
كان الشعور بالغضب باديا في كل مكان وعلى كل وجه في بلدة شفا عمرو
الشمالية وهي تستعد لوداع ابنائها الاربعة الذين قتلهم جندي اسرائيلي
مستوطن بدم بارد على متن حافلة كانوا يستقلونها عائدين الى المدينة
العربية الواقعة خلف الخط الاخضر.
وشارك الاف المشيعين في جنازة شقيقتين مسلمتين في العشرينات من
العمر قتلهما المتشدد اليهودي. كما قتل في الحادث سائق الحافلة وراكب
في اواسط العمر وكلاهما مسيحيان.
الاضراب العام الشامل في المدن العربية وفي شفا عمرو عكس حجم
الاستنكار لكنه ظل مقصرا عن التعبير عن شعور فلسطينيي هذه المدينة
الشمالية من غضب وهم يهتفون بتحد امام شعلة نار اوقدوها في مكان
الاعتداء "فتش .. انا عربي".
هذا الشعار هو الملصق نفسه الذي زين كل شوارع المدينة الى جانب
يافطات بالعبرية "كفى للعنصرية" و"من يحاكم المحرضين على العنصرية
والكراهية".
المدينة اتشحت بالسواد .. على الجدران وفوق الابنية وعلى السيارات
بينما تدفق المعزون من كافة المدن والقرى العربية.
امام منزل سائق الحافلة ميشال بحوث اول القتلى برصاص الجندي
الاسرائيلي المستوطن عضو حركة كاخ العنصرية توقف المعزون.
الغضب العارم في الخارج سرعان ما تحول الى حزن وانكسار في داخل
المنزل حيث والدة ميشال وزوجته وشقيقته .. يبكين بصمت وحرقة ولا يلتفتن
الى ما يجري في الخارج.
ابراهيم الياس تحدث لوكالة فرانس برس عن خاله ميشال بحوث قائلا "كم
اشعر بالحزن .. اناس عاديون عادوا من عملهم ليتلقفهم هذا الموت البشع
دون ذنب ارتكبوه .. سوى انهم من عرق اخر لم يكن لهم يد في اختياره او
رفضه .. ما ابشع الموت حين يكون بهذا الظلم وهذه العبثية".
اقبال بحوث اخو السائق المغدور الذي كان داخل الحافلة عندما وقع
الاعتداء قال "من الواضح انها عملية حقد وكراهية رايت راس اخي يسقط على
المقود .. والرصاص يمزق جسد الفتاتين فنزلت كالمجنون الى الشارع وانا
اصرخ .. ما ابشع الكراهية عندما تصطبغ بالدم".
وقال الطبيب مصطفى نمامرة وهو ابن عمة الفتاتين دينا وهزار تركي
اللتين سقطتا برصاص الجندي المستوطن "ان مشاعر الغضب تستبد بنا ليس فقط
على ما حدث بل على الدولة نفسها وحكمها الوضع الذي وصلنا له لا نشعر
فيه بالامان لا على انفسنا ولا على اولادنا ..". واضاف " انا اعمل في
مستشفى رامبام في حيفا ولا يوجد ضمانة بالا يقوم اي جندي مسلح باطلاق
النار علي". وتابع "ما اثارني انه كان هناك تعتيم من قبل الشرطة
والحكومة على كل المعلومات فلو كان هذا عمل تفجيري لقام المستشفى
بتحضير ارقام هواتف للطوارىء تستفسر من خلاله عن اقربائك هل هم على قيد
الحياة ومدى اصابتهم ووضعهم .. لكن شيئا من ذلك لم يحدث .. المستشفى
بقي هادئا وكأن شيئا لم يحدث .. ما ابشع ان يكون المرء عنصريا..".
واوضح "بقي خالي وزوجته امام باب المستشفى حتى الساعة التاسعة ليلا
لم يلتفت اليهما احد ولم يخبرهما احد عن حال ابنتيهما .. حتى وصلت
فاخبرتهما ان الابنتين توفيتا الاولى فور اصابتها في الحافلة والثانية
في سيارة الاسعاف قبل وصولها الى المستشفى".
وقال النائب العربي في الكنيست محمد بركة من شفا عمرو التي قصدها مع
النواب العرب وجموع كبيرة من عرب الداخل متحدثا الى وكالة فرانس برس
"ان شارون يستنكر ما حدث وكأن ذلك جل ما يمكنه ..لكن يجب عليه ان يعالج
هذه الاسباب التي هي عبارة عن قوانين عنصرية ضد العرب".
واضاف "ان الارهابي القاتل جاء من هذا الجو العابق بالعنصرية حيث
الشعار ان دم العربي لا قيمة له".
