
قالت شرطة مدينة نيو اورليانز الامريكية يوم الاربعاء انها ستعمل
على أن يغادر الناجون من الاعصار كاترينا المدينة التي تشكل الان خطرا
على الصحة العامة وسط تنامي عاصفة سياسية بشأن جهود الاغاثة غير
المنظمة في مواجهة كارثة يمكن ان تكون قد أودت بحياة الالاف المواطنين
الامريكيين.
وبعد أيام حاولت خلالها السلطات استخدام اسلوب الاقناع مع الناجين
الرافضين لمغادرة نيو اورليانز منذ ان اجتاح الاعصار كاترينا الساحل
الامريكي المطل على خليج المكسيك الاسبوع الماضي بدأت السلطات تتخذ
موقفا أكثر تشددا اعتبارا من يوم الثلاثاء.
وقال راي ناجين رئيس بلدية نيو اورليانز ان مياه الفيضانات القذرة
التي لوثتها القمامة والنفط وجثث الضحايا ستنشر الامراض وان على السكان
الرحيل. وصرح بي.ادوين كومباس مفتش الشرطة بان رجاله سيقومون باجلاء
السكان حتى دون رغبتهم. وقال "سنفعل كل ما هو ضروري لنجعل هذه المدينة
امنة. هؤلاء الناس لا يدركون انهم يضعون انفسهم في طريق الاذى."
ويقول خبراء انه لا سبيل للتخلص من خليط سام من المواد الكيماوية
والفضلات البشرية في مدينة نيو اورليانز التي أغرقها الاعصار كاترينا
الا بضخها في نهر المسيسبي او في بحيرة بونتشارترين مما يزيد من
احتمالات حدوث كارثة بيئية في اعقاب كارثة الاعصار.
ومن الممكن ان تؤدي الرغبة الملحة في التخلص من المياه في المدينة
الغارقة الى موت الاسماك وتسميم المسطحات المائية القريبة من نيو
اورليانز اضافة الى خليج المكسيك عند مصب نهر المسيسبي.
وبدأت وكالات ولاية لويزيانا والوكالات الاتحادية اختبار صلاحية
المياه لكن خبراء البيئة قالوا ان المياه الملوثة والراكدة المخلوطة
بالكيماويات في شوارع المدينة غير صالحة للاستخدام ويمكن ان تحتوى على
بقايا اى شيء يمكن تخيله.
ويتعين على السلطات في المدينة تنظيف المنازل والمصانع والمصافي
والمستشفيات والمباني الاخرى من الجازولين والديزل والمواد الحافظة
والمبيضة والفضلات البشرية والاحماض والكحوليات وعدد كبير من المواد.
وقال مسؤولون انه ربما يستغرق الامر 80 يوما لتصريف المياه من نيو
اورليانز والمناطق المحيطة بها.
لكن السكان المتشبثين بالبقاء في مدينتهم التي تشتهر بانها مهد
موسيقى الجاز قبل ان تكتسب شهرة دولية كمنطقة كوارث على غرار تلك التي
تقع في دول العالم الثالث يقولون انهم يخشون اجلاءهم الى مناطق اخرى من
البلاد حيث لا اسرة لهم ولا موارد تعيلهم.
ويعتقد ان نحو عشرة الاف مازالوا موجودين في المدينة.
وبدءا من يوم الثلاثاء بات من الممكن الاحساس بالسياسة المتشددة
للسلطات. وابلغت مارتا سميث اجيلارد (72 عاما) رويترز كيف انها نقلت
دون رغبتها الى نقطة اجلاء اقيمت الى جوار مركز المؤتمرات المدمر في
المدينة.
وقالت "لقد جاءوا واخرجوني من منزلي وحملني الرجال الى شاحنة
واحضروني الى هنا."
كان قدمها متورما بعد ان وطأت على مسمار ملوث علاه الصدأ وقالت انها
بحاجة الى حقنة تيتانوس لكنها رغم ذلك ترفض ان تستقل طائرة هليكوبتر
حكومية.
واستطردت "حملني الرجال ولم يعبأوا بما أقول. لم استقل طائرة
هليكوبتر طوال حياتي ولا اي طائرة ولن أفعل ذلك الان وانا عمري 72 عما.
"لن احصل على حقنة التيتانوس هذه وعلى ما اعتقد سيكون علي ان اموت.
كلنا سنموت واذا كنت سأموت سأموت هنا في نيو اورليانز."
من جهته اعلن الرئيس الأمريكي، جورج بوش، إنه سيقود تحقيقا في
الكيفية التي تم التعامل بها مع كارثة إعصار كاترينا الذي ضرب عدة
ولايات وكانت نيو أورلينز أكثر المدن تضررا به.
وقال بوش في رد على انتقادات بأن رد فعل السلطات كان بطيئا: "سأكتشف
بمرور الوقت ما تم على وجه صحيح وما تم على وجه خطأ."
وسيجري الكونجرس الأمريكي تحقيقا منفصلا في الكارثة التي ضربت ساحل
خليج المكسيك ونيو أورليانز.
