
منذ بداية دورة الحياة وظهور الانسان ومنذ خلق الله العالم بكل
مكوناته وتنوعاته حدثت امور شتى بعضها بات معروفا وبات بمثابة اليقين
فيما البعض الآخر لا يزال بانتظار وجود التفسير الواضح او قيد
الاستكشاف وبانتظار التأكيد عليه.
وعلى مر العصور تم الكشف عن ظواهر عدة شهدها التاريخ في وقت بقيت
ظواهر اخرى من دون اي تفسير بينما واصل المؤرخون الاعراب عن شكوكهم بأن
هناك امور حصلت في العصور السابقة من دون ان يعلم احد بها فبقيت مجهولة
وقد تستمر كذلك حتى اشعار آخر.
لكن من الثابت ان العالم كما نعرفه اليوم شهد عبر الازمنة تغييرات
عدة وخصوصا في ما يتعلق بمعالمه وجغرافيته بالاضافة الى التقاليد
والعادات والتقنيات والاكتشافات وغيرها من المسائل التي شغلت ولا تزال
تشغل تفكير الناس في عالمنا الحاضر.
قد تبدو مقدمة الموضوع وكأنها درس في الجغرافيا او في التاريخ الا
ان القصد منها الوصول الى ما هو بحكم اليقين في ايامنا هذه ويتمثل في
ان الكون بشكل عام والكرة الارضية بشكل خاص شهدا تغييرا كبيرا كان له
تأثير مباشر او غير مباشر على كل ما جرى بعده.
من الظواهر المهمة التي برزت وساهمت احيانا في تغيير شكل العالم
واداء الشعوب عبر العصور ظاهرة الكوارث الطبيعية التي يسميها البعض "غضب
الطبيعة" وبعضهم الآخر "غضب السماء" لكن مهما كانت التسميات التي تم
اطلاقها يبقى ان هذا "الغضب" هائل وهو يعيدنا دائما الى الخالق البار
لنتلمس رحمته ونطلب رضاه في اوقات الشدة ويا ليت الجميع يتذكرون وجود
الله وقدرته ومكانته في كل الاوقات لكان العالم اليوم بألف خير.
الظواهر الطبيعية على انواع وكأن هذه الانواع موزعة جغرافيا على
مناطق العالم فنرى ان كلا من هذه المناطق متخصص بنوع من الكوارث او
بظاهرة طبيعية فيما يبدو ان حظ مناطق اخرى سيء جدا حيث انها عرضة لكل
انواع الكوارث وتاريخها حافل بالمآسي.
ولكن هل ان المآسي والكوارث تأتي دائما من "غضب الطبيعة" او من "غضب
السماء" ام ان الكثير منها يتسببه خطأ او اهمال او حتى عمل مقصود
يرتكبه انسان او اناس - الجواب عن هذا السؤال يقودنا الى اطلاق تعريفين
للكوارث الاول هو تعريف الظواهر الطبيعية والتي تشمل الزلازل والهزات
الارضية والفيضانات وثورات البراكين والاعاصير وموجات الحر والجفاف
وغيرها من دون ان ننسى الظاهرة الابرز في الفترة الاخيرة وهي موجات
المد البحري (تسونامي).
بالمقابل يتمثل التعريف الثاني بالكوارث الانسانية اي التي تنتج عن
خطأ انساني او بمشاركة انسانية وابرزها حوادث الطائرات والسفن
والقطارات والحوادث النووية والتسربات النفطية واحداث الشغب بالاضافة
الى ما بات شائعا في زمننا هذا "الاعمال الارهابية".
ملايين وربما مليارات من شعوب العالم ومن الخسائر المادية والمعنوية
وعلى مر العصور لقوا حتفهم او اصيبوا من جراء هذه الكوارث التي ينحو
المرء بشكل عام الى نسيانها وتجاوز مصائبها ولكنه مهما فعل يجد انه لا
يمكن ان يزيلها من ذاكرته ولا سيما لدى حصول الكارثة التالية فيعود
بذاكرته الى سابقاتها ويتمنى لو انه تمكن من تفاديها وعدم التعرض لها.
