هل تكون هولندا الهدف القادم للارهاب في اوربا؟

قال مسؤول رفيع في الحكومة لصحيفة هولندية يوم السبت ان هولندا تواجه تهديدا ارهابيا "ملموسا" ولابد أن تبدأ تدريبات منتظمة لرفع درجة الاستعداد للتعامل مع هجوم محتمل.

وقال تيبي يوسترا المنسق العام لمكافحة الارهاب لصحيفة ألجيمين داجبلاد في مقابلة ان على الحكومة أن تبذل مزيدا من الجهود للاستعداد واعلام الشعب بخطر الارهاب.

وأضاف يوسترا أن "وقوع هجوم أمر محتمل للغاية. لا يوجد أي مؤشرات ملموسة على الزمان والكيفية ولكن نطاق أفكار (تنظيم) القاعدة يتسع بشكل كبير."

وتابع "هناك حديث عن تحول اسرع للاصولية لذا نحن نتحدث عن تهديد ملموس."

وفي أعقاب تفجيرات قطارات مدريد وتفجيرات شبكة النقل في لندن زادت المخاوف من احتمال وقوع هجمات مماثلة في هولندا التي أيدت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وأرسلت جنودا الى هناك بعد الحرب.

ونقلت صحيفة دي تليجيراف عن نتائج استطلاع للرأي يوم السبت أن ثلثي الهولنديين يتوقعون حدوث هجوم على أرضهم خلال عام.

وعدد الاستطلاع بعض الاماكن التي يمكن أن تكون أهدافا محتملة لهجمات وعلى رأسها مطار امستردام والمواصلات العامة والحفلات الشعبية ومباريات كرة القدم.

وقد أكد 71% من الهولنديين أنهم يترقبون وقوع عمليات إرهابية على أراضيهم قبل نهاية هذا العام أو خلال عام بحد أقصى، بينما رجحت نسبة 78% أن العمليات الإرهابية يمكن أن تقع في غضون 3 أعوام، في حين توقع 33% أن أوروبا ستتعرض خلال السنوات الخمس القادمة إلى هجوم إرهابي بالقنبلة القذرة أو تفجيرات باستخدام مواد نووية أخرى.

وأكد غالبية الهولنديين في استطلاع للرأي أن فرصة حدوث عمل إرهابي بهولندا قد تزايدت بعد اعتداءات شرم الشيخ وتفجيرات لندن، وأن المخاوف تصاعدت بعد الحكم بالسجن المؤبد على المغربي المتطرف محمد بويري قاتل المخرج الهولندي تيو فان جوخ.

وتعد هذه النسبة الأكبر من نوعها في تاريخ هولندا بما في ذلك نسبة المخاوف التي سجلتها استطلاعات الرأي في أعقاب أحداث 11 سبتمبر الإرهابية على أمريكا. وتوقع 11% من الهولنديين أنهم سيكونون أنفسهم ضحايا للعمليات الإرهابية، بينما أكدت 16% على أن المخاوف تتركز في المواصلات ووسائل النقل العامة.

وقد تواكبت نتائج استطلاع الآراء مع إعلان سلطات أمن ميناء روتردام عن مخاوف من قيام الإرهابيين بالتخطيط لتنفيذ عمليات تفجيرات تحت المياه بالميناء، وأشار مسؤول أمني بالميناء إلى أنه منذ يوليو الماضي تم إخلاء مواقع بالميناء 40 مرة، وإجراء بحث عن شحنات تحملها مراكب قادمة من الخارج للاشتباه في وجود مواد نووية مهربة أو متفجرات.

وفي وقت سابق هذا العام بدأت هولندا تطبيق نظام انذار ضد الارهاب في مطار امستردام وميناء روتردام وشبكات السكك الحديدية وضخ المياه.