وطالبت صحيفة تايمز-بيكايون التي تصدر في المدينة بإقالة كبار
المسؤولين في وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية.
ومن بين الانتقادات الموجهة إلى الوكالة أنها، في غمرة الأزمة، رفضت
استقبال إمدادات مياه ووقود بسبب البيروقراطية.
وكان الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون، وزوجته هيلاري عضو مجلس
الشيوخ من بين من دعوا إلى إجراء تحقيق في كيفية تعامل السلطات مع
كارثة إعصار كاترينا.
وقال بوش إنه سيتم تقييم الكيفية التي استجابت بها الحكومة على
مستوياتها المختلفة لكارثة الإعصار، لكنه رفض "مزاولة لعبة إلقاء
اللوم" وقال إنه يريد التركيز على مئات آلاف الأشخاص الذين شردهم
الإعصار.
وأضاف بوش أنه يتعين على أمريكا التأكد أنه بمقدورها الاستجابة بشكل
مناسب لكارثة أخرى، سواء كانت كارثة طبيعية أو هجوما بأسلحة دمار شامل.
وأعلن بوش أن نائبه، ديك تشيني، سيزور منطقة ساحل خليج المكسيك يوم
الخميس للمساعدة في تقييم العمل الذي تقوم به الحكومة.
ويقول جوناثان بيلي، مراسل بي بي سي في واشنطن، إن وعد بوش بإجراء
تحقيق لا يرقى إلى مطالب منافسيه بإجراء تحقيق شامل ومستقل.
وقد بدات لجنة الأمن الداخلي بمجلس الشيوخ الأمريكي تحقيقا خاصا بها
في الكارثة.
وقال جوي ليبرمان، أقدم أعضاء الحزب الديموقراطي باللجنة، إن إخفاق
الحكومة أفضى إلى زيادة الدمار والمعاناة البشرية عن الحد المسموح به.
كما ستعقد لجنة الشؤون الحكومية بمجلس الشيوخ جلسات استماع، لبحث "نقص
الاستعدادات وعدم فاعلية الرد الأولي على كارثة تم التنبؤ بوقوعها قبل
أعوام".
واضاف بوش قائلا "من الاهمية بمكان ان نفهم العلاقة بين الحكومة
الاتحادية وحكومة الولاية والحكومة المحلية عندما يتعلق الامر بكارثة
كبيرة."
ومضى قائلا "وسبب الاهمية هو اننا ما زلنا نعيش في عالم غير مستقر.
نريد التأكد من قدرتنا على الرد بطريقة سليمة اذا حدث هجوم باسلحة
للدمار الشامل او عاصفة اخرى كبيرة. ولذلك سأحدد مع الوقت ما كان صحيحا
وما حدث من خطأ."
وفي استمرار لزيارات كبار المسؤولين للمنطقة المنكوبة قال بوش ان
نائبه ديك تشيني سيتوجه الى هناك يوم الخميس.
وبعد ان وصف بوش بعض جهود الاغاثة بانها غير مقبولة لم يختص الرئيس
الامريكي أحدا بالانتقاد علنا رغم بعض الاتهامات المتبادلة بين سلطات
الولايات والمحليات والسلطة الاتحادية.
ووجهت انتقادات حادة بصفة خاصة الى مايكل براون مدير الوكالة
الاتحادية لادارة الطوارئ كما تعالت أصوات تطالب باستقالته.
وقال ترنت لوت العضو الجمهوري بمجلس الشيوخ عن ولاية مسيسيبي الذي
فقد منزله المطل على الساحل في العاصفة ان بقاء براون في منصبه اصبح
مهددا.
وقال لوت لشبكة سي.بي.اس التلفزيونية "اذا لم يحل بعض المشاكل التي
نواجهها الان فلن يتمكن من الاحتفاظ بمنصبه لان ما سأفعله به لن يكون
لطيفا."
واعرب بوش خلال زيارته لساحل الخليج الاسبوع الماضي عن ثقته في مدير
الوكالة الاتحادية لادارة الطواريء وقال له "براوني.. انت تؤدي عملا
جيدا."
لكن سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الابيض لم يذهب الى هذا الحد
في تصريحاته يوم الثلاثاء. وقال "يقدر الرئيس جهود (مايكل) تشيرتوف
وزير (الامن الداخلي) ونائب الوزير وكل العاملين في الوكالة الاتحادية
لادارة الطوارئ على مدار ساعات اليوم لانقاذ الارواح ونحن نقدر
جهودهم."
وعند سؤاله عما اذا كان بوش يؤيد تشكيل لجنة للتحقيق اجاب مكليلان
"يريد الرئيس ان يتأكد من اننا سنلقي نظرة على ما حدث وكيف كانت
الاستجابة وسنتأكد من اجراء تحليل مستفيض. لكن علينا الان ان نركز على
اهم الاولويات وهم المحتاجون."
