الفوضى تعم امريكا وذهول في العالم مع تعثرها في مواجهة كاترينا

 تابع العالم مذهولا القوة العظمى الوحيدة على كوكب الارض وهي تواجه صعوبات في التعامل مع عواقب الاعصار كاترينا وقال البعض ان الفوضى تكشف تصدعات وانقسامات عميقة في المجتمع الامريكي.

وعبر زعماء العالم والمواطنون العاديون عن التعاطف مع سكان جنوب الولايات المتحدة الذين عصف بهم الاعصار وما أعقبه من فيضان.

لكن كثيرين صدمتهم ايضا صور الفوضى التي نقلت في انحاء العالم.. فأعمال السلب تنتشر في الشوارع المليئة بالحطام وآلاف الناس تجمعوا في نيو اورليانز بانتظار السلطات لتقدم الطعام والماء وغيرهما من المساعدات.

وقالت صحيفة صن افضل الصحف البريطانية مبيعا في عنوان "فوضى في الولايات المتحدة."

وكان عنوان صحيفة هاندلسبلات الالمانية اليومية "نهاية العالم الان."

واعادت صور الكارثة التي قتلت المئات وربما الالوف الى الاذهان ذكريات ازمات في افقر دول العالم مثل موجات المد العام الماضي في اسيا التي خلفت ما اكثر من 230 الفا بين قتيل ومفقود.

لكن البعض يرى ان التحرك ازاء تلك الكوارث كان افضل من التسيب الذي اعقب الاعصار كاترينا.

وقال ساجيوا شيناتاكا (36 عاما) وهو يتابع مباراة كريكيت في كولومبو بسريلانكا "انا اشعر بالاشمئزاز تماما. بعد موجات المد اراد شعبنا حتى من فقدوا كل شيء مساعدة الآخرين الذين كانوا يعانون."

واضاف "لم يتعرض سائح واحد للسلب في المنطقة اثناء موجات المد. والآن وفي ظل كل هذا الذي يحدث في الولايات المتحدة يمكننا ان نرى بسهولة اين يقع الجزء المتحضر من العالم."

وابرزت كثير من الصحف الانتقادات للسلطات المحلية وعلى مستوى الولايات وللرئيس الامريكي جورج بوش. وقارن البعض بين الجهد الاخرق في عمليات الاغاثة والكميات الهائلة من الاموال والموارد التي توجه للحرب في العراق.

وقالت صحيفة ليبراسيون الفرنسية ذات الميول اليسارية "ان غرق مدينة حديثة في الماء والفوضى مشهد قاس فعلا لمدافع عن الامن مثل بوش."

واضافت ان زعيم شبكة القاعدة اسامة "بن لادن الذي يعيش مبتهجا بعيدا عن البلل في مخبئه لا بد انه يكاد يموت من الضحك."

وقالت موظفة في شركة عالمية في كوريا الجنوبية انها ربما ليست مصادفة ان لحق الضرر بالولايات المتحدة.

واضافت الموظفة التي رفضت نشر اسمها حيث ان لها مديرا امريكيا "ربما كان عقابا لما فعلته بالعراق."

وتابعت "كثير من الناس الذين اعمل معهم يفكرون بهذه الطريقة. تحدثنا عن هذا الامر في ذلك اليوم."

واشار معلقون الى ان الغالبية الساحقة من ضحايا الاعصار امريكيون سود منعهم الفقر من الفرار من المنطقة مع اقتراب الاعصار على عكس بعض من جيرانهم البيض.

وتحتل نيو اورليانز المركز الخامس في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالسكان الامريكيين السود وتبلغ نسبة السود بين سكان المدينة 67 في المئة.

وقال تقرير في صحيفة الجارديان البريطانية "يكتسب الامر بعدا عنصريا في واحدة من افقر ولايات البلاد حيث يكسب السود نصف ما يكسبه البيض."

وقال وزير خارجية لوكسمبورج جان اسلبورن في انتقاد مغلف للفكر السياسي الامريكي ان الكارثة اظهرت الحاجة الى دولة قوية يمكنها ان تساعد الفقراء.

واضاف للصحفيين اثناء اجتماع للاتحاد الاوروبي في نيوبورت في ويلز "انتم ترون في هذا المثال انكم حتى في القرن الحادي والعشرين تحتاجون الدولة.. دولة تعمل بشكل جيد واتمنى لهؤلاء الناس.. هؤلاء الناس الفقراء.. ان يفعل الامريكيون قصارى جهدهم."

وقال طبيب التخدير ديفيد فوردام (33 عاما) متحدثا في محطة لمترو الانفاق في لندن انه امضى وقتا في الولايات المتحدة ولم يفاجأ بأن البلاد وجدت صعوبة في التعامل مع الوضع.

واضاف "ربما فكروا ببساطة انه يمكنهم الجلوس في الهواء الطلق وسيكون كل شيء على ما يرام."

واستدرك قائلا "لكن الامر لا يصدق على اية حال.. صور التلفزيون.. ان قلبك يكون معهم."

وكانت عمليات الاجلاء في نيو اورلينز معقدة من جراء اعمال العنف التي تسببت بها عصابات مسلحة. وتزايدت الافادات عن حصول اعمال نهب في الشوارع واعتداءات او حتى عمليات سطو مسلح.

ولاعادة النظام هناك 22 الف عنصر من الحرس الوطني "في طريقهم" الى المناطق المنكوبة في لويزيانا كما اعلن الرئيس الاميركي جورج بوش.

واعلنت بلانكو الخميس ان كاترينا قد اوقع على ما يبدو "الاف القتلى" في لويزيانا مشيرة الى وجود ما يصل الى 300 الف شخص في انتظار اجلائهم في لويزيانا. ولم تؤكد السلطات الاميركية حتى الان سوى سقوط 125 قتيلا في مسيسيبي الولاية الاخرى في جنوب البلاد التي ضربها الاعصار.

وامام حجم هذه الكارثة التي ضربت حوالى 235 الف كلم مربع اي ما يعادل نصف مساحة فرنسا اعلن البيت الابيض اخيرا انه سيقبل عروض المساعدة الدولية التي صدرت من الخارج. وقبل ساعات من ذلك كان الرئيس بوش اعلن "سنقوم بذلك بانفسنا".

ويثير الوضع الصحي والامني لالاف المنكوبين الذين لجأوا الى الملعب المسقوف "سوبردوم" في نيو اورلينز ومركز مؤتمرات المدينة قلقا كبيرا. وقد وجه رئيس بلدية المدينة راي ناغين الخميس "نداء استغاثة عاجل" لمساعدة 15 الى عشرين الفا من المنكوبين الذين تجمعوا في مركز المؤتمرات حيث لم يعد الامن مضمونا وشحت المواد الغذائية.

وقالت المتطوعة ميليسا موراي (32 عاما) "الامر يشبه مشهد حرب" مضيفة "هنا في اميركا يفترض الا يكون لدينا مثل هذه المشاكل لايصال المساعدات".

وكلف الرئيس الاميركي والده الرئيس السابق جورج بوش وسلفه الديموقراطي بيل كلينتون تنسيق عمليات توزيع الهبات على ضحايا الاعصار كما فعلا سابقا ابان كارثة تسونامي في كانون الاول/ديسمبر في آسيا كما اعلن البيت الابيض.

ويشارك الاميركيون بشكل واسع هاتفيا او عبر الانترنت في المتاجر او قاعات تابعة لكنائس في مساعدة المنكوبين ما اتاح جمع حوالى 150 مليون دولار حتى الان حسب مصادر مختلفة.

وقد اضعف الاعصار كاترينا قدرات التكرير في الولايات المتحدة بنسبة العشر. وسيكون له اثر اطول على هذه البنى التحتية وانظمة التوزيع مما كان الوضع عليه خلال كوارث اخرى مشابهة كما افادت الوكالة الاميركية للانباء حول الطاقة.

ووجه الرئيس بوش دعوة للشعب الاميركي للاقتصاد في استخدام الطاقة بسبب "الاعطال الموقتة" التي لحقت بالقطاع النفطي مشيرا الى ان عمليات الاصلاح ستستغرق وقتا.

واعتبر بوش بعد لقاء مع رئيس الاحتياطي الاميركي الان غرينسبان الخميس ان الاعصار احدث اعطالا بشكل "موقت" في القطاع النفطي وان الحكومة والقطاع الخاص سيعملان على تسوية المشكلة.

ورفض الرئيس الاميركي ايضا الذي يقوم الجمعة بجولة على المناطق المنكوبة الانتقادات التي يواجهها حول ادارته للازمة وبطء عمليات الانقاذ.

وتولى والده الرئيس السابق جورج بوش ايضا الدفاع عنه قائلا "لا اريد البقاء بدون الدفاع عن الحكومة التي على حد رأيي اتخذت كل الاجراءات اللازمة". واضاف "نواجه مشاكل لا يمكن لاحد ان يتوقعها".

وجلس الالاف بلا حيلة في الشوارع على الارصفة قرب مركز المؤتمرات بالمدينة انتظارا للمساعدة التي لم تأت بعد.

ومشى اخرون مجهدون عبر شوارع تغمرها المياه ويتناثر فيها الحطام في طريقهم الى استاد كرة القدم سوبردوم حيث يأملون في نقلهم الى اماكن آمنة.

ويسير هؤلاء بخطى مترددة وسط الجثث التي ترقد متعفنة ولم يمسسها احد بعد خمسة ايام من اجتياح اعصار كاترينا المدمر لساحل الخليج الامريكي مما اسفر عن مقتل اعداد يقول مسؤولون انها قد تصل الى الالاف.

وتوجه الرئيس بوش لتفقد المنطقة يوم الجمعة وسط انتقاد متزايد يتهم إدارته بعدم الاستعداد للكارثة والبطء في رد الفعل.

وقبل مغادرته واشنطن الى لويزيانا ومسيسبي والاباما قال بوش للصحفيين ان المساعدات تتزايد لكنه اعترف بأن الامور لا تسير على ما يرام.

واضاف "النتائج غير مقبولة. انا متوجه الى هناك الان. اتطلع للتحدث الى اناس (متضررين) في اماكنهم."

وانتقد راي ناجين رئيس بلدية نيو اورليانز الحكومة الاتحادية مع تفاقم المشاعر وقال في مقابلة إذاعية إنه "محبط" بسبب نقص المساعدة للمدينة التاريخية.

واضاف "احتاج الى تعزيزات. احتاج الى قوات أيها الناس. احتاج الى 500 حافلة أيها الناس." وقال "والان تحركوا وأصلحوا هذا الوضع. لنفعل شيئا ونعالج أضخم كارثة في تاريخ هذا البلد."

وتابع "رخصنا بذهاب ثمانية مليارات دولار الى العراق بسرعة هائلة. بعد 11 سبتمبر منحنا الرئيس سلطات غير مرخص بها بسرعة هائلة لمساعدة نيويورك وغيرها من الاماكن." وتابع "هل تقصدون ان تقولوا لي أن مكانا يأتي منه أغلب نفطكم.. إننا لا نستطيع تدبير وسيلة للترخيص بالموارد التي نحتاجها."

وفي وقت سابق قالت كاثلين بلانكو حاكمة ولاية لويزيانا انها "ساخطة تماما" بسبب الفوضى في نيو اورليانز واكدت ان القوات لديها اوامر باطلاق النار للقتل اذا استدعى الامر لاستعادة القانون.

وقالت "هذه القوات اختبرت في المعارك. لديهم بنادق ام 16 معبأة بالذخيرة."

واضافت "هؤلاء الجنود يعرفون كيف يطلقون النار ويقتلون واتوقع ان يفعلوا ذلك."

لكن ناجين تساءل عن سبب ان تلك القوات لم تأت في وقت اسرع.

وقال "ظللت اسمع انها (القوات) قادمة.. انها قادمة... اين القوة.. لا توجد قوة (للسلطة) في هذه المدينة."

واضاف "الناس يموتون. فقد الناس منازلهم.. فقد الناس وظائفهم. لن تكون مدينة نيو اورليانز مطلقا كما كانت."

واجبر الاعصار كاترينا مئات الالوف من الناس على ترك منازلهم واغلق مصافي تكرير على امتداد ساحل الخليج ورفع اسعار البنزين الى مستويات قياسية جديدة تزيد بكثير على ثلاثة دولارات للجالون في اغلب انحاء البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 4/ ايلول/2005 - 28 / رجب/1426