الصحفي كنجي من داخل زنزانته يحاكم نظام بلاده

 

وقعت اشتباكات أمام جامعة طهران يوم الثلاثاء الماضي بين الطلبة ورجال الشرطة أثناء مظاهرة طلابية احتجاجا على استمرار احتجاز المعارض الايراني أكبر جنجي.

وقالت وكالة أنباء الطلبة الايرانية إن نحو 200 طالب شاركوا في المظاهرة احتجاجا على سجن جنجي الذي أعلن إضرابا عن الطعام منذ شهر.

ودعا الطلبة أيضا إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين واشتبكوا مع عشرات من رجال الشرطة الذين حاولوا تفريق المظاهرة، وقال شهود عيان إنه أجبر المصورين والصحافيين على مغادرة مكان المظاهرة.

وقالت زوجة جنجي انه في حالة صحية حرجة نتيجة لاضرابه عن الطعام.

وكانت السلطات قد أفرجت عن جنجي مؤقتا في مايو ( آيار) الماضي للعلاج بعد إصابته بالتهاب رئوي، ولكنها عادت واعتقلته قبيل الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 17 من الشهر الماضي.

وحكم على جنجي، 48 عاما، في عام 2000 بالسجن ستة أعوام بعد اتهامه «بتشويه صورة» إيران أمام «أعداء الثورة» خلال مؤتمر مثير للجدل عقد في برلين عام 2000 .

من جهته طالب الرئيس الاميركي جورج بوش الثلاثاء بالافراج الفوري من الصحافي الايراني المعارض اكبر غانجي ليتمكن من تلقي العلاج الطبي بعد اضