القنوات الفضائية العربية.. نعمة أم نقمة..؟

الدراسات اثبتت ان الكثير من قيم النفاق والانحلال والعدوانية مصدرها هذ الفضائيات..

 تحقيق: الصحفية ختام محمد

نتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي السريع الذي إجتاح العالم، شهدت السنوات الأخيرة من القرن العشرين ظهور القنوات الفضائية وإنتشارها على نطاق واسع، مما أدى إلى تحول العالم إلى قرية كونية صغيرة تربطها شبكة اتصالات واحدة عبر الأقمار الصناعية، كما تنامت قوة الإعلام الفضائي، وزادت المنافسة بين القنوات الفضائية على استقطاب المشاهدين أمام الأجهزة المرئية، وذلك من خلال ما تبثه من برامج علمية وثقافية وترفيهية وأيديولوجيات متعددة موجهة إلى المشاهدين باختلاف مراحلهم العمرية، إلا أنها بالتأكيد أكثر تأثيراً على الأطفال والمراهقين نتيجة للاستعداد السيكولوجي والتغيرات البيولوجية المرافقة لهذه الشريحة.

و إن استخدام الأقمار الصناعية في المجال الإعلامي وبث القنوات الفضائية، أحدث تغيرات جوهرية في دور الإعلام جعلت منه محوراً أساسياً في منظومة المجتمع، فهو اليوم محوراً لثقافة الكبار ورافداً مهماً لتنشئة الصغار، حيث تستهدف القنوات الفضائية مستقبلي مادتها في البيوت، حيث توجد القاعدة العريضة من جمهور المشاهدين الذين يستهلكون ويمتصون ما يُعرض عليهم من الإنتاج الثقافي لتلك القنواتمن الافلام والمسلسلات والأغاني.

فأصبح بقدم الفن الجديد المسمى " الفيديو كليب " لأبنائنا وخاصة الشباب منهم كل يوم ماهو جديداً وعصرياً، ولكنه في معظمه يقدم لهم على أطباق مذهبة ومزخرفة بنقوش من الزيف والتزوير، يقدم لهم الأفكار التافهة والمعاني الرخيصة، وما نقوشه ولا زخارفه إلا تعرٍ وكشف للمفاتن، ومحاصرة جريئة لأخلاق الأسر وعاداتها ودينها...

حيث أكد استبيان أجرته " مجلة ولدي " أن 98 % من الأبناء يتابعون " الفيديو كليب " بشغف!

 وأجري الاستبيان على 57 من آباء واأمهات و65 من الأبناء في كل من ( الكويت والسعودية والإمارات ) أن:

1 ـ الأبناء من سن 3 أعوام إلى 18 عام يشاهدون " الفيديو كليب "

2 ـ 92.3 % من الأبناء يتابعون باستمرار " الفيديو كليب "

3 ـ 7.7 % فقط من العينة هي من لا تحرص على متابعتها من الأبناء

4 ـ 39 % من الأبناء تعجبهم كلمات الأغنية و 31 % يشاهدونها لجمال المغني / المغنية والراقص والراقصة.

و 26 % منهم يجذبهم إخراج الأغنية وعلاقة المرأة بالرجل فيها و25 % يتابعها لما تحتويه من إثارة وتشويق.

كما قلبت الفضائيات الحقائق لدرجة يصعب على الشخص تصديق سرعة التحول لدى الناس.. فإلى سنوات قريبة بدأ الغزو المكثف لإزالة حاجز التقاء الرجل مع المرأة لقاءً محرماً.. فزين الأمر بأنها علاقة شريفة وصداقة حميمة وحب صادق ! وإذا وقع المحظور فهو نتيجة طبيعية للمشاعر الفياضة بين الطرفين.

ولم نسمع بكلمة الزنا والزاني والزانية في وسائل الإعلام البتة ! بل زين الأمر حتى للمرأة البغي التي تعرض نفسها على الرجال الأجانب فسميت بائعة الهوى وصاحبة الحب المتدفق !

وغرست أمور في قلوب الناشئة أصبحت اليوم من المُسلمات ! وهي في قلوب الكبار بين موافقة ورفض وكل نفس بما كسبت رهينة !

وصرفت الفتاة إلى الأزياء والحلي والعري والخلاعة..

