حملة سنية على الفيدرالية الشيعية واعضاء في البرلمان العراقي يؤكدون عليها

هاجم العديد من الشخصيات العربية السنية في العراق امس، مبدأ الفدرالية الذي يشق طريقه نحو الدستور الدائم للبلاد، معتبرين انه ينذر بتفتيت البلاد ومشددين على ضرورة استمرار الادارة المركزية للعراق كما هي عليه الحال منذ 80 عاما.

وانتقد الشيخ محمود الصميدعي، امام وخطيب مسجد «ام القرى» واحد اعضاء هيئة علماء المسلمين، مسودة الدستور التي يتوقع الانتهاء منها مطلع الشهر المقبل، معتبرا ان المراد منها تجزئة البلد. وقال في خطبة الجمعة امام مئات المصلين «اننا اليوم نعيش معركة ضارية يراد من خلالها ان تطمس هوية هذا البلد بدستور استعجلوا عليه ولا ندري ماذا يبيتون، ولا ماذا يريدون».

واضاف ان «ثوابتنا لا تتغير ولا نرضى بدستور يراد من خلاله ان يتجزأ البلد». مشيرا الى ان «الاصوات التي تتعالى (مطالبة) بالفدراليات هي ليست اصوات الاوفياء لهذا البلد، فالاوفياء والاصلاء يريدون ان يكون البلد واحدا»، في اشارة الى دعوات من عرب شيعة باقامة كيانات فيدرالية في منطقتي الوسط والجنوب ذات الغالبية الشيعية.

من جانبه قال الشيخ عدنان الدليمي، رئيس ديوان الوقف «نحن مع بقاء العراق الموحد، ومع اعطاء المزيد من الصلاحيات للمحافظات، خصوصا في مجال ادارة شؤونها المحلية». واعتبر ان «الفيدرالية التي يريدونها في العراق ليست الفيدرالية المعروفة في العالم، التي تقام على اساس المحافظة على وحدة البلد، وانما هي فيدرالية تريد ان تقسم العراق الى اقاليم سنية وشيعة وكردية». واوضح الدليمي ان «احد هذه الفيدراليات قد تنفصل في المستقبل او قد تظهر هناك مشاكل في ما بينها، في ما يتعلق بموارد الدولة النفطية والمائية وغيرها». لكن الدليمي اعرب عن تأييده للوضع القائم في شمال العراق حاليا، باعتبار ان «هذا الوضع قديم وله خصوصيته التي تختلف عما يمكن ان يكون عليه الحال في بقية الاقاليم».

من جانبها، طالبت القوى السنية التي علقت عضوية اعضائها في اللجنة البرلمانية المكلفة كتابة الدستور في بيان الحكومة العراقية «باعادة النظر في النصوص الدستورية التي ترمي الى تفتيت العراق»، في اشارة واضحة للفيدرالية.

واعتبر سعدي البرزنجي، العضو الكردي في اللجنة البرلمانية انه «ما زالت هناك بعض المشاكل التي تعيق التوصل الى اتفاق بشأن اقرار مبدأ الفيدرالية».

واوضح ان هناك اتفاقا عاما من حيث المبدأ على الفيدرالية، لكن هناك مشاكل صغيرة ما زالت باقية، تتعلق بتعريف الفيدرالية ومدى صلاحياتها وعلاقتها بالمركز. واكد البرزنجي ان الاعضاء وافقوا على مبدأ منح الفيدرالية للاكراد، ولكن ليس لاي جزء اخر من باقي انحاء العراق».

ورأت مريم الريس (شيعية) العضو في لجنة صياغة الدستور ان «هناك وجهات نظر مختلفة واراء متعددة في ما يتعلق بالفيدرالية، ولكن الرأي في الاخير سيكون للغالبية، فالديمقراطية هي حكم الغالبية». واوضحت ان «الفيدرالية تحفظ حقوق الجميع، وليس فئة معينة دون اخرى»، مشيرة الى ان النظام المركزي كان يستفيد من ثروات المحافظات اكثر من ابنائها.

وأكد أعضاء في «مجلس الحوار الوطني» العراقي الذي يضم أكثر من 30 حركة وحزباً سياسياً انهم لن يسمحوا بتضمين الدستور العراقي بنوداً تقود إلى تقسيم البلاد، معتبرين اقرار الفيديرالية في الدستور الدائم بداية تجزئة العراق والنيل من حقوق شعبه ووحدته.