وهنا بيت القصيد في موضوعنا هذا حيث ان كل ما يهمنا ليس التذكير
بالكوارث الطبيعية والانسانية ولكن الاطلاع على ما تم ويتم فعله للقضاء
عليها والغاء وجودها او على الاقل الحد من خسائرها وهنا كان التغيير
البشري الاهم.
يقول المثل المعروف "الحاجة ام الاختراع" وهو يتطابق مع موضوعنا اذ
ان الكوارث والمآسي حدت بالعالم الى استكشاف ما يمكن ان يفعله لتفاديها
او الحد من خسائرها وفي كل يوم نسمع من مختلف انحاء المعمورة ان هناك
اجتماعات وبحوثا ولقاءات ودراسات ومؤتمرات واحيانا مطالبات باتخاذ
خطوات حول موضوع يزهق ارواح الناس ويلحق خسائر كبيرة فما الذي يقوم به
العالم وهل سينجح بذلك.
قبل الاطلاع على المعالجات سنقسم موضوعنا الى جزءين الاول يتناول
عودة بالذاكرة الى اهم الكوارث الطبيعية ومن ثم القاء نظرة على
المعالجات والمحاولات بشأنها فيما يتطرق الجزء الثاني الى الحوادث
وكوارثها مع القاء نظرة وجيزة على الاعتداءات الارهابية.
- تتصدر الهزات والزلازل الارضية لائحة الكوارث الطبيعية ان من حيث
كثرتها او من حيث عدد ضحاياها وحجم خسائرها.
وبالعودة الى التاريخ فان اول هزة ارضية مسجلة هي تلك التي ضربت في
العام 856 مدينة (دامغان) الايرانية واوقعت نحو 200 الف قتيل علما ان
هزات اخرى سبقتها لكن من دون ان يدونها تاريخنا الحديث.
وبالرغم من ان كارثة (دامغان) اوقعت هذا العدد الكبير من الضحايا
الا انها لم تكن الاكبر اذ ان بعض الزلازل المسجلة فاق عدد ضحاياها هذا
الرقم وابرزها على الاطلاق هزتان ارضيتان وقعتا في الصين الاولى ضربت
اقليم (شانكسي - شينسي) في 23 يناير من العام 1556 وادت الى سقوط نحو
830 الف قتيل وهي اسوأ هزة ارضية في التاريخ فيما ضربت الثانية مدينة
(تانغ شان) الصينية في 28 يوليو من العام 1976 وادت الى سقوط نحو 655
الف قتيل بالرغم من ان المحصلة الرسمية اشارت الى 242 الفا فقط.
وتوالت الزلازل في السابق ومن ابرزها زلزال مدينة (حلب) السورية في
العام 1138 الذي اوقع نحو 230 الف قتيل وزلزال (اردبيل) الايراني في
العام 893 واوقع 150 الف قتيل.
ومن حيث تغيير المعالم التاريخية تبرز الهزات المتواصلة التي بدأت
في 16 ديسمبر من العام 1811 بضرب وادي (الميسيسيبي) في الولايات
المتحدة وادت الى عكس مسار النهر الذي يحمل الاسم نفسه وتواصلت حتى
العام 1812 ووصلت حدتها الى 6ر8 درجات على مقياس ريختر.
واذا اردنا تعداد الزلازل والهزات فاللائحة تطول ولكن تجدر الاشارة
الى ان مناطق الصين وتركيا وايران ودول امريكا الوسطى كانت الاكثر عرضة
تاريخيا لابرزها فيما لم تشهد القارتان الاوروبية والافريقية الكثير
منها.
ثورات البراكين ادت من جهتها الى حصول مآس كثيرة وكان منها ثورة
بركان ايسلندا في الثامن من يونيو عام 1783 التي اوقعت 9350 قتيلا وفي
جزيرة كيوشو اليابانية في 21 مايو عام 1792 التي ادت الى مصرع 14300
شخص وفي كولومبيا في 14 نوفمبر من العام 1985 التي وصل عدد ضحاياها الى
25 الفا.
