القضاء على الفقر في إفريقيا يتطلب حلولا متعددة

قال ستيفن سميث الخبير في شؤون اقتصاديات التنمية ومكافحة الفقر إن تعهد مجموعة الثماني بتقديم عدة بلايين من الدولارات في القمة التي انتهت للتو ببلدة غلين إيغلز الاسكتلندية، تعتبر مفيدة، لكن لا يمكن اعتبارها الحل الوحيد للقضاء على الفقر في القارة الإفريقية.

وفي حديثه مع المراسلين الصحفيين في واشنطن يوم 8 تموز/يوليو، فيما كان زعماء دول المجموعة مجتمعين في اسكتلندة، قال الخبير سميث -- الذي صدر له كتاب في الآونة الأخيرة بعنوان "القضاء على الفقر في العالم: دليل للأساليب الناجحة" -- أكد سميث على أهمية مشاركة ثلاثة أطراف في المجتمع، وهي الحكومة والشركات التجارية والمواطنون، من أجل القضاء على بلاء الفقر في إفريقيا كلها.

كما أشار سميث إلى أهمية مشاركة المنظمات غير الحكومية والشركات الخاصة، بالإضافة إلى الحاجة إلى تقوية شعوب الدول الإفريقية وهي تسعى من أجل إطلاق شرارة البداية للنمو الاقتصادي والتنمية في كل مناطق القارة.

ومن بين كل إجراءات الإصلاح الضرورية التي ينبغي اتخاذها، أكد سميث على أهمية تقوية الشعوب الإفريقية لكي تصبح واعية وقادرة على الصمود والدفاع عن حقوقها. وأضاف أن اتخاذ مثل هذا الإجراء الحاسم سيؤدي في نهاية المطاف إلى كسر الحلقة المفرغة للفقر وإطلاق شرارة البدء على الطريق نحو التنمية.

وقال سميث إن إلغاء الديون الواجبة على 18 دولة تعد من أفقر الدول الإفريقية، ومضاعفة المساعدات لإفريقيا فيما بين العامين 2004 و2010 لتصل إلى حوالي 50 بليون دولار، وهو ما وافقت عليه قمة مجموعة الثماني سيساهم في تحقيق التنمية، غير أنه أكد على أهمية استمرار مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية.

واستشهد سميث بإحصائيات تبين مدى ضعف أداء نظم التعليم وهو ما يعوق جهود التنمية في جميع أرجاء القارة الإفريقية، وقال إن ما يحصل عليه الطفل من تعليم في الدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى يقل عن أربع سنوات. ثم نبه إلى حقيقة تحدث في 16 دولة جنوب الصحراء وهي أن الطفل في تلك الدول "في أغلب الأحيان يموت قبل بلوغه سن الخامسة أي قبل سن الالتحاق بالمدارس."

ونظرا لوجود فائض كبير في العمالة بالقارة الإفريقية فإن أصحاب الأعمال يستطيعون دفع أجور منخفضة جدا لمن يعملون لديهم؛ وبناء على ذلك فإن الأسرة تحتاج للاعتماد على دخول متعددة لكي تستطيع أن تعيش. ولهذا السبب فإن الأسر تعتمد على تشغيل أطفالها، وتمنعهم من الذهاب إلى المدارس وبذلك تبقيهم جهلة أميين غير قادرين على الخروج مما يسميه الخبير الاقتصادي سميث "مصيدة الفقر."

وأضاف أن هذه المصيدة أو المصايد هي التي أبقت إفريقيا داخل حلقة مفرغة تقوض جهود الفقراء، حيث تتغذى عوامل الفقر على بعضها البعض، مما يخلق مزيدا من الفقر." وأشار إلى عمالة الأطفال، والأمية، وقلة المهارات، والدخل غير الثابت، والخضوع لعبودية المديونية، وعدم وجود ضمانات، وسوء التغذية، وارتفاع نسبة الخصوبة بالنسبة للإنجاب، وسوء نظام الري، وإساءة إدارة الممتلكات، باعتبارها أمثلة لما وصفها بالمصايد التي تقع فيها الدول الإفريقية.

وفي حديثه عن قمة مجموعة الثماني التي بحثت الفقر في إفريقيا وتغيرات المناخ في العالم، ربط سميث بين هذين الموضوعين. فقال إن إرسال أموال ومساعدات لإفريقيا سيساهم في تخفيف الفقر هناك، لكنه تساءل عن كيفية تحقيق هذا الهدف إن كانت الظروف البيئية والسياسية في إفريقيا لا تتحسن على الإطلاق.

ونبه سميث إلى الحكمة التي تقول "إنك تستطيع أن تعلم شخصا كيفية اصطياد السمك لكي يستطيع أن يطعم نفسه طوال الحياة، لكن كيف يمكن أن يحدث ذلك إذا كانت البحيرة أو المجرى المائي ملوثا وخاليا من الأسماك بعد استنزافه."

واقترح سميث التركيز على ثماني نقاط اعتبرها "مفاتيح القدرة" للقضاء على الفقر في العالم. وقال إنه من الممكن استخدامها كحلول لكسر الحلقة المفرغة والخروج منها.

وقال إن من بين تلك "المفاتيح": الصحة والتغذية، لكي يستطيع الكبار العمل ويكون بمقدور الأطفال النمو وتحقيق المأمول منهم؛ والحصول على التعليم الأساسي، لكي يستطيع الناس الولوج إلى الأسواق المربحة وحماية أنفسهم من سوء المعاملة؛ وتوفر التسهيلات الائتمانية والضمانات الأساسية، وهو ما يسمح للأفارقة بالحصول على دخول أكثر ثباتا ويمنحهم القدرة على الاستثمار؛ وإتاحة الفرصة للوصول إلى الأسواق الناجحة المفعمة بالحيوية والنشاط والحصول على الأساليب التكنولوجية الحديثة، حتى يتمكن الأفارقة من المنافسة مع الشركات في بقية أنحاء العالم؛ ووجود بيئة مستقرة، لكي تصبح الزراعة مستديمة وناجحة؛ وتعزيز مكانة الفرد والمجتمع من أجل "التحرر من الاستغلال والتعذيب."

وقال سميث إن تعزيز مكانة الفرد مهمة، لكنها ليست كافية." مشيرا إلى أهمية تعزيز مكانة المجتمع.

وأضاف أنه "في عصر الوفرة الغزيرة، لا يوجد أي مبرر لأي منا، من الذين أنعم الله عليهم بتلك الوفرة، لكي يقف موقف المتفرج بينما يعاني الآخرون من أقسى ظروف الحرمان." إن القضاء على الفقر بأسلوب فعال يتطلب بعض التضحيات، ومع ذلك فإن الفوائد في نهاية المطاف ستكون عظيمة وستعم على الجميع."

شبكة النبأ المعلوماتية - االاربعاء 13/ تموز/2005 - 5/ جمادى الأولى/1426