ستالين وماو في قلب جنون السلطة المطلقة

حين يتصفح القارئ سيرتي ستالين وماو تسي تونغ الصادرتين حديثا يذهل امام وصف واقعي ومدهش لجنون السلطة المطلقة الذي يترافق مع مواكب من ملايين القتلى.

ونشرت سيرة "ستالين بلاط القيصر الاحمر" (ستالين لا كور دو تسار روج) للكاتب الانكليزي سايمن سيباغ مونتيفيور في 25 دولة وحازت جائزة "بريتيش بوك اوارد" البريطانية المرموقة لافضل كتاب تاريخ للعام 2004 وقد اشترت الصين نفسها اخيرا حقوق الكتاب.

وقال وزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كيسينجر بعد ان اتم قراءة الكتاب الذي يسرد وحشية النظام الستاليني "كنت اعتقد انه لم يعد من الممكن ان اكتشف اي جديد حول ستالين لكنني كنت مخطئا" فيما علق الكاتب جون لو كاريه على الكتاب واصفا اياه بانه "فظيع يبدد كل الاوهام".

ويروي المؤرخ حياة جوزف ستالين من منظار محيطه مشددا على ما بعد تكريسه "قائدا اعلى" عام 1929 وحتى وفاته عام 1953 فيستعرض عدة اوجه من شخصية ستالين من خلال عدد كبير من الذين واكبوا حياته ومسيرته وبينهم مولوتوف وبيريا وزوجة ستالين ناديا التي انتحرت بدون ان تنذر زوجها.

ويسرد مونتيفيور كيف انتشر الرعب "بمساهمة اشخاص مهووسين بالخصومات المتواصلة والسعي الدنيء للافادة من اي مكاسب يمكن ان تؤمنها السلطة" غير انهم ايضا يخشون باستمرار ان يفقدوا حظوتهم ما سيعني الموت المحتم.

ولا تحمل السيرة ستالين وحده عبء المسؤولية عن هذا العنف بل تضع هذا الترهيب الذي كان يمارسه هو والقادة الذين يأتمرون به في اطار اوسع ضمن النظام البولشفي.

وان كان "سوسو" كما كان يلقب "فريدا" من حيث قسوته وشعوره بالاضطهاد الا ان رفاقه كانوا يشاطرونه العديد من الآراء والافكار ويخلص المؤرخ الى انه "كان رجلا من عصره مثل رفاقه تماما".

وكتب مونتيفيور "ان روسيا الحالية لم تسو حتى الان حساباتها مع ماضيها. فلم تعلن الندم عن اي شيء وقد يكون هذا ما يجعل المجتمع المدني اليوم يجد صعوبة في تطوير نفسه".

"ستالين بلاط القيصر الاحمر" صدر بالفرنسية عن دار "ايديسيون دي سيرت".

وصدر بالتزامن بالفرنسية كتاب "ماو تسي تونغ" للبريطاني فيليب شورت الذي عمل لفترة طويلة مراسلا لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) في بكين ويقيم حاليا في جنوب فرنسا.

ويرى المؤرخ ان "تقييم العملاق الذي اخرج الصين من ركود يعود الى القرون الوسطى وحولها الى امة عصرية انما يشكل مهمة مضنية".

وقال ان ماو اضحى في الصين موضع هزل وعبادة في آن شخصية تحتل مكانة في فئة الآلهة.

وان كان ستالين بنى فوق ما انجزه لينين فان الصين شهدت في المقابل انقلابا جذريا في غضون جيل ولفت المؤرخ والصحافي الى ان ما لا يقل عن 23 مليون نسمة وعلى الارجح اكثر من ذلك بكثير قضوا في الصين ضحايا سياسة ماو بشكل مباشر.

وكتب شورت على سبيل المقارنة ان قضاء ستالين على المعتقلات السياسية وعلى الطبقة المثقفة الروسية في معسكرات الاشغال الشاقة اوقع وحده ما بين 12 و15 مليون ضحية.

غير ان شورت حذر من بعض المقارنات واوضح ان "ستالين سعى للتخطيط للابادة الجسدية لكل الذين كانوا يعترضون طريقه" في حين ان "الغالبية الساحقة للذين قضوا من جراء سياسة ماو راحوا ضحايا الجوع وقد قتلوا بصورة غير متعمدة".

وكتب ان "هذا عزاء ضئيل جدا (..) لكنه لا يضعه في الفئة ذاتها مع طغاة القرن العشرين الاخرين".

"ماو تسي تونغ" صدر بالفرنسية عن دار فايار.

شبكة النبأ المعلوماتية -السبت 8/ تشرين الأول/2005 -  4/ رمضان/1426