وحذر بركة "هناك الكثير من القنابل البشرية من الاسرائيليين والقرى
العربية تشكل هدف سهلا حيث يدخلها من يشاء .. بينما الشرطة تعرف تماما
من هم المتطرفون المتعطشون للدماء ولا تفعل شيئا لردعهم".
واعلن بركة ان شارون اتصل به وطلب منه نقل تعازيه الى العائلات
المصابة والى اهالي شفا عمرو.
ونقل النائب العربي عن شارون قوله "هذا الحادث هزني لقد اعطيت
تعليمات الى رئيس الشاباك مدير عام جهاز الاستخبارات ان يولي اهمية
لهذا التحقيق وان يتحقق من كل العناصر المتطرفة .. نحن نعرف ان هناك
تهديدات وانا نفسي اتعرض لمثل هذه التهديدات".
وقتل في الاعتداء اربعة اشخاص هم سائق الحافلة ميشيل بحوث وثلاثة
ركاب من مدينة شفا عمرو في شمال اسرائيل هما الشقيقتان هزار عادل تركي
ودينا عادل تركي ونادر حايك في هجوم قام به الجندي المستوطن الذي رجمته
حشود الغاضبين حتى الموت.
وكان مرتكب الاعتداء الجندي ايدن ناتان تسوباري (19 عاما) فر من
وحدته قبل شهرين لاعلان معارضته خطة الانسحاب من غزة وهو من عناصر حركة
كاخ العنصرية المتطرفة التي تعتبرها الدولة العبرية خارجة على القانون
وكان يقيم في مستوطنة تابواخ فس شمال الضفة الغربية.
وقد اعتقلت الشرطة الاسرائيلية فجرا ثلاثة شبان ترواح اعمارهم بين
15 و17 عاما يشتبه في انهم كانوا على علم بنوايا القاتل واستعداداته.
وانتقدت الصحف الاسرائيلية بعنف تقصير الشرطة في منع مثل هذه
العمليات التي يتوقعها الجميع.
وربطت الصحف بين هذا الاعتداء وبين المجزرة التي نفذها عام 1994 في
الحرم الابراهيمي المستوطن باورخ غولدشتاين الذي قتل 29 فلسطينيا كانوا
يؤدون الصلاة في الحرم قبل ان يضربه من تبقى منهم حتى الموت.
وكانت الدولة العبرية اعتبرت حركة كاخ العنصرية الي كان غولدشتاين
ينتمي اليها منظمة محظورة خارجة على القانون.
وقالت صحيفة يديعوت احرونوت "ان القاتل لم يكن مجنونا وعمله كان
محسوبا بدقة من اجل منع الانسحاب من غزة واشعال برميل البارود" اخذة
على السلطات تهاونها ازاء المتطرفين اليهود محذرة من ان من "يستقوي
بالفهد قد ينتهي تحت انيابه".
في رام الله في الضفة الغربية دان رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس الجمعة الاعتداء الدموي الذي قام به الخميس جندي اسرائيلي من
المستوطنين واوقع اربعة قتلى من السكان العرب داخل الخط الاخضر في
مدينة شفا عمرو ووصفه بانه "جريمة وحشية".
وقال بيان رسمي للسلطة الفلسطينية "ان الرئيس محمود عباس والقيادة
يستنكرون الجريمة الوحشية بحق أهلنا في شفا عمرو على يد مستوطن مسلح
قام بفتح النيران على ركاب حافلة متوجهة من حيفا إلى شفا عمرو".
واضاف البيان "ان هذه الجريمة تكشف بجلاء عن الخطورة التي يمثلها
المستوطنون ضد شعبنا الفلسطيني أينما وجدوا سواء في أرضنا المحتلة أو
في إسرائيل ونتساءل كيف تعطي حكومة إسرائيل لقطعان المستوطنين السلاح
دون أدنى مسؤولية مما يؤدي إلى ارتكابهم الجرائم المتلاحقة ضد شعبنا".
من جهته قال مشير المصري المتحدث باسم حركة حماس لوكالة فرانس برس
"هذه جريمة ارهابية تضاف وتعكس العقلية الدموية الحاقدة ومدى العنجهية
الصهيونية في قتل الفلسطينيين".
وحمل "المستوى السياسي (في اسرائيل) المسؤولية الكاملة من خلال
اطلاقه العنان لممارسة مسلسل التحريض ضد الفلسطينيين حيث ان المجزرة
الجبانة الارهابية ذات بعد سياسي". واضاف "نؤكد ان الشعب الفلسطيني
وحدة واحدة والدم والارض واحدة امام سفك الدم الفلسطيني في اي مكان
الذي يخالف استحقاقات التهدئة المعلنة وقوى المقاومة لن تقف مكتوفة
الايدي وسيعلم العدو قيمة الدم الفلسطيني عند اصحابه".