وفي أبريل نيسان الماضي نفذت هولندا تدريبا اجرت فيه تفجيرا وهميا في حفل لموسيقى الراب في ملعب امستردام أرينا لاختبار مدى استعداد خدمات الطواريء في واحد من أكبر التدريبات من هذا النوع. ولكن يوسترا قال ان هذا غير كاف.

وأضاف "ننظم شيئا من حين لاخر مثل التدريب الكبير في ملعب امستردام أرينا في أبريل ولكن الامر الصائب هو اجراء تدريبات بشكل منتظم."

وكثفت هولندا الاجراءات الامنية عبر البلاد في أعقاب تفجيرات مدريد العام الماضي.

وجرى تشديد الاجراءات الامنية حول البرلمان أيضا في ظل التهديدات باستهداف شخصيات سياسية في أعقاب اغتيال المخرج ثيو فان جوخ الذي أثار مشاعر المسلمين بانتقاداته الصريحة للاسلام.

وتسبب مقتل فان جوخ في وقوع هجمات انتقامية استهدفت مساجد ومدارس دينية وكنائس. وصدر حكم بالسجن مدى الحياة على قاتله الذي أقر بارتكاب الجريمة وهو مغربي مسلم ولد في هولندا.

واتهم المدعون الهولنديون 12 رجلا اعتقلوا بعد مقتل فان جوخ بعضوية جماعة ارهابية يشتبه في أنها كانت تخطط لهجمات أخرى. وأطلق سراح أحدهم في وقت لاحق.

وفي جلسة تمهيدية قبل المحاكمة قارن ممثل الادعاء كوس بلوي بين المسلمين البريطانيين المشتبه بأنهم نفذوا تفجيرات لندن هذا الشهر و11 شابا "لا يوجد ما يميزهم" متهمين بالمشاركة في جماعة ارهابية.

وتابع بلوي انه لا أحد يعرف أي جماعة كانت تخطط "لجرائم ارهابية" ولكن هم "يعكفون بهدوء فيما يبدو على بث معتقدات تبرر أعمالا مروعة."

وقال المدعون ان محمد بويري الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة يوم الثلاثاء لإدانته بقتل المخرج تيو فان جوخ الذي اغضب المسلمين بانتقاداته العلنية اللاذعة للاسلام سيواجه نفس الاتهامات مثل باقي أعضاء الجماعة.

واقر بويري (27 عاما) وهو هولندي من أصل مغربي بارتكابه جريمة القتل.

واعتقلت الشرطة الهولندية 12 شخصا اخر معظمهم من أصل مغربي بعد ايام من مقتل فان جوخ في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني 2004 واتهمتهم بالمشاركة في جماعة ارهابية يشتبه بقيامها بالتخطيط لهجمات جديدة. وافرج عن أحدهم في وقت لاحق.

وقال بلوي يوم الاربعاء ان بويري وسوريا يدعى رضوان العيسى أو "ابو خالد" الذي مازالت السلطات الهولندية تبحث عنه ترأسا اجتماعات للجماعة قالا فيها ان من واجب المسلمين المخلصين محاربة وقتل "الكفار".

وابلغ بلوي محكمة روتردام التي خضعت لحراسة مشددة قوله "لقد أوجد ذلك النية وغذاها بين مجموعة المشتبه بهم لتنفيذ أعمال ارهابية. كان بويري من خلال كتاباته وتوزيع ما يكتب عنصرا محرضا مهما في تلك العملية."

وقال بلوي ان المشتبه بهم قد يحاسبون على ارائهم المتشددة حتى لو لم يكونوا قد ارتكبوا جرائم عنيفة وطلب من المحكمة تمديد احتجازهم حتى 20 اغسطس اب موعد الجلسة القادمة قبل المحاكمة.

وقال بلوي ان ثلاثة من المشتبه بهم الهولنديين زاروا باكستان مشيرا الى تقارير وسائل الاعلام بعد هجمات لندن التي ذكرت ان بعض المدارس الدينية هناك تجند متطوعين غربيين لشن هجمات.

