عاش الإنسان منذ بداية نشأة الكون، باحثًا عن الاستقرار، والأمان،
جاريًا وراء الراحة التى تعطيه الاتزان، فمنذ تلك الأزمان وهو ينشد
الطمأنينة له ولأبنائه، فهو يسعى لتخفيف عبء الحياة عن كاهله.
ولما ازدادت الحياة تعقيدًا وقوة وتوسعت وازدادت مطالبها وحاجاتها،
ازدادت الضغوط الواقعة عليه لتلبية تلك المطالب، فلا يستطيع التوقف عن
مجاراة ذلك، لأنه سيتخلف عن اللحاق بها؛ مما اضطره إلى مواكبة التسارع
لتحقيق الرغبات والمطالب، هذا الإسراع زاده مرة أخرى من الضغط على
النفس وتحميلها أكثر من طاقتها بغية اللحاق بموكب التحضر بكل ما يحمله
من قسوة ورخاء، فالحضارة تحمل معها رياح التغيير، والتغيير يحمل معه
التبديل فى السلوك، وينتج عنه بعض الانحرافات، وهى بالتالى نتاج
الحضارة.
إن الضغوط بكل أنواعها هى نتاج التقدم الحضارى المتسارع الذى يؤدى
إلى إفراز انحرافات تشكل عبئًا على قدرة ومقاومة الناس فى التحمل،
فرياح الحضارة تحمل فى طياتها آفات تستهدف النفس الإنسانية، وزيادة
التطور تحمل النفس أعباءً فوق الطاقة، وينتج عنها زيادة فى الضغوط على
أجسامنا؛ مما ينعكس على الحالة الصحية البدنية والعقلية والاجتماعية
والنفسية.
وفى هذا العصر تزداد الحاجة إلى ممارسة الرياضة بسبب إدمان العمل،
فبرنامج المشى اليومى لمدة ساعة، يخفض نسبة الكولسترول ويزيد اللياقة،
كما أن رياضة المشى يناط بها تحسين نوعية الحياة الإنسانية وإدخال
البهجة والحيوية إلى كل أعضاء الجسم وأن المشى يفوق فى فوائده بعض
الأدوية كما يؤيد ذلك علماء الطب.
إن الإنسان المعاصر ينجح فى استيعاب النمو المتسارع لمتطلبات
الحضارة، لكنه يخسر بالنتيجة قدرته الجسمية والنفسية ومقاومته فى
التحمل؛ مما يؤدى إلى استنزاف تلك الطاقة وتدميرها، ويعنى ذلك تدمير
الذات.
إن الرياضة المنتظمة وخاصة المشى لها فوائد إيجابية لصحة الإنسان
النفسية، مثل:
- تقليل القلق.
- زيادة النشاط.
- زيادة الإبداع.
- زيادة الثقة بالنفس.
- تحسين الحالة المزاجية.
- تحسين صورة الذات.
- طرد الإحساس بالاكتئاب.
- إبعاد الانتباه عن المشكلات الخاصة.
- تعميق الإحساس بالقدرة على الإنجاز.
لقد لوحظ أن ممارسة الرياضة بشكل منتظم يساعد على الإقلال من الضغوط
النفسية والاسترخاء لما لها من دور كبير فى تنظيم عمل المخ وسائر أعضاء
الجسم، ومن هذه الممارسات الرياضية المشى لمسافات طويلة والسباحة أو
بعض التمرينات البسيطة.
كما تساهم الرياضة فى إفراز مادة كيماوية فى المخ ترفع الروح
المعنوية، اسمها: بيتا - أندروفين، وذلك بعد ممارسة التمرينات الرياضية
لمدة 20 دقيقة، وكلما زاد وقت الرياضة زاد تأثير هذه المادة فى رفع
الروح المعنوية.
لقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن المشى علاج فعال للإنسان العادى
يساعده على التخلص من التوتر والقلق، ويزيد من تأثير الأدوية وفعاليتها
بالنسبة للمريض النفسى، ويساعد الإنسان أيضًا فى تفريغ طاقته بدلاً من
توجيهها إلى العدوان والمشاجرات والتوتر، ومن ثم يصفو ذهنه وتهدأ نفسه.
كما أثبتت الأبحاث أن المشى يمنع النسيان واضطرابات الذاكرة فى
الشيخوخة، أو على الأقل يؤخر حدوثها ويقلل من تأثيرها، وذلك لأن المشى
يحسن من الدورة الدموية فى المخ وفى الجسم عامةً، فيصل الدم بكميات
كافية للمخ محملاً بالأكسجين والجلوكوز والمواد المغذية للجهاز العصبى.
والمشى هو الرياضة التى يجب على الإنسان ممارستها فى مختلف سنوات
عمره، حتى يتمكن من مواجهة الضغوط النفسية ومخاطر الحياة المعاصرة
ومقاومة الأمراض البدنية والنفسية، بل إن المشى قد ينجح فيما لا تنجح
فيه الأدوية والعقاقير فى بعض الحالات.
ويفضل المشى عادةً كل أسبوع مرتين أو ثلاثًا بمعدل ساعة تقريبًا -
ما لم يوص الأطباء بغير ذلك - واصطحاب الأسرة باستمرار حتى تعم الفائدة
للجميع.
ويدعو المؤلف إلى مقاومة القلق والاكتئاب والتوتر ... وغيرها من
الأمراض بممارسة الرياضة البدنية المنتظمة، وبخاصة المشى المتكرر لمدة
لا تقل عن نصف ساعة يوميًا.
الحركة، هى: دواء الألفية الثالثة
المصدر: عمرو حسن أحمد بدران: تخلص من الضغوط النفسية بالرياضة
والاسترخاء.
*مدرس علم النفس الرياضى – جامعة
المنصورة – مصر
DrAmroBadran@Hotmail.Com |