وافق زعماء العالم على اصلاحات متواضعة في الامم المتحدة يوم الجمعة
في ختام اجتماع قمة لم يحرز سوى تقدم بسيط بشأن مكافحة الفقر والارهاب
وتعزيز الامن وحماية حقوق الانسان.
واقرت الوثيقة النهائية بالاجماع وحازت على تصفيق بعدما أدانتها
فنزويلا ووصفتها بأنها "غريبة" وغير قانونية وسجلت الولايات المتحدة
معارضتها لاي "دعم أو تبني أو ترويج للاجهاض."
وتم تبني الوثيقة بحضور الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في
ختام هذه القمة التي استمرت ثلاثة ايام وكانت الاكبر في التاريخ. وقد
حضرها حوالى 170 مندوبا بينهم 150 رئيس دولة او حكومة.
ولم تعترض على الوثيقة سوى ثلاث دول هي كوبا وبيلاروس وفنزويلا. وقد
اكد وزير الخارجية الفنزويلي علي رودريغيز معارضته لمضمون النص
والاجراءات المتعلقة به. كما عبر عن استيائه لان الوثيقة التي جرت
مفاوضات استمرت ثلاثة اسابيع بشأنها قبل القمة نوقشت في اطار لجنة
مصغرة ضمت ثلاثين بلدا. ورأى ان هذا الاجراء "مخالف للديموقراطية".
وقال جوران بيرسون رئيس الوزراء السويدي والرئيس المساعد للجمعية
العامة للامم المتحدة في الجلسة الختامية "نحن..زعماء العالم.. ناقشنا
على مدى ثلاثة أيام كيف يمكن دعم الامم المتحدة لمواجهة تحديات القرن
الحادي والعشرين."
ومع مغادرة زعماء كثيرين ومن بينهم الرئيس الامريكي جورج بوش
نيويورك اعرب الزعماء المتبقون عن خليط من مشاعر الامل بان يعطي اكبر
اجتماع قمة في تاريخ الامم المتحدة قوة دفع جديدة لاهداف التنمية وخيبة
امل ازاء هذه النتيجة الهزيلة.
ورحب كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة باتفاق غير مسبوق على
المسؤولية الدولية للتدخل لحماية المدنيين من الابادة الجماعية
والتطهير العرقي لمنع تكرار ما حدث من مذابح في رواندا والبوسنة
وكوسوفو.
ومن بين الانجازات الاخرى التي اشار اليها تشكيل لجنة لبناء السلام
لمساعدة الدول الخارجة من صراع وتشديد الدول الاعضاء على اهداف حددتها
قمة للامم المتحدة في عام 2000 لخفض الفقر بواقع النصف بحلول عام 2015
.
وفي بيان ختامي ابدى بيرسون اسفه بسبب الفشل في الاتفاق على نهج
مشترك لمنع انتشار الاسلحة النووية او استراتيجية شاملة لمكافحة
الارهاب.
وقال "امكانية استخدام أسلحة الدمار الشامل مرة أخرى هي أمر مرعب...
فشلنا في التعامل من خلال القمة مع التهديد الذي تمثله تلك الاسلحة
يضعنا امام مهمة حاسمة قادمة."
وعدد الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو سلسلة من الاصلاحات
كان يرغب في ان يراها تتحقق من بينها جعل مجلس الامن أكثر تمثيلا. ويعد
عدم القدرة على اصلاح أعلى هيئة في الامم المتحدة أحد أبرز الاخفاقات
التي جاءت عقب شهور من المفاوضات.
واعرب رئيس الوزراء الكندي بول مارتن عن "خيبة امل عميقة" من فشل
القمة في دعم مجلس جديد لحقوق الانسان. ووصف مفوض الشؤون الخارجية في
الاتحاد الاوروبي بينيتا فيريرو فالدنر هذه اللجنة بانها مجرد تغيير في
اسم مفوضية حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة التي فقدت الثقة بها.
واستغرقت الوثيقة النهائية شهورا من الجدل في اجتماعات سرية بين
الغرب والدول النامية وفي بعض الاوقات بين الولايات المتحدة وحلفاءها
الاوروبيين.
ووصف وزير الخارجية الفنزويلي علي رودريجيس الوثيقة بانها "تم بحثها
في الظلام واحضرت الى هنا ليتم تبنيها في انتهاك لاغلب الاجراءات
الديمقراطية الاساسية ." واصدرت كلا من كوبا وروسيا البيضاء وكلاهما
على خلافات مع الغرب بخصوص الديمقراطية وحقوق الانسان بيانات رافضة.
ووصف رئيس البرلمان الكوبي ريكاردو الاركون القمة بانها "زيف لا
يمكن غفرانه" واتهم واشنطن بمحاولة تحويل الامم المتحدة الى اداة
لدكتاتورية عالمية.
وكان النشطاء في مجال مكافحة الفقر مستاؤون من النتائج أيضا.
وقال نيكولا ريندورب من وكالة (اوكسفام) للاغاثة في بيان "كان ذلك
قصة شهرين. الاتفاق التاريخي لوقف عمليات التطهير العرقي في المستقبل
يقف على النقيض تماما مع عدم حدوث تقدم في مجال القضاء على الفقر."
وتسببت معارضة واشنطن وبكين الى جانب تخلي عشرات الدول الطموح في
احباط أكثر المحاولات جدية منذ عقود لتوسيع مجلس الامن ليشمل دولا مثل
اليابان والمانيا والهند والبرازيل الى جانب دولتين من أفريقيا.
كما عرقلت الدول الاسلامية المتعاطفة مع الفلسطينيين جهودا يدعمها
الغرب لتبني تعريف جديد للارهاب يعتبر جميع الهجمات على المدنيين غير
مقبولة رغم ان الحديث عن الارهاب كان أقوى من المتوقع.
وعارضت الدول النامية غير الراغبة في رؤية الجمعية العامة التي تضم
191 دولة تفقد المزيد من السلطات لصالح مجلس الامن الاصلاحات الادارية
العميقة للامم المتحدة والتي تبدت اخفاقاتها من خلال فضيحة برنامج
النفط مقابل الغذاء.
كما أعاقت الاعتراضات الامريكية لاي ذكر لواجب القوى النووية في نزع
سلاحها امكانية التوصل الى اي اتفاق حول نهج مشترك بخصوص انتشار اسلحة
الدمار الشامل التي تعد أحد أهم التهديدات الامنية في القرن الحادي
والعشرين.
واتخذت خطوات متواضعة شملت انشاء صندوق للديمقراطية الى جانب بعض
الالتزامات الجديدة خاصة من جانب الاتحاد الاوروربي بزيادة مساعدات
التنمية. وتقدم الولايات المتحدة وهي أغنى دول العالم كميات أكبر من
المساعدات الاجنبية لكنها لا تتبرع سوى بما يعادل 0.15 في المئة من
دخلها القومي.
والوثيقة النهائية التي تقع في 35 صفحة اقل طموحا من المشروع الذي
عرضه انان في البداية. لكن عدة دول رأت انها افضل تسوية ممكنة بين
الدول ال191 الاعضاء.
وعبر انان عن ارتياحه لتبني الوثيقة مقرا في الوقت نفسه بانه كان
يأمل في نتائج افضل. وقال "اعتقد انه نجاح وانها وثيقة جيدة يمكن ان
تشكل اساسا لمواصلة جهودنا". واضاف "كنا نأمل في الحصول على اكثر من
ذلك لكنها مع ذلك خطوة مهمة".
واكد عدة خطباء بينهم مندوب الولايات المتحدة في الامم المتحدة جون
بولتون ان الاسرة الدولية يجب ان تعمل الآن على تطبيق الوثيقة. وقال
بولتون "يمكننا ان نؤكد ان الشعب الاميركي وغيره من الشعوب في العالم
ستتابع ذلك عن كثب".
ومن الجوانب الايجابية للوثيقة انها تؤكد رغبة الدول في التحرك عن
طريق مجلس الامن الدولي بما في ذلك عبر استخدام القوة اذا كانت اي دولة
"عاجزة بوضوح" عن حماية سكانها المهددين بحملة ابادة او جرائم حرب او
جرائم ضد الانسانية او بعمليات تطهير عرقي.
وتنص الوثيقة ايضا على انشاء مجلس لحقوق الانسان بدلا من اللجنة
الحالية التي فقدت مصداقيتها لكنها ترجىء وضع التفاصيل المتعلقة بها.
كما تقضي بتأسيس لجنة لترسيخ السلام قبل 31 كانون الاول/ديسمبر المقبل
لتجنب عودة العنف الى الدول الخارجة من نزاعات.
وقد اكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان الارهاب هو "الوريث
العقائدي للنازية". ودانت الوثيقة الارهاب "بكل اشكاله ومظاهره" لكنها
لم تتضمن تعريفا دوليا للارهاب. الا ان الوثيقة تدعو الى ابرام معاهدة
شاملة حول الارهاب قبل ايلول/سبتمبر 2006.
ودان عدد كبير من قادة الدول ومن بينها البلدان الثلاثة الناشئة
التي تخوض معركة ضد الفقر -- الهند وجنوب افريقيا والبرازيل -- بطء
التقدم الذي تحقق على طريق انجاز اهداف الالفية التي حددت في العام
2000 لخفض عدد الفقراء في العالم بمقدار النصف.
واخيرا تحدثت الوثيقة بعبارات عامة جدا عن ضرورة تحسين ممارسة ادارة
الامم المتحدة التي تضررت سمعتها الى حد كبير بفضيحة برنامج "النفط
مقابل الغذاء". وهذا ما دفع الرئيس الاميركي جورج بوش الى التشديد على
"امم متحدة حرة من كل فساد". |