وقتل في الاعتداء اربعة اشخاص هم سائق الحافلة وثلاثة ركاب في مدينة
شفا عمرو في شمال اسرائيل في هجوم قام به متطرف يهودي لقي حتفه بايدي
الحشود الغاضبة.
وكان مرتكب الاعتداء الجندي ايدن ناتان تسوباري (19 عاما) فر من
وحدته قبل شهرين لاعلان معارضته خطة الانسحاب من غزة وهو من عناصر حركة
كاخ العنصرية المتطرفة التي تعتبرها الدولة العبرية خارجة على القانون
وكان يقيم في مستوطنة تابواخ فس شمال الضفة الغربية.
واستنادا الى التحقيقات الاولية للشرطة فان الشاب اليهودي المتطرف
الذي كان يرتدي الزي العسكري صعد الى الحافلة رقم 165 التي تعمل بين
حيفا وشفا عمرو وفتح النار مستهدفا السائق ثم ركاب الحافلة والناس
خارجها.
وادان ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي المسلح الذي ضربه السكان
في بلدة شفا عمرو العربية حتى الموت بعد الهجوم ووصفه بانه "ارهابي
متعطش للدماء". وكان القاتل يسعى فيما يبدو لاشعال العنف بهدف وقف خطة
الانسحاب الاسرائيلية.
وتعهد شارون بأن تبدأ اسرائيل سحب مستوطنيها وقواتها من قطاع غزة
المحتل المقرر في 17 اغسطس اب مهما حدث من محاولات من اليهود اليمينيين
المتطرفين لاحباط الانسحاب الذي تعتبره واشنطن خطوة نحو صنع السلام مع
الفلسطينيين.
واعيد نشر آلاف من افراد الشرطة الاسرائيلية في المناطق التي تقطنها
اغلبية عربية في شمال اسرائيل حيث وقع هجوم الخميس على حافلة لنقل
الركاب بين المدن وذلك لاجهاض اي شغب محتمل.
واتفق قادة الشرطة وزعماء السكان العرب خلال محادثات على السماح
بتنظيم احتجاجات. وقال افي زلبا المتحدث باسم الشرطة "نأمل ان يتحلى
الجمهور العربي بضبط النفس."
وتراجعت المخاوف من حدوث اضطرابات في الحرم القدسي الشريف بعد ان
ادى 35 الف فلسطيني صلاة الجمعة وتفرقوا دون ان ترد تقارير عن اي
حوادث.
وقال عامل النظافة منير باقي الذي شارك في ازالة زجاج نوافذ الحافلة
المحطم من الارض قبل الجنازة "بلدتنا تقع في قلب دولة اسرائيل وهم
يستهدفون الناس هنا. الدولة لا تفعل ما يكفي (لحماية) مواطنيها العرب."
ويشكل العرب نحو خمس سكان اسرائيل ويشكون غالبا من التمييز ضدهم.
وتعاطفوا مع الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لكن لم
يشارك عدد يذكر منهم في الانتفاضة.
وقال الجيش الاسرائيلي ان المسلح يدعى عيدن ناتان زعدا (19 عاما)
وهو جندي هرب من الخدمة في الاونة الاخيرة "وله تاريخ من المشاكل".
وحذرت اجهزة الامن من ان متشددين يهودا قد يستهدفون فلسطينيين او
عرب اسرائيل لاشعال الصراع في محاولة لمنع اجلاء المستوطنين اليهود من
قطاع غزة المحتل.
ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن والدة زعدا قولها انها اتصلت بالجيش
قبل اسبوعين وابلغت بان ابنها مسلح ويعتنق افكارا يمينية متطرفة ويحتمل
ان يكون خطرا لكن شيئا لم يحدث في هذا الشأن.
وشارك نحو ثلاث الاف من انصار حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي
وافقت مع جماعات مسلحة اخرى على وقف اطلاق النار مع اسرائيل في فبراير
شباط في اجتماع حاشد في غزة يوم الجمعة دعوا خلاله الى شن هجمات للثار
من الهجوم على الحافلة في شفا عمرو.
وقال القيادي في حماس نزار ريان في الاجتماع الحاشد ان الفلسطينيين
جميعا شعب واحد ولهم قضية واحدة ويشعرون بنفس الالم ودعا "فصائل
المقاومة" الى الثار من هجوم شفا عمرو وطالب بالرد على اي انتهاك
اسرائيلي لوقف اطلاق النار.
وقالت اجهزة الاعلام الاسرائيلية ان زعدا كان يسكن باحدى ضواحي تل
ابيب لكنه انتقل في الاونة الاخيرة الى مستوطنة يهودية متشددة بالضفة
الغربية وترك وحدته العسكرية احتجاجا على استعداد الجيش لاجلاء
المستوطنين الذين يرفضون الانسحاب من غزة بالقوة. |