لكن ابرز ثورة بركانية وقعت في (سومباوا) الاندونيسية في الفترة من
الخامس حتى 11 ابريل من العام 1815 واوقعت نحو 92 الف قتيل منهم 10
الاف بشكل مباشر و82 الفا اخرين بسبب المجاعة والامراض - وللفيضانات
وموجات المد البحري حصتها من الكوارث حيث تعاني من غالبيتها منطقة جنوب
اسيا بالرغم من ان التاريخ سجل اولها في هولندا في العام 1228 حيث سقط
نحو 100 الف قتيل بعدما فاضت مياه البحر.
واذا كان التاريخ القريب جدا يذكرنا بموجات المد البحري (تسونامي)
التي ضربت عددا من بلدان وجزر تقع على المحيط الهندي في 26 ديسمبر من
العام الماضي واوقعت وفق اخر حصيلة نحو 300 الف قتيل وادت الى تغيير
معالم الارض وتحركها فان تاريخ الكوارث المائية حافل بالارقام الكبيرة
واقدمها في الصين في العام 1642 عندما دمر الفيضان جدار (كايفانغ)
واغرق 300 الف شخص.
لكن اسوأ فيضان في التاريخ وهو بالتأكيد اسوأ كارثة من حيث عدد
الضحايا حصل في الصين ايضا وايضا وذلك في الفترة المتواصلة من يوليو
وحتى اغسطس من عام 1931 حيث ادى تدفق نهر (يانغتسي) الى وفاة 7ر3
ملايين شخص بسبب الغرق والمجاعة والامراض.
وقد اجتاحت الفيضانات عددا من الدول في الماضي ومنها فيضان خليج
البنغال في باكستان في 13 نوفمبر من العام 1970 حيث اودى بحياة 200 الف
شخص وفي (هانوي) شمالي فييتنام في اغسطس 1971 وذهب ضحيته 100 الف قتيل
ونهر (يانغتسي) الصيني مجددا في الخامس من اغسطس 1975 حين حطم 63 سدا
واجتاح 80 الف مواطن وكان آخرها في الصين ايضا منذ يونيو من هذا العام
حيث ضربت الفياضانات 22 اقليما واودت بحياة الآلاف من المواطنين فيها.
يبقى ان الرياح ربما تملكتها الغيرة وارادت ايضا حصد الضحايا فكانت
الاعاصير التي تأتي موسميا في احيان عدة وتطال مناطق بات سكانها ينظمون
حياتهم وفق هذه الاعاصير ويتحضرون لها في مواسمها.
وابرز المناطق التي طالتها الاعاصير ولا زالت دول وجزر المحيط
الهندي والولايات المتحدة وجنوبي شرق آسيا واستراليا وهي حصدت القتلى
منذ اعصار (كالكوتا) الهندية في الخامس من اكتوبر عام 1864 الذي اوقع
70 الف قتيل وصولا الى الاعصارات الاربعة (شارلي وفرانسيس وايفان
وجاين) التي ضربت مناطق فلوريدا والاباما وجنوب الولايات المتحدة بين
13 اغسطس و26 سبتمبر من العام 2004 وادت الى مقتل 114 شخصا ومرورا
بعاصفة القرن التي هزت 22 ولاية امريكية في 25 نوفمبر 1950 واوقعت 383
قتيلا واعصار جنوبي شرق بنغلاديش الذي حصد 131 الف قتيل في 30 ابريل
عام 1991 واعصار باربادوس العظيم في 10 اكتوبر عام 1780 الذي اوقع نحو
22 الف قتيل - وتظهر اضرار هذه الاعصارات التي تصل سرعتها احيانا الى
اكثر من 200 كيلومتر بالساعة في الناحية المادية اكثر منها في الناحية
البشرية وهي تؤدي الى وقوع خسائر فادحة في الممتلكات والى تهجير اعداد
كبيرة من الناس الذين يبدو انهم تآلفوا معها ومنحوها اسماء ابرزها
(اندرو) و(هوغو) و(اوبال).
