الشيعة يطالبون بالفيدرالية للجميع في الدستور الجديد

طالب زعيمان شيعيان عراقيان يوم الخميس باقليم فيدرالي خاص بالشيعة يضم كل المناطق الشيعية في جنوب العراق الغني بالثروة النفطية وذلك قبل أربعة أيام فقط من انتهاء مهلة محددة للاتفاق على الدستور الجديد للبلاد.

وردد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق أحد الاحزاب الشيعية الرئيسية المشاركة في الحكومة هذه المطالب أمام عشرات الالاف من أنصاره الذين أخذوا يهتفون بعبارات التأييد له في مدينة النجف الاشرف.

وأكد على هذه المطالب هادي العامري زعيم منظمة بدر التي تشكلت في ايران كجناح مسلح للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية.

لكن الاقلية السنية والمعارضين العلمانيين اضافة الى اسلاميين شيعة منافسين في الحكومة الائتلافية سرعان ما قللوا من شأن الفكرة التي أثارت مخاوف من حدوث نزاعات طائفية على النفط ومن حكم رجال الدين في الجنوب.

ورأى البعض الامر على أنه تكتيك تفاوضي قبل أن تنقضي يوم الاثنين مهلة لتقديم مسودة الدستور للجمعية الوطنية. وقال مفاوض شيعي كبير رفض الطلب الذي طرحه الحكيم انه لا تزال هناك 16 نقطة محل خلاف.

ومن غير الواضح بعد ما اذا كان الخلاف واستمرار الجدال حول مدى الالتزام بأحكام الدين سيؤخر تسليم المسودة التي تأمل واشنطن أن تساعد في الحد من الهجمات التي يشنها المسلحون من السنة العرب.

والقضية الحاسمة هي طبيعة الفيدرالية الى جانب وضع صيغة تلبي مطالب الاكراد بشأن استمرار الحكم الذاتي في الشمال ومطامح الشيعة لتحقيق قدر من الحكم الذاتي في الجنوب اضافة الى تهدئة مخاوف العرب السنة وغيرهم من سكان وسط البلاد من أن يُتركوا بمعزل في جزء من دولة يحرمون فيه من الثروة النفطية.

وقال بهاء العراجي الشيعي البارز في لجنة كتابة الدستور لرويترز "اذا تخلصنا من هذه النقطة فهذا يعني أننا تخلصنا من النقاط الاخرى. وان شاء الله سوف ننتهي من الموضوع الفيدرالي حيث قطعنا شوطا كبيرا فيه والنقاط الاخرى بسيطة سوف ننتهي منها خلال اليومين القادمين وسوف تكون المسودة جاهزة في الموعد المحدد قانونيا."

وأضاف "سواء كان هناك اقليم شيعي أو اخر سني فان ذلك يعني تكريسا للطائفية وتمزيقا لوحدة العراق. ومثل هذه المطالب ستؤدي الى نتائج عكسية."

ولدى الدبلوماسيين الامريكيين الذين يلعبون دورا نشطا على هامش المحادثات الخاصة بالدستور تحفظات واضحة على العلاقات التقليدية التي تربط المجلس الاعلى للثورة الاسلامية بايران خصم واشنطن اللدود ويقولون صراحة انهم لن يؤيدوا حكم رجال الدين بالعراق.

وبقاء عبد العزيز الحكيم في المنفى بطهران لسنوات طوال يجعله مثار شكوك الكثير من العرب السنة.

وقال الحكيم الذي يمثل احدى القوى الرئيسية في الائتلاف الحاكم الذي يهيمن عليه الشيعة والذي تولى السلطة عقب انتخابات يناير كانون الثاني "بخصوص الفيدرالية.. نحن نعتقد بأنه من الضروري تشكيل اقليم في الجنوب."

وقال العامري زعيم منظمة بدر أمام عشرات الالاف الذين تجمعوا احياء للذكرى السنوية الثانية لاغتيال محمد باقر الحكيم شقيق عبد العزيز الحكيم والزعيم السابق للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية "الفيدرالية يجب ان تكون في جميع العراق. يحاولون منع الشيعة من التمتع بفيدراليتهم."

وقتل محمد باقر الحكيم في انفجار سيارة ملغومة في النجف قبل عامين.

وأضاف العامري "يجب أن نصر على تشكيل اقليم واحد في الجنوب والا سنندم على ذلك." وتساءل قائلا "ما الذي حصلنا عليه من الحكومة المركزية غير القتل؟" معيدا الى الاذهان عقود القمع التي عانى منها كثير من شيعة الجنوب على أيدي الحكومات المتعاقبة في بغداد.

وقوبلت الدعوة بهتافات حماسية من قبل عشرات الالاف من الانصار الذين أخذوا يرددون "نعم.. نعم للاسلام. نعم.. نعم للحكيم" وهتافات أخرى.

وتجاوزت مطالب الحكيم والعامري التي تشمل مناطق بوسط العراق خطة طرحت في الاشهر الاخيرة حول مدينة البصرة الجنوبية ثاني أكبر مدن العراق لدمج ثلاث محافظات حول البصرة من محافظات العراق الثماني عشرة في اقليم فيدرالي جديد.

وتضم المنطقة التي تمتد من مدينتي كربلاء والنجف الى الجنوب من بغداد مباشرة وحتى البصرة المطلة على الخليج سكانا غالبيتهم من الشيعة يمثلون ما يقرب من نصف سكان العراق البالغ عددهم 26 مليون نسمة.

لكن ليث كبة المتحدث باسم رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري قال ان فكرة تشكيل اقليم شيعي غير مقبولة. ووصفها في حديث لرويترز بأنها فكرة سيئة.

لكن ربما حملت مطالب الحكيم مغزى خاصا نظرا لانه أعلنها بعد ساعات مع اجتماعه في النجف يوم الاربعاء مع اية الله علي السيستاني المرجع الشيعي الاعلى بالعراق.

ورغم امتناع السيستاني الذي نادرا ما يظهر علنا عن الادلاء ببيانات كما دأب على ذلك فان تأييده ربما كان ضروريا لاعلان مثل هذه المطالب. وتقول مصادر سياسية قريبة من الفكر الاسلامي انه سيكون هناك تأييد أوسع يتجاوز المجلس الاعلى للثورة الاسلامية لمشروع الحكم الذاتي في السنوات القادمة.

وقال صالح مطلك العضو السني في مجلس الحوار الوطني معلقا على مطالبة الشيعة باقليم فيدرالي في الجنوب "نتمنى أن لا يأتي هذا اليوم. نحن نعتقد أن العرب في العراق بسنتهم وشيعتهم هم كيان واحد لذلك فان أي محاول لاثارة موضوع طائفي لتقسيم العراق موضوع مرفوض كليا."

وأضاف أن هذا الموضوع "ليس مرفوضا من قبلنا فحسب ..نحن في وسط العراق.. لكنه مرفوض من قبل الشعب العربي في جنوب العراق."

وقال مشاركون اخرون في المحادثات الخاصة بكتابة الدستور انهم يتوقعون صياغة غامضة في مسودة الدستور بشأن القواعد المتعلقة بكيفية تشكيل مناطق فيدرالية ومن ثم ترك الامر لمناقشته في وقت لاحق.

وأكد الحكيم أيضا أنه يسعى لضمان أن الاسلام سيكون "المصدر الرئيسي" للقانون في الدستور الجديد. ويفضل اخرون أن يكون الاسلام "أحد مصادر" القانون.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد14/ اب/2005 -8/ رجب/1426