والمجال خصب فهناك شهوات تؤجج ونيران تتقد بحثاً عن الحرام ! ومع هذا الانصراف نجد الموافقة في الغالب من المربين آباء وأمهات ! ولهذا انتشرت العلاقات المحرمة وهدرت الطاقات وضيعت الأوقات !

ولم يكتف الإعلام بهذا بل سارع إلى إيقاد نار العداوة والبغضاء وأصلّ لكره مفتعل بين الرجل والمرأة، وبين الزوج وزوجته، وبين الأب وأبنائه !

فقيل للابن أنت حر، وقيل للبنت تمردي على القيود أنت ملكة نفسك !

واستمر التحريض ليصل العداوة على الوالدين والزوج والأخ حتى وصل إلى ذروة الأمر فحرضت المرأة على الشريعة !

فالحجاب قيد ُو أغلال والزواج ظلم وتعد وتسلط وتجبر

وإنجاب الأبناء عمل غير مجد !

والمحبة للزوج ذلة وضعف، وخدمته جبروت وقسوة !.

آثار تنعكس على الطفل نتيجة متابعته لما يعرض على الفضائيات..

1. يحرم الطفل من التجربة الحياتية الفعلية التي تتطور من خلالها قدراته إذا شغل بمتابعة التلفاز.

2. يحرم الطفل من ممارسة اللعب الذي يعتبر ضرورياً للنمو الجسمي والنفسي فضلاً عن حرمانه من المطالعة والحوار مع والديه.

3. التلفاز يعطل خيال الطفل لأنه يستسلم للمناظر والأفكار التي تقدم له دون أن يشارك فيها فيغيب حسه النقدي وقدراته على التفكير.

4. تستفرغ طاقات الأطفال الهائلة وقدراتهم على الحفظ في حفظ أغاني الإعلانات وترديد شعاراتها.

5. يشبع التلفاز في النشء حب المغامرة كما ينمي المشاغبة والعدوانية ويزرع في نفوسهم التمرد على الكبار والتحرر من القيود الأخلاقية.

6. إثارة الغرائز البهيمية مبكراً عند الأطفال وإيقاد الدوافع الجنسية قبل النضوج الطبيعي مما ينتج أضراراً عقلية ونفسية وجسدية.

7. دعوة الناشئين إلى الخمر والتدخين والإدمان ويلقنهم فنون الغزل والعشق.

8- إفساد اللغة العربية لغة القرآن وتدعيم العجمة وإشاعة اللحن.

9. تغيير أنماط الحياة _ الإفراط في السهر كما يرسخ في الأذهان أن الراقصات والفنانات ونجوم الكرة أهم من العلماء والشيوخ والدعاة والمبتكرين.

المحطات الفضائية تزيد من نسبة حدوث الخلافات الزوجية..

تزداد حدة الخلاف عندما تعرض المحطات الفضائية من البرامج ما يؤكد انطباع أحد الزوجين عن الآخر...

 إن الخطورة تكمن حين تكثر مشاهدة الأعمال التلفزيونية فتترسب المواقف التي شوهدت في العقل الباطن دون أن يشعر أحد الزوجين بذلك، فتكون هي المرجع في تقويم المواقف واتخاذ القرارات وأحياناً تبذر بذرة الشك في نفس الزوج أو الزوجة في حال تشابه المواقف.

فالخلافات الزوجية يتم مناقشتها عادة بين الزوجين من خلال الموروث المخزون لديهما، فإذا كان هذا الموروث مستقى مما يرى ويسمع ويقرأ في وسائل الإعلام، فإن القرار الذي سيتخذه سيكون متأثراً بطبيعة الحال بوسائل الإعلام.

وأغلب الظن أن أكثر حوادث الطلاق تمت بأسباب ووسائل مشابهة تماماً لما يحدث في الأعمال التلفزيونية ولكن الزوجين لا يعترفان بأن قرارهما قد اتخذه التلفزيون، وقد شعر المسؤولون في المؤسسات الاجتماعية في الولايات المتحدة بخطورة المشكلة..

