كاتب أمريكي يضع تصورا للحياة بعد الرأسمالية والبديل مؤسسات كونية تتسم بالشفافية

يرى كاتب أمريكي أن العولمة الرأسمالية رغم دورها في تعزيز بنى الدولة الاستبدادية وتقليص نفوذ الشعوب لمصلحة بعض الساسة والشركات فان رفضها ليس كافيا وأن البديل هو مؤسسات اقتصادية كونية تتسم بالشفافية والمشاركة مع وجود محاسبة شعبية وديمقراطية.

وقال مايكل ألبرت ان رفض العولمة الرأسمالية لم يعد كافيا وان معظم الرافضين للرأسمالية يخشون أن تزداد المعاناة بدونها ففي حين يرى البعض أن الرأسمالية بغيضة فان القليلين هم الذين يحاولون تقديم بديل لها "وهؤلاء يؤسسون بصورة عامة اشتراكية السوق أو الاشتراكية المخطط لها مركزيا."

وأضاف في كتاب (الحياة بعد الرأسمالية.. اقتصاد المشاركة) أن من وصفهم بناشطي معاداة عولمة الشركات يهدفون الى تعزيز العدالة والتضامن والتنوع "أي عولمة العدالة وليس الفقر. وعولمة التضامن وليس الجشع. وعولمة التنوع وليس المطابقة. وعولمة الديمقراطية وليس الخضوع. وعولمة الاستدامة وليس السلب والنهب."

وترجم الكتاب الى العربية المصري أحمد محمود وصدر هذا الشهر ضمن سلسلة المشروع القومي للترجمة عن المجلس الاعلى للثقافة بمصر ويقع في 358 صفحة من القطع الكبير.

وقال ألبرت ان التعامل بين شركة أمريكية متعددة الجنسيات وكيان محلي في المكسيك أو نيجيريا لا يقدم الفائدة الاكبر للطرف الاضعف بل تذهب الفوائد بشكل غير متناسب الى المتعاملين الاشد قوة فتزيد سيطرتهم النسبية. كما أن "أجندة العولمة الرأسمالية هي على وجه التحديد تقليص نفوذ الشعوب بكاملها لمصلحة حكم الساسة والشركات الغربيين."

وشدد على أن العولمة الرأسمالية التي يحركها الربح والسلطة "تعزز بنى الدولة الاستبدادية."

ووصف ألبرت بلاده بأنها تستأثر بالجانب الاكبر من الثروة العالمية مشيرا الى أن أمريكا يعيش بها ثلاثة بالمئة من سكان العالم لكنهم يستهلكون تقريبا نصف ما يستهلكه سكان العالم "وداخل الولايات المتحدة يمتلك حوالي 2 بالمئة من السكان 60 بالمئة من الثروة."

وصدًر المؤلف فصول كتابه بمقولات لمفكرين منهم الكاتب البريطاني جورج برناردشو القائل "قد يستشهد الشيطان بشكسبير لكي يحقق غرضه" وقول المفكر الامريكي نعوم تشومسكي "ليس هناك ما يدعو الى قبول المباديء التي وضعت للحفاظ على السلطة والامتياز أو لتصديق أننا مقيدون بقوانين اجتماعية غامضة ومجهولة. هناك فحسب قرارات تتخذ داخل المؤسسات التي تخضع للارادة البشرية ولابد أن تواجه اختبار المشروعية. وما لم ننجح في الاختبار يمكن الاستعاضة عنها بمؤسسات أخرى أكثر حرية وأكثر عدالة كما حدث مرارا في الماضي."

ومن المقولات ذات الدلالة التي أثبتها المؤلف قول الزعيم الهندي المهاتما غاندي "فكرتي عن الديمقراطية أنه في ظلها يحصل أضعف الناس على نفس الفرص التي يحصل عليها أقواهم والديمقراطية الغربية بالصورة التي تعمل بها الان فاشية مخففة" وقول مارتن لوثر كنج الابن "يتعدى العطف الحقيقي مجرد القاء عملة معدنية لشحاذ. اذ لابد أن ندرك أن البناء الذي يخرج الشحاذين بحاجة الى اعادة هيكلة."

وقال ألبرت ان الرأسمالية ليست نجاحا "فهي ليست ذكية وليست جميلة وليست عادلة وليست فاضلة. باختصار نحن نكرهها ونوشك أن نحتقرها ولكن حين نتسائل ما الذي نضعه مكانها نصاب بارتباك شديد."

وأشار الى أن ما وصفه باقتصاد المشاركة هو البديل القائم على أسس منها أن تحل الملكية الاجتماعية محل الخاصة وتكون المكافأة على الجهد وليس على الملكية والنفوذ أما الادارة فتصبح "ذاتية مشاركية بدلا من الحكم الطبقي."

ومضى موضحا أنه في "الرؤية الاقتصادية المشاركية" التي يقترحها سيتم الغاء ملكية الانتاج باعتبارها مكافأة اقتصادية وتصبح الملكية في شكل وسائل الانتاج "ولا يملك أحد ثروة أو دخلا أو نفوذا يختلف عما يملكه سواه بسبب ما لديه من ملكية مختلفة لوسائل الانتاج.

"اقتصاد المشاركة يقول ان على أصحاب العمل أن يتخلوا عن أملاكهم وان على أفراد طبقة المنسقين أن يتخلوا عن احتكارهم للعمل... (وصولا الى) ازالة التقسيم الطبقي وتحقيق العدل والسماح بالادارة الذاتية وتعزيزها."

وشدد ألبرت على أن اقتصاد المشاركة لا يسعى الى تحقيق العدالة عن طريق محاولة ايجاد مؤشر مشترك للانجاز العلمي أو الفني أو الثقافي "بل العكس هو الصحيح حيث يعزز اقتصاد المشاركة أكبر قدر ممكن من تنمية المواهب المختلفة واستغلالها في جعل الفن أكثر ثراء وتنوعا متاحا كما يحافظ على عدالة المكافأة والظروف."

أما العولمة الرأسمالية في رأيه فتخلق "تجانسا ثقافيا وليس تنوعا ثقافيا."

وأضاف أنه في اقتصاد المشاركة سيصبح التعليم والتدريب متاحين وسيعود الاحترام والتقدير والاعتراف الجماعي الى الصفات الشخصية وحجم الانجاز وليس "لكونك تملك أكثر."

وقال جودة عبد الخالق الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ان كتاب ألبرت يلخص برنامجا ونظاما بديلا للتغيير الجذري "واعادة بناء النظام العالمي وهو يقدم رؤية تستلهم التراث الفكري والعلمي الخصب لليسار والحركات الشعبية في أنحاء العالم" واصفا مؤلفه بالمثقف الملتزم.

كما وصف عبد الخالق رئيس اللجنة الاقتصادية لحزب التجمع المعارض هذا الكتاب بأنه مثير للاهتمام حيث انه "يأتي في مرحلة فاصلة من حياة البشرية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد14/ اب/2005 -8/ رجب/1426