الأفضلية لمن لعملية البناء أم للتفخيخ ؟؟!!

وداد فاخر *

لست بصدد محاسبة الإرهابيين على ما فعلوه، ولا أريد أن أضع كشف حساب أمامهم بما فعلوه من أعمال قتل وتخريب في العراق وبلدان أخرى في العالم، ولنفترض جدلا أنهم محقون في دعوتهم لـ (مقاومة المحتل) الأمريكي، وإنهم مع افتراض أن أبو تبارك والشيخ زانا وأتباعهم ليسوا من أتباع (الشيخ المؤمن) أبي مصعب الزرقاوي. وإن كل (شيوخهم) يعملون لـ (وجه الله)، ولا يفرقون بين شيعي وسني، ولا يألبون العربي على الكوردي. إذن فعليهم، أي شيوخ الإرهاب السلفي من الاسلامويين أن يبرهنوا لنا على حماسهم الديني، ومبلغ حبهم لعمل الخير والصلاح في هذه الأمة !!.

فكلنا نعرف مقدار الفقر والضيم المحدق بغالبية الشعوب العربية، وخاصة من يسكن منهم في شمال افريقية، أو على ساحل البحر العربي – لا الخليج العربي، وهذا للتذكير -، ومن يعيش في بعض البوادي العربية.

فشعوب تعيش في اليمن والصومال والمغرب وموريتانيا ومصر والسودان، بحاجة ماسة جدا إلى زيادة بعدد المدارس والمستشفيات والخدمات البلدية والاجتماعية الضرورية البسيطة لعجز معظم حكومات تلك الدول عن توفير العديد من تلك الخدمات لضيق ذات اليد، أو للفساد الإداري والمالي.

 أما إذا توجهنا نحو الشعوب الإسلامية فنحن بحاجة ماسة لمليارات من الدولارات لتوفير ابسط الخدمات لمسلمين لا زال الكثير منهم يعتاش على مساعدات الدول المانحة من (الكفار) الذين يوفرون لقمة الخبز الحاف لملايين من المسلمين في أرجاء آسيا وأفريقيا الجائعة، بينما يوفر بن لادن ملياراته لعمليات القتل والابادة بالتفخيخ بدلا من مساعدة المحتاجين وفقراء العرب والمسلمين.

السؤال هو ألا يرى معي دعاة (مقاومة) المحتل، ومنظري سيارات التفخيخ أن من الاوجب احتياطا كما يقول الفقه الإسلامي توفير ابسط ظروف العيش الكريم لأولئك الجياع بدلا من أن يمدوا أيديهم لـ (الكفار) الغربيين  من (الصليبيين) الذين (يحتلون) بلداننا بدل أن تصرف مليارات الدولارات على شراء ذمم شباب جائع ومفلس وجاهل بغية تجنيدهم لعمليات انتحارية يأباها الدين والشرع الإسلامي الحنيف، وسيارات حديثة لتلغم وتفجر وسط أبرياء آمنين لا ذنب لهم سوى إنهم عراقيين فقط من سنة، أو شيعة، مسلمين أو من باقي الديانات السماوية الآلهية في وطن اسمه العراق ؟ !.

وكم يصرف على جيوش من العاطلين الشباب الذين تحتاج بلدانهم لهم في عملية البناء بدل تنظيمهم في كراديس إرهابية لقتل من لا ذنب له من الأبرياء بحجة الجهاد ؟!.

فمصر تعتاش على السياحة لأننا نعرف أن مواردها الأخرى ضئيلة، وعملية قتل الأجانب يزيد الفقر فقرا، ويترك عوائل بلا مردود مالي نتيجة تقلص الموسم السياحي، أو أفوله نهائيا. والعراق يعتاش على النفط  وضرب أنابيب النفط لا يضر بأمريكا، أو بريطانيا بل يحرم المواطن العادي من المال والكثير من الخدمات الضرورية. أما تخريب المنشآت الخدمية وخاصة إسالة الماء فتلك سبة حملها (فرسان) عمر بن سعد بن أبي وقاص قائد جيش يزيد بن معاوية الأموي، وتكرارها هو السير على خطى ذلك القائد الذي كتب اسمه بخطوط سوداء شوهت كل تراث العرب وقادتهم منذ بدء الخليقة حتى يومنا الحاضر.

