خلافات دستورية حادة بين الطوائف الثلاث حول شكل الفيدرالية وصلاحية الاقاليم والنفط

حذر عضو في لجنة صياغة الدستور الدائم في العراق يوم السبت من تعرض العملية الدستورية الى التوقف في حال اصر الاعضاء الاكراد في اللجنة على مطالبهم بمنح اقليم كردستان صلاحيات واسعة ومستقلة.

وكشف عضو اللجنة جواد المالكي في تصريح للصحافيين عن ان الاعضاء الاكراد في اللجنة يريدون منح كردستان سلطة عقد الاتفاقيات والمعاهدات والتمثيل الدبلوماسي واستقلال الجيش والثروات والعلاقات الخارجية. واعتبر المالكي الذي يعد الرجل الثاني في حزب الدعوة الاسلامية برئاسة ابراهيم الجعفري هذه المطالب بانها "غير مقبولة" وتتعارض مع ما تم الاتفاق عليه بان يكون شكل الفيدرالية في العراق أداري يضمن وحدة اقاليمه.

وقال "في حال أصر الاكراد على هذه المطالب فانه ذلك سيؤدي الى توقف العملية الدستورية كلها واللجوء الى خيار التمديد لعمل لجنة وضع الدستور لستة اشهر" مضيفا "هذا ما لا نرغب فيه".

ورفض المالكي فكرة احتمال انهيار حكومة ابراهيم الجعفري في حال عدم الاستجابة لمطالب الاكراد واشار الى ان ما قد يحصل هو التمديد للجنة لستة اشهر اخرى. وتتكون حكومة ابراهيم الجعفري بشكل رئيسي من تحالف بين كتلتي الائتلاف العراقي الموحد برئاسة الجعفري والتحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الكرديين الرئيسيين برئاسة مسعود البرزاني وجلال الطالباني. وبشأن موقف الاعضاء العرب السنة في اللجنة من المطالب الكردية قال المالكي انهم يرفضون كليا مبدأ الفيدرالية خلافا لموقف الاعضاء الشيعة الذين يرون بانه نظام اداري يخلص العراق من نظام الحكم المركزي الذي كان سائدا منذ الاستقلال. من جانبه قال عضو اللجنة الدستورية عباس البياتي انه تم التوصل الى صيغة توافقية حول مسألة توسيع صلاحيات الاقاليم وان البحث الان يجري عن تسمية ثانية للفيدرالية لا تثير "حساسيات فئوية".

 واعتبر ان مسالة الصلاحيات الممنوحة للاقاليم ستكون "لا مركزية" ادارية وسياسية واقتصادية من اجل تجاوز حساسية العرب السنة من فكرة الفيدرالية والاستجابة لطموحات الاكراد في هذا السياق. واوضح البياتي ان العرب السنة يرغبون في ايجاد تسمية اخرى غير الفيدرالية برغم عدم معارضتهم لفكرة تحويل المحافظات وهي التسمية الادارية الدارجة في العراق حاليا الى اقاليم. ولا يزال العرب السنة متحفظين على مبدأ الفيدرالية وصلاحياتها باعتباره نظاما سيؤدي الى تقسيم العراق وقال بهذا الشأن عضو اللجنة الدستورية صالح المطلق ان "الدخول في تفاصيل صلاحية الاقاليم سيجر الى التقسيم".

