حقوق المرأة في الدستور العراقي تفجر صراعا علمانيا اسلاميا مبكرا

تحولت عبارة قصيرة قد يتضمنها أو لا يتضمنها الدستور العراقي الجديد الى ساحة قتال وراء الكواليس حول حقوق المرأة يقول نشطاء انها قد تحدد نوع المجتمع الذي سيتحول اليه العراق.

لكن النشطاء المدافعين عن المرأة يقولون انهم يخشون أن السلطات الجديدة في العراق ستعطي أولوية أكبر للشريعة مما يحرم المرأة من حقوق في مقدمتها الحق في اللجوء للمحاكم المدنية في قضايا الطلاق وحضانة الاطفال.

وقال تميم العزاوي وهو محام وناشط في الدفاع عن حقوق المرأة لرويترز "نريد أن ندعم دولة بها قانون مكرس لتحقيق المساواة بين الرجال والنساء." وتابع قائلا "نخشى ألا يسمح الدستور الجديد للمحاكم بأن تعطي للمرأة حقوقها."

والمشرعون العراقيون مشغولون بصياغة مسودة دستور جديد من المفترض أن يقدموه في 15 أغسطس اب لكي يصوت عليه العراقيون في استفتاء يجرى في أكتوبر تشرين الاول.

لكن لم يعلن رسميا الى الان عن أي مسودة.

لكن بينما تستمر المفاوضات وراء الابواب المغلقة كشفت الجماعات المدافعة عن المرأة عن ما تقول انه صيغة احتوت على لغة تلغي حق المرأة في رفع دعاوى طلاق أمام المحكمة. وبدلا من ذلك ستبت الشريعة في الخلافات الاسرية في اطار العائلة.

قالت سهام الحساني الناشطة البارزة المدافعة عن المرأة "نريد أن نرى قانون طلاق مماثل لذلك الموجود في الغرب وهو قانون.. ينطبق على الجميع بغض النظر عن طوائفهم."

وأدت مسودة الدستور التي جرى تسريبها الى مظاهرة نشطاء مدافعين عن المرأة في بغداد وقصة في نيويورك تايمز أصبحت نقطة حوار رئيسية في واشنطن وكلمات عنيفة من وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد.

قال رامسفيلد في مؤتمر صحفي في البنتاجون "أرى شخصيا أن أي بلد لا يدمج نصف سكانه بطريقة مناسبة يرتكب خطأ كبيرا."

وسارع مسؤولون يشاركون في وضع مسودة الدستور بتقديم تأكيدات بأنهم ليست لديهم خطط كهذه.

وقال همام حمودي رئيس لجنة صياغة الدستور في مؤتمر صحفي ان البرلمان وليس الدستور هو الذي سيحسم المسألة المتعلقة بأي محكمة ستنظر في قضايا الاسرة بمقتضى القوانين العادية.

وقال حمود ان الدور الذي سيلعبه الاسلام في الدستور سيكون مماثلا للوضع الحالي المنصوص عليه في قانون ادارة الدولة الذي أشرفت عليه الولايات المتحدة وبريطانيا والذي من المقرر أن يحل الدستور محله.

واستبعد قانون ادارة الدولة بشكل واضح سطرا يسمى المادة 137 التي كانت ستحيل الامور الخاصة بالاسرة لمحاكم دينية.

ويقول مطلعون على عملية صياغة الدستور ان اللغة التي يتبناها فيما يتعلق بحقوق المرأة تظل غير محددة.

وقال دبلوماسي غربي يتابع عن كثب عملية صياغة دستور جديد للعراق ان اللغة تغيرت اثناء اعداد المسودة في الايام القليلة الماضية ويمكن ان تتغير مرة اخرى.

وأضاف الدبلوماسي الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته تجنبا لاعطاء الانطباع بأن دولته تسعى للتدخل في العملية "أشار نص اطلعت عليه في بداية الاسبوع (الماضي) الى طائفة الناس ودينهم كاطار ينظم شؤونهم الاسرية. وهذه الفقرة حذفت كلها في الواقع وتم استبدالها."

لكنه قال انه لم تتم بعد تسوية صياغات أخرى تتعلق بدور الاسلام في القانون.

وأضاف الدبلوماسي محذرا "لا تقفزوا الى استنتاجات. فهذا موضع نقاش الان."

من جهتها صرّحت وزيرة الدولة لشؤون المرأة العراقية الدكتورة أزهار عبد الكريم الشيخلي بأن العراقيات كثيراً ما يعتبرن أنفسهن أقل شأناً من الرجال، وهذا موقف يجب أن يتبدل.

وتساءلت الشيخلي خلال نقاش حول الدستور العراقي وحقوق النساء جرى في منتدى النساء المستقلات بواشنطن يوم الأربعاء 20 تموز/يوليو الجاري: "كيف يمكننا أن نقنع النساء وأن نجعلهن يفكرن بأنهن لسن أدنى منزلة من الرجال؟" وأجابت: "إن كل المساعدات المتاحة في العالم لن تكون ذات فائدة اذا لم نساعد أنفسنا."

