مانعو الاتفاق(السنة العرب) على دستور العراق يحتفلون بعرقلته..

ظل رجل دين بلحية كثة ومترجم سابق لصدام حسين ومحام خشن الكلام ينتظرون طويلا بعد ان اعلن برلمان العراق فشل السياسيين في وضع مسودة الدستور ليحتفلوا بانتصارهم في هدوء.

وكانت تلك المجموعة من العرب السنة الجالسة في قاعة واسعة اعتادت أن تشهد احتفالات عيد ميلاد صدام حسين قد برزت بوصفها مانعة الاتفاق في المحاولات المتطاولة لكتابة دستور اعتقادا منهم بانهم يقاومون مؤامرة لتمزيق اوصال العراق.

وبعد اسابيع من الحديث عن وحدة العراق بدأوا يتأهبون للجولة القادمة من المحادثات بعد ان فشل المشرعون في الوفاء بموعد 15 أغسطس اب النهائي لانهاء الدستور واتفقوا بدلا من ذلك على تمديد الموعد اسبوعا واحدا.

وبعد ساعات من مغادرة كاميرات التلفزيون كان عدد قليل من اعضاء جماعة السنة المكونة من 15 عضوا يجلسون في مقهى مغلق يمتليء بزجاجات المياه وقشور الموز يستذكرون كيف صمدوا في موقعهم خلال المفاوضات.

وقال محام عربي سني رفض ان يذكر اسمه انهم جاءوا لمنع الشيعة والاكراد من تحقيق اتفاق "ولو لم نحضر لكانوا قد وقعوا اتفاقا في غيابنا منذ اسابيع وما كانا لنحصل على شيء لكننا لن ندع هذا ليحدث".

وشهد العرب السنة الذين كانوا هم المسيطرون في عهد صدام حسين عالمهم وهو ينهار من حولهم منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003. ودفعت انتخابات يناير كانون الثاني الماضي بالشيعة والاكراد الى السلطة.

والآن فان قاعات التفاوض الخانقة في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد تتيح لهم الفرصة لتأكيد انفسهم.

ورغم انهم لا يتمتعون سوى بسلطات محدودة بعد مقاطعة الانتخابات فان السنة يتمتعون ببعض النفوذ لان الحكومة التي يقودها الشيعة تتطلع اليهم للمساعدة في وقف عنف المسلحين.

وينظر الى شخص مثل سعدون الزبيدي السفير السابق والمترجم الرسمي لصدام حسين بشعره الابيض كسلاح سياسي ضد العنف السني.

وعندما قال السياسيون الشيعة والاكراد في البداية انه تم التوصل الى اتفاق كان الزبيدي ذهنه مشغول بامور اخرى قبل ان يحاولوا التهوين من شأن عدم الوفاء بالموعد المحدد للاتفاق على مشروع الدستور.

ووقف الزبيدي اللبق والواثق من نفسه امام الكاميرات واستخدم الكلمات التي يتجنبها اكثر السياسيين عدوانية.. وهي الحرب الاهلية.

وقال انه في حالة التعجل سيصبح الدستور بيتا من ورق او قنبلة زمنية وسيتفكك العراق او تندلع حرب اهلية.

وقال الشيخ عبد الناصر الجنابي رجل الدين النحيل بلحيته الطويلة ان العراقيين قد ينتظرون بعض الوقت للحصول على دستور مالم تحدث تنازلات جادة.

وقال انه لايعتقد ان اسبوعا اخر يكفي للتوصل الى اتفاق.

ولا يزال من غير الواضح ما اذا كان لهؤلاء البارزون من السنة العرب نفوذ على المسلحين الذين يعتقدون ان العنف هو افضل وسيلة لحل مشاكلهم.

وتذكر لوحة احضرت الى القاعة تمثل السيدة عضو البرلمان التي قتلها المسلحون النواب بانهم يخاطرون بحياتهم.وقد قتل اثنان من العرب السنة الذين يتفاوضون بشأن الدستور.

قال علي المشهداني (62عاما) انه غادر منزله هذا الصباح ورأى سيارة تشبه سيارته بداخلها اشخاص قتلوا بالرصاص و ظن ان القتلة ربما كانوا يبحثون عنه.

لكنه مثل اي عربي سني اخر مصمم على عرقلة اي اتفاق قد يضر بطائفته المعزولة.

وقال ان المسالة لا تتعلق بالدستور فقط بل وبالصراع مع السياسيين العراقيين الذين عادوا من الخارج ويحاولون السيطرة وتقسيم البلاد الى كانتونات.

وقال المحامي السني المقيم في ابو غريب معقل المسلحين وهو جالس الى جوار المشهداني انه لايستطيع ان يكون مرنا اكثر من اللازم. واضاف انه في أمان من المسلحين لانه يضع مصالحهم نصب عينيه واذا قدم اية تنازلات فما سيحدث امر معروف.

من جهته اعلن الحزب الاسلامي العراقي الذي يتزعمه محسن عبد الحميد والذي يعد من اكبر الاحزاب السنية في العراق الاربعاء في بيان تحفظه على مسودة الدستور العراقي حتى قبل صدورها المؤمل في 22 من الشهر الحالي.