ادعوا معي أي معلم رياضيات ليحسب مقدار ما يجمع ويصرف على عمليات التفخيخ والتفجير والتخريب التي تجري ظلما باسم الإسلام، مضافا لها الخسائر المادية والبشرية التي لا تقدر بثمن، وليعطي لنا ناتج فعلة العروبيين والاسلامويين  من (فرسان) التفخيخ الاسلاموي أي مقدار الربح والخسارة. وبالأخير لنرى من هو اشد ضررا على أوطاننا والشعوب العربية والإسلامية المغلوب على أمرها، أمريكا، أو من يجهز المال والشباب لعمليات التفخيخ الاسلاموية السلفية (البطلة) ؟.

نسيت أن اذكر إن هناك من استنكر عمليات التفجير في لندن، لأن (ارض المعركة هي العراق) كما قال كل من محمد عمارة وياسر السري وهاني السباعي القابعين في لندن والمعتاشين على هبات بلديتها التي توفر لهم (المال الحلال) مما تحصل عليه من ضرائب (حلال شرعا) وهي مما يأتيها من خمارات ودور قمار ومراقص وملاهي ليلية، وضرائب على العاهرات وما إلى غير ذلك من (المال الحلال). وفرحت لان الشيخ الدكتور(المبجل) السيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر الذي يعين بمرسوم جمهوري استنكر قتل المسلمين في مصر وليذهب كل العراقيين للجحيم فما غرض الدكتور طنطاوي بهم !!. وزادني فرحا إن الأزهر (الشريف) اقصد علمائه، طالبوا أن يعوض الشعب العراقي مصر فدية المبعوث الدبلوماسي المصري ماهر الشريف ذهبا جراء قتله من قبل من شجعهم النظام المصري وغيره من الأنظمة الشمولية العربية التي تستقبلهم بالأحضان على إنهم (مقاومة شريفة). ولم اسمع للآن مطلب العلماء الجزائريين عن فدية الشهيدين الجزائريين الذي قتلا غيلة بيد (أبطال القاعدة)، فقد ظهر لي إن دم العراقي لا يساوي شيئا بالقياس لدم المصري الذي يقتل على ارض العراق.

لكن كل المشكلة إنني لم اسمع أن قاعديا واحدا من جماعة بن لادن، ذهب للقتال في فلسطين المحتلة، وقاتل الإسرائيليين الذين يغتصبون أرضا عربية منذ 60 سنة، ولا ذهب السوريين منهم لتحرير الجولان المحتلة، أو مدن سورية محتلة منذ أكثر من ثمانين عاما من قبل تركيا كلواء الاسكندرون وإنطاكية، ولا المصريين منهم للدفاع عن كرامتهم المهدورة في مضائق تيران، ولا المغاربة لتحرير مدينتي سبته ومليلة والجزر الجعفرية من الاحتلال الأسباني، كل ذلك تركوه وامسكوا بشئ اسمه الاحتلال الأمريكي للعراق وخصصوا مليارات الدولارات لقتل أبنائه وتخريب بناه التحية، لان فيه كورد وشيعة.

فما هو الاوجب شرعا يا (أبطال القاعدة !)، تقديم العون والمساعدة للمحتاجين من العرب والمسلمين، أو تقتيل وتخريب بلدانهم مما يتوفر من مال جمعتموه من أوجه مختلفة وخاصة تجارة المخدرات ؟!.

* كاتب عراقي / فيينا

شبكة النبأ المعلوماتية - الاحد 31/ تموز/2005 - 23/ جمادى الأولى/1426