وفي إحدى الدراسات الميدانية حول الممارسات غير الأخلاقية التي اجتاحت بعض المجتمعات العربية كهروب الفتيات والزواج السري وغيرها تبين إن الدراما العربية ووسائل الإعلام ساهمت في تلك الانحرافات وأن نموذج الراقصة أو الفنانة التي تهرب من بيت الأسرة تحت دعاوى الضغوط الأسرية وإظهارها بعد ذلك بمظهر القدوة والبطولة قد أثر في وجدان العديد من الفتيات وصرن يمارسنه في الواقع.

كما أن الترويج لمفهوم معين للحب يقوم على التلاقي بين الفتى والفتاة بعيداً عن الأسرة والأطر الشرعية عبر الإلحاح الإعلامي بكل وسائله أثر بشكل كبير على المجتمع وعلى طبيعة العلاقات التي تحكم الرجل بالمرأة. فالعديد من الأفلام تصور الراقصة بطلة ولديها أخلاقيات ومثل عليا.. وفي بعض الأفلام تعيش المرأة المتزوجة مع حبيبها وتقدم هذه المرأة على أنها تستحق التعاطف معها !!

وترى د. ليلى عبد المجيد – أستاذة الصحافة بجامعة القاهرة –

( أن وسائل الإعلام تصور القاعدة العامة للنساء العربيات على أنهن يمارسن التجسس والدعارة وتجارة المخدرات والقتل.. كما تستغل المرأة أيضاً كرمز للجنس المكشوف أو الموارب في كثير من الأعمال الأدبية والفنية العربية التي لا تخرج عن علاقة الخيانة بين رجل وامرأتين أو بين رجلين وامرأة.....

كما تبين من خلال الدراسات التي أجريت على خمسمائة فيلم طويل أن موضوع الحب والجريمة والجنس يشكل 72 % منها، يعني نقريبا ثلاثة أرباع الأفلام كلها للحب والجريمة والجنس، وتبين من دراسة أخرى حول الجريمة والعنف في مئة فيلم وجود 68  مشهد جريمة أو محاولة قتل وجد في 13 فيلم فقط 73 مشهدا للجريمة ولذلك قد نجد عصابات جريمة من الأحداث والصغار لأنهم تأثروا من الأفلام التي يرونها.

 دور الفضائيات في التغريب:

1. تسميم الآبار الفكرية التي يستقي منها الشباب، وإضعاف مناعتهم عن طريق تسويق القيم والسلوكيات الغربية لتذويب انتمائهم الإسلامي.

2. تجميل الوجه القبيح للحضارة الغربية.يقول حمدي قنديل: (( المعروف أن القردة هي التي تقلد الإنسان، ولكن إنسان العالم الثالث اختار أن يقلد قردة أوربا )).

3. القضاء على الأخلاق الإسلامية.

 آمال فضائية مرتقبة

(.... إن وجود قناة اسلامية محافظة وجريئة في الطرح والحوار في الحدود التي صانها الإسلام وباركها المجتمع، يعد من الضروريات بسبب الأوضاع المتجددة حيث نرى تكالب الرذيلة على الفضيلة ولا بد حينئذ من جود عوامل جذب لتثقيف المرأة المسلمة لا سيما وأنها تعيش في قلق وتوتر جراء خروجها للعمل ومواجهتها لتيارات مختلفة تهددها وتعصف بأفكارها وتكاد تقتلعها من جذورها في تخطيط مدروس لاجتثاثها من أسرتها وتغريبها من هويتها الإسلامية وتعريتها من حشمتها.

وهذا المخطط لا بد أن يُحبط خصوصاً أنه يستهدف هدم الأسرة ويركز على المرأة والطفل الذي أصبح يعيش في أحضان مربية مستأجرة تقف به – بدورها – إلى شاشة التلفاز ويجد نفسه – وهو تلك الإسفنجة اللينة التي تمتص كل ما حولها – يتشرب كل ما ُيعرض على هذه الشاشة الفضية وخاصة الأفلام الكرتونية التي يلاحقها من قناة لأخرى وهي تدعو للمكر والخديعة والاستيلاء على حقوق الآخرين بالدهاء والذكاء المذموم.

كما أنها تتبنى ثقافة العنف والانتقام حتى بات الطفل لا يجد غضاضة من أخذ حقوقه بهذا الأسلوب.... الخ.

شبكة النبأ المعلوماتية -الأثنين 3 / تشرين الأول/2005 -  28/ شعبان/1426