مدخل منهجي :
من القضايا التي يؤكّدها الإسلام في الكتاب والسنّة، مسألة السلام و
الإصلاح بين الناس، فالله يريد للناس
أن يعيشوا في صلاح ، أن يعيش الإنسان مصلحا لنفسه، فلا يعيش حالة
الصراع و الحقد و العقد في داخل نفسه، ما يؤدي إلى إثارة القلق وإثارة
الارتباك في كل مواقع أفكاره أو مشاعره وأحاسيسه و يوحي له بأعمال
لاإنسانية و لا عقلانية ، وأن يكون في صلة دائمة و سلام مع ربّه، بحيث
تكون علاقته بالله تعالى علاقة العبودية المطلقة التي يتمثَّل فيها
الخضوع لله تعالى في كلِّ ما أراده الله منه، وفي كلِّ ما أحبّه له،
وفي كل ما كرهه
وأبغضه له، بحيث يتطلّع إلى الله، فلا يعيش الحرب لله في تمرّده
عليه، في توحيده وفي ربوبيته وفي شرائعه أو في حربه له بالمعصية، أن
يعيش في سلام مع ربه، بحيث ينفتح على ربه بالمحبة التي يشعر فيها بالحب
لله تعالى ليحصل على حب الله له، وهذا ما عبّرت عنه الآية الكريمة على
لسان النبي(ص): {قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله}.
فعلى الإنسان أن يسلك السبيل للحصول على محبة الله له، بأن يسير في
الطريق الذي يحبه الله أن يسير فيه، وأن يسعى في الإصلاح بين الناس،
بحيث يعيش معهم من دون أن يصدر منه أي عمل سلبي يؤذيهم في أمورهم
الخاصة والعامة، ولعلّ ما يشير إلى ذلك ما ورد في الحديث: "المسلم مَن
سلِم الناس من يده ولسانه"، بحيث لا يصدر منه للناس إلا كلمات الخير
وفعل الخير، فلا يؤذيهم بلسانه، ولا يعتدي عليهم بيده، ويعمل على أن
يحترمهم ليحترم أسبابهم وأسرارهم في عيوبهم وما إلى ذلك.
وعلى ضوء هذا، أراد الله للإنسان أن يعمل على أساس الإصلاح بين
الناس في ما يختلفون فيه ويتنازعون في أمره، وهذا ما ورد في تحديد ما
يتناجى به الناس، وذلك عندما يجلسون في عزلتهم في الليل أو في النهار
ليتداولوا بعض الأمور، وقد أكّد الله سبحانه وتعالى الخير في النجوى في
عناصر ثلاث، فقال: {لا خير في كثير من نجواهم} مما يتداولون فيه {إلا
من أمر بصدقة}، بدعوة الناس إلى التصدّق الذي يمثل العطاء الإنساني
لسدّ حاجة المحتاج وإغاثة المستغيث {أو معروف}، مما يصلح فيه أمر الناس
فيما يأخذون به أو فيما يتركونه {أو إصلاح بين الناس}، بأن يعمد إلى
دراسة المجتمع في خلافاته ومنازعاته وتعقيداته، ما يؤدي إلى النتائج
السلبية التي تعمل على إيجاد اهتزاز في المجتمع وتفرق الناس بعضهم عن
بعض، فيتدخل من أجل الإصلاح بين الناس ليجمع كلمتهم، وليسدّ الثغرات
فيما بينهم، ليعودوا إلى حالة السلام بعد أن كانوا يعيشون حالة الحرب،
{ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله}، أي من كان ينطلق في تأكيد هذه
المفردات من أجل الحصول على رضا الله، لا من خلال حالة مزاجية أو من
خلال بعض الأطماع الذاتية، {فسوف نؤتيه أجراً عظيماً} [النساء:114]،
لأن الله سبحانه وتعالى يعطي الأجر الكبير من رحمته ولطفه ورضوانه
ونعيمه لمن يعمل في هذا الاتجاه، وهو اتجاه تحقيق السلام بين الناس.