واعرب بوش عن تعاطفه مع سكان المدن الذين اجلوا عن منازلهم ووافق
على ما قاله داعية الحقوق المدنية القس جيسي جاكسون عن ضرورة عدم
اعتبارهم لاجئين.
وكان جاكسون قد شكا من ان بعض الشبكات الاخبارية تشير الى الناجين
من الاعصار ومعظمهم من الفقراء والسود على انهم لاجئون.
وقال بوش "الذين نتحدث عنهم ليسوا لاجئين بل امريكيين."
وعلى صعيد آخر، أعربت إيران عن رغبتها في تزويد الولايات المتحدة
بنحو عشرين مليون برميل من النفط الخام لسد النقص الناجم عن اضطراب
إنتاج النفط في خليج المكسيك بعد إعصار كاترينا.
وقال مندوب إيران لدى منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) علي كاظم
بور إن العقوبات الأمريكية هي وحدها التي تعوق التوصيل الفوري للنفط
الإيراني.
إلا أن جريج سوليفان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، قال
إن واشنطن لم تتلق أي عرض رسمي من إيران بتقديم مساعدات.
وأضاف أن عروض المساعدة سيبتّ فيها طبقا لمدى الحاجة إليها، مشيرا
إلى أن عروض المساعدة التي قدمتها إيران للولايات المتحدة في أوقات
الأزمات قد ساهمت من قبل في تخفيف حدة التوتر بين واشنطن وطهران.
مئة ألف يبحثون عن أسرهم في موقع كاترينا على الانترنت
قال متحدث يوم الثلاثاء ان حوالي مئة الف شخص سجلوا اسماءهم على
صفحة الانترنت التي اعدها الصليب الاحمر للمساعدة في البحث عن افراد
الاسر المفقودين او الذين انفصلوا عنها منذ دمر اعصار كاترينا ساحل
الخليج الامريكي.
ووفقا لما ذكره فلوريان ويستفال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب
الاحمر فان عدد المدخلات على موقع الروابط العائلية الذي اعده الصليب
الاحمر الامريكي ارتفع من 65 الفا الى 94 الفا خلال الليل.
ويستطيع الاشخاص في منطقة الكارثة ان يسجلوا اسماءهم على صفحة
الانترنت لإبلاغ عائلاتهم واصدقائهم انهم بخير ويقدمون تفاصيل عن كيفية
الاتصال بهم حاليا بينما يستطيع الاشخاص الذين يبحثون عن احبائهم ان
يراجعوا قوائم الاسماء لمعرفة اي معلومات متوفرة عنهم.
قال ويستفال في تصريح صحفي "الرسالة التي نريد ان نبلغها للجمهور
هناك ان يستمروا في مراجعة الموقع بانتظام لانه يجري اضافات بيانات
ومدخلات جديدة طول الوقت."
ويمكن للاشخاص الذين اعادوا الاتصال مع افراد عائلاتهم ان يرفعوا
اسماءهم من القوائم.
وقد لجأ مئات الالاف من النازحين الى الملاجيء والفنادق والمنازل
الخاصة عبر الولايات المتحدة بعد واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي
اصابت البلاد.
وقامت اللجنة الدولية للصليب الاحمر وهي وكالة الاغاثة الانسانية
التي تساعد الدول على مواجهة اثار الحروب والكوارث الطبيعية ايضا
بارسال خمسة خبراء متخصصين في اقتفاء اثر العائلات الى الولايات
المتحدة بطلب من الصليب الاحمر الامريكي.
الإعصار كاترينا يبدد 400 ألف وظيفة في أمريكا
قال مكتب الموازنة التابع للكونجرس الامريكي يوم الاربعاء ان
الاعصار كاترينا قد يؤدي الى تسريح ما يصل الى 400 ألف عامل في
الولايات المتحدة ويقلل معدل النمو الاقتصادي بما يصل الى نقطة مئوية
واحدة.
واعترف دوجلاس هولتز ايكين مدير المكتب بأن تقديرات اثار الاعصار
كاترينا "محاطة بالغموض" لكنه قال ان كل المؤشرات "حتى الان تشير الى
أن الاثار الاقتصادية بشكل عام ستكون كبيرة ولكن ليست كاسحة."
وفي تقرير أولي للكونجرس قال مكتب الموازنة ان الاعصار كاترينا قد
يتسبب في تقليص معدل نمو الاقتصاد الامريكي خلال النصف الثاني من العام
الحالي بما يتراوح بين نصف نقطة ونقطة مئوية كاملة.
وأضاف أن الاعصار قد يقلص العمالة حتى نهاية العام الحالي بحوالي
400 ألف وظيفة. وقال المكتب ان الوظائف ستنخفض خلال سبتمبر أيلول
الحالي بما يتراوح بين 150 ألف وظيفة و500 ألف كنتيجة مباشرة للإعصار.
واستدرك المكتب بقوله ان "الوظائف ستزداد في الاشهر التالية عندما
يعود العمال الى منازلهم وتعيد الشركات فتح أبوابها وتنطلق أنشطة اعادة
البناء". |