وكما ان المياه تتسبب بتدفقها بوقوع ضحايا فان الجفاف والحر لهما
نصيبهما ايضا في هذا الاطار حيث شهد العالم موجات قاسية كان ابرزها في
العام 1955 عندما تعرضت مدينة لوس انجلس الامريكية لثمانية ايام من
الحر الشديد ادت الى مصرع 946 شخصا ومدينة نيويورك ل14 يوما قتلت 891
شخصا.
كذلك تعرضت مدن كثيرة غير مهيأة للحر والجفاف الى مصائب وخسائر عدة
وابرزها في صيف سنة 1980 عندما قتل نحو 10 الاف امريكي في اسوأ واطول
موجة من الحر والجفاف ضربت وسط وشرقي البلاد بينما بلغ حجم خسائر بعض
دول امريكا الشمالية ومنها الولايات المتحدة ما بين 25 و33 مليار دولار
في موجة الجفاف الكبيرة التي استمرت على مدى العامين 1982 و1983 .
بدورها شهدت اوروبا اسوأ موجة حر في 150 عاما في العام 2003 حيث ادت
الحرارة القياسية في لندن وباريس ولشبونة وغيرها الى اشعال حرائق في
الغابات وفساد محاصيل زراعية بالاضافة الى وفاة نحو 14 الف شخص في
فرنسا فقط خلال صيف العام المذكور.
ازاء كل ما ذكر آنفا انكب العالم من باحثين ومسؤولين على الخروج
بأفضل الطرق للتعرف على كيفية مواجهة هذه الظواهر وبرز الاهتمام الاكبر
فيما يسمى "الانذار المبكر" الذي يهدف الى ملاحظة حدوث اي كارثة قبل
وقوعها لاتخاذ الاجراءات المناسبة من اجل تفادي الخسائر الناجمة عنها
او على الاقل الحد منها.
وفي هذا السياق لا بد من الاشادة بما حققته اليابان التي تتعرض
لزلازل عدة في كل عام وهي قد توصلت الى تقنية من البناء ومن التدابير
الوقائية اوصلتها الى التكيف مع درجات عالية من الهزات الارضية بشكل
يسمح لها بتخطي عدد منها من دون اي اضرار او على الاقل بأضرار لا تذكر
نسبة لما كان يمكن ان يحصل.
كذلك تكثفت الانشطة الخاصة بهذه المسألة منذ ما بعد كارثة تسونامي
في العام الماضي حيث تحرك العالم بأسره ولم يقتصر تحركه هذه المرة على
اعمال الاغاثة والمساعدات بل تخطاها الى سبل الوقاية ومن ابرز الانشطة
في الفترة الاخيرة ما ناقشته قمة مجموعة (اسيان) الاخيرة التي عقدت في
اندونيسيا في شهر يونيو الماضي حول اقامة نظام دولي للانذار المبكر
لرصد المد البحري وتأييد الدول الاعضاء لهذا الاجراء وتوقيع معاهدة
(تامبري) الدولية في جنيف في السابع من يناير الماضي والتي تسمح
باستخدام معدات خاصة للاتصالات الهاتفية في الدول الموقعة عليها تكون
مكرسة لاعمال الانقاذ في حالات الكوارث والاجتماع الدولي لمجموعة انظمة
الانذار من كوارث تسونامي الذي استضافته استراليا في الرابع من الشهر
الحالي واللقاء الذي عقد في باريس منذ شهرين بدعوة من ادارة
الاستراتيجية الدولية التابعة للامم المتحدة لاقرار استخدام نظام
الانذار المبكر في المحيط الهندي ابتداء من شهر يونيو من العام المقبل.
كذلك كثرت الدعوات لاتخاذ خطوات عملية ومنها دعوة سكرتير عام الامم
المتحدة كوفي عنان في 18 يناير الماضي المجتمع الدولي لان يشمل بدعمه
كل الكوارث وكيفية التصدي لها والاقتراح الذي تقدمت به النمسا في اول
العام الحالي بتشكيل قوة اوروبية للتدخل السريع اثناء الكوارث واعلان
وزارة الخارجية الالمانية عن تنظيم مؤتمر دولي في شهر مارس من العام
2006 بالتعاون مع الامم المتحدة.