وقد ورد في السيرة النبوية و سير الصالحين ناهيك عن آيي القرآن
الكريم ، اعتبار السعي في الإصلاح بين الناس، صدقة، فكما تتصدّق بمالك،
فإنك تتصدّق بالإصلاح بين الناس، يقول الإمام الصادق (ع): "صدقة
يحبَّها الله: إصلاحٌ بين الناس إذا تفاسدوا"، أي إذا فسدت العلاقات
فيما بينهم، "وتقارب بينهم إذا تباعدوا"، إذا بعُد أحدهم عن الآخر بفعل
الخلافات التي تؤدي إلى ابتعاد الناس بعضهم عن بعض.
وقد ورد في وصية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لولديه
الإمامين الحسن و الحسين عليهما السلام في آخر حياته ولمن سمع كتابه
هذا: "وعليكما بإصلاح ذات البين، فإني سمعت جدكما رسول الله(ص) يقول:
إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام"، والمقصود بها الصلاة
المستحبة لا الواجبة، والصيام المستحب لا الواجب، باعتبار أن الخلاف
بين الناس والنـزاع والحرب فيما بينهم يخرب الصلاة والصيام، لأنه
يخرِّب النظام الروحي، كما في النظام الاجتماعي للمجتمع.
ولهذا، فإن هذه الوصية تدعو الناس إلى أن يأخذوا بأسباب إصلاح ذات
البين فيما بينهم، ولعلّ
التحية الإسلامية التي أراد الله للمسلمين أن يحيّوا بعضهم بعضاً
بها هي التحية الموحية بالسلام، وهي أفضل تحية عرفها الإنسان، لأن
الناس يحيّيون بعضهم بعضاً بتحايا لا تدل على قاعدة تشمل الإنسان في ما
يرتفع بالواقع ويضم بعضه إلى بعض، وهي كلمة السلام عليك. هنا في هذه
المسألة، نلاحظ أنك عندما تلتقي بإنسان آخر، فإنك تحييه بكلمة السلام
لتقول له أنا مسالم لك، سلام عليك، يعني أن علاقتي بك هي علاقة السلام
لا علاقة الحرب، فأنا لا أؤذيك، لا أسبك، لا أعتدي عليك، لا آكل حقّك،
بل أعيش معك عيشة السلام كما يسالم الإنسان الإنسان الآخر.
ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى أجر الذي يحيي أخاه بالسلام أجراً
كبيراً، فقد ورد في الحديث عن رسول الله (ص): "للسلام سبعون حسنة"،
يعني هذا السلام بين إنسان وآخر، "تسع وستّون للمبتدىء، أي للذي يبدأ
بالسلام "وواحدة للرادّ" إذا قال له وعليك السلام، وإن أحسن وقال
وعليكم السلام ورحمة الله، فله عشر للذي يقول وعليكم السلام ورحمة
الله، أو عليكم السلام والإكرام.
هل هذه أفضل أم "مرحباً أو صباح الخير"، وبعضهم صار يحيِّي
بالإنكليزية أو بالفرنسية حتى يظهر نفسه أنه متقدّم أو متمدّن ، لأننا
نحب أن نستعمل الكلمات الأجنبية حتى نظهر أنفسنا بأننا متحضّرون
ومتمدنون، وهذا يدلُّ على عدم الثقة بالنفس، ثم إن كلمة السلام هي تحية
أهل الجنة.
الإنسان إذا أراد أن يتفاءل ويتعلم فليحيي تحية أهل الجنة، الله
تعالى يقول: {وتحيّتهم فيها سلام} [يونس:10]، يعني الآن تحية أهل الجنة
هي تحية السلام، الله يكلمنا عن الملائكة عندما يدخلون على المؤمنين
ويقومون بزيارتهم {جنّات عدنٍ يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم
وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب*سلام عليكم بما صبرتم فنعم
عقبى الدار} [الرعد:23-24]، أول ما يستقبلهم الملائكة، يستقبلونهم
بكلمة السلام.
