التأجيل: العراقيون يترقبون نهاية سعيدة لكتابة الدستور..

 والضغوط الامريكية قد تؤدي لرد فعل عكسي

أعرب بعض العراقيين عن قلقهم يوم الثلاثاء من احتمال أن يسبب تمديد المفاوضات بشأن الدستور الجديد مشكلات أكثر من التي يمكن أن يحلها في حين حاول المشرعون اخفاء فشلهم في الانتهاء من الدستور قبل الموعد النهائي المحدد يوم الاثنين.

كما بدا أن الادارة الامريكية التي مارست ضغوطا كبيرة من أجل استكمال الدستور بحلول 15 اغسطس اب الجاري تسعى للتهوين من امر الفشل حيث أشاد الرئيس جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس بالجهود التي بذلت في هذا الشأن وان لم يكن بالنتيجة.

واستمرت أعمال العنف التي تسود البلاد منذ عامين والتي يأمل البعض ان تهدأ بعد الانتهاء من صياغة دستور شامل.

وبعد محادثات استمرت أسابيع اعترف الساسة بهزيمتهم قبل دقائق فقط من الموعد النهائي عند منتصف الليل واقروا بانهم لم يتفقوا على نص مسودة الدستور.

ولتجنب حل البرلمان نتيجة لذلك صوتت الجمعية الوطنية على تعديل قانون ادارة الدولة المؤقت والسماح بمهلة مدتها اسبوع اخر لوضع الدستور الجديد والذي سيتعين الان عرضه على البرلمان بحلول منتصف ليل 22 اغسطس.

وقال برهم صالح العضو الكردي في مجلس الوزراء العراقي محاولا ان يظهر الجانب الايجابي للفشل في الالتزام بالموعد النهائي "هذا نجاح. اننا لا نقتل بعضنا بعضا."

وحث رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري المشرعين على التوصل الى اتفاق خلال الاسبوع القادم.

وقال في مؤتمر صحفي ان موعد الانتهاء من صياغة الدستور يجب الا يتأجل مرة اخرى معربا عن اعتقاده بان الاسبوع الاضافي فترة كافية.

لكن العراقيين بدوا أكثر تشككا بشأن أداء ساستهم واشد قلقا من احتمالات المزيد من التأخير.

وقال احسان علي أحد سكان بغداد وهو جالس يقرأ انباء انهيار المحادثات في صحيفة "التأجيل لا يخدم مصلحة الشعب العراقي والاضرار الذي يلحقها ستزيد بالتأكيد كلما طال أمد العملية."

وأضاف "نريد ان ينتهي هذا الامر بأسرع وقت ممكن لصالح الشعب العراقي."

وضخمت بعض الصحف من استمرار الافتقار للسلطة والامن قائلة ان هذا أيضا يدور في عقل المواطن العراقي العادي المحبط من المناقشات الممتدة بشأن الدستور.

وبعد ان تحال مسودة الدستور للبرلمان سيتعين ان تطرح للاستفتاء عليها في منتصف اكتوبر تشرين الاول واذا اقرت ستجرى انتخابات بمقتضى الدستور الجديد في منتصف ديسمبر كانون الاول.

والتصويت سواء في الاستفتاء او الانتخابات من المتوقع ان يستهدف بكثافة من جانب المقاتلين السنة كما حدث في الانتخابات التي جرت في يناير كانون الثاني الماضي.

وجاءت تلك الانتخابات وهي الاولى بعد الاطاحة بحكم صدام حسين بحكومة يقودها الشيعة الى السلطة لاول مرة. وقاطع السنة العرب وهم الاقلية التي هيمنت على البلاد في عهد صدام وقبل ذلك بقرون الانتخابات.

وعدم مشاركة السنة في الانتخابات هو ما يمثل من نواح كثيرة جذور أزمة مساء أمس الاثنين بشأن الدستور.

