هل تعرض انتحاريو لندن لغسيل مخ او للخداع.. او ان المسلمين يعانون من فجوة الاندماج..؟

لازالت بريطانيا تعيش صدمة العمليات الانتحارية التي نفذها متطرفون مولودون في بريطانيا، وقد أثيرت الكثير من التساؤلات حول هذا الموضوع والاسباب التي ادت الى وقوع هؤلاء الشباب في هذا الطريق.

يقول احد أقارب أحد المفجرين الانتحاريين الذين نفذوا تفجيرات لندن يوم السبت انه ربما تعرض "لعملية غسيل مخ" ووجهوا نداء من اجل اي معلومات جديدة في اطار تحقيق يتحرك بسرعة وربط الى الان بين بريطانيا ومصر وباكستان.

وقال والدا محمد صديق خان (30 عاما) "ربما تعرض ابننا لغسيل مخ لتنفيذ جريمة وحشية كهذه لأننا عرفناه فردا عطوفا من افراد العائلة."

ومضيا يقولان "نناشد من لديهم أدنى قدر من المعلومات أن يكشفوا عنها كي نكشف هذه الشبكات الارهابية التي تستهدف ابناءنا وتعدهم لارتكاب هذه الشرور."

وثلاثة من الذين فجروا انفسهم في أول هجمات انتحارية تشهدها بريطانيا مسلمون بريطانيون شبان من أصل باكستاني والرابع بريطاني مولود في جاميكا.

وقالت الشرطة ان واحدا اخر من ضحايا التفجيرات توفي متأثرا بجراحه ليرتفع بذلك عدد القتلى الى 55 قتيلا منهم المهاجمون الاربعة الذين قتلوا في التفجيرات التي وقعت في ثلاث من قطارات مترو الانفاق وفي حافلة في ساعة الذروة صباح يوم السابع من يوليو تموز الجاري.

وتبحث الشرطة عن صلات مع شبكة القاعدة التي يعتقد انها نفذت هجمات 11 سبتمبر أيلول على الولايات المتحدة وسلسلة من التفجيرات في بالي والمغرب وكينيا وتركيا والسعودية وأسبانيا وأماكن أخرى.

واعتقلت قوات الامن الباكستانية رجلين اخرين ليل الجمعة في مدينة لاهور بشرق البلاد للاشتباه بصلتهما بمفجر انتحاري اخر هو شه زاد تنوير ليصل بذلك عدد المعتقلين في باكستان الى ستة أشخاص.

وقال مسؤول بالمخابرات لرويترز "نستجوب هذين الرجلين عما اذا كانت لهم أي صلات بتنوير."

وزار تنوير مدينتي فيصل اباد ولاهور اثناء زيارتين لباكستان في العامين الماضيين. وتقول مصادر مخابرات باكستانية انه التقى في عام 2003 مع رجل ألقى القبض عليه في وقت لاحق في تفجير كنيسة في العاصمة اسلام اباد.

وفي مصر اعتقلت الشرطة كيميائي يدرس في بريطانيا يدعى مجدي النشار ويجري استجوابه بشان صلته بتفجيرات لندن.

لكن وزير الداخلية المصري حبيب العادلي قال لصحيفة الجمهورية ان النشار ليس عضوا في تنظيم القاعدة وان وسائل الاعلام الغربية والعربية توصلت الى استنتاجات متعجلة بشأن القبض عليه.

وقال مصدر بوزارة الداخلية المصرية ان النشار (33 عاما) غادر انجلترا قبل الهجمات لقضاء اجازة مدتها 45 يوما وكان ينوي العودة. ونفى النشار أي علم بالهجمات.

وقال ايان بلير قائد شرطة لندن انه سيرسل ضباطا للقاهرة اذا كانت هناك ضرورة وانه قد يطالب بتسليم النشار.

والنشار باحث في جامعة ليدز بانجلترا كما درس في الولايات المتحدة.

وقالت صحف بريطانية انه كان يستأجر منزلا في مدينة ليدز بشمال انجلترا حيث شنت الشرطة مداهمات وعثرت فيه على متفجرات. وكان ثلاثة من المفجرين يعيشون في المدينة.

وقالت متحدثة باسم جامعة ليدز ان النشار حصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية في مايو ايار الماضي وانه كان يعمل في بحث يتعلق "بالمواد الخاملة كيميائيا" في تطبيقات على صناعة الاغذية. وكان يدرس بمنحة من الحكومة المصرية.

وقال اصدقاء وعائلات المفجرين الانتحاريين انهم لم يكونوا على علم بخططهم.

