مرحلة جديدة في الصراع في الشرق الأوسط

فيما لا يزال الجدل دائرا حول ما اذا كانت الانتفاضة الفلسطينية انتهت تتشكل بالفعل مرحلة جديدة للصراع في الشرق الاوسط.

ولا يزال الاقتتال متمركزا حول قطاع غزة في أعقاب انسحاب اسرائيل بعد احتلال دام 38 عاما لكن الجانبين كليهما متفقان على أن الأكثر ترجيحا هو أن الضفة الغربية ستكون ساحة القتال الاكبر في السنوات القادمة.

وأدت هدنة تم الاتفاق عليها في فبراير شباط الماضي الى تهدئة الانتفاضة التي اندلعت في 28 سبتمبر أيلول عام 2000 وساعدت التهدئة على جعل الانسحاب الاسرائيلي من غزة سلسا في خطوة تأمل واشنطن أن تساعد على تحقيق السلام في الشرق الاوسط.

لكن الاقتتال الذي اندلع في الايام الأخيرة زاد من التشاؤم حول انهاء عقود من الصراع الاسرائيلي الفلسطيني في أرض سادتها الحرب في معظم أوقات التاريخ المدون.

وشنت اسرائيل هجوما جويا على غزة يوم الاربعاء ردا على إطلاق صاروخ من القطاع. ومن أهداف الغارة أيضا كما قال وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز تلقين "القواعد الجديدة للعبة".

وبالنسبة لاسرائيل فان ذلك يعني الاتفاق الضمني المماثل لاتفاق مع مقاتلي حزب الله على الحدود الشمالية الهادئة بصفة عامة منذ انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000.

واذا أطلق مقاتلو حزب الله النار فعليهم أن يتوقعوا ردا جويا عنيفا.

بينما جعل الانسحاب من غزة من الصعب على نشطاء القطاع شن هجمات قاتلة على الاسرائيليين بسحب 8500 مستوطن يهودي والاف الجنود الذين كانوا يحرسونهم بعيدا عن مدى نيران النشطاء.

واطلاق صواريخ على بلدات حدودية من غزة عادة ما يروع الاسرائيليين لكنها نادرا ما تكون قاتلة.

وبعيدا تماما عن الاعتبارات العسكرية هناك رغبة حقيقية تماما بين سكان غزة لفترة من الهدوء قد تتيح لهم إنهاء الفوضى الداخلية وجعل القطاع ساحة اختبار حقيقية للدولة الفلسطينية.

وقالت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) انها ستوقف اطلاق الصواريخ من غزة بعد أن بدأت اسرائيل هجومها وحذت جماعات أخرى حذوها.

ويقول النشطاء الفلسطينيون أن عملياتهم خلال السنوات الخمس الأولى من الصراع هي التي أدت الى إخراج اسرائيل من مستوطنات غزة.

والخطوات التالية هي في الضفة الغربية حيث تواصل اسرائيل توسيع المستوطنات اليهودية ومناطق القدس الشرقية. والهدف المُعلن لحماس يذهب الى أبعد من ذلك وهو تدمير اسرائيل بالكامل.

ويرفض النشطاء تسليم الأسلحة وهو الأمر المطلوب من الفلسطينيين البدء به بموجب خطة "خارطة الطريق" لتحقيق السلام والذي تضعه اسرائيل كشرط للمحادثات حول الدولة الفلسطينية. ولا يظهر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أي علامة على نزع سلاح النشطاء بالقوة كما ترغب اسرائيل.

وأكد خالد مشعل أكبر مسؤول في حماس أثناء إجلاء اسرائيل للمستوطنين من قطاع غزة أن "تحرير غزة هو الخطوة الاولى وسيليها تحرير الضفة الغربية وكل شبر من الاراضي الفلسطينية."

وتعتقد اسرائيل أنها تذوقت ما سيأتي.