وكان بين الحضور وفد عراقي ضم عضوات في اللجنة الدستورية العراقية وخبيرات قانونيات عراقيات وداعيات لحقوق المرأة. أما الوفد الأميركي، فضم مسؤولين من وزارة الخارجية الأميركية ومحامين وناشطين في مجال حقوق النساء.

وتحدثت في الندوة كل من زينب السويج المديرة التنفيذية للمؤتمر الأميركي الإسلامي؛ وكارول بصري، أستاذة قانون الشركات بكلية الحقوق في جامعة بنسلفانيا؛ وليزا ديفيس، نائبة مدير البرامج ومديرة برنامج "رايتس" في مؤسسة "فريدوم هاوس"؛ وماري لاركن، مديرة البرامج الدولية بمؤسسة "ستريت لو". وتناولت أحاديثهن كيفية دمج حقوق النساء في الدستور العراقي وسبل ضمان وقاية هذه الحقوق.

وأوضحت بصري أهمية التركيز على وسائل الرقابة والضوابط على الدستور العتيد، وقالت إن حقوق الفرد يتعين صونها تفادياً "لانزلاق" قد يؤدي الى فقدان حقوق الكثيرين.

وشددت كذلك على أهمية أن تكون قيم النساء جزءاً من المجتمع الجديد. وقالت: "غالباً ما لا تعتبر النساء أنفسهن جزءاً من المؤسسة، وبالتالي فإنهن أقل احتمالا بتلقي الرشوات. ولهذا ومن أجل الإقلال من الفساد الحكومي، يجب دمج النساء."

وأشارت بصري الى أن قيم النساء هي المفتاح لمجتمع مدني متين وقالت: "لدى النساء دور خاص في المحافظة على قيم معينة مثل القيم الأسرية الضرورية لتاسيس مجتمع مدني."

ومن ناحيتها، تحدثت لاركن عن التقدم الذي تحقق من خلال إدخال تعديلات مستمرة على الدستور الأميركي. وقالت ان الدستور لو بقي على حاله لما تمكنت هي، كإمرأة سوداء، من التحدث في الندوة. واضافت: "ان قوة الدستور قد لا تتمثل دائما في وثيقته الأصلية" بل في حقيقة ان الدستور "يحيا وينمو وبإمكان المرء ان يعدّله." وشددت على قيمة حرية التعبير التي تجيز مثل هذا النمو والتطوير.

وحضّت لاركن النساء على أن يكن في طليعة الكفاح من أجل الحقوق والا يقفن وحيدات. وقالت ان على النساء ان يعملن مع الاقليات وأن يتأكدن من أن الجميع سيكفلون حق التعليم، وهو أداة قيمّة تروج للتفاهم والتسامح. واستطردت قائلة: "قاتلن كي تكسبن وتحمين انفسكن..."

وأمام الجمعية الوطنية العراقية مهلة حتى 15 آب/أغسطس المقبل كي تصوغ مسودة دستور. وسيقرر استفتاء شعبي يوم 15/10 القادم مصير الدستور المقترح. وأعلنت الوزيرة الشيخلي انها واثقة بأن النساء سيتقدمن "لأن لدينا إرداة قوية ورغبة عارمة بالتغيير."

واشارت السويج التي ولدت في البصرة وهربت الى الولايات المتحدة بعد مشاركتها في الثورة التي قامت في جنوب العراق عام 1991 وساهمت في تاسيس المؤتمر الامريكي الاسلامي "ان بعض العراقيين يقولون ان القران هو الدستور الا ان العراق لا يتكون فقط من المسلمين حتى ان المذهب الشيعي يتالف من ثلاث مدارس".

وتضيف "ان جميع العراقيين يريدون المساهمة في بناء العراق وذلك بمختلف قومياتهم وديانتهم كالاكراد مثلا واذا ركزنا على فئة واحدة من المسلمين فاننا بذلك نظلم الجماعات الاخرى".

واعتبرت السويج انه عند الامكان يجب الفصل بين الدين والدستور العراقي الذي يتوقع ان تصدر مسودته في ال15 من شهر اغسطس المقبل.

وقالت نائبة مدير قسم البرامج ومديرة برنامج الحقوق في (بيت الحرية) ليزا دايفس "ان المواد الدستورية المرتبطة بالشريعة يمكن ان تؤدي في المستقبل الى مشكلات عدة وتشكل عائقا لتحقيق العدالة للمراة العراقية".

واضافت "ان المفاوضات بين الفئات المختلفة في العراق يمكن ان تؤدي الى تسوية حول حقوق المراة".

شبكة النبأ المعلوماتية - الاحد 24/ تموز/2005 - 16/ جمادى الأولى/1426