نعم.. نعم للمشاركة في الاستفتاء على الدستور العراقي

نعم.. للتصويت بنعم على الدستور العراقي

المهندس فؤاد الصادق

 يجب أن يكون المرء مغرقا في الفكر الطوباوي اذا ظن أن المسودة النهائية للدستورالعراقي المقرر أن يخضع للاستفتاء منتصف.. دستور متكامل، أو انه لابد وأن يكون كذلك، كي لايسقط في الاستفتاء المرتقب.

فالرصيد التجربي السياسي العراقي والعالمي  عموما، والدستوري منه خصوصا لايدعم امكانية ذلك، ولو كان إلى ذلك من سبيل، فانه سيتعثربنسبة أو بأخرى في التطبيق والممارسة  فهي التي تسلط الضوء اكثر على مواطن الضعف ونقاط الخلل، وتبقى الشكوك والمخاوف حول هذه المادة أوتلك، لان الاختلاف، لا التناحر، امر صحي ومطلوب، لضمان التطوير، وشق الطريق لمقاربة التكامل، خطوة خطوة، ولذلك جاءت إمكانية التعديلات الدستورية في القانون الدستوري، وتمّ تصنيف الدساتير إلى دساتير مرنة يمكن تعديلها، وأخرى جامدة يكاد يكون تعديلها أقرب إلى المستحيل منه إلى الامكان.

اجل الدستور كان يمكن ان يكون افضل نسبيا مما هو عليه، وهو لم يرتق إلى مستوى الطموح، لكن ايجابياته ليست بقليلة،وهي اكثر بكثير من سلبياته، وعلى كل التقادير فالشكوك والمخاوف والقلق حيال بعض مواده كان يبقى قائما في ظل اول تجربة لشعب يحاول رسم معالم دولة ديمقراطية عصرية تتفق مع مبادئه وقيمه الحضارية.

والحركة التي تهدف إلى بناء دولة عصرية ومجتمع عصري وتتصور إمكانية تجاوز المرحلية في الوصول إلى دستور متكامل، ستفشل دون أدنى شك، لأن المرحلية لايمكن تجاوزها بحال من الأحوال ولاسيما في أهداف عظيمة وصعبة كهذه، هذا إضافة إلى أنّ الدستور وسيلة لتحقيق العدالة والحرية والسعادة للجميع و...

والوسيلة محكومة بالقوانين المتغيرة، ومنفتحة على التطوير والتكامل.

فالعيوب الموجودة في الدستور المقترح للاستفتاء ليست عذراً يبرر مقاطعة الإستفتاء أو التصويت عليه ب(لا)، وهي عيوب يمكن معالجتها وإصلاحها مستقبلياً مع تحسن الأوضاع السياسية والأمنية،إذا ما توفر الوعي الجماهيري الدستوري، وتمّ  تجذير ذلك الوعي وتنميته، لأنّ الخطوط العريضة والمبادئ الأساسية سليمة عموماً، والحكم الذي يدار بصورة أفضل هو الأفضل، وعليه قيل المحك الحقيقي للحكم الجيد هو إستعداده واتجاهه لأن ينتج إدارة جيدة، ولا طريق إلى الإدارة الجيدة للحكم الإ بالوعي والتوعية الشاملة وعلى رأسها التوعية الدستورية لتشغيل ماكنة إنتاج الكوادر والقيادات ولأحزاب الكفوءة النزيهة بصورة متواصلة ومستمرة، لمواصلة الطريق من جهة في رسم وبناء الدولة العراقية الحديثة، وسدّ الثغرات القائمة، أو التي سيكتشفها التطبيق، ولدح أزمة الثقة بين بعض مكونات المجتمع العراقي، لخلق الإنسجام من قلب التنوع، ولا خوف من المستقبل إذا ما توفر الوعي، وكانت الأُسس في كلياتها سليمة، وكان الشعب، وكما عهدناه حاضراً وفاعلا في رسم فجر العراق الجديد، وكانت اعمدة الديمقراطية مرصودة ومراقبة وتحت المجهر باستمرار، وأعني بذلك القوانين التي ستحدد :

1-     النظام الإنتخابي

2-     نظام الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني

3-     نظام أحكام الطوارئ

4-     نظام الإعلام

5-     النظام القضائي

إلى جانب كل ما يتعلق بالحريات الفردية والدينية والسياسية والمحكمة الدستورية العليا وتعديل الدستور وما نحو ذلك في الأهمية لترسيخ الديمقراطية المشاركة والرقابة والمساءلة والإستقرار الحكومي وإنسجامه وادائه، وأكثر هذه المحاور الستراتيجية التي تكرس الديمقراطية، وتكتب لها الديمومة قد فوضت إلى البرلمان بصورة فضفاضة أحياناً في بعض مواد الدستور، واعضاء البرلمان سينتخبهم الشعب، ولذلك أتصور أن الوعي وما يترتب عليه من رقابة وحكمة و... هو حجر الزاوية في بناء العراق الجديد، وتبديد المخاوف والشكوك، وما لا يدرك كله لا يترك كله وبغض النظر عن ذلك فالمقارنة بين نتائج سقوط الدستور المقترح للاستفتاء وفوزه، تدعونا لمراجعة الحسابات مرات وكرات لنجد أنفسنا مخيرين بين السيئ والأسوء، بين الفاسد والأفسد، لأن سقوط الدستور يعني العودة إلى نقطة الصفر، ليحل البرلمان، وتبدأ ما بدأناه منذ فترة عصيبة وصعبة وغير قصيرة في ظروف قاتمة ومجهولة، لأن الإرهاب يكون قد فاز بما لم يكن يتصوره، وارتفعت معنوياته إلى حد كبير، وتأخرت الدولة أكثر فأكثر لتنمية ودعم وترسيخ السياسات والخدمات الوطنية المطلوبة بالحاح كبير لضمان القاعدة الشعبية العريضة المستدامة للديمقراطية، فسلّم الأولويات وقاعدة الأهم والمهم أيضا علينا المشاركة الواسعة في الإستفتاء على الدستور والتصويت عليه بنعم. 

*معهد الامام الشيرازي الدولي للدراسات - واشنطن

siironline. org

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 4 / تشرين الأول/2005 -  29/ شعبان/1426