العنف الجزائري هل يمكن ان يتوقف بالعفو؟

اثار عرض الرئيس الجزائري بالعفو الجزئي عن المتمردين الاسلاميين ردود فعل متباينة لدى المحللين المحليين ومعلقي الصحف يوم الاثنين ولكن غالبيتهم قالوا انه من غير المرجح ان ينهي العنف الذي ابتليت به البلاد.

وقال محمود بلحمير استاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر انه لايعتقد ان ذلك سيضع نهاية للعنف لان اولئك الذين يقتلون لا تشملهم الخطة.

وقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي اعلن العفو يوم الاحد ان الاجراءات القضائية سيتم ابطالها بحق المتشددين الاسلاميين الذين سلموا انفسهم للسلطات كما ستلغى بحق بعض الاشخاص المطلوبين في الداخل والخارج.

أما المتشددين المتورطين في "المجازر والتفجيرات بالاماكن العمومية" فسيتم استبعادهم من العفو.

وكان من المتوقع ان يعلن بوتفليقة عن خطة للعفو الشامل عن كل المتمردين. لكنه قلص الخطة عندما اشادت الجماعة السلفية للدعوة والقتال المحظورة بالقاعدة في العراق لقتلها دبلوماسيين جزائريين في الشهر الماضي.

وانتقد بعض المحللين الخطة لانها لم تحدد كيف ستتعامل السلطات مع المتمردين الذين لا زالوا يقاتلون واتهموا بوتفليقة بتقديم تنازلات للجماعات المسلحة على الرغم من تعهده بمواصلة قتالها.

وقالت صحيفة ليبرتيه في افتتاحية لها "بالنسبة لاولئك الذين تعرضوا للمعاناة تعد مبادرة بوتفليقة مثل تخل عن المسؤولية وبالنسبة للاسلاميين والمتعاطفين معهم فهذه العودة الموعودة هي انتصار."

واضافت "من الواضح ان الجزائر ستكون مطالبة يوما او اخر بدفن هذا الماضي المؤلم ولكن حقيقي ايضا انها لن تفعل ذلك باي ثمن."

واوضح بوتفليقة انه لايمكن ان يذهب الى ابعد من ذلك سعيا للسلام وقال ان استفتاء سيجرى الشهر المقبل على مشروع الميثاق من اجل "السلم والمصالحة الوطنية".

ويحظر الميثاق على من هم وراء عنف المتمردين ممارسة اي نشاط سياسي في اشارة على ما يبدو الى زعيمين لجبهة الانقاذ اطلق سراحهما في عام 2003 بعد 12 عاما في سجن عسكري.

وقال عمر بلحوشيت رئيس تحرير صحيفة الوطن ان السمة الرئيسية لهذه المبادرة هي الارادة الواضحة للتمييز بين قادة جبهة الانقاذ السياسيين الذين سيحظر عليهم العودة و"الارهابيين" الذين يمكنهم الاستفادة من عفو الشعب شريطة الا يكونوا قد شاركوا في مذابح جماعية. ووصف ذلك بانه غموض كبير.

كما أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الأحد أنه سيقام استفتاء الشهر المقبل بشأن عفو مثير للجدل يستهدف انهاء 13 عاما من أعمال العنف، ولكنه أضاف أنه عفوا جزئيا فقط.

وقال بوتفليقة في كلمة "أدعوكم الى الإدلاء برأيكم في الاستفتاء الذي سيجري الخميس 29 سبتمبر/ أيلول المقبل حول مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية."

ودعا بوتفليقة الجزائرييين إلى دعم مبادرته قائلا إن الاستفتاء سيكون "شفافا وديمقراطيا ونزيها."

 وتوقع محللون في السابق أن يعلن بوتفليقة عن خطة للعفو الشامل عن كل المتمردين.

لكنّ قتل تنظيم القاعدة لدبلوماسيين جزائريين اثنين بالعراق الشهر الماضي أثار شكوكا باحتمال تقويض الفكرة، بعد أن أثنى التنظيم المسلح، الجماعة السلفية للدعوة والقتال، القاعدة على إعدامها للمبعوثين.