 واشار المطلق وهو المتحدث الرسمي باسم مجلس الحوار الوطني (تجمع عربي سني) الى ان تصورات العرب السنة تتلخص بترحيل المواضيع المختلف عليها بما فيها الفيدرالية الى ما بعد الانتخابات المزمع اجراؤها في نهاية ديسمبر المقبل. والى جانب الخلاف داخل لجنة وضع الدستور الدائم على نظام الفيدرالية وصلاحيات الاقاليم فان عبارة "العراق جزء من الامة العربية" هي الاخرى محط خلاف بين الاكراد والعرب. واكد العضو الكردي في الجمعية الوطنية محمود عثمان رفض القادة الاكراد ادراج هذه العبارة ضمن الدستور العراقي الجديد بدعوى ان العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب. واوضح عثمان ان الشعب الكردي ليس جزءا من الامة العربية وان تلك العبارة لا تنطبق عليه مشيرا الى ان الاكراد يطمحون الى أقامة عراق جديد موحد يحظى بتأييد جميع مكونات الشعب العراقي. ومن الخيارات المطروحة لتجاوز هذا الخلاف تغيير العبارة الى "العراق جزء من العالم العربي" او الى خيار اخر "الشعب العربي في العراق جزء من الامة العربية".

من جهته قال سياسي كردي بارز ان سن دستور جديد للعراق اعتمادا على الشريعة الاسلامية يمكن ان يقوض اي فرصة لان تصبح البلاد ديمقراطية تماما.

وقال وزير التخطيط برهم صالح لرويترز ان العراق كدولة دينية مشابهة لانظمة اخرى لن يكون مقبولا.

واضاف انه لا يمكن ان تقام جمهورية عراقية ديمقراطية فدرالية مع وجود نظام مثل طالبان في اجزاء من العراق.

وصالح عضو كبير في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومقرب من الرئيس العراقي جلال الطالباني وكان في عمان بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في لندن.

وتعد لجنة برلمانية يرأسها رجل دين شيعي دستورا جديدا للعراق حدد للانتهاء منه يوم 15 اغسطس اب كموعد نهائي.

ونشرت صحيفة الصباح الحكومية هذا الاسبوع نسخة من مسودة الدستور عرفت العراق على انه جمهورية فدرالية اسلامية وقالت ان الاسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع.

وقال صالح ان هناك مسودات مختلفة منها ما يدعو لتقليص دور الدين في الحياة العامة ومنها ما يدعو الى دولة دينية.

واضاف انه حسب الدستور المؤقت لا يمكن ان يصبح العراق دولة دينية. وقال انها ليست نقطة اجماع وطني.

وتابع ان نقطة الاجماع الوطني تكمن في تأكيد الاسلام كدين رسمي للدولة يمثل مصدرا للتشريع وليس المصدر الوحيد.

وذكر صالح ان السياسات العلمانية التي يدعو لها زعماء الاكراد واغلبهم من السنة ليست معادية للمنطقة.

واضاف ان الدين يجب ان يكون له دور في الحياة العامة.

وقال انه لا بد من وجود انسجام بين القيم السياسية والدينية وهي قيم اخلاقية وتدعو للتسامح والعدالة وغيرها.

واضاف ان "ما نختلف معه" هو اقحام الدين الاسلامي في السياسة واستخدامه كوسيلة في ايدي السياسيين للقفز الى السلطة.

كما قال برهم صالح ان اكراد العراق يطالبون بالتحكم الجزئي،على الاقل، في موارد النفط في شمال العراق حيث تسكن اغلبية كردية.

وقال صالح "نحن ندعو للسماح للمحافظات بالمشاركة في ادارة قطاع النفط لان نظام الادارة المركزي اثبت عدم جدواه".

وكشف صالح عن مفاوضات تجري حاليا لضمان ان ينص الدستور العراقي الجديد على عدم مركزية الاقتصاد بما يسمح بمشاركة اكبر للاكراد والمناطق الجنوبية ذات الغالبية الشيعية.

ويرى المراقبون ان حل المشكلات المتعلقة بالفيدرالية سيكون من اصعب المهمات التي يتوجب على لجنة صياغة الدستور العمل على انجازها.

ويعتبر شمال العراق غنيا بالنفط والغاز بما يشمل كركوك وهي مدينة يسكنها خليط من العرب والاكراد والتركمان.ويفترض ان يتقرر مصير المدينة بعد الانتخابات العامة المقررة في نهاية العام الحالي .

شبكة النبأ المعلوماتية - الاحد 31/ تموز/2005 - 23/ جمادى الأولى/1426