![](images/105.jpg)
تحولت كتابة دستور العراق الى مهرجان يومي بما يجتذبه من علمانيين
بلباس غربي وخطباء بثياب دينية ونساء يضغطن من اجل حقوق متساوية ووسائل
اعلام متحفزة لنقل الوقائع.
وتجتمع يوميا لجنة من سياسيين يمثلون الطوائف الاساسية على مدى
الاسابيع القليلة الماضية للاتفاق على صياغة اول دستور للعراق بعد صدام
حسين.
وتتألف اللجنة التي يرأسها رجل الدين الشيعي همام حمودي من ممثلين
للاغلبية الشيعية وللعرب السنة الذين كان صدام يحابيهم وللاكراد وايضا
للمسيحيين وللتركمان.
وتتفاوت بحدة رؤى كثيرين منهم لشكل مستقبل العراق وهويته وهم حريصون
على نقل وجهات نظرهم الى وسائل اعلام عراقية شرهة للاخبار عن عملية
تضغط الولايات المتحدة على العراق لاكمالها بحلول موعد نهائي في 15
أغسطس اب.
ويجري العمل بكامله في مبنى مؤتمرات رمادي اللون داخل "المنطقة
الخضراء" ذات الحماية الامريكية في وسط بغداد والتي تضم البرلمان
العراقي والسفارة الامريكية وكانت في وقت ما تضم قصور صدام.
ويدور كثير من الجدل حول صياغة قد تبدو للبعض متحذلقة.
ويريد كل من العرب السنة والشيعة وصف العراق باعتباره جزءا من
"الامة" العربية والاسلامية. ويريد الاكراد الذين عانوا من الاضطهاد في
ظل النظام القومي العربي لصدام تخفيف الكلمة الى "العالم".
وقال محمد عثمان وهو كردي كان يقف خارج المقهى الذي يتجمع فيه رجال
الاعلام ونواب البرلمان واعضاء لجنة كتابة الدستور في فترات الراحة
"كلمة (امة) لن تقبل."
واضاف "انهم يقترحون الان (جزء من العالم العربي والاسلامي) وهو
اسهل بالنسبة لنا."
وفي نفس الوقت يقاتل الاكراد والعلمانيون في ثيابهم الغربية
والجماعات النسائية لمقاومة اي رغبة من كثير من العرب السنة والشيعة
المؤثرين للتأكيد على الاسلام.
وقال حسيب عارف وهو عضو سني في اللجنة عقب عقد مؤتمر صحفي يوم
الاربعاء بشأن ما تحقق من تقدم حتى الان "تمت الموافقة بصورة اساسية.
سيكون الاسلام (المصدر الرئيسي) للتشريع. نحن لا نقول المصدر الوحيد
وانما الرئيسي."
وتقوم الجماعات النسائية بحملات اعلامية ضد ذلك في اجزاء اخرى من
نفس المبنى الذي تغطيه ملصقات تروج للوثيقة المنتظرة.
وقالت صفية السهيل سفيرة العراق الى مصر "لسنا نائمات. اطالب عبر
وسائل الاعلام الناس بمساندتنا. لقد اصبحت قضية سياسية."
واضافت مشيرة الى اجتماع مهم للجنة الدستور مع الزعماء السياسيين في
العراق "نريد بحث مطالبنا يوم الجمعة والنظر فيها بجدية والموافقة
عليها."
ويقاتل السياسيون السنة لمقاومة اقامة نظام فيدرالي في كل العراق
مثل ذلك الذي يتمتع به الاكراد في ثلاث محافظات شمالية يطبق فيها حكم
ذاتي.
وقال صالح المطلك وهو العرب السنة البارزين في اللجنة "يريد البعض
في الائتلاف (الشيعي) كل شيء حصل عليه الاكراد. حصل الاكراد على
(منطقة).. ولذلك فهم يريدون واحدة ايضا."
وتابع ان "كل شيء يطلبه الاكراد الان حصلوا عليه من قبل من حزب
البعث والعرب" مشيدا بدستور 1970 الذي استمر حتى الاطاحة بصدام.
ورغم ان اللجنة المؤلفة من 71 عضوا لديها دستور مؤقت من العام
الماضي لتستعين به فانها تواجه ضغطا لكتابة وثيقة تطرح في استفتاء
وينتظر ان تساعد في انهاء تمرد سني في الاغلب ضد السلطات التي تدعمها
الولايات المتحدة.
وقال المطلك "نحن قلقون من ان يرفض الشعب الدستور. قطاعات كبيرة من
السكان رفضت بعض النقاط التي توضع فيه."
يجتمع القادة السياسيون العراقيون الذي وضعوا قبل نحو 18 شهرا قانون
ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية من اجل حل المسائل العالقة في مسودة
الدستور العراقي.