وقال الحزب في بيان حمل الرقم 86 "نحن نتحفظ على العديد من بنود الدستور بالصورة التي وردت أو بأصل وجودها وقد أعلنا عن هذا التحفظ لكافة الفرقاء".

واضاف "سوف نستمر بنقد هذه البنود والمطالبة بتعديلها سواء من قبل الجمعية الوطنية الحالية أو من خلال الضغط الجماهيري أو حتى من خلال الجمعية الوطنية القادمة".

واعتبر الحزب ان "الدستور سيكون قاصرا ولا يعبر عن إرادة وطموحات العراقيين بل سيكون في كثير من جوانبه معبرا عن أجندات سياسية لبعض القوى المتمكنة في الجمعية الوطنية".

وتابع الحزب في بيانه "لقد كنا ندرك مخاطر استئثار البعض بإعداد مسودة الدستور دون الآخرين إذ أن بعض القوى لا تنظر للعراق إلا من زاوية مصالحها الضيقة وكنا ندرك أن دستورا هزيلا غير متوازن يمكن أن يؤدي بالبلد إلى كارثة خصوصا عندما يتوجب على العراقيين إنجاز هذه الوثيقة الهامة في زمن قياسي قصير للغاية التزاما بقانون (الحاكم المدني الاميركي السابق بول) بريمر وكأنه قدر العراقيين".

وكان الحزب الاسلامي قاطع الانتخابات التشريعية الاخيرة الا انه تمثل في لجنة صياغة الدستور بثلاثة اعضاء في اطار مشاركة كل اطياف المجتمع العراقي بالمحادثات حول الدستور الجديد.

وكانت الجمعية الوطنية مددت حتى الثاني والعشرين من الشهر الجاري مهلة الاتفاق على مسودة الدستور تمهيدا لعرضها على استفتاء شعبي بحلول الخامس عشر من تشرين الاول/اكتوبر المقبل.

وانتقد الحزب الاسلامي عمل اللجنة البرلمانية المكلفة كتابة الدستور وقال ان هناك "إضاعة للوقت في حوارات لا طائل من ورائها (...) وسعي لإشغال الأعضاء ال15 (السنة) المضافين إلى لجنة ال55 بقضية الفيدرالية وصرفهم عن بقية المواد التي لا تقل أهميتها عن الفيدرالية كالهوية العربية الإسلامية دور المرجعية قانون الأحوال الشخصية وحقوق المرأة وغيرها".

وعرض الحزب الاسلامي العراقي موقفه حيال العديد من المسائل العالقة التي يجري التشاور بشأنها بين قادة الكتل البرلمانية.

فيما يتعلق بالفدرالية اعتبر الحزب "أنها مناسبة لأقليم كردستان حصراً حيث يتمتع الإقليم المؤلف من ثلاث محافظات بوضع خاص متفق عليه وطنيا إلى جانب ذلك يتحفظ الحزب في تعميم هذه التجربة على مناطق العراق الأخرى ويفضل أن يترك ذلك للاستفتاء الوطني العام".

ودعا الحزب الى "وحدة وسلامة الكيان العراقي أرضا وشعبا وعدم السماح بتجزئته أو التفريط بأراضيه تحت أي ظرف كان".

كما دعا الحزب الى "الاعتراف بالقومية التركمانية كمكون رئيسي ثالث جنبا إلى جنب مع القومية العربية والكردية وضرورة إنصاف كافة القوميات والإقرار بحريتها في ممارسة ثقافاتها الخاصة بها".

ودعا الحزب الى "عدم إقحام الدستور بقضايا ذات مسحة طائفية كقضية المرجعية الدينية والعتبات المقدسة الأكثرية الشيعية".

وفيما يتعلق بالثروات الطبيعية وتقسيمها دعا الحزب الى "اعتبار الثروات الطبيعية ملكا لكل العراقيين تتولى الحكومات المنتخبة وبإقرار الجمعية الوطنية كيفية توزيعها حسب الحاجة والخطط التنموية".

كما دعا الى "سن قانون واحد للأحوال الشخصية تراعى فيه التعددية المذهبية والدينية وتلتزم كافة المحاكم به".

وطالب الحزب ب"ضرورة تميز الشريعة الإسلامية بوضع أسمى عن مصادر التشريع الأخرى وتكون أساسا للتشريعات وان تبقى معيارا لإقرار مشروعية القوانين في ما بعد".

وشدد على ضرورة عدم "تمتع المتجنس المزدوج الجنسية بالحقوق نفسها التي يتمتع بها العراقي الأصيل على الأقل على مستوى الوظائف الرئيسية والمهمة في الدولة مادام العراق يتعرض لمحاولات اختراق وتفتيت من قوى متعددة".

وطالب الحزب ب"تحقيق التوازن في الصلاحيات الموزعة بين رئاسة الجمهورية رئاسة الوزراء ورئاسة المجلس الوطني".

ودعا الحزب في الختام الى "وضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار" مشيرا الى ان "الدستور قد يعجل بخروج قوات الاحتلال".

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 1817/ اب/2005 -12/ رجب/1426