
واضحا محددا تجاه النظام العراقي و استهدفت تطبيق الديمقراطية في
العراق و ايضا الحفاظ على مصالحها.
كان هانس ديتريش غنشر اول وزير خارجية لبلد عضو في حلف الناتو الذي
وسم الهجوم العراقي عام 1980 على ايران بالعدوان. وفي حينه كانت كل
من فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية تزود العراق بالأسلحة.
وفي عام 1991 طلب غنشر محاكمة صدام حسين كمجرم حرب امام محكمة
مجرمي الحرب الدولية.
الشركات الألمانية التي خالفت عقوبات منظمة الأمم المتحدة تمت
محاسبتها وفقا للقضاء الألماني. "
ألمانيا
adnan_al_toma@hotmail.com |