انتشر بين بعض فئات الشباب في الآونة الأخيرة ظاهرة الزواج العرفي
ووجدوا فيه طريقا ملتويا للوصول لأغراض جنسية محضة وغلف هؤلاء الشباب
هذا الطريق الملتوي وغير الشرعي بحجج وأسانيد واهية لم يقنعوا بها إلا
أنفسهم ووجدوا في هذه الأسانيد الواهية ستارا دينيا يريحون خلفه
ضمائرهم الغائبة، وفي حقيقة الأمر فقد وقع هؤلاء في الإثم بعينه.
والخطير في الأمر أن إحصائية جديدة أعلنتها وزارة الشؤون الاجتماعية
المصرية كشفت أن 255 ألف طالب وطالبة في مصر اختاروا الزواج العرفي، أي
بنسبة 17% من طلبة الجامعات البالغ عددهم 5.1 مليون، وهو ما يعني أن
الظاهرة أصبحت تحتاج إلى تدخل عاجل.
وتترتب عليها أمور محرمة منها:
1- أن فيه مخالفة لأمر ولي الأمر، وطاعته واجبة فيما ليس بمعصية
ويحقق مصلحة والله يقول: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول وأولي الأمر منكم) النساء: 59.
2- كما أن عدم توثيقه يعرض حقها للضياع كالميراث الذي لا تسمع
الدعوى به بدون وثيقة وكذلك يضيع حقها في الطلاق إذا أضيرت، ولا يصح أن
تتزوج بغيره ما لم يطلقها، وربما يتمسك بها ولا يطلقها.
ومن أجل هذا وغيره كان الزواج العرفي الذي لم يوثق ممنوعاً شرعًا مع
صحة التعاقد وحل التمتع به، فقد يكون الشيء صحيحًا ومع ذلك يكون
حرامًا، كالذي يصلي في ثوب مسروق، فصلاته صحيحة ولكنها حرام من أجل
سرقته ما يستر العورة لتصح الصلاة.
وكذلك لو حج من مال مسروق فإن الفريضة تسقط عنه، ومع ذلك فقد ارتكب
إثماً كبيرًا من أجل السرقة.
وقد أشارت بعض دراسات الحالة إلي أن هذه الظاهرة موجودة بين الشباب
والكبار والفقراء والأغنياء والمتعلمين وغير المتعلمين... شباب
الجامعات والعمال والموظفين ورجال الأعمال.. وهذا النوع من الزواج
يتم شفاهة أو بعقد شخصي بوجود شاهدين دون أي ضوابط قانونية أو حقوق
شرعية وخاصة للمرأة .
وأشارت الدراسات إلى أسباب أساسية تكمن وراء انتشار الزواج العرفي
أهمها فقدان التكامل العاطفي داخل الأسرة نتيجة انشغال الأب والأم وعدم
اهتمامهما بسلوك الأبناء وتركهم وسائل الإعلام وجماعات الرفاق لتشكيل
ثقافتهم الجنسية والزواجية.. وكذلك الظروف الاقتصادية والمادية التي
تحول دون إقامة زواج شرعي وتوفير متطلباته من مهر وشقة وأثاث وخلافه,
والكبت والحرمان الثقافي إلى جانب الحرية غير المسئولة سواء في الأسرة
أو المدرسة أو الجامعة وضعف التثقيف الديني الذي يقوم به الإعلام تجاه
هذه المشكلة وبالإضافة إلي ذلك فهناك أيضا التناقض الواضح والازدواجية
بين الرموز والقيادات الإعلامية والدينية نحو الاتفاق علي خطورة هذا
النوع من الزواج على المجتمع, وكذلك الانفتاح الإعلامي أو التبعية
الثقافية الإعلامية في ظل ثورة الاتصالات وانعدام الرقابة وزيادة البحث
عن المجهول من المعرفة الجنسية.. خاصة أن الثقافة الزواجية والأسرية
لا تحظى بالقدر الكافي من اهتمام ورعاية من وسائل الإعلام على اعتبار
أنها من المحرمات الثقافية.
المهم في الأمر أن بعض شبابنا قد وقعوا في براثن هذه المشكلة
(الفتيات على وجه الخصوص) وتركهن الأزواج معلقات لا يستطعن أن
يتزوجن ولا يعرفن مكان الزوج وأصبحت مشكلة مترتبة على وضع خاطئ وهو
الزواج العرفي وتحتاج إلي حل وهذا ما جعل المشرع المصري يسارع لمواجهة
هذه المشكلة وذلك عن طريق ما يعرف حاليا في قانون الأحوال الشخصية
الجديد بالطلاق العرفي.
* و عن حكم الزواج العرفي وشروطه ؟و هل يحق للفتاة أن تتزوج
زواجاعرفيا بدون علم أهلها لأسباب اجتماعية ؟ وهل يشترط أن يتحدد
الزواج العرفي بمدة زمنية محددة ؟ واذا زالت الأسباب إلى اخفاء الزواج
وجعله عرفيا كيف يمكن تحويله إلى زواج عادي ؟
أن الزواج في الإسلام على قسمين :
أولاً : الزواج الدائم الذي لا يكون محدداً بمدّة معينة وله احكام
في كتاب النكاح من كتب الفقه . وهو الذي اشرنا اليه من أنه زواج عادي .
ثانياً : الزواج المؤقت الذي يكون محدداً بمدة معينة لسنة أو شهر
مثلاً علی مهر معلوم ولعل هذا هو الذي اشرنا اليه بالزواج العرفي.
ويشترط في كل الزواجين العقد على الزوجة مع رضاها ، ورضا الأب أو
الجد للأب ( اذا كانت الزوجة بكراً ) اي غير مدخول بها من قبل زوج آخر
أو لم يدخل بها شخص آخر . كما يشترط في كلا الزواجين « اذا حصلت الفرقة
بين الزوجة والزوج بالطلاق او هبة المدة الباقية في الزواج المؤقت »
العدّة على الزوجة ان حصل الدخول، ولا يحلّ بدونها الى الازواج
الآخرين.
وهذا الزواج الثاني قد أحلّه الكتاب الكريم بقوله تعالى (
فمااستمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة ) وقد اتفق الكل على نزولها
في الزواج المؤقت المعروف بزواج المتعة الذي له مدة محددة وشروط هي:
(1) لا يجوز للفتاة البكران تتزوج زواجاً مؤقتاً بدون رضا ابيها
اوجدها .
(2) ان هذا الزواج لابدّ فيه من مدّة محددة تذكر في العقد ومهر
معلوم.
(3) اذا اراد الزوج ان يبدّل هذا العقد المؤقت الى عقد دائمي ( عادي
) فله طريقان :
الأول: ان تنتهي المدة المحددة في عقد المتعة ثم بعد ذلك يعقد عليها
عقداً دائمياً .
الثاني: ان يهب الزوج المدة الباقية للزوجة بقوله وهبتك مابقي من
مدة الزواج المؤقت ثم يعقد عليها بعد ذلك عقداً دائمياً ( عاديّاً).
و لا تجب نفقة الزوجة المتمتع بها على زوجها الا اذا اشترطت ذلك في
عقد المتعة او في ضمن عقد لازم آخر .
كما لا توارث بين الزوجين الا اذا اشترط التوارث لهما او لاحدهم
katam_ray@yahoo.com |