ولهذا ينبغي أن نؤكد هذه المسألة، أن نعلِّم أطفالنا ونساءنا
وشبابنا وشيوخنا، أن لا يتركوا هذه التحية، لأنها توحي بمعانٍ روحية
اجتماعية أخلاقية، تجعل الناس يعيشون هذا المفهوم الإسلامي، وتدرّبهم
على أنماط حياة أهل الجنة، لأننا نحتاج إلى أن نتدرّب على حياة الجنة،
ولذا يقول الله بالمحبة، {ونزعنا ما في صدورهم من غل}، من حقد،
{أخواناً على سرر متقابلين} [الحجر:47]، لأنه إذا صار الواحد منا يحقد
على الآخر، أو يبغضه أو يتنازع معه، فإننا بذلك نخرّب البلاد و نهلك
العباد . وعلينا أن نعمّر الجنة عندما ندخلها، هذا من جهة التأصيل
المفاهيمي للإصلاح و السلام .أما واقعيا فثمة مأزق في الوعي بالذات
والتعرف على «الآخر» يعيشه الجزائري برغم كل الأخبار والتقارير السيئة
التي تتوالى يومياً عن سوء أحوالنا الثقافية والإجتماعية و السياسية في
معادلة موازين القوى الإقليمية و العالمية. فإذا كان صحيحاً ان ما بات
يعرف بظاهرة "لإصلاح " أحياناً وبدورة «التجديد» أحياناً أخرى والتي
يتشدق بها أهل ثقافتنا وسياستنا كعناوين عملاقة من عناوين البرامج
الإصلاحية .
قد أضرت الكثير بوعي مواطننا الجزائري وجعلتنا نتراجع في مواقع
عديدة ربما بما ساهم في اضعافنا ديموقراطيا .
إلا أن شيئاً ما له علاقة بالإستحمار والتمويه بدأ يتحرك في أجوائنا
رويداً مما جعلنا عنفوانيين بعض الشيء تجاه مبادئ أصيلة في ثقافتنا أو
مسلمات اعتدنا على التعايش معها سواء عن أنفسنا أو عن الآخرين.
من جملة ما تعلمناه أو بدأنا «نتقبله» على الأقل كثقافة أخرى بديلة
عن الثقافة السائدة والحاكمة هو أن ما يقوله أو ينطق به أو يشرعه أو
يقره الزعيم و الرئيس و الوزير و المدير و الإمام و الصحفي أياً كان
مقامه التاريخي أو الإداري أو الثقافي أو الإجتماعي ....أو الزمني أو
الروحي ليس من الأمور التي تقبل المناقشة والجدال والمساءلة و التفلسف
! أيضاً فإن قوم «الكنتون السياسي التاريخي » ليس هو وحده الذي صنع
الثقافة العامة في الجزائر وصانعي الأصولية (الحركة الإسلامية) ومن
عداهم من الشعب لم يكونوا سوى «قوم تبع» أو بالتالي لا امتيازات لهم!
لا كل أدى دوره بإمتياز سلبي مما أورث الوهن و شوه الحقائق و أركس
الدورة الحضارية التي تحدث عنها ذات مالك بن نبي رحمه الله ،الكل مسؤول
سوى أن المستويات تتباين و الأهداف تتقاطع و النتائج تبقى ما بقيت
الأسباب .
بكلمة الوعي و النباهة في الجزائر لم تصبح بعد ثقافة عامة لا عرفاً
ولا تشريعاً مما يجعل المصالحة الوطنيةعرضة للتحول من ظاهرة إيجابية
بالأساس إلى «معضلة» قد ينشأ عنها في حال عدم التثقيف الشعب ومصارحته و
التعامل معه بالهدوء والاعتدال والحسنى إلى مادة قد تشعل حرباً أهلية
داخلية في هذا البلد الذي عان من سياسة النظام الواحد ثم من التعددية
السياسية الغامضة الأصل و ختاما الحركة الإسلامية الغير راشدة لماذا؟
أولاً: لأن المجتمع المدني الجزائري بتعبير أدق ليس في غالبيته ـ
إلا ما ندر ـ قام على قواعد وظروف تاريخية محددة قسرية وليست إرادية
مما يعني أن أي زوال فجائي لتلك الظروف قد يعني تكسر «المظروف» الذي
كان قد يتجمع داخل ذلك الظرف.
