كتاب للشفافية:  الفساد هو الشر الاكبر في عصرنا

قال بيتر ايجن رئيس منظمة الشفافية الدولية في كتابه "شبكات الفساد والافساد العالمية" انه توصل خلال عمله طوال ربع قرن في البنك الدولي الى ان الفساد يمثل الشر الاساسي في عصرنا وانه حاضر في كل مكان ولا بد من مواجهته بشفافية تشمل العالم.

وقد استهل كتابه معرفا بالفساد ومعتمدا التعريف الذي أعطته له منظمة الشفافية الدولية التي أسسها عام 1993 بعد عمله الطويل مع البنك الدولي اذ قالت "الفساد هو استغلال السلطة من اجل المنفعة الخاصة."

وقال ايجن "الفساد يمثل الشر الاساسي في عصرنا وهو يكشف عن وجهه القبيح في كل مكان ويكمن في جذور كل المشكلات ذات الاهمية تقريبا او يحول دون حلها على الاقل ويحدث اثاره المدمرة في مناطق العالم الفقيرة حيث يدع الكثير من ملايين البشر اسارى البؤس والفقر والمرض والصراعات واشكال الاستغلال الوحشية المتجبرة."

وقد جاء الكتاب في 387 صفحة متوسطة القطع اشتملت على ملاحق وفهارس تناولت الفساد ونصوصا موثقة ومواد مختلفة ومن ذلك ملحق انطوى على "خريطة الفساد العالمية" التي شملت انحاءالعالم. وترجم الكتاب محمد جديد عن الالمانية وراجعه الدكتور زياد منى وصدر عن دار قدمس للنشر والتوزيع.

تحدث ايجن عن نفسه فقال "لقد قضيت حياة عملي قبل كل شيء في المصرف الدولي وهو تلك المنظمة الائتمانية الدولية التي تساعد البلدان الفقيرة على نطاق العالم كله بالقروض من اجل تنميتها الاقتصادية والاجتماعية. غير ان كلمة "الفساد" لم يكن لها وجود في الاستعمال اللغوي الرسمي في المصرف الدولي. والحق اننا كنا نعلم ان الرشوة في كل مكان وما زالت حتى الان وكنا نعلم ايضا انها تعوق كثيرا من مجهوداتنا التنموية ان لم تكن تجعل نجاحنا مستحيلا اطلاقا. ومع ذلك فلم نكن نتحدث في ذلك الا في الخفاء اذ لم يكن يجوز التعرض له من حيث كونه موضوعا للعمل الجدي بل كان من المحرمات.

"ولم يكن المصرف الدولي نفسه يتعرض للمساس به في هذا الصدد بحال من الاحوال... ومع ذلك فقد كان يتعامى عن مسالة ان كل برنامج انمائي كان يسانده تقريبا كان يتعرض للتشويه بسبب واقع فاسد وكانت مبالغ طائلة تنتقل الى الجيوب الخاصة للساسة والموظفين. وكانت المؤسسات الغربية تكتسب الثروة بوساطة تكليفات تكلف مبالغ طائلة ولم تكن لها ضرورة."

اضاف "ولذلك فحين حاولت الالتزام بالعمل في الاطار الخصوصي ضد الفساد حظر ذلك علي ايضا بموجب مذكرة رئيس المصرف الدولي كونابل." وقال "وما زلت حتى اليوم احترم واقدر المصرف الدولي ولا اندم ابدا بصدد الانتماء اليه كل هذا الوقت الطويل واصبحت واحدا من العاملين فيه بدافع الاقتناع بالمساعدة على الوصول الى عالم افضل والان اغادر بدافع الاقتناع ذاته بعد خمس وعشرين سنة ..قبل الاوان.. وقد اسست في مايو ايار 1993 مع بعض الاصدقاء والمقاتلين معي القلائل من كل انحاء العالم المنظمة غير الحكومية "الشفاقية العالمية" للكفاح ضد الفساد السائد في كل مكان.

"وكان المنطلق يبدو عام 1993 متكدرا اذ لم يكن يجري الحديث عن الفساد في السياسة ولا في المجتمع ولا في الاقتصاد. وفي هذا الاطار بات الاقتصاد خاصة اسير حلقة شيطانية... وكانت الصيغة الدارجة تفيد انه لا عقد ولا تكليف من دون وجود الفساد وكل من يحاول الخروج من هذه المعضلة يمكن ان يصل بمشروعه الى حافة الخراب."

قال ان الكلام الذي يتردد عن ان الفساد والرشوة اصبح تقليدا من تقاليد العالم الثالث ليس بعيدا عن الواقع لكن هناك بلدانا ومنها المانيا مثلا كانت تسمح بالرشى "ليس فقط بالاخلاد الى الصمت بل كانت تسانده اذ جعلت مبلغ الرشوة المدفوعة في البلدان الاجنبية قابلة للحسم الضريبي." وتوصلت منظمة الشفافية العالمية الى انه في مثل المانيا "ما زال الاستعداد بالغ الضخامة ولا سيما على صعيد الطبقة الوسطى وعلى الصعيد البلدي او المحلي."

وبعد عشر سنوات من تأسيس منظمة الشفافية صارت لها مؤسسات في اكثر من مئة وعشرين بلدا في العالم "وانشانا ادوات للحد من الفساد باسلوب فعال ومن ذلك مثلا اننا انشانا ما يسمى "جزرالتكامل" وعقدنا "اتفاقيات التكامل" واقمنا دورات وحلقات ابحاث وصورنا على نطاق العالم درجة الفساد مثلما صورنا الاستعداد لدفع اموال الرشوة في لوائح ذات درجات ومراتب." وواجهت عمليات تبييض الاموال.

وراى انه بعد تفجيرات سبتمبر ايلول 2001 صار الفساد "يظهر في ضوء جديد كل الجدة... وبات من الواجب ان نتصوره بوضوح كامل على انه اداة للارهابيين لان المسالة هي كما عبر عنها رولاند نوبل الامين العام للانتربول (البوليس الدولي) اذ قال "ماذا يجدي التجهيز التقني للشرطة اذا كان اعضاؤها فاسدين واذا كان الارهابيون يستطيعون ان يتحاشوا كل اجراءات البحث والاجراءات الامنية اذ يفسدون اولئك الذين يفترض في الحقيقة ان يحولوا بينهم وبين اعمالهم.."

الرئيس الالماني السابق ريتشارد فون فايتسكر قال مقدما الكتاب ومشيدا به ان "التصدي للفساد لا يعني فقط التلويح بالهراوات الاخلاقية في وجهه كي نجعل من انفسنا قديسين... ولكن هذا يقتضي وقف الاستغلال الاناني للسلطة ومساعدة الضعفاء على الوصول الى الفرص التي تتوافر لهم."

شبكة النبأ المعلوماتية -االخميس 11/ اب/2005 -5/ رجب/1426