وكان صديق خان يعمل مساعد مدرس في مدرسة ابتدائية وعمره 30 عاما ومتزوج وله ابنة. وزار البرلمان البريطاني في العام الماضي والتقى مع وزير بريطاني اثناء رحلة نظمتها المدرسة التي كان يعمل بها.

وقالت عائلة حسيب حسين (18 عاما) في بيان "كان حسيب شابا محبا وعاديا لم يثر قلقنا عليه .. ولم نعلم شيئا عن أنشطته."

وتثير صحيفة صنداي تلجراف احتمال أن يكون منفذو تفجيرات لندن ليسوا "انتحاريين". ففي صفحاتها الداخلية كتبت الصحيفة تحت عنوان "هل كانوا انتحاريين أم غرر بهم؟" قائلة إن المحققين البريطانيين يبحثون احتمال أن يكون منفذو التفجيرات ليسوا انتحاريين أي لم يكن في نيتهم قتل أنفسهم، وإحدى الفرضيات التي تبحثها الشرطة، وفقا للصحيفة، هي أن يكون العقل المدبر للعملية قد أخبر الرجال الأربعة بأن أجهزة التوقيت الزمني في العبوات الناسفة ستنفجر بعد فترة زمنية تتيح لهم الهرب من موقع التفجيرات، لكن ربما تكون الحقيقة هي أن المؤقتات الزمنية في القنابل كانت مجهزة لتنفجر بصورة آلية.

وتنقل صنداي تلجراف عن مسؤول أمني قوله إن مدبري التفجيرات ربما كانوا يتخوفون من احتمال إلقاء القبض على الرجال الأربعة ومن ثم اعترافهم للشرطة بمن يقف ورائهم، لذا فربما كذبوا عليهم وأخبروهم أنه ستكون أمامهم فرصة للهرب، لكنهم في الحقيقة أرسلوهم ليلقوا حتفهم في التفجيرات.

ويشير من يؤيدون هذه النظرية إلى حقيقة أن الرجال الأربعة اشتروا تذاكر عودة للقطار، كما قاموا بشراء تذاكر لإيقاف سيارتهم في مرآب للسيارات في محطة لوتون للقطارات التي توجهوا منها إلى لندن. كما أن المتفجرات كانت في حقائب وليست ملتفة حول أجسامهم كما يحدث عادة في العمليات الانتحارية مما يعطي انطباعا بأنهم ربما كلفوا بترك الحقائب في المناطق المستهدفة، خاصة وأن هذا هو ما حدث في تفجيرات مدريد عندما ترك المفجرون مكان الهجوم قبل وقوع التفجيرات.

إضافة إلى أنهم كانوا يحملون رخص القيادة والبطاقات الائتمانية ووثائق أخرى شخصية، وكانت الشرطة تعتقد في البداية أن هذا مقصودا من جانبهم ليتم التعرف عليهم واعتبارهم "شهداء"، لكن منفذي التفجيرات الانتحارية عادة لا يحملون ما قد يدل على شخصياتهم.

ومن جانبها طرحت صحيفة الاندبندنت بعض الأسئلة التي تدور حول هذه الفرضية وإن كانت لم تتحدث عن هذا الاحتمال بصورة مباشرة.

وتقول صحيفة الاندبندنت إن ما دفع بهؤلاء الأشخاص إلى العنف ليس لأنهم يعانون من العنصرية أو العزلة أو الفقر، بل يبدو أنهم اتجهوا إلى العنف كرد فعل جزئي لما يرون أنه اندماج المسلمين في المجتمع البريطاني. ولهذا فعلى المسلمين، بحسب رأي الصحيفة، أن يستنكروا أفعال الإرهابيين، وأن يواجهوا حقيقة أن المتطرفين يستخدمون الإسلام والقرآن لتبرير القتل، وأن يواجهوا معاداة السامية ومشكلة المعايير المزدوجة في مجتمعاتهم.

وتتفق معها صحيفة الجارديان في أن الحل الحقيقي والدائم "للتطرف الإسلامي" يجب أن يأتي من داخل المجتمعات الإسلامية نفسها ويجب أن يكون عمليا وفوريا. وترى أنه يتعين على المسلمين فرض قيود مشددة على الأئمة الذين تلقوا تعليمهم الديني في السعودية وباكستان، حيث يشكو قادة المسلمين في بريطانيا من أن الأئمة الذين لا يتحدثون الانجليزية يجهلون الضغوط التي يواجهها الشبان المسلمون في الغرب.