على الصعيد العربي وبالرغم من ان منطقتنا العربية غير معرضة بشكل
كبير للكوارث الا انها تعاني من مشاكل بيولوجية وجغرافية قاسية ومنها
ظاهرة التصحر التي عقدت ورشة عمل لمعالجتها في دمشق في 31 يوليو الماضي
بمشاركة تسع دول عربية وبتنظيم من المركز العربي للمناطق الجافة
والاراضي القاحلة (اكساد).
كذلك استضافت مدينة شرم الشيخ في الاسبوع الثاني من شهر مارس الماضي
مؤتمرا حول حماية البيئة ومخاطر الكوارث التي تتعرض لها المناطق
السياحية وكيفية تجنبها شاركت في تنظيمه وزارة السياحة المصرية الى
جانب المنظمة الدولية للتنمية العمرانية (انتا) والمعهد العربي لانماء
المدن.
وفي الكويت اعلنت الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية في
26 يونيو الماضي انها بدأت بتطبيق الانذار المبكر لحماية المحاصيل
الزراعية من اضرار الآفات الزراعية والصقيع وتقلبات الاحوال المناخية -
وفي نهاية هذه الفقرة لا بد من الاشارة الى بعض الاحصائيات والدراسات
الدولية حيث اكد مركز ابحاث اوبئة الكوارث في 17 فبراير الماضي ان 320
الف شخص لقوا حتفهم عام 2004 بسبب 366 كارثة طبيعية في كافة انحاء
العالم وان عدد المتأثرين بها بلغ 254 مليون شخص فيما اكدت شركة
(ميونيخ روك) الالمانية المتخصصة بعمليات اعادة التأمين ان اضرار
الكوارث الطبيعية في العام الماضي بلغت اعلى رقم قياسي لها منذ سنوات
حيث تجاوزت 50 مليار دولار ومن دون احتساب خسائر كارثة تسونامي التي
وقعت في آخر اسبوع من العام المذكور.
والآن ماذا عن الكوارث الانسانية التي تتداخل فيها العوامل الطبيعية
احيانا ولكنها تبقى مسؤولية الانسان وابرزها حوادث الطائرات التي لا
تبدو حكرا على دول دون اخرى بل ان الكل معرض لها.
وفي هذا الاطار سجلت اول حادثة بتاريخ 24 اغسطس من عام 1921 حيث
كانت طائرة بريطانية في رحلة تجريبية فتحطمت وقتل 62 شخصا كانوا على
متنها.
ومنذ ذلك الوقت توالت كوارث تحطم الطائرات والتي كان آخرها الطائرة
كولومبية التي تحطمت يوم امس الثلاثاء بمنطقة نائية غرب فنزويلا وعلى
متنها 160 راكبا معظمهم من الفرنسيين وقبلها بيومين الطائرة القبرصية
التي سقطت فوق جبال اليونان وعلى متنها 115 راكبا وستة من افراد
الطاقم.
لكن اكبر عدد من الضحايا في حادث تحطم طائرة وقع في 27 مارس عام
1977 عندما اصطدمت طائرتان هولندية وامريكية ببعضهما على مدرج مطار جزر
الكناري الاسبانية ما ادى الى مقتل جميع ركاب الطائرة الاولى وعددهم
249 و333 من بين 394 كانوا على متن الثانية اي ما مجموعه 582 قتيلا.
