الفدرالية عناصر نجاحها ومدى ملائمتها للعراق

كربلاء / جاسم الكلابي

الفدرالية مصطلح دخل الى العراق حديثا" وقد أنتشر تداولة بين كثير من الاوساط العراقية وأصبح له مؤيدون ومعارضون وكل له نظرته الخاصة في موضوع الفدرالية ومن اجل تسليط الاضواء على ذلك النظام والدول العاملة به التقينا بالدكتور عبد علي سوادي (أستاذ القانون الدولي في كلية القانون بجامعة كربلاء) ليبين لنا بعض الاسس والمفاهيم الخاصة بالفدرالية والدول العاملة بها.

_في البدء سألناه عن لفظ الفدرالية كمصطلح جديد..؟

 فقال: الفدرالية ليست كلمة عربية ومن اصل اللغة وأنما دخلت قاموس هذه اللغة وغيرها من اللغات في العراق في فترات مختلفة واصبح تداولها يجري بعد انتفاضة أذار عام 1991.(1)

وهي تترجم عادة بكلمة "الاتحاد كأقرب عبارة لها وهي في الحقيقة تعني شكلا" محددا"من اشكال الاتحاد لا كما يتصورها البعض التجزئة والانفصال.

وعن تعريف مفهوم الفدرالية قال الدكتور سوادي:

هي نظام سياسي يفترض تنازل عدد من الدول او القوميات الصغيرة في اغلب الاحيان عن بعض صلاحياتها وأمتيازاتها واستقلالياتها لمصلحة سلطة عليا موحدة تمثلها على الساحة الدولية وتكون مرجعها الاخير في كل ما يتعلق بالسيادة والامن القومي والدفاع والسياسة الخارجية.

والفدرالية السمة الاساسية في الانظمة الحديثة التي تعمل على حل مشكلاتها القانونية والتنظيمية والسياسية التي تعقدت بفعل التبدل الاجتماعي والعلاقات الدولية.

فهي على الصعيد الداخلي تسعى لتنظيم امور الدولة الداخلية بهدف تسيير العمل والوظائف وتوزيعها مابين السلطات المركزية والسلطات المحلية بحيث تحترم السلطة الفدرالية المصالح الخاصة للقوى المؤلفة للدولة الأم ومقابل تنازلها عن صلاحيات الامة العامة.

وعلى الصعيد الخارجي تلجأ الدولة الفدرالية الى رسم علاقاتها الدولية لصالح مجموع الوحدات والكيانات التي تتكون منها.

فالفدرالية اذا" تتعلق تتعلق بالنظام السياسي وبالتنظيم الاداري وبتقسيم صلاحيات السلطات الحاكمة وتنظيم العلاقات فيما بينها وتأمين أنسجامها لتمنع تغلب طرف على طرف اخر فتحصر قرارات الدولة الفدرالية المركزية بالقمة وتترك الامور المحلية للسلطات الاقليمية.

والسلطات المحلية بدورها لاتخرج عن نطاق صلاحياتها فهي لاتشرع للقضايا التي تتعلق بالدولة المركزية رغم أنها تشارك في المؤسسات التي تعالج الامور القومية وتنظم هذة المؤسسات الصلاحيات وتوزعها بشكل يؤمن استقلالية الوحدات المكونة للسلطة الفدرالية ويضمن لها المشاركة الفعالة في القرارات المركزية والمصيرية. (2)

فتكثر الانظمة الفدرالية حيث يكثر التنوع القومي والاثني والديني. فهي مطبقة في الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والارجنتين وسويسرا والبرازيل والمكسيك والهند وأستراليا وغيرها من الدول والفدرالية على انواع ودرجات متفاوتة في الأشكال والصيغ اذ تتراوح مابين وحدة مطلقة أو الاتحاد ما بين مجموعات متمايزة تماما" وتتمتع بحرية كبيرة تكاد تصل حد الانفصال.

وسألناه عن أساليب تكوين الفدراليات..؟

فأجاب قائلا: مسيرة تكوين الفدرالية تتبدل من دولة الى أخرى، فبعض الفدراليات بدأت من وجود مجموعات وقوميات سياسية متفرقة تعاقدت على تبني سياسة مشتركة فعقدت فيما بينها وحدة فدرالية لتتخذ قرارات مصيرية مشتركة. بينما فدرالية أخرى بدأت كدولة مركزية موحدة تفرقت الى وحدات وقوميات متميزة ومنفصلة نسبيا"سعيا"الى التمتع بحرية في قراراتها وأكتفت بأقامة علاقات فدرالية مع مجموعاتها الموحدة.

صلاحيات الفدرالية بين الجمهوريات الاتحادية حسب الدستور وتحت مراقبة السلطة التشريعية أو القضاء. وهناك سلطات أمن فدرالية وأخرى للدول والجمهوريات الاتحادية ومنها الامن والتعليم والصحة والمواصلات والاقتصاد والبلدية والاعمار والزراعة والتجارة والقضاء وغيرها.