ثانياً: لأن مصالحة « الرئيس بوتفليقة » لم يتم التوافق عليها بعد،
أي لم تصبح ثقافة توافقية بديلة للثقافة التي سبقتها فإن مكونات
المجتمع قد تبدأ بالتصارع وتالياً التصدع على قاعدة الطبع يغلب التطبع
أو بسبب دخول عوامل خارجية طامعة وطامحة متحفزة تقف أساساً بالمرصاد
لمثل هذه الظروف لتوظيفها في مشروع ثقافي ـ سياسي ـ إستراتيجي جديد
هدفه إعادة مقود الهيمنة والسيطرة على الموارد والطاقات برموز ووجوه
وأشكال وصور و إتفاقيات مشبوهة و جد مدروسة و محكومة بعد تآكل
الإستعمار القديم وتحلله.
ما يجري في الجزائر من تغيير سياسات في ظل تغير عام في الظروف
المحيطة واضطراب للرؤية مصحوباً بقسوة العامل الخارجي في التعامل مع
هذه التطورات ما هو في الواقع سوى صراع بقاء عند الأقوياء .
فإن لم ننتبه وان لم نحذر وان لم نحسب و إن لم نصلح أوضاعنا
الثقافية و السياسية -الإجتماعية و الإقتصادية فإن النتائج التي نرجو
ان تكون إيجابية سرعان ما تتحول إلى نتائج سلبية بل كارثية. ان مكونات
الشعب الجزائري متنوعة الأعراق والأقوام والملل والنحل وأشبه ما تكون
بالموزاييك بشكل مميز ولطالما تعايشت وعاشت مع بعضها البعض بسلم وأمان
وصنعت المستحيل كلما كانت الثقافة العامة هي ثقافة الاعتدال والقبول
بالآخر وانحسار دور الاستبداد والديكتاتورية و«جبرية» الحكم فيما كانت
تتصارع وتخوض حروباً أهلية كلما سادت ثقافة القيمومة الفكرية والسياسية
أو الدينية لطرف على حساب طرف أو أطراف أخرى، وكلما كان العامل الخارجي
قوياً في تدخلاته كلما كانت النتائج كارثية أكثر.
أيها الجزائريون إن الظواهر البوليتيكو ثقافية هي عبارة عن نماذج من
العمل والتفكير والإحساس التي تسود مجتمعاً ما والتي يجد الأفراد
أنفسهم مجبرين على اتباعها في عملهم وتفكيرهم. وتكون هذه الحالة شبه
عفوية, ويتدافع الناس نحو الانسياق في مسارها والاستسلام لها وفق حجم
تأثيرها على مشاعرهم وأفكارهم واعتقادهم, وبالتالي تتكون ثقافة
اجتماعية لها سمات ومؤشرات وصور تُعبر عنها، هذا لا يعني أننا ضد
الإصلاح و المصالحة و السلم و الوئام و هلم جرا فالكلمات و مرادفات
عديدة لكن المشكلة في فلسفة المفهوم الغائبة بتاتا عن الساحة الثقافية
و النخبوية و السياسوية . عندها تُفصح هذه الظواهر في حقيقتها عن
العقلية التي تقفخلفها , والمقصود بها الوحدة الذهنية التي تتمثل في
المشاعر والمعتقدات والآراء وغيرها.
وظاهرة المصالحة الوطنية واحدة من تلك الصور المُعبرة عن مكونات غير
مرئية في العقل السياسي الجزائري مثل الميل إلى الاعتقاد بضرورة
استخدام التعبئة كوسيلة قيادية أو الاعتقاد بأن الإفحام الخطابي
المتناقض مع الواقع الإجتماعي و الإقتصادي و السياسي آلية من آليات
نجاح القيادة .ويمكننا قراءة العقل السياسي الذي يقف وراء هذه الظاهرة
من خلال الفلسفة السياسية لمفهوم المصالحة ،كمنحى علمي دقيق و نقدي
متين .
وهناك فرق واضح بين المصالحة الذي يتحدث عنها كمطلب عابر في وقت
محدد وينقطع بعد الإستفتاء , وبين المصالحة كبديهية إنسانية و إسلاميةو
كحالة دائمة بحيث تصبح وسيلة من وسائل تحقيق العدالة كطريقة للحياة
يستعين بها أهل بني مزغن "الجزائر" في تعاملهم اليومي أو في حياتهم
الاجتماعية.