ومن ابرز حوادث الطائرات واشهرها طائرة تركية سقطت في فرنسا في
الثالث من مارس 1974 وعلى متنها 346 راكبا وطائرة امريكية سقطت فوق
شيكاغو في 25 مايو 1979 وادت الى مقتل 242 شخصا كانوا على متنها وثلاثة
كانوا على الارض وطائرة يابانية في 12 اغسطس 1985 وقتل على متنها 520
من بين 524 راكبا وبالطبع الطائرة الامريكية التي سقطت فوق منطقة
لوكربي السكوتلندية في 21 ديسمبر عام 1988 ما ادى الى مقتل 259 راكبا
و11 على الارض واتضح في ما بعد ان اسقاطها كان عملية ارهابية - وتطول
القائمة ومن بينها حصة للمنطقة العربية بدأت بعلاقة غير مباشرة حيث
سقطت في 22 يناير من عام 1973 طائرة نيجيرية على متنها 171 من الحجاج
كانوا عائدين من مكة المكرمة بعد ادائهم فريضة الحج فيما تحطمت طائرة
باكستانية لدى اقلاعها من مطار مدينة جدة السعودي في 26 نوفمبر عام
1979 على متنها 156 عائدين من مدينة مكة ايضا والطائرة السعودية التي
حطت بسلام وهي تحترق في مطار الرياض في 19 اغسطس 1980 لكن ركابها
وعددهم 301 لم يتمكنوا من الخروج فقتلوا اختناقا والطائرة الكندية التي
كانت قد اقلعت في 11 يوليو عام 1991 من مطار جدة في السعودية حاملة
حجاجا عائدين الى نيجيريا فسقطت وتحطمت موقعة 261 قتيلا.
كذلك شهدت السعودية تحطم طائرة تابعة لها في مدينة نيودلهي الهندية
بعد وقت قليل من اقلاعها حيث اصطدمت بطائرة كازاكية كانت تقترب من مطار
نيودلهي وذلك في 12 نوفمبر من عام 1996 ما ادى الى مقتل 349 شخصا من
ركاب وافراد طاقم.
واخيرا قتل 116 سودانيا في الثامن من يوليو عام 2003 بعد تحطم
طائرتهم فور اقلاعها من مطار السودان فيما في 25 ديسمبر من العام نفسه
قتل 140 شخصا معظمهم من اللبنانيين في طائرة تابعة لشركة افريقية كانت
قد اقلعت من مطار كوتونو في بنين متوجهة بهم الى مطار بيروت.
ومن الطائرات الى السفن والتي تعود حوادثها بطبيعة الحال الى فترة
زمنية ابعد وتحديدا في العام 1833 حيث غرقت السفينة الانكليزية (سيدة
البحيرة) في 11 مايو من تلك السنة لدى ابحارها باتجاه كندا وعلى متنها
215 راكبا.
ولكن الحدث الاشهر في تاريخ السفن المدنية هو بالتأكيد حادث
(تايتانيك) في 15 ابريل من عام 1912 وهو الحادث الذي صدم العالم بأسره
اذ ان السفينة كانت قد بنيت على اساس انها لا يمكن ان تغرق الا ان
اصطدامها بالجبل الجليدي اطاح باسطورتها وبنحو 1500 شخص كانوا على
متنها.
وقد شهدت سفينة تحمل لاجئين المان سقوط اكبر عدد من الضحايا في حادث
وحيد في مياه البحر حيث تعرضت السفينة في 30 يناير من عام 1945 لقذيفة
اطلقتها غواصة سوفياتية ما ادى الى غرقها في بحر البلطيق ومقتل 10 الاف
شخص ونجاة 900 آخرين. . . وفيما كان شائعا غرق السفن في القرون الوسطى
والنصف الاول من القرن ال20 باتت هذه الاحداث غير اعتيادية منذ النصف
الثاني من القرن نفسه ولم تكن الحوادث على جانب كبير من الاهمية سوى
حادثين سجلا في السنوات الاخيرة وهما اصطدام سفينة سياحية بناقلة نفط
جنوب ساحل الفيليبين في 20 ديسمبر عام 1987 مما ادى الى مقتل نحو اربعة
الاف شخص كانوا على متنهما وغرق باخرة مصرية في 15 ديسمبر 1991 مما ادى
الى مقتل اكثر من 460 شخصا.
ويبقى الحادث الاخير في 26 سبتمبر عام 2002 عندما تحطم مركب سنغالي
على سواحل غامبيا مما ادى الى مقتل 1863 شخصا ونجاة 64 فقط.