وقد اندلعت موجة العنف التي هددت في وقت ما بقاء الدولة عام 1992، عندما ألغت السلطات نتائج الدور الأول لانتخابات عامة كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة حاليا على وشك الفوز فيها.

وقتل نحو 200 ألف شخص منذ ذلك الحين، لكن أعمال العنف خفت في الأعوام الأخيرة.

وينص مشروع المصالحة أيضا على "حظر ممارسة أي نشاط سياسي من قبل المتسببين في ذلك العبث ومن قبل كل من كانت لهم مسؤوليات في التدبير" في إشارة على ما يبدو إلى قادة جبهة الإنقاذ.

وفي يوليو/ تموز عام 2003، تم الإفراج عن زعيم الحزب عباسي مدني ونائبه علي بلحاج بعد انقضاء عقوبة 12 عاما بسجن عسكري. وجرى منذ ذلك الحين منعهم من القيام بنشاطات سياسية او الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام.

واعتقلت السلطات بلحاج مرة اخرى الشهر الماضي بعد تصريحات أشاد فيها بالمسلحين في العراق، وقال إن لهم الحق في اختطاف الدبلوماسيين.

وقال بوتفليقة إنه في ظل خطة المصالحة سيعتبر آلاف الأشخاص الذين اختفوا في العنف "ضحايا مأساة قومية" وتتلقى أسرهم تعويضات.

وقالت إحدى جماعات حقوق الإنسان التابعة للحكومة في الآونة الأخيرة إن عدد من اختفوا في الجزائر يصل إلى 6141 شخصا.

لكن جماعة اسلامية جزائرية متشددة المسلمين في فرنسا دعت الى مهاجمة المسؤولين الجزائريين الذين اتهمتهم بنهب ثروات البلاد ومحاولة القضاء على القيم الاسلامية.

وتسعى الجماعة السلفية للدعوة والقتال المتمردة منذ 13 عاما الى الاطاحة بالحكومة التي يساندها الجيش في البلاد.

وقالت الجماعة في بيان بثه موقع اسلامي على شبكة الانترنت كثيرا ما ينشر بيانات لتنظيم القاعدة وجماعات المقاتلين في العراق "انصروا اخوانكم في الجزائر بملاحقة هؤلاء المجرمين في فرنسا."

وحدد البيان المستهدفين بدعوة الجماعة بانهم القادة العسكريون ومسؤولو الحكومة والدبلوماسيون.

واضاف البيان الذي نشر يوم الثلاثاء لكنه حمل تاريخ 31 يوليو تموز "ارصدوهم واقعدوا لهم بكل طريق واطردوهم كل مطرد... ابحثوا عنهم في اوكار الفساد واماكن اللهو والقمار."

ويقدر عدد المسلمين في فرنسا بما بين خمسة ملايين وستة ملايين ثلثهم او اكثر ينحدرون من اصل جزائري وهو اكبر عدد من المسلمين في دولة اوروبية.

ولم يعرف على الفور ما اذا كان للبيان علاقة بخطة العفو التي اعلنت في الجزائر يوم الاحد الماضي والتي تهدف الى كسر دائرة العنف الذي راح ضحيته نحو 200 الف شخص.

وتفجر العنف في الجزائر بعد ان الغى الجيش نتائج انتخابات كان حزب الجبهة الاسلامية للانقاذ الاصولي يوشك على الفوز فيها عام 1992.

ولا يشمل العفو الذي اعلنه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة المتورطين في المذابح والاغتصاب والتفجيرات في الاماكن العامة.

ويقول محللون ان هذا الاستبعاد يقصد به اعضاء الجماعة السلفية للدعوة والقتال.

وكان يتوقع ان يعلن بوتفليقة خطة للعفو الشامل عن جميع المتمردين لكن اشادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال بمقتل اثنين من الدبلوماسيين الجزائريين بعد اعلان تنظيم القاعدة في العراق مسؤوليته عن اعدامهما ادى الى استبعادها من العفو.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 1817/ اب/2005 -12/ رجب/1426