فبسبب مقاطعتهم لم يحصلوا سوى على عدد ضئيل من مقاعد الجمعية الوطنية ومشاركة تكاد تكون معدومة في لجنة صياغة الدستور.

لكنهم منحوا في نهاية الامر تمثيلا اكبر في لجنة صياغة الدستور لكن الاعضاء الجدد عينوا ولم ينتخبوا وشكك بعض الشيعة في تمثيلهم للسنة.

وعندما تعلق الامر بحسم القضايا الشائكة مثل الاتحادية ودور الاسلام وتوزيع الموارد الطبيعية تمسك كل طرف بموقفه سواء الشيعة أو السنة أو الاكراد وخاصة السنة.

وقال الاعضاء السنة في لجنة صياغة الدستور انهم يعارضون بصفة خاصة اقتراحا شيعيا بشان منطقة متمتعة بالحكم الذاتي في الجنوب تماثل الحكم الذاتي الكردي في الشمال. ولم يتضح الى أي مدى يمكن حل هذه الخلافات في الرأي بحلول الاسبوع المقبل.

وقال صالح المطلك احد المفاوضين السنة الرئيسيين ان الخلافات في الرأي كبيرة جدا وتحتاج لارادة وطنية قوية من جميع الاطراف للتوصل الى تسوية.

وأكد ساسة من الشيعة على الجوانب الايجابية.

وقال موفق الربيعي مستشار الامن القومي ان الدستور بعد الانتهاء من صياغته سيوجه صفعة كبيرة تحبط معنويات المقاتلين "والارهابيين".

هذا وتحث الولايات المتحدة الزعماء العراقيين بقوة على التوصل لاتفاق بشأن مسودة دستور ولكن خبراء امريكيين بشأن العراق حذروا يوم الاثنين من ان ممارسة ضغوط اكثر مما يجب قد تؤدي الى رد فعل عكسي وتقوض مصداقية القيادة العراقية.

وينظر الى هذا التأخير على انه ضربة لجهود الدبلوماسيين الامريكيين الذين قاموا بجهود مكوكية بين الاطراف على امل ان تساعد الاتفاقية في اضغاف العصيان بين الاقلية السنية في العراق.

وتتعرض ادارة الرئيس جورج بوش لضغوط مكثفة في الداخل لتوقيع الدستور .

وقللت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية من اهمية الانباء المتعلقة بتمديد الموعد النهائي وقالت ان ذلك يظهر ان "الديمقراطية تعمل" في العراق.

وقالت انه على الرغم من ان الولايات المتحدة مشاركة"في كل خطوة في الطريق" فان العراقيين هم المسؤولون بشكل حازم.

واضافت في مؤتمر صحفي "اعتقد انكم شاهدتم اليوم ان العراقيين مسيطرون على هذه العملية ."

ولكن بعض محللي شؤون العراق والذين يتخذون من امريكا مقرا لهم اختلفوا مع هذا الرأي وانتقدوا الولايات المتحدة لممارسة ضغوط اكثر مما يجب على كل الاطراف للتوصل لاتفاق وقالوا ان ذلك جعل مهام الساسة العراقيين اكثر صعوبة.

وقال ديفيد فيليبس من مجلس العلاقات الخارجية"بوضوح فان الموعد النهائي غير ناجح لانه مازالت توجد قضايا ضخمة معلقة وممارسة ضغوط عليهم للوفاء بالجدول الزمني يسبب انقساما بين العراقيين اكثر مما يسبب من اجماع."

وقال شبلي تلهامي المتخصص في شؤون الشرق الاوسط انه يعتقد ان الولايات المتحدة تلعب دورا اكبر مما يجب في المساعدة في اعداد الدستور وهذا يمثل مشكلة مصداقية للزعماء العراقيين الحاليين .

واضاف انه من وجهة النظر العراقية توجد بعض المكاسب من عدم الوفاء بموعد الخامس عشر من اغسطس اب لان ذلك يعطيهم بعض المرونة ويعزز مصداقيتهم.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 1817/ اب/2005 -12/ رجب/1426