تزداد الدعوات لأهمية الإعلام الحر خاصة بعد أن أخذ مواقعه في إعادة
تشكل الرأي والرأي الآخر، وتدخل فعلاً في خيارات البشر واختباراته وأن
شكل أساس لدوره عبر الحيادية والصدق والشفافية، إلا أن ما يسجل راهناً
أن الإعلام بكل مؤسساته وأنواعه لازال مقيداً مباشرة بالمهنية التي
شكلت مبرراً لاستمراره باعتباره ناقل أمين وموضح ومفسر للأحداث ولم
يرتق موضوع الإعلام الجماهيري إلى مستوى وعي لوظيفة الإعلام ودوره
المجتمعي ففي البلدان المتقدمة رغم الهامش المتاح للإعلام من الحرية
والتي أصاب كل فعاليات المجتمع لم يواكب تطلعات القسم الأعظم من البشر
فبقي الإعلام الحر في الغرب ضمن غرفة عمليات خاضعة للشروط المجحفة بحق
إحساس الإنسان ومشاعره ومواقفه وآراؤه وبقي إعلام حر موظف.
ومواكب لحركة التطور المجتمعي مستبعداً من أهم دور للإعلام والذي
يؤسس دائماً وأبداً إلى إغناء تعطش البشرية للمزيد من الحريات والحياة
الكريمة ليدفع القسم الأعظم من البشرية لاصطفاف قوي من أجل العدالة
الكونية، والسلم العالمي، والأهم أن تجد عن طريقه أسرع الطرق للوصول
إلى علاقات بين البشر يسودها تناغم حاجات مصالح الإنسانية مرتبطة
بمصالح وحاجات الجميع دون استثناء يسجل للإعلام الغربي الحر أنه أستطاع
أن يستثمر فردية الإنسان وأغراضه في ذاتيته المفرطة مساهماً أكثر في
الخلل الحاصل في الشخصية الغربية التي ابتعدت كثيراً عن أهم القيم
والأخلاق والمبادرات الجماعية والتي يتطلب دائماً وأبداً أن تبحث عن
خلو العالم من كل شرور وفساد في الحياة الإنسانية، ويسجل للإعلام
الغربي الحر قدرته المذهلة في إشباع رغبات وأهواء وأوقات متابعيه وذلك
بالتنوع المكثف والتشويق المرمز وخضوع كل متطلبات الإعلان الناجح لخدمة
سياسات ومشاريع تعزز أكثر ليس الاستفادة الكاملة من عصارة الحضارة
الإنسانية باعتبار جهداً مشتركاً حيث ساهم إلى حد كبير في زيادة تأثير
الوعي التمييزي بين البشر ووضع حدود أو انقساماً في شروط حياتهم
وبرأينا شكلت عاملاً سلبياً في وضوح أهمية التواصل الحضاري وبناء
علاقات متكافئة وصحيحة بين الأمم والشعوب مترافقاً أكثر في إشراك
المصالح القومية والوطنية والتي تحمل نزعة شوفينية سلبية لما يجري في
العالم من أحداث وتطورات، إذ لم يخرج الإعلام الحر من دائرة تأثير نفوذ
مصالح الجغرافيا التي يعيش في إطار مصالحها وأهدافها وبذلك أعاق هذا
الإعلام الكثير من الجهود والإمكانيات لإنعاش علاقات متكافئة سليمة بين
الأمم والشعوب.
ويسجل للإعلام الغربي خطابه الأحادي المتمركز على سياسات ثقافية
فكرية تلغي الأخر بكل ما يحيط به من أهمية وضرورة باعتبار الآخر يشكل
نسيجاً مترادفاً في تنوع الحياة ومظاهرها وأدى إلى الخلل الحاصل في
مخرجات العمل الإعلامي الحر لتستفد منه كبرى الشركات الإعلامية
والتجارية والصناعية والحربية وليترك كل ما هو إحساس بالمسؤولية
الإنسانية وضرورة التفاعل الإيجابي المشترك عبر أخلاقية أن إنسانية
الإنسان هي الهدف المركزي والأساسي لأي مشروع مهما صغر حجمه وتأثيره أن
أمام الإعلام الحر الكثير من المتطلبات المتوافقة مع قيم الحق والعدل
والخير ليصبح إعلاماً حراً إنسانياً شرطه الأساسي المزيد من الحقائق
والمزيد من العمل من أجل حياة إنسانية تنتفي فيها الاستغلال والحروب
والظلم.
aboalibassam@gawab.com |