وأضاف ان واحدا من المشتبه بهم الهولنديين وهو اسماعيل اخنيخ (22 عاما) الذي اعتقل بعد مواجهة عنيفة مع الشرطة اصيب فيها اربعة ضباط بقنبلة يدوية نقل الى سجن اخر لمحاولته التأثير على سجناء اخرين.

وتابع بلوي ان اخنوخ دعا أحد السجناء للانضمام الى "قافلة الشهداء" قائلا ان البرلمان الهولندي ينبغي ان يتحول الى محكمة اسلامية وأنه يتعين قتل كل من توني بلير رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكننده.

ومضى بلوي يقول "تم نقله (الى سجن اخر) لان رفاقه من السجناء بدأوا ينظرون اليه وكأنه نبي."

وقال مدعون ان قضية نور الدين الفاطمي الذي اعتقل في 22 يوليو تموز بزعم حيازته لمسدس محشو بالرصاص يجب ضمها أيضا الى قضية الاعضاء المزعومين للشبكة التي اطلقت عليها المخابرات الهولندية اسم جماعة "هوفشتاد".

وابلغ بلوي المحكمة ان راشد بلقاسم (32 عاما) الهولندي الذي اعتقل في لندن الشهر الماضي وسلم الى هولندا هذا الاسبوع له صلات واضحة بالجماعة.

وتابع وقائع الجلسة من مقاعد الجمهور سمير عزوز وهو شاب هولندي من أصل مغربي برأته المحكمة نفسها في ابريل نيسان من اتهامات منفصلة بالتخطيط لهجمات.

وقال بلوي ان السلطات الهولندية تسعى للتأكد من تقارير اعلامية ترددت في الاونة الاخيرة عن ان العيسى اعتقل في سوريا. واذا كان هذا صحيحا فان السلطات الهولندية ستطلب استجواب وتسلم الرجل الذي يشتبه بأنه الزعيم الروحي لجماعة هوفشتاد.

من جهته أعلن وزير العدل الهولندي بييت هين دونر إجراءات جديدة سيتم تنفيذها قريبا تقضي بالحكم بالسجن لمدة عام ضد أي شخص يبدي إعجابه بالإرهاب أو العناصر الإرهابية داخل المجتمع الهولندي في الأحاديث العابرة.

كما ستشمل الإجراءات بجانب السجن، فرض غرامات مالية كبيرة على هؤلاء المعجبين بالإرهاب في أحاديثهم، بجانب طردهم من وظائفهم أياً كان نوع هذه الوظيفة التي يعملون بها، وسيتم توزيع لائحة بتطبيق هذه الإجراءات على كافة الجهات الوظيفية الحكومية وغير الحكومية.

وأكد الوزير الذي ينتمي للحزب الديمقراطي المسيحي أن هذه الإجراءات التي ستطبق قريبا في هولندا لا تتعارض مع حرية الفكر والتعبير عن الرأي التي يجيزها الدستور ويحميها القانون الهولندي والنظام الديمقراطي، ولكن توجد منتديات رأي وفكر يمكن للمواطنين التعبير عن آرائهم خلالها.

وقد أثار الإعلان عن الإجراءات الجديدة موجة انتقادات حادة من قبل منظمات حقوق الإنسان الهولندية والدولية باعتبارها قمعا لحرية الرأي ومصادرة الفكر، بجانب تسببها في تحول المواطنين إلى جواسيس ضد بعضهم البعض داخل أماكن العمل وفي العلاقات العامة، ووجود مخاوف وحذر في العلاقات الاجتماعية والأحاديث العابرة التي تجري بين المواطنين.

يذكر أن وزارة العدل الهولندية أقرت بداية هذا العام إجراءات لملاحقة الأئمة الذين يتحدثون بكراهية أو يشجعون التطرف والعنف، وتعريضهم لعقوبة السجن لمدة عام بجانب استبعادهم عن الإمامة أو طردهم خارج البلاد إذا ما كانوا يحملون إقامات مؤقتة على الأراضي الهولندية.