وجلس ساسون نورييل وهو اسرائيلي اختطف في الطريق من بيته الى مستوطنة في الضفة الغربية حيث يعمل معصوب العينين وخلفه راية خضراء لحماس في شريط فيديو أُذيع يوم الثلاثاء على نحو مشابه لشرائط الفيديو التي يذيعها المسلحون في العراق.

وقتل نورييل وعثر على جثته يوم الاثنين.

كتب عموس هاريل في صحيفة هاارتس "يشير الفيلم الى أن حماس تنوي مواصلة عمليات الخطف لكن النشاط الارهابي الرئيسي ينتقل أيضا من قطاع غزة الى الضفة الغربية."

وقال يوفال ديسكين رئيس جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي (شين بيت) ان اسرائيل قلقلة أيضا من انتقال تكنولوجيا الصواريخ بدائية الصنع الى الضفة الغربية في مدى يطول مدنا اسرائيلية كبرى.

لكن شن حرب من الضفة الغربية حيث اعتقلت اسرائيل مئات من النشطاء المشتبه بهم في الايام الاخيرة أصعب مما كان في غزة.

ويتمتع الجيش بسيطرة وحرية حركة أكبر في الضفة الغربية حيث تفصل طرق ومستوطنات اسرائيلية بين المدن الفلسطينية.

وهناك أيضا ظل من الحقيقة في النكتة القديمة بأن الشين بيت الذي يدير شبكات من المخبرين الفلسطينيين هو أكبر جهة توظيف في الاراضي الفلسطينية.

ويعترف النشطاء أيضا بأن الجدار الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية والذي ندد به الفلسطينيون باعتباره استيلاء على أراضيهم لتوغله في الاراضي المحتلة جعل من الصعب على النشطاء استخدام سلاحهم الاكثر تأثيرا المتمثل في ارسال مهاجمين يفجرون أنفسهم للدولة اليهودية.

كما ان حفر أنفاق في أرض الضفة الغربية الصخرية الى مستوطنات على قمم تلال وحولها حراسة جيدة أكثر صعوبة بكثير من وضع ألغام في أرض قطاع غزة الرملية.

قال ناصر عبد العزيز من كتائب شهداء الاقصى في نابلس "ليس من السهل مهاجمة هذه المستوطنات" موضحا كيف أنه يتمنى انتهاء القتال حتى يتمكن من العودة الى عمله في قوات الأمن الفلسطينية.

وأضاف "اذا كان علينا أن نقاتل فانني سأركز على السعي لايجاد طرق لارسال مهاجمين يفجرون أنفسهم الى الداخل (في اسرائيل)."

ويصعب على النشطاء اختراق الطرق المؤدية الى مستوطنات معزولة في الضفة الغربية.

والنقطة الأخرى الضعيفة هي القدس الشرقية التي يتطلع الفلسطينيون الى أن تصبح عاصمتهم في المستقبل والتي ضمتها اسرائيل في خطوة لم يعترف بها أحد.

والفلسطينيون في القدس الشرقية قادرون على التحرك بحرية في اسرائيل ولكنهم لم يلعبوا دورا بارزا وان شارك بعضهم في المساعدة على شن هجمات اثناء الانتفاضة.

وتعتقد أجهزة الامن الاسرائيلية الان أن النشطاء يستهدفون سكان القدس الشرقية لتجنيدهم كوسيلة للحصول على موطئ قدم على الجانب الآخر من الجدار.

وفي الوقت نفسه فان أجزاء الجدار التي يجري بناؤها في القدس تعزل الأحياء الفلسطينية عن بعضها وعن الخدمات فيما توسع اسرائيل مستوطناتها اليهودية هناك وتؤكد أنها لن تتخلى أبدا عن الجزء الشرقي من المدينة.

قال تقرير للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات صدر في الآونة الأخيرة "سيكون ذلك مزيجا قابلا للانفجار."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 29 / ايلول/2005 -24 / شعبان/1426