تأكيدا على التضامن في مواجهة الإرهاب.. العراقيون يتدفقون للتبرع لصالح أسر شهداء جسر الائمة

تدفق مئات العراقيين على مركز لتلقي التبرعات في بغداد لتقديم مساعدات مالية لأسر كارثة جسر الائمة الارهابية الذي وقع يوم الاربعاء الماضي.

وكان عراقيون كثيرون أصابهم الإحباط من العيش وسط عنف يومي لا يزالون ينتحبون على ضحايا التدافع على جسر الائمة والذي اسفر عن مقتل 1005 أشخاص على الاقل أغلبهم من النساء والاطفال.

وقال ثائر الحزناوي وهو أحد المنظمين الرئيسيين لبرنامج جمع التبرعات انهم يشعرون بالالم بسبب فقد ارواح مئات المواطنين وانهم قرروا تحويل هذا الحزن الى عمل مفيد.

وقال ان الكثيرين تجاوبوا مع الفكرة خاصة بعدما وافقت قناة العراقية التلفزيونية الرسمية على استضافة مركز جمع التبرعات في مكاتبها ببغداد قرب شارع حيفا الذي كان يوما ما أحد معاقل المسلحين وكرست القناة لهذا الحدث تغطية حية شبه متواصلة.

وأبلغ الحزناوي رويترز انهم تمكنوا في اليوم الاول من ملء صندوق بالتبرعات النقدية وتمكنوا في اليوم الثاني من ملء ثلاثة صناديق كبيرة بالأموال بعد انتشار نبأ حملة التبرعات.

وكان الطفل همام جاسم البالغ من العمر ثمانية أعوام وهو أحد الناجين من حادث التدافع يطوق نفسه بعلم عراقي ويجمل ثلاث لعب. ووقف جاسم في طابور المتبرعين ووضع في الصندوق حافظة نقوده وبها ثلاثة الاف دينار عراقي (دولارين) واللعبات الثلاث.

وقال جاسم "اتيت الى هنا لاتبرع للشهداء. عندما رايت هذا البرنامج في التلفزيون قلت لاخي الاكبر انني اريد ان اذهب واتبرع باللعب للاطفال."

وتبرع وزراء ومسؤولون حكوميون كثيرون براتب شهر واحد لصالح أسر الضحايا. وتعهد رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري الذي زار المركز يوم السبت بالتبرع براتبه بالكامل حتى نهاية العام.

وقال منظمو حملة جمع التبرعات ان اكبر مبلغ تبرع به فرد جاء من عراقي يقيم في مدينة سياتل الامريكية وقدم 17 ألف دولار وهو نفس المبلغ الذي تبرع به أيضا وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي.

وتسببت المخاوف من وجود مهاجم انتحاري وسط حشد هائل من الزوار الشيعة الذين كانوا في طريقهم لحضور مناسبة دينية في حدوث التدافع مما تسبب في وقوع اكبر خسارة في الارواح في حادث واحد منذ الغزو الامريكي للعراق في مارس اذار 2003.

وكان أغلب الضحايا من النساء والاطفال الذين أُصيبوا بالاختناق أو دهسوا تحت الاقدام فيما قفز الالاف من فوق جسر الأئمة الى نهر دجلة قرب مسجد الكاظمية بشمال بغداد.

وقد افتتحت ثلاثة مراكز رئيسية للتبرع الاول في منطقة الصالحية وسط المدينة في مقر الاذاعة والتلفزيون الرسمي (العراقية) اللذين ساهما بشكل واسع في دعوة الناس للتبرع عبر مقراتها في جميع مدن البلاد.

اما المركز الثاني فقد اقيم في مدينة الصدر (شرق) في مكتب رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر لان المدينة الشيعية اكثر مناطق بغداد تضررا في الحادث مقارنة بمناطق بغداد الاخرى.

والمركز الثالث في منطقة الكاظمية (شمال) حيث مرقد الامام موسى الكاظم الذي كان العراقيون في طريقهم اليه عند وقوع الحادث.

وكانت المساجد السنية والحسينيات الشيعية في عموم البلاد دعت عبر مآذنها في اوقات الصلاة وخارجها الجميع الى مساعدة ضحايا حادث جسر الائمة ودعمهم.

وانطلقت الحملة مع تبرع رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري بمرتباته الشخصية لغاية نهاية العام الحالي لمعالجة الجرحى ومساعدة عوائل الضحايا.

وفي مدينة بلد (70 كلم شمال بغداد) ناشدت مساجد المدينة وحسينياتها الاهالي القيام بواجبهم الانساني تجاه اخوانهم الجرحى وكذلك مساعدة اسر الضحايا.