تسلم السلطة الفدرالية الى مجلسين منتخبين هما في امريكا مثلا مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وفي سويسرا مجلس مجلس النواب ومجلس الدول. يجري انتخاب مجلس النواب الفدرالي من قبل الدولة(الجمهوريات الاتحادية ) بنسبة عدد سكانها اما مجلس الدول في سويسرا فأنة يتألف من نفس العدد من النواب لكل كانتون و يجب موافقة المجلسين لكي تصبح القوانين الفدرالية نافذة المفعول.في العصر الحديث تبدو الفدرالية نوذجا" صالحا" يشهد على ذلك العدد الكبير من الدول الاتحادية.

كيف ضمان نجاح الفدرالية وعدم تحولها الى انقسام..؟

 أجاب الدكتور سوادي: هناك ثلاث أسباب وراء نجاح الفدرالية:

1- الفدرالية ومسار التأريخ :فالمستقبل يدفع الى التجمعات والوحدات الكبرى في أطار من الحرية ومن خلال تحقيق التوازن القومي وهكذا تبدو الفدرالية كوسيلة للحد من تجاوزات السيادة وتجنب النزاعات التي تنشا بين الدول المستقلة والمتمسكة بسيادتها. فالتطور التاريخي ملائم للفدرالية.

2- الفدرالية هي الحل الاول للمشاكل الاقتصادية والسياسية : فلكي تكون الدولة قوية لابد من توفير اقليم واسع وموارد كافية والدزل الكبرى هي دول اتحادية وهذا مايدفع الدول الصغيرة الى تجاوز الاطار الضيق لحدودها للتجمع في مجموعات اوسع وأكثر قابلية للحياة.

3- الفدرالية هي صمام أمان يمنع انفجار القوى الاستقلالية داخل الدولة خاصة في الدول متعددة الجنسيات حيث تتعايش قوميات وأثنيات ومجموعات ثقافية متعددة وأحيانا" متناقضة.

اما الواقع الحالي في العراق:

قضت المادة الرابعة من قانون ادارة الدولة العر اقية للمرحلة الانتقالية بأن نظام الحكم في العراق جمهوري اتحادي فدرالي، ثم جاءت المادة الثانية والخمسون لتنص على ان يؤسس تصميم النظام الاتحادي للعراق بشكل يمنع تركيز السلطة في الحكومة الاتحادية ذلك التركيز الذي جعل من الممكن أستمرار عقود الاستبداد والاضطهاد في ضل النظام السابق فهل يصح السبب الذي بينه القانون سند للاخذ بالنظام الفدرالي.

ان الفدرالية لاتنبت وتعطي ثمارا" الااذا نبتت في ارض خصبة ومناخ سياسي واجتماعي وهذا ما لا نحسبه متوفرا" في العراق لانة بلد محدود المساحة والسكان.

وتأسيسا"على ما تقدم فأن المخوف من تكرار تجربة النظام السابق والتي اشار اليها قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لاتصلح ذريعة فذة للاخذ بالنظام الفدرالي لان تلك المخاوف يمكن تبديدها لو أحسن اختيار نظام الامركزية الادارية وتوزيع السلطات بين الحكومة المركزية والهيئات المحلية على وفق قسطاس مستقيم وإذا لم يرق ذلك للاخوة الاكراد لانه دون الاستحقاق فلابأس من الاخذ بفكرة الحكم الذاتي مجددا" وبلبوس اخر اضافة للاسباب التالية.

1-ان العراق لم تكن بة مشكلة يوما" ما في مايتعلق بوجود نقص في مواردة او شحة في ثرواته الامر الذي يؤدي الى الفتن والاقتتال كما يحصل في بعض الدول بل ان محنته تتمحور بحق في طبيعة أنظمة الحكم التي أساءت أستخدام مصادر السلطة والثروة بعيدا" عن كل ما يمت الى مبادىْ العدل والانصاف وأفتقاره الى مؤسسات مدنية رصينة كان أخرها النظام الشمولي السابق والذي حول العراق بشعبه وأرضه وثرواته الى ممتلكات تعود الى عائلته وقطاعات توزع على عشيرتة فأساء بالنتيجة الى نفسة ولكل العراقيين بمختلف مذاهبهم.

ووفق المقاييس والمعايير الموضوعية نلاحظ أن مطلب الفدرالية كما طرحت مشروعة القيادات الكردية وتصر علية هو اقرب الى الكونفدرالية وأتحاد دولتين ذات سيادة منة الى الفدرالية بين أقاليم دولة واحدة مما يثبت عدم ملاءمته لظروف شعبنا وتطلعاته المستقبلية.

وهي لا تعني المطالبة بها (في ظل الظروف التي يمر بها العراق حاليا" ) سوى تقطيع كيان العراق الجغرافي وتمزيق أواصر وحدتة الوطنية واضعاف عوامل هيبته السياسية فخطورتها تكمن في أن الدول الفدرالية اذا ماتفككت لآي سبب فأنها ستنقسم الى كيانات دول جديدة على اساس المقاطعات الفدرالية المكونة لها سابقا"وهذا ما لا يرضاه المواطن العراقي.

أن العراق أقليم واحد يتألف من ثمانية عشر محافظة فلماذا لانبني بلدنا باعتباره دولة واحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 10/ تشرين الأول/2005 -  6/ رمضان/1426