لكن على الجانب الآخر لا يجب أن يخشى المسلمون فرض المزيد من الرقابة على المنظمات الخيرية الإسلامية وعلى التبرعات الأجنبية. كما يجب عدم السماح، بحجة أن بريطانيا مجتمع متعدد الثقافات، لأي شخص بالتحريض على القتل تحت غطاء الدين وإذا حدث هذا فلا يجب أن تتردد الدولة في إغلاق المساجد التي يتم فيها هذا.

وتعترف الصحيفة بأن فرض قيود مشددة قد يدفع بالتطرف الإسلامي إلى أن ينشط في الظلام ويدفع المزيد من الشبان المسلمين إلى أحضانه، لكن الشبان المسلمين هم أكثر من سيستفيدون من اقتلاع جذور التطرف لأن مستقبلهم سيكون حالكا إذا لم يواجهوا هذا التحدي بحسب رأي الصحيفة.

وإذا كان دفع المتطرفين الإسلاميين إلى العمل في الظلام هو ما تخشى الجارديان من حدوثه فإن صحيفة صنداي تلجراف تقول إن هذا موجود بالفعل في الجامعات البريطانية.

وتقول الصحيفة إن بعض الجماعات الإسلامية المحظورة في الجامعات مثل حزب التحرير لا تزال تنشر وجهات نظرها وتوزع منشورات في الجامعات. وتنقل عن حسن سالم باتل المتحدث باسم اتحاد الطلبة المسلمين في بريطانيا وايرلندا قوله إن حظر الجماعات المتطرفة مثل حزب التحرير وحزب المهاجرون، نجح في القضاء على أي وجود ظاهري لها، إلا أنها لا تزال تعمل بنشاط في السر.

وتقول الصحيفة إن جامعة استون تعرضت لانتقادات من قبل اتحاد الطلبة اليهود لاستضافتها مؤتمر لحزب التحرير جادل أثناءه أعضاء الحزب بأن المسلمين يتم "إجبارهم على الاندماج" في المجتمع البريطاني. وتشير الصحيفة إلى أن الحزب يسعى لإقامة دولة إسلامية موحدة دون حدود عن طريق الجهاد.

من جهته قال دبلوماسي باكستاني ان فشل بريطانيا في دمج المسلمين في مجتمعها هو احد الاسباب التي ادت الى التفجيرات التي شهدتها لندن الاسبوع الماضي.

كما يعتقد ايضا ان منفذ الهجوم على محطة (اولدغيت) لقطارات الانفاق وهو شيزهاد تنوير درس في احدى مدارس لاهور الباكستانية التي خضعت امس الاول لتفتيش دقيق من قبل السلطات الباكستانية للاشتباه بدورها في تجنيد العناصر الارهابية.

وقال سفير باكستان لدى الامم المتحدة منير اكرم في تصريح لراديو هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان "من المهم ان لا يتم القاء اللوم على احد اخر عندما تكون المشكلة داخلية في بريطانيا".

واوضح "اعتقد انه يتعين النظر في طبيعة المجتمع البريطاني وما يتم فعله للجالية الاسلامية والتمعن في الاسباب التي حالت دون دمج المسلمين في هذا المجتمع.

" لكن هذا لايعني انه لا يوجد في بريطانيا "وعاظ متطرفون يكنون مشاعر الكراهية للجميع".

ودفاعا عن جهود بلاده في مكافحة الارهاب اقر السفير اكرم بانه يتوجب على باكستان بذل المزيد من الجهود "وهو ما نحاول القيام به .. ولكن يجب على الاخرين ايضا ان يقروا بما نقوم به من جهود وليس الاكتفاء بتوجيه اللوم والادعاء بان المتطرفين في باكستان قاموا بكذا وكذا .. ان هؤلاء المتطرفين متواجدون لدينا كما هم متواجدون في اي بلد اخر .. اذن فعلينا تحديد المشكلة والبحث عن اسبابها".

ورفض السفير الباكستاني الادعاءات التي تسربها وسائل الاعلام الغربية بان الجيش الباكستاني واجهزة الامن مخترقة من قبل المتطرفين الاسلاميين.

وقال انه "بدل التركيز على ذلك يتعين على الجميع النظر الى السياسات الغربية التي تتبع في منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي بشكل عام وهذه هي المشكلة في المجتمع البريطاني وعدم قابليته دمج المسلمين فيه".

وخلص الى القول "اعتقد انه يجب ان يتم النظر الى الامور بشكل اخر اذ ان المشكلة ابعد بكثير من تلك الحوادث واعتقد انه من الخطأ الكبير توجيه اللوم الى باكستان او اي دولة اخرى على ما حصل في لندن"

شبكة النبأ المعلوماتية - االثلاثاء  19/ تموز/2005 - 11/ جمادى الأولى/1426