وقال ميثم الحسني مسؤول حملة التبرعات في المدينة "انها كارثة انسانية وفاجعة ومصاب اليم ضرب اهلنا فالجرح عميق. المدينة وحدها فقدت قرابة ستين قتيلا".

واضاف ان "الاف المتبرعين لبوا نداءات المساجد والحسينيات الشيعية منها والسنية وحتى القرى البعيدة. فقد تبرعت ثلاث قرى سنية بمبلغ خمسين مليون دينار (حوالى 38 الف دولار)".

ومن جانب اخر قال سامي علي (45 عاما) وهو متبرع سني جاء من منطقة يثرب التي تبعد 15 كلم جنوب شرقي المدينة "لبيت الدعوة لاتبرع لاخوتي العراقيين عندما شعرت انهم بحاجة للمساعدة".

وتقوم شبكة الاعلام العراقي عبر شاشات تلفزيون "العراقية" يوميا بنقل وقائع الاقبال على تقديم التبرعات والذي شارك فيه العديد من الوزراء والمسؤولين في الحكومة العراقية.

وفي مدينة الفلوجة (50 كلم غرب) ذات الغالبية السنية توجه الاهالي الى مساجد المدينة التي نادت بالاسراع في تقديم المساعدة لضحايا حادث جسر الائمة في بغداد وقام المئات بالتبرع بالدم فيما كانت سيارات مستشفى المدينة واخرى شخصية لمواطنين تنقل الدم مباشرة الى مدينة بغداد التي غصت مستشفياتها بالقتلى والجرحى.

وفي الكوت (175 كلم جنوب) افتتحت خمسة مراكز لجمع التبرعات في المدينة وحولها بعد اعلان مساجد المدينة وحسينياتها دعوتها للعراقيين بالوقوف جنب اخوانهم الجرحى ومساعدة العوائل العراقية المنكوبة.

وقال رعد بريح العزاوي (45 عاما) (سني) تبرع بمبلغ مليون دينار (ما يعادل 760 دولارا) "اريد مساعدة الجرحى والعوائل التي فقدت ابناءها وهذا ابسط ما يجمع الناس في الظروف الصعبة والنكبات التي تذكرنا ان علينا ان نتوحد ونتعاون".

من جانبها قالت نوال محمد علي (39 عاما) "كل ما نقدمه قليل مقارنة بالدم الذي سقط على الجسر وبارواح الضحايا الذين لا ننساهم".

وفي كربلاء (100 كلم جنوب) افتتح مركزان الاول عند مرقد الامامين الحسين والعباس والثاني في مكتب بريد المدينة بعد نداءات عبر مساجد المدينة ودعوات من وسائل الاعلام المحلية والتي رحب بها اهالي كربلاء المقدسة ليؤدوا دورهم بمساعدة ضحايا جسر الائمة الذين اعتبروهم شهداء على طريق الاسلام .

وفي الحلة (100 كلم جنوب) انطلق المئات من اهالي المدينة نحو مركز التبرع الذي افتتح في بناية بلدية المدينة ليلبوا نداء المساعدة الذي دعت اليه وسائل الاعلام ورجال الدين في المدينة.

وقال عدنان سعدالله (42 عاما) ويعمل مدرسا "هذا واجب على كل مسلم وعراقي بمساعدة ضحايا مسلمين كانوا يؤدن شعائر دينية بالاضافة لكونه مساعدة انسانية يجب ان نستمر عليها في كل الظروف الصعبة".

وفي البصرة (550 كلم جنوب) قام مكتب تلفزيون "العراقية" في المدينة بفتتح مركز تبرع في بناية محافظة البصرة وسط المدينة وتوجه اليه المئات من اهالي البصرة بعد الاعلان عن حاجة المرضى واهالي الضحايا لتقديم اي عون ممكن لهم .

وفي النجف (160 كلم جنوب) مقر المراجع الشيعية تم افتتاح عدة مقرات للتبرع اهمها كان في مبنى محافظة النجف وسط المدينة الذي يشرف على عمله كادر تلفزيون قناة العراقية ايضا.

يذكر ان اقليم كردستان اعلن استعداد مستشفياته لاستقبال ومعالجة الجرحى الذين اصيبوا في حادث جسر الائمة منذ اليوم الاول لوقوع الفاجعة.

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قد حمل الخميس الماضي "الارهاب" مسؤولية الكارثة.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 6 / ايلول/2005 - 1 / شعبان/1426