وللقطارات حصتها في الحوادث ومعظمها نتج عن اصطدامات على السكك وكان
ابرزها في 14 مارس 1926 حيث انحرف قطار يحمل عددا فائضا من الركاب عن
مساره في كوستاريكا ما ادى الى مقتل اكثر من 300 راكب.
وفي الثاني من مارس 1944 اختنق 521 راكبا كانوا على متن قطار في
منطقة ساليرمو الايطالية لدى تعطله واحتجازه داخل احد الانفاق.
وفي الهند التي تكثر فيها حوادث القطارات قتل 268 شخصا في منطقة
(مانسي) في سقوط قطار من فوق جسر كان يجتازه بعد محاولته تجنب دهس احدى
الابقار وكان ذلك في السادس من يونيو عام 1981.
وفي 18 فبراير عام 2004 انفجر قطار محمل بمواد نفطية وكيماوية في
منطقة (نيشابور) الايرانية ما ادى الى مقتل 320 شخصا وتدمير خمس قرى
بالكامل.
ومن الحوادث الاخرى حوادث تسرب النفط وحوادث المنشآت النووية وفي
هذا الاطار نذكر اسوأ كارثة نووية على الاطلاق وهي كارثة انفجار مفاعل
(تشرنوبيل) الاوكراني في 26 ابريل 1986 الذي ادى الى حال من التلوث في
منطقة واسعة شملت مناطق الاتحاد السوفياتي واوروبا الشرقية والدول
السكندنافية وفي وقت لاحق مناطق في اوروبا الغربية كما تسبب بامراض عدة
علما انه ادى فورا الى مقتل 31 شخصا فقط.
والحرائق والانفجارات المختلفة اوقعت ايضا خسائر كبيرة في الارواح
والممتلكات وابرزها حريق نيويورك في 16 ديسمبر من عام 1835 الذي قضى
على 530 مبنى وحريق شيكاغو الاشهر في التاريخ في الثامن من اكتوبر 1871
الذي اجهز بالكامل على 17450 مبنى وقتل 250 شخصا واوقع خسائر قدرت بنحو
196 مليون دولار - وفي العاصمة النمساوية فيينا قتل 620 شخصا في حريق
اندلع في احد المسارح الكبيرة وكان ذلك في الثامن من ديسمبر عام 1881.
وقد بدأ القرن الماضي بشكل سيء حيث ادى انفجار في منجم للفحم في
فرنسا في 10 مارس من عام 1906 الى مقتل 1060 شخصا.
وفي السادس من ديسمبر عام 1917 وقع انفجار رهيب في مرفأ هاليفاكس في
منطقة نوفا سكوتيا الكندية بعد ان وقع اصطدام بين باخرة بلجيكية وسفينة
كندية تحمل 2500 طنا من المتفجرات ما ادى الى تدمير المرفأ ومقتل 1600
شخص.
وبين العامين 2000 و2004 وقعت ثمانية انفجارات تسببت بحرائق كبيرة
في مناطق عدة في النمسا والصين ونيجيريا وكوريا الجنوبية والهند
وباراغواي ادت الى احداث اضرار كبيرة وسقوط الاف القتلى.
وفي الفضاء وقعت خمسة حوادث في اطار توجه الانسان الى بقية الكواكب
وكان اولها عام 1967 لكن ابرزها يبقى حادثا المكوكين (تشالنجر)
و(كولومبيا) الامريكيين الاول وقع في 28 يناير 1986 عندما انفجر
(تشالنجر) بعد 73 ثانية من اقلاعه فقتل رواده السبعة والثاني في الاول
من فبراير 2003 عندما انفجر (كولومبيا) لدى دخوله الغلاف الجوي لكوكب
الارض فقتل ايضا رواده السبعة.
واحيانا تأتي الكوارث في اماكن واوقات غير متوقعة ومنها الملاعب
والساحات الرياضية وكان اولها في 11 يونيو 1955 في فرنسا حيث انحرفت
احدى سيارات سباق (لومان) الشهير وطارت باتجاه مدرجات المتفرجين فقتلت
82 شخصا.