ولم يتمكن الاعضاء ال71 في اللجنة البرلمانية المكلفة كتابة الدستور
ويترأسها الشيخ همام حمودي من تجاوز الخلافات حول العديد من المسائل
اهما الفدرالية ودور الدين في الدولة.
وامام هؤلاء القادة السياسيين اسبوع واحد من اجل حل الخلافات قبل ان
تعرض مسودة الدستور على اعضاء الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان)
ليتم تبنيها لتعرض بعدها في الخامس عشر من تشرين الاول/اكتوبر على
الشعب العراقي في استفتاء عام.
وقالت مصادر رسمية ان اجتماع الجمعة سيحضره الرئيس العراقي جلال
طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الوزراء ابراهيم
الجعفري ونائب الرئيس الشيخ غازي عجيل الياور ونائب رئيس الوزراء احمد
الجلبي ورئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي ورئيس الجمعية الوطنية
حاجم الحسني والامين العام لاتحاد الشعب (شيوعي) حميد مجيد موسى.
كما يفترض ان يحضر الاجتماع ممثلون عن الحزب الاسلامي العراقي الذي
يتزعمه محسن عبد الحميد ويعد احد اكبر الاحزاب السنية التي قاطعت
الانتخابات العامة التي جرت في الثلاثين من كانون الثاني/يناير الماضي.
ومعظم هؤلاء القادة كانوا اعضاء في مجلس الحكم الانتقالي
(2003-2004) المعين من قبل الولايات المتحدة ووضع قانون ادارة الدولة
للمرحلة الانتقالية في اذار/مارس من العام 2004.
وقال محمود عثمان عضو لجنة كتابة الدستور والعضو السابق في مجلس
الحكم الانتقالي ان "هؤلاء القادة لديهم صلاحيات اعلى من اعضاء لجنة
كتابة الدستور لذلك بامكانهم حسم الخلافات والوصول الى توافق حول
المسائل العالقة". واكد ان "المهمة صعبة".
من جانبها اعربت مريم الريس عضو اللجنة عن الامل في ان يتم حل
الخلافات. وقالت "اعتقد ان هؤلاء القادة سيكون بامكانهم حل الخلافات
كما فعلوا من قبل ابان مجلس الحكم الانتقالي عندما توصلوا في الساعات
الاخيرة الى توافق حول المسائل العالقة".
واكد احمد الجلبي نائب رئيس الوزراء العراقي والعضو السابق في مجلس
الحكم الانتقالي انه "فيما يتعلق بدور الاسلام فأننا توصلنا الى اتفاق
خلال اعداد قانون ادارة الدولة ليصبح بذلك نقطة انطلاق لمباحثاتنا".
وكان اعضاء مجلس الحكم الانتقالي اعتبروا في القانون ان "الاسلام هو
الدين الرسمي للدولة ويعد مصدرا للتشريع. وسيحترم القانون الهوية
الاسلامية لغالبية الشعب العراقي ويضمن حرية الافراد في العقيدة
والممارسة الدينية".
ومن اجل تجاوز الوقوع بمثل هذا الاشكال قدم الشيخ همام حمودي رئيس
اللجنة البرلمانية المكلفة كتابة الدستور اقتراحا للجمعية الوطنية يقضي
"بترحيل المسائل العالقة في مرحلة لاحقة".
ويواجه القادة والزعماء السياسيين العراقين ضغوطا من المجتمع الدولي
وخصوصا الولايات المتحدة التي اكدت على ضرورة احترام الجدول الزمني.
ودعا وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد في نهاية الشهر الماضي
العراقيين الى الانتهاء من صياغة الدستور الجديد وتبنيه في اقرب وقت
وذلك خلال زيارة مفاجئة لبغداد لكنه حذر من ان اي تأخير في العملية
السياسية سيعزز التمرد.
وصرح رامسفلد للصحافيين الذين كانوا يرافقونه "حان الوقت لصياغته
وكل تأخير سيكون له نتائج سلبية".
من جانبه اكد الرئيس العراقي جلال طالباني لدى استقباله وزير الدفاع
الاميركي دونالد رامسفلد والوفد المرافق له ان صياغة الدستور ستتم
"بالتوافق" من قبل جميع اطراف الشعب العراقي.
ويفترض ان يرفع الدستور العراقي الجديد الى الجمعية الوطنية في 15
آب/اغسطس لتتم مناقشته وفقا للجدول الزمني المحدد مسبقا للمرحلة
الانتقالية. وبعد اقراره في البرلمان يفترض يطرح الدستور في استفتاء
شعبي عام قبل 15 تشرين الاول/اكتوبر. |