ولمعالجة هذه الظاهرة ينبغي العمل على دراسة العقل السياسي
-الاجتماعي الذي يُنادي بها كحملة إنتخابية , من من خلال تلفيق بعض
المفاهيم المغلوطة اجتماعياً وثقافياً ودينياً, وإعادة رسم وتوجيه
الوسائل الإعلامية المختلفة المساهمة في وجود فبركة هذه الظاهرة لحساب
أهل "التويزة"(1) .
إذا كنا نتطلع إلى مستقبل جديد لجزائرنا, فإن هذا التطلع لن يكون
بعيداً عن الثقافة الشاملة ودورها الحيوي في التنمية الثقافية
والاجتماعية والإصلاح السياسي الشامل. , والمصالحة الوطنية إنما تنهض
بالثقافة ولا تنهض بغيرها, كما نهضت المصالحة الإسلامية بقانون
(الأخوة) بالمدينة المنورة . وإذا كان لكل أمة شخصيتها الخاصة,فإن
الثقافة الإسلامية هي التي تنسج هذه الشخصية وتبلور ملامحها الأساسية
في الجزائر و على جميع المستويات ..
والثقافة بمعناها الشامل ترتبط بشكل وثيق بهوية وتاريخ وتراث
وتقاليد وآداب أي مجتمع من المجتمعات البشرية, كما برهنت على ذلك
دراسات علم الاجتماع والأنثربولوجيا, وليس هناك تطور بلا ثقافة, ولا
تنمية بلا ثقافة ولا إصلاح بلا ثقافة و لا وزارة بلا مثقف .
والسؤال: كيف تكون المصالحة الوطنية ونحن في حاجة للتنمية الثقافية؟
إننا نعيش ومنذ فترة غير قصيرة تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية و
أمنية غير متوازنة, ولا ترافقها عملية ثقافية لضبط هذه التحولات
وموازنتها بالشكل الذي يُقلل من مضاعفاتها السلبية. وما هو جدير
بالانتباه أن الجزائر اليوم قد باتت خصبةً لتحولات ومفاجآت في اتجاهات
مختلفة متوقعة وغير متوقعة, ولا نعرف نتائجها ومضاعفاتها, والثقافة هي
من أهم وسائل الرشد الاجتماعي, والتوجيه التربوي, والضبط السلوكي و
الإصلاح السياسي .المهمة تتطلب تضافر الجهود بين جميع المثقفين
الجزائريين بالداخل و الخارج بمرجعياتهم المختلفة، وبين اهل السياسة في
الجزائر ، هل يأتلف الطرفان ام كما يخبرنا تاريخهما انهما لا يلتقيان
على الاطلاق. يصعب الرهان على احد الطرفين ما دمنا نرى الوضع الراهن
للثقافة بالجزائر في اسوأ حالتها منذ عصر مالك بن نبي رحمه الله الذي
رأى أن «النقد» هو رؤية ثقافية وإدراك للتحولات التاريخية والثقافية
والاجتماعية والسياسية التي تطال الحياة والواقع وظيفته منع التجديد و
الإصلاح من الوقوع في شرك النمطية والسطحية والابتذال والسائد.ختاما
عندي قناعة تامة استخلصتها من خلال تأملاتي حول بعض التجارب المتميزة
مفادها ان لكل مفهوم دوغمائي عميق ثمة مقومات وشروط، وأهم مقوماته
وشروطه تكمن في تفتح الوعي النقدي خلف تلاوين المفهوم ومفرداته
المجازية، والوعي النقدي المقصود هنا هو إدراك المظاهر والتحولات
التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي تطال الحياة والواقع
إدراكاً، تكون وظيفته منع الإبداع ذاته من محاولة الوقوع في شرك
الأحادية و النمطية والسطحية والابتذال والسائد.
هذه حقيقة قائمة في جملة تصوراتي حول الحياة والإنسان والتاريخ، لا
يمكن أن أتغافل دورها عندما أتحدث عن المصالحة وعلاقتها بالنقد و الوطن
.
(1)التويزة ظاهرة شعبية بشمال إفريقيا تعني دعوة اأهل القبيلة
لمأدبة عشاء و بعد ها يتم جمع المال لصاحب الدعوة كمساعدة له لحل بعض
مشاكله ....
*إعلامي مقيم بألمانيا
ali214500@yahoo.fr |