كتاب: سقوط بغداد حصاد نصف قرن من الاخفاقات العربية ودرس كبير للأنظمة التسلطية

قال مفكر تونسي ان سقوط بغداد في التاسع من ابريل نيسان عام 2003 هو حصاد نصف قرن من الهزائم والاخفاقات القاتلة للنظام العربي واصفا هذا السقوط بالدرس الكبير للأنظمة العربية "التسلطية".

وقال محمد الهاشمي الطرودي في كتابه (مأساة بغداد أسبابها وتداعياتها على المنطقة العربية) الذي يقع في 381 صفحة ان الهزائم المتكررة والاخفاقات المتتالية التي عاشها العالم العربي منذ 1967 وانتهاء بسقوط بغداد اثبتت ان منح الاولوية للقضايا الوطنية والقومية والتنموية على حساب الديمقراطية والمسألة الثقافية خيار عقيم أدى الى عكس الاهداف المرجوة.

وقسم الطرودي كتابه الى ثلاثة اقسام خصصها لمقاربة الحالة العربية ودمقرطة وتحديث العالم العربي والاسلامي.

ففي القسم الأول رصد الكاتب المشهد الايديولوجي والسياسي في العالم العربي والاسلامي من خلال التوقف عند اصول التبعية التي يترجمها الواقع العربي الراهن ومسيرة الانتقال من حالة التبعية الى حالة الوصاية وجذور مأزق النخبة السياسية والثقافية.

وعاين في القسم الثاني حالة الديمقراطية في العالم العربي متسائلا عن امكانية ان يصبح النموذج الايراني احد مداخل العالم العربي والاسلامي للتحرر القومي والحداثة بينما ركز في القسم الثالث والأخير من كتابه على التحديات المطروحة على النخبة السياسية والثقافية لاستئناف مشروع الحداثة العربية.

وحاول الطرودي من خلال كتابه الذي تصدرت غلافه صورة لجراد يغطي صحراء قاحلة إبراز ان الواقع العربي الراهن يتعذر عن التبسيط والتفسير الاحادي الجانب.

ويفسر ذلك قائلا ان الواقع العربي الراهن "نتاج عوامل متناقضة ومعقدة ومترابطة ترابطا جدليا. فهو نتاج الهيمنة الاجنبية بقدر ما هو نتاج الانظمة التسلطية وهو نتاج التأخر التاريخي بقدر ما هو نتاج تراكم الاخفاقات في تجاوز هذا التأخر وهو نتاج ادوار النخبة التي نذرت نفسها لتلميع سياسات انظمة تهشمت صورتها بقدر ما هو نتاج عجز النخبة الاخرى عن تغيير الحالة العربية."

ويتابع الطرودي في الصفحة 137 من كتابه "حالة التخلف والتبعية والعجز التي يعاني منها العالم العربي ليست نتاج شح الموارد ونقص الكفاءات والمهارات وانما هي نتاج الانظمة السلطوية ومن ثمة فانه لا سبيل للتحرر من الهيمنة الاجنبية واكتساب أسباب المدنية الحديثة في غياب الديمقراطية وغياب دولة القانون والمؤسسات."

واضاف ان ما خططت له الولايات المتحدة وما تنفذه ليس سرا ولا يثير أي استغراب أو دهشة وان ما يثير الاستغراب والدهشة هو سياسات النظام العراقي التي وفرت لها الفرصة تلو الأخرى لانجاز خططها الاستراتيجية في المنطقة.

وقادت الولايات المتحدة الحرب على العراق يوم 19 مارس اذار 2003 واحتلت البلاد وأنهت حكم الرئيس صدام حسين بسقوط بغداد في التاسع من ابريل نيسان من العام نفسه.

ويمضي الطرودي قائلا "ان المقاومة هي الطريق الوحيد للتحرر من الهيمنة الاجنبية ومن نظام الوصاية."

لكن المقاومة حسب تعريف الكاتب لا تعني شن حرب على الولايات المتحدة أو اللجوء الى الحلول اليائسة كالارهاب وانما تعني أساسا العمل على اسقاط رهاناتها واستباق مخططاتها وذلك بتسريع نسق عملية التحول الديمقراطي في البلدان العربية.

ويعتبر ان الدرس العراقي يؤكد ان صون استقلالات البلدان العربية وتوسيع هامش الحرية وتوفير مقومات الامن القومي ضرب من ضروب الاستحالة في غياب حكومات ديمقراطية وذلك لسبب بسيط هو ان انجاز هذه المهمات لا يمكن ان تضطلع به شعوب مستعبدة ومقهورة أو مغيبة ومدجنة.

ويرى الطرودي ان امريكا وظفت الاسلام فحصدت الارهاب وان شعارات الحرية والديمقراطية التي تسوقها كنموذج جديد للهيمنة لا يمكن ان تكون مضمونة النتائج مضيفا ان السحر قد ينقلب على الساحر وان شعارات الديمقراطية قد تتحول من نموذج للهيمنة الى اداة للتحرر ومدخل لكسب رهان الحداثة والديمقراطية.

ويخلص الطرودي الى ان ما أسماها بالمأساة تحمل على التفاؤل اذا أحسنت النخبة السياسية الاستفادة منها واستثمارها في إعادة بناء الأمل في النهضة والتقدم بقدر ما تحمل على التشاؤم اذا ركنت هذه النخبة الى التبريرات المعهودة وعجزت عن المسك بالعلاقة الجدلية بين العوامل الداخلية والخارجية التي تضافرت لتنتج هذا الواقع.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 22 / ايلول/2005 -17/ شعبان/1426