وأكد صالح المطلك الناطق الرسمي باسم المجلس ان الأعضاء المشاركين في لجنة صياغة الدستور والذين علقوا مشاركتهم احتجاجاً على اغتيال اثنين من زملائهم يعارضون اقرار بعض النقاط الحساسة التي تحدد مصير العراق ومستقبله، في حين ابلغ عضو المجلس علي السعدون «الحياة» ان العرب السنة لن ينسحبوا من كتابة الدستور وان تعليق بعض الأعضاء اعمالهم في اللجنة سينتهي خلال أيام.

وأوضح السعدون ان «العرب السنة طالبوا بترحيل بعض القضايا المهمة إلى المرحلة المقبلة وعدم تضمينها في الدستور الدائم مثل الفيديرالية وازدواجية الجنسية للعراقيين وقضية كركوك، لا سيما ان هذه القضايا ذات أبعاد مصيرية ولا يمكن حسمها في ظل الأوضاع الراهنة»، لافتاً إلى ان الاقتراحات قوبلت بردود سلبية من قبل الأكراد. واكد «أهمية دراسة تلك الاقتراحات حفاظاً على وحدة العراق وهويته، خصوصاً وان مرحلة اعداد الدستور ستكون تحت الوصاية الأميركية قبل أن ينال العراق استقلاله الكامل»، مفضلاً أن «يتم طرح القضايا المهمة بعد الانتخابات العامة المقبلة وولادة حكومة توازن وطني بمشاركة جميع العراقيين».

واضاف: «سنكمل المشاركة في كتابة الدستور للتصدي للمؤامرة ولا يمكننا الانسحاب وترك البلاد في وضع التمزق»، معتبراً ان «الأوضاع السياسية العامة تخدم أهل السنة بشكل عام لاستكمال مشاركتهم في العملية السياسية لا سيما وان الدول الكبرى في العالم شجعتنا على عدم الانسحاب واكمال المشوار إلى النهاية».

وكانت لجنة صياغة الدستور أعلنت استكمالها أكثر من 90 في المئة من الدستور العراقي وانها ستقدمه إلى الجمعية الوطنية في الوقت المحدد.

هذا واكد عدد من اعضاء الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) خلال ندوة فكرية عقدها مركز الثقلين للدراسات الاستراتيجية (شيعي) السبت اصرارهم على اعتماد الفدرالية من خلال طروحات وتفسيرات بشان اهميتها واسلوب تطبيقها.

وناقش عدد من اعضاء الجمعية الوطنية العراقية التجربة الكردية في تطبيق الفدرالية ضمن اقليم كردستان وكذلك تجارب دول العالم والاوروبية منها خصوصا.

وقال عضو الجمعية الوطنية وعضو لجنة صياغة الدستور سعيد البرزنجي (كردي) "هناك اكثر من 40 دولة فدرالية في العالم وجميعها متقدمة لان الفدرالية تخلق الديموقراطية وتدعمها".

وقال اكرم الحكيم (وهو عضو شيعي في البرلمان وعضو في لجنة صياغة الدستور) ان "البعض يتخوف من الفدرالية لانه لا يفهم معناها ولكنها لا تعني تقسيم البلاد بل تهدف الى اعادة ترتيب مراكز الصلاحية ومراكز القوى". واضاف "ان عملية اعادة الترتيب تضمن مشاركة الجميع في ادارة البلاد".

واوضح "لا ننسى ان هناك حربا نفسية موجهة ضد بلادنا وشعبنا لدفعه الى صراعات جانبية".

من جانبها قالت عضوة البرلمان سلامة الخفاجي (شيعية) ان "رفض الفدرالية جاء بسبب الخوف من الانفصال الذي قد يحدث لبعض المحافظات او الاقاليم ولا بد من طمأنة الجميع بان مبدأ الفدرالية لا بد ان يكون كمنح وليس انتزاع".

واضافت "ان انتزاع الفدرالية دون توفير ارضية مناسبة لها سيؤدي الى مشكلة كبيرة اما عندما يهيء لها الاصلاح الاداري والاقتصادي فستكون ارضية خصبة للعيش".

وفي الوقت نفسه كان اعضاء لجنة صياغة الدستور من العرب السنة قد اعربوا عن رفضهم لما تهدف اليه اجتماعات اللجنة الدستورية خاصة في ما يتعلق بالفدرالية واعلنوا انسحابا كاملا من اللجنة التي كلفت بصياغة مسودة الدستور العراقي الجديد.

شبكة النبأ المعلوماتية - الاحد 24/ تموز/2005 - 16/ جمادى الأولى/1426