قوانين مكافحة الارهاب البريطانية المقترحة بين الانتقادات والتأييد

قالت جماعات للحقوق المدنية وخبراء في القانون يوم الجمعة ان قوانين مكافحة الارهاب التي تقترح بريطانيا سنها غير ضرورية الى حد كبير ولن يكون لها تأثير اذا طبقت.

وكانت حكومة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير كشفت يوم الخميس عن خطط لتمديد الفترة التي يمكن للشرطة خلالها احتجاز من يشتبه بأنهم ارهابيون بدون محاكمة من أسبوعين الى ثلاثة أشهر وذلك ضمن مجموعة من الاجراءات تهدف الى مواجهة التشدد.

وطرحت هذه الاقتراحات في أعقاب التفجيرات الانتحارية الاربعة التي وقعت في السابع من يوليو تموز في لندن واسفرت عن مقتل 52 شخصا واصابة 700 آخرين بجروح ودفعت الحكومة الى شن حملة على الاسلاميين المتشددين. واحتجزت الشرطة منذ ذلك الحين 17 أجنبيا تمهيدا لترحيلهم بدعوى أنهم يمثلون تهديدا للامن وطردت أحد الائمة.

وقالت جماعات للحقوق المدنية ومحامون ان تلك الخطط بالغة القسوة مقارنة بما تطبقه دول اخرى.

وقال كلايف ووكر استاذ القانون بجامعة ليدز "بريطانيا لديها اوسع قانون لمكافحة الارهاب في اوروبا. الفشل يرجع الى اجهزة المخابرات والشرطة والسياسيين."

وأضاف "سيضحك (منا رئيس) رئيس زيمبابوي روبرت موجابي."

ومن اكثر الاجراءات المقترحة اثارة للجدل ما طلبته الشرطة من تمديد فترة الاحتجاز بدون محاكمة.

وقال كلاوديو كوردوني من منظمة العفو الدولية "قد يؤدي ذلك الى ممارسات تمثل انتهاكات مثل احتجاز اشخاص دون ان تتوفر نية حقيقة لتوجيه اتهامات اليهم."

ورغم ان بعض الدول الاوروبية تسمح باحتجاز المشتبه فيهم طوال سنوات الا ان ذلك يكون بأمر من المحكمة لا من الشرطة. كما يقول المنتقدون للاقتراحات الجديدة ان مثل هذه السياسة قد تكون لها نتائج عكسية تتمثل في اثارة عداء المجموعات الدينية والعرقية التي تسعى الشرطة الى تعاونها معها.

واضطرت الحكومة بالفعل الى التراجع عن سياسة احتجاز الاجانب المشتبه بهم بدون محاكمة لفترات غير محدودة بعد ان قضت اعلى محكمة في بريطانيا العام الماضي بعدم مشروعية هذا الاجراء.

وقال خبراء في القانون ان تجريم "تمجيد" الارهاب سيصطدم بعقبات قانونية على اساس حرية التعبير.

ويقول نشطون انه حتى شيري زوجة بلير التي تعمل بالمحاماة يمكن ان تتعرض لمشاكل بسبب اعلانها تكرارا انها تتفهم دوافع الفلسطينيين في شن هجمات انتحارية.

ودافع بلير عن خططه المقترحة قائلا ان الحريات الانسانية ليست حقا بلا قيود. واضاف انها "كانت دائما مشروطة بنوع من الاحساس بالواجب أو بالمسؤولية."

كما يشعر الناشطون بالقلق من امكانية ترحيل المشتبه بهم الى دول معروف عنها الاستهانة بحقوق الانسان.

واعتقلت الشرطة البريطانية سبعة جزائريين يوم الخميس على اساس انهم يشكلون تهديدا للامن القومي وقالت انها سترحلهم.

وقالت مصادر رسمية ان الرجال السبعة سبق اتهامهم بالتورط في مؤامرة عام 2002 لتصنيع سم الرايسين.

وقالت جاريث بيرس المحامية الموكلة بالدفاع عن ثلاثة من المتهمين السبعة الذين اعتقلوا يوم الخميس "خضعوا لمحاكمة مدتها ستة أشهر اطلعوا خلالها على جميع الادلة وبرأتهم هيئة المحلفين."

وأضافت لراديو هيئة الاذاعة البريطانية "أما الان فانهم يخضعون لاجراءات جديدة وضعت عمدا بحيث لا يستطيع أي منهم الاطلاع على الادلة (ضده) وهدفها النهائي هو ارسالهم الى دولة (الجزائر) سيتعرضون فيها للتعذيب."

وقال تشارلز كلارك وزير الداخلية البريطاني ان المعتقلين السبعة لن يرحلوا الى اي مكان يحتمل ان يتعرضوا فيه للتعذيب.

وهذه هي أهم بنود مشروع القانون البريطاني الخاص بمكافحة الإرهاب:

تركز مشاريع القوانين الجديدة التي ستقدمها وزارة الداخلية البريطانية الى مجلس العموم الشهر المقبل على تجريم «الاعداد للارهاب» و«الترويج للارهاب» و«إعطاء تدريب على الارهاب او تلقيه». وبموجب مشروع القانون المطروح فان:

ـ «تشجيع» و«تمجيد» و«تعظيم» الارهاب سيكون جريمة تصل عقوبتها الى سبع سنوات سجنا. ويأتي ضمن هذا الامر نشر البيانات الاصولية على الانترنت التي تصل الى حد التشجيع بطريقة «مباشر» او «غير مباشر» للعمليات الارهابية. لكن هذا لا يشمل البيانات المتعلقة بأحداث وقعت قبل 20 عاما.

ـ سيجري تمديد فترة احتجاز المشتبه فيهم على ذمة التحقيق الى ثلاثة شهور بدلا من 14 يوما، المدة الاقصى المعمول بها حاليا.

ـ تصل عقوبة التحضير للعمليات الارهابية والتدريب، الى السجن مدى الحياة.

ـ تصل عقوبة المشاركة في تعليمات تتعلق بمواد ضارة او تطوير أي تقنيات لاستخدامها في عمليات ارهابية، الى السجن 10 سنوات.

ـ تصل عقوبة حضور معسكرات تدريب ارهابية في أي مكان بالعالم الى فترة اقصاها السجن عشر سنوات.

ـ حظر جماعات اصولية متطرفة، بدءاً بمن يشاركون مشاركة مباشرة في الارهاب الى اؤلئك الذين «يعظمون» او «يحتفون» بالأعمال الارهابية. وكان رئيس الوزراء توني بلير قد اشار الى «حزب التحرير الاسلامي» وجماعة «الغرباء» التي يتزعمها الاصولي السوري عمر بكري الموجود حاليا في بيروت، باعتبارهما معرضين لهذا الحظر.

ـ يحصل المتعاونون مع اجهزة الامن على تخفيض في عقوبة الحبس تصل الى 60 في المائة.

ـ السماح باستخدام التسجيلات الهاتفية في محاكمات الارهاب.

ودافع توني بلير رئيس وزراء بريطانيا يوم الجمعة عن قراره بتشديد قوانين مكافحة الارهاب التي أثارت انتقادات شديدة من منظمات الحريات المدنية.

وقال بلير ان معظم الدول الاوروبية تشدد قوانينها. وحظي بلير بدعم دولي فيما يتعلق بالحاجة الى حظر التحريض على العنف خلال قمة للامم المتحدة في نيويورك هذا الاسبوع.

وصرح بلير خلال مقابلة مع راديو هيئة الاذاعة البريطانية بأنه لا توجد معايير محددة بشأن ما يتقبله الناس كحريات انسانية.

وأضاف " لطالما جرى التوصل اليه (مفهوم الحريات) بشيء من الاحساس بالواجب أو المسؤولية."

وتابع "عندما تكون هنا وتريد البقاء هنا فالتزم بالقوانين ..لا تبدأ في تحريض الناس على قتل ابرياء اخرين في بريطانيا."

ووصفت منظمات الحريات المدنية المقترحات بأنها قاسية بالمقارنة مع دولة أخرى. وقالت منظمة (ليبرتي) المعنية بحقوق الانسان ان احتجاز المشتبهين لمدة ثلاثة أشهر قد يكون له أثر سلبي يتمثل في عزل التجمعات ذاتها التي تسعى الشرطة وأجهزة الامن الى التواصل معها.

كما عبرت المنظمات عن قلقها من أن يجري ترحيل المشتبهين الى دول لا تملك سجلات نظيفة فيما يتعلق بحقوق الانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 18 / ايلول/2005 -13/ شعبان/1426