إذا كان لكل ثقافة رائحتها القومية فان العود هو رائحة الثقافة
العربية. فهذا العطر الغالي والثمين يتم الاتجار به واستخدامه في الدول
العربية منذ قرون.
وتحتفي منطقة الخليج بدهن العود الذي يستخرج من شجرة أكولاريا
أغالوتشا حيث يستخدم في الخليج لتعطير المساجد وكبار الزوار ولطرد
الارواح الشريرة ولامتلاك قلب الحبيب في ثقافة تعتبر ان الطريق الى قلب
الرجل من خلال انفه وليس من خلال معدته.
ويعتبر العود الذي يوصف بانه سيد العطور الشرقية جزءا مكملا من
ثقافة الخليج العربي ويستخدم في كل المناسبات بدءا من حفلات الزفاف الى
الاحتفالات الدينية. وتغنى الشعراء العرب بالعطور كما حض نبي الله محمد
المسلمين على اهمية التطيب. وتتبخر النساء ببخور العود قبل الخروج من
المنزل بينما يتطيب الرجال بعطر العود باعتباره رمزا للوضع الاجتماعي.
ولكن هذه الرائحة القديمة قد تكون عرضة للاندثار في المستقبل القريب
حيث نبهت منظمات بيئية كبيرة الى الاستغلال المبالغ فيه للمادة الصمغية
التي تفرزها الاشجار المنتجة للعود في الشرق.
ويتم الاتجار في العود في صور خام متعددة منها الشرائح والمسحوق
وقطع الخشب واحيانا الجذور وهي مستخرجة من المادة الصمغية التي يصعب
العثور عليها.
ويتم الاتجار في هذه المادة منذ 2000 عام وذكرت في النصوص الدينية
القديمة.
واستخدمت المادة الصمغية التي ينتج منها عطور العود على مدار
التاريخ للاغراض الطبية والعطرية والدينية. وتفرز اشجار أكولاريا
أغالوتشا المادة الصمغية هذه بكمية قليلة عندما تصاب الشجرة بفطريات
معينة. واكبر كمية من هذه المادة الصمغية توجد في اشجار اعمارها 50
عاما او اكثر كما ان شجرة أكولاريا غير المصابة بالفطر الذي يتسبب في
انتاج المادة الصمغية لا قيمة لها تجاريا.
ويبلغ ثمن الكليو جرام الواحد المقطر من دهن المادة الصمغية ما
يتراوح بين خمسة الاف وعشرة الاف دولار ولكن السعر قد يكون اعلى اذا
كانت جودة الدهن عالية بشكل استثنائي.
وادى ارتفاع سعر المادة الصمغية الى عمليات قطع للاشجار وتجارة غير
مشروعة. ولان الاشجار تقطع وتشق من دون تمييز بحثا عن المادة الصمغية
فان تقارير من منظمات بيئية تقول ان 90 في المئة من الاشجار التي لا
تحتوي أو لا تنتج المادة الصمغية قطعت دون سبب حقيقي.
وتقول التقارير البحثية للصندوق العالمي للحياة البرية وتقرير منظمة
منظمة ترافيك وهي شبكة مراقبة لتجارة الحياة البرية مؤلفة من الصندوق
العالمي للحياة البرية والاتحاد العالمي للمحافظة على البيئة ان
اندونيسيا وماليزيا تعتبران المصدر الرئيسي للمادة الصمغية المنتجة
لعطر العود في التجارة الدولية. وتعد كمبوديا مصدرا مهما ايضا.
وتأسست منظمة ترافيك في السبعينيات لتطبيق الاتفاقات بشان التجارة
الدولية في الانواع المعرضة للانقراض.
وكانت الهند من المراكز الاساسية للعود في وقت ما لكن بسبب استنفاد
مخرونها الطبيعي بسبب كثافة الاستغلال اصبحت مركزا لعمليات الاتجار فيه.
ورغم الوضع التجاري الحرج فان المراقبين البيئيين لا يطالبون بانهاء
التجارة. وكل ما يطلبونه هو نظام لادارة التجارة امن وأكثر تنظيما.
وعقد جيمس كامبتون المتحدث باسم منظمة ترافيك مؤتمرا صحفيا في دبي
التي تعتبر بلدا رائدا في مجال استيراد العود لمناقشة بدائل تجارة
المادة الصمغية لحمايتها من الاندثار.
وقال "فيما يتعلق بما اكتشفته ترافيك من خلال العمل مع نظرائها غير
الحكوميين ونظرائها الحكوميين ومع حاملي الاسهم في الصناعة فان الشيء
الرئيسي الذي من الضروري حدوثه هو الحفاظ على هذا الاتجاه الجاري الان
في السوق حيث هناك تراجع في توافر وجودة المخزونات التي تحصد من الحياة
البرية. لا اعتقد ان هناك احد يخالف الرأي بان الوضع الان كما هو عند
مقارنته بعشر سنوات مضت."
وفي متجر العود العربي قد يصل ثمن سعر الكيلو جرام الواحد من منتجات
العود الى 50 الف درهم. |