النزاع الكردي الشيعي قد يؤدي الى تحول في التحالفات العراقية

ألقى خلاف متفاقم بين رئيس العراق الكردي ورئيس الوزراء الشيعي بشكوك بشأن ما اذا كان تحالفهما الذي أبرم قبل تسعة شهور سيستمر الى ما بعد الانتخابات المزمع اجراؤها في ديسمبر كانون الاول.

واذا ما تداعى التحالف وفقا لتوقعات بعض المراقبين فستكون هناك اعادة ترتيب جذرية للاوراق على الساحة السياسية العراقية التي يهيمن عليها الشيعة والاكراد العلمانيون أصحاب العقلية الانفصالية منذ الانتخابات التي جرت في يناير كانون الثاني الماضي.

وظهر النزاع بين الرئيس جلال الطالباني ورئيس الوزراء ابراهيم الجعفري الى العلن الاسبوع الماضي بعدما قال أحد المتحدثين باسم الطالباني انه يتعين فصل الجعفري لانه يحتكر السلطة ولا يلتزم بالاتفاقات.

ورد الجعفري بالقول ان مشاغله في ادارة الحكومة تحول دون أن يرد على اتهامات الطالباني.

وللرجلين شخصيتان ورؤيتان مختلفتان بشكل كبير بالنسبة للعراق. وبينهما خلافات قديمة بشأن السياسات ولا سيما بشأن ما يتعين عمله في مسألة كركوك المدينة الواقعة فوق مخزون نفطي هائلة ويتنازعها الاكراد والتركمان والعرب الذين انتقل عدد كبير منهم اليها نتيجة لعملية التعريب التي نفذها الرئيس المخلوع صدام حسين.

ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية يبدو ان هذا النزاع مؤشر على تفاقم حدة الخلاف بينما يدرس الزعيمان التحالفات التي تجلب لهما مزيدا من القوة بعد انتخابات ديسمبر كانون الاول.

وقال خوان كول أستاذ التاريخ بجامعة ميشيجان على موقعه على الانترنت في وقت سابق هذا الاسبوع "ان أهمية اختلاف الطالباني مع الجعفري هي في واقع الامر أكثر خطورة من مجرد السياسات البرلمانية."

وأضاف "ان التحالف الشيعي الكردي الذي كان على الدوام صعبا ويعاني المشاكل هو الذي كان الدعامة التي أبقت البيت العراقي قائما. وقد أضعف الطالباني لتوه هذه الدعامة وليس من الواضح ما اذا كان هناك أي شيء يحول دون سقوط السقف الان."

وهذه طريقة درامية للنظر الى الامور. ولكن من الواضح ان الاتفاق الذي جمع بين الطرفين في يناير كانون الثاني حينما احتاج الشيعة للاكراد لضمان أغلبية قوية في البرلمان تكفي لتشكيل حكومة قد بات الان هشا.

ويمكن استشراف ما سيحدث لاحقا من خلال التحالف الشيعي الذي يقوده الجعفري والذي تشكل بتوجيهات من اية الله علي السيستاني أعلى مرجعية شيعية في العراق ذلك قبل الانتخابات الماضية.

ويضم التحالف أكثر من 12 جماعة ولكنه مكون بالاساس من فصائل مختلفة لحزب الدعوة الذي يرأسه الجعفري والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي تشكل في ايران.

وبينما كان أداء التحالف طيبا في انتخابات يناير كانون الثاني اذ حصل على نحو نصف الاصوات فان بعض أتباع السيستاني قالوا انه غير راض عن أدائه بعد توليه السلطة وسط مزاعم بالفساد والتمزق. وليس من المؤكد ما اذا كان السيستاني سيبارك هذا التحالف من جديد في ديسمبر كانون الاول.

وبما ان رأي السيستاني تحترمه الاغلبية الشيعية في العراق التي تبلغ نسبتها 60 في المئة فان حجب مباركته قد يكون أمرا جوهريا.

وقال توبي دودج الخبير في شؤون العراق في كوين ماري كوليدج في جامعة لندن "ان الائتلاف العراقي الموحد هو تحالف غير عملي.. لقد ألقى السيستاني بثقله وراءه في يناير ولكن سيكون من الصعب عليه فعل ذلك من جديد في ديسمبر كانون الاول.. واذا سحب السيستاني يديه.. وهو أمر مرجح.. سيتصدع التحالف.. والذين سيتضررون هم الدعوة والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق."

وستبقى هناك عدة جماعات سياسية شيعية ومن بينها تلك التي يقودها مقتدى الصدر كي تسعى للحصول على اصوات الشيعية المتدينين مما سيضعف قوة كل حزب.

وفي الوقت نفسه فان ذلك سيفتح المجال للجماعات الشيعية العلمانية مثل الحزب الذي يقوده اياد علاوي ليجتذب المعتدلين بعيدا عن الائتلاف العراقي الموحد.

ويتحدث علاوي بالفعل عن بناء حزب ينال تأييد المعتدلين في شتى أنحاء الطيف السياسي من شيعة وسنة ومسيحيين وغيرهم. ويمكنه أيضا أن يكون حليفا طبيعيا للطالباني والاكراد الذين يفضلون السياسة العلمانية.

وقال دودج "هناك سباق مفتوح للغاية في الانتخابات المقبلة.. فقد تشهد اعادة ترتيب جذرية على الساحة السياسية.. ولكن الامر يعتمد على السيستاني."

وفي الوقت نفسه هناك أسباب عملية لاستمرار تماسك الاكراد والشيعة المتدينين في الوقت الراهن فقد كتبوا دستورا جديدا يضمن استقلالية كردية في الشمال ومثلها شيعية في الجنوب.

ولكن الدستور سيطرح للتصويت يوم 15 أكتوبر تشرين الاول. واذا ما أقر كما هو متوقع فسيكون للاكراد والشيعة المتدينين ما ارادوا. وقد تنتهي حاجة كل منهما للاخر.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 6 / تشرين الأول/2005 -  2/ رمضان/1426