وأعد وزير العدل الهولندي بيتهاين دونر مشروع قانون يقضي بحبس الأشخاص الذين يروجون للتطرف ويدعون الى أفكار ذات صلة بالإرهاب والكراهية، لمدة لا تتجاوز السنة. وأفادت وكالة الأنباء الهولندية امس ان هذا المشروع يأتي في إطار ما كانت الحكومة قد أعلنته مطلع العام الحالي بشأن اعتزامها اتخاذ خطوات ضد ما يطلقه بعض ائمة المساجد من تحريض على الكراهية وتشجيع على التطرف وسط صغار السن من ابناء الجاليات المسلمة. ويدعو مشروع القانون ايضاً الى طرد الشخص من عمله اذا ثبت انه استغله في التحريض على التطرف والارهاب والكراهية. واشارت تقارير هولندية امس الى ان هذا المشروع يستهدف خصوصاً أئمة المساجد لا سيما الذين يدعون منها الى «الجهاد» وكراهية الغرب. من جهة اخرى، قالت الشرطة الهولندية امس انها حققت في مزاعم عن تعرض نجل السينمائي ثيو فاخ غوخ الى اعتداء من قبل شبان مغاربة، وتوصلت الى عدم وجود أدلة تثبت هذه الادعاءات. وكان برنامج تلفزيوني هولندي قد افاد، الليلة قبل الماضية، ان ليو فان غوخ، 14 سنة، تعرض للضرب مرتين من جانب فتيان مغاربة اعترضوا طريقة أمام منزله. وكان القضاء الهولندي قد حكم خلال الأيام الماضية بالسجن مدى الحياة على الهولندي المغربي الاصل محمد بويري بعد إدانته بمقتل السينمائي ثيو فان غوخ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

 من جهته أكد جهاز الاستخبارات الهولندي ان الارهابيين والمتطرفين اكتشفوا أساليب أجهزة المخابرات لتعقبهم ومراقبتهم وانهم اكتسبوا خبرات عالية وكشفوا ثغرات الاجهزة الامنية للإفلات منها وأنهم يستغلون خبراتهم المكتسبة في تطوير أساليبهم لتنفيذ الهجمات الارهابية. وأكد فان ستين المتحدث الرسمي باسم المخابرات الهولندية ان الارهابيين والمتطرفين يتابعون كل ما يكتب في وسائل الاعلام وأصبح لديهم معلومات حول وسائل تتبعهم عبر مراقبة تليفوناتهم وبريدهم الالكتروني أو دس أجهزة مراقبة وتنصت وتسجيل في أماكن تواجدهم.

وأضاف انهم أصبحوا يستغلون هذه الوسائل لمصالحهم عن طريق التحكم في الاتصالات الهاتفية الالكترونية واستخدام تليفونات محمولة مؤقتة يتخلصون منها بمجرد انهاء مكالماتهم التي تحتوي علي معلومات متبادلة وأوامر تنفيذ الهجمات حتي لا يمكن صدهم. وأكد »ستين« لجوء المتطرفين والارهابيين لأسلوب جديد في تبادل المعلومات والتلاعب في صحيفة الحالة الجنائية لكل منهم للإفلات من الاتهامات ولمحو أدلة الاتهام لإفشال الجهود الامنية أمام القضاء. وطالب »ستين« بالعمل علي سد الثغرات الامنية وتطوير العمل بصورة لا تسمح للإرهابيين باختراق الانظمة الامنية مع تعميق التعاون بين أجهزة الاستخبارات الاوروبية مع التأكيد علي أن هؤلاء الارهابيين يتمتعون بذكاء وأن خطواتهم محسوبة. 

شبكة النبأ المعلوماتية - الاحد 31/ تموز/2005 - 23/ جمادى الأولى/1426