وغالبية الحوادث تقع في سباقات السرعة حيث يحتشد المتفرجون في اماكن
خطرة ويتعرضوا لانحراف احدى السيارات ولكنها ايضا تحدث في ملاعب كرة
القدم وبعضها يعود الى شغب بين جمهورين مختلفين وابرز حادث في هذا
الاطار كارثة ملعب (هيسيل) في بلجيكا حيث التقى في 29 مايو من عام 1985
فريقا ليفربول الانكليزي وجوفنتوس الايطالي في نهائي كأس الابطال
الاوروبي وحصل اشتباك بين مشجعي الفريقين قبل اللقاء ادى الى مقتل 39
شخصا 35 منهم ايطاليون والى انهيار احد جدران المدرجات.
كذلك اشتهر ملعب (شيفيلد) في انكلترا بالحادث الذي ادى في 15 ابريل
1989 الى مقتل 96 شخصا في مباراة نصف نهائي الكأس بين ليفربول
ونوتنغهام فوريست بعدما تدافع عدد اكبر مما يستوعبه الملعب لحضور
اللقاء فسحقوا من كان في الامام بعد ان احتجزوهم بينهم وبين المشبك
الفاصل كذلك شهد ملعبان تدافعا للمتفرجين وللسبب عينه وهو تسجيل فريقهم
لهدف متاخر جعلهم يعودون بسرعة فرحين فيما كانوا في طريقهم للخروج
ليدهسوا من كان خارجا بعدهم وهذه الحادثة حصلت في كل من العاصمة
السكوتلندية غلاسكو في الثاني من يناير عام 1971حيث قتل 66 شخصا
والعاصمة الروسية موسكو في 20 اكتوبر عام 1982 حيث قتل 340 شخصا.
واذا كانت عوامل غير قابلة للسيطرة تؤدي الى الكوارث الطبيعية
واخطاء اخرى بشرية او تقنية تتسبب بكوارث متعددة فعلى من يقع الخطأ في
الاعتداءات الارهابية التي باتت سبل مواجهتها الشغل الشاغل للمسؤولين
في كل انحاء العالم حيث انه يبدو ان لا احد بمنأى عنها تجمع الاحصائيات
على ان حجم هذه العمليات وتقنياتها تطورت كثيرا وباتت اكثر شمولية وهي
تحصد العديد من الضحايا التي تبقى اقل مما تحصده الكوارث الاخرى ولكنها
تعتبر كارثة اخلاقية تتبع مزاجيات من يرتكبها.
وفي احصائية شملت فترة زمنية على 22 سنة من العام 1981 الى العام
2002 اتضح ان هناك تراجعا في عدد العمليات الارهابية التي وصل عددها في
العام 1981 الى 489 عملية فيما سجل العام 2002 تراجعا ملحوظا ووصل الى
199 عملية فقط في جميع انحاء العالم.
ولكن هذا لا يعني ان الظاهرة في تراجع وبالتالي لا يعنب ان حكومات
العالم وجدت الحلول الناجعة خصوصا وانها تتغير بين سنة واخرى حيث ان
العام 2001 سجل 355 عملية والعام 2000 سجل 426 اعتداء بزيادة واضحة عن
العام 1999 (395 عملية) والعام 1998 (274 عملية) بينما كان العام
الاكثر دموية عام 1987 الذي شهد 665 اعتداء ارهابيا. آلاف وملايين
ومليارات هي الارقام التي قرأناها في هذا التقرير ان من حيث عدد
الضحايا او الخسائر المادية او الاضرار المختلفة او حتى اعداد
المتضررين ولكن الى متى سنستمر في تعداد مآسينا والتي قد تطال الجميع
اذا لم نعمل على ايجاد سبل للوقاية والحذر والانتباه وعدم الاهمال
والرأفة بحياة الناس ان لم يكن من اجلهم فليكن خوفا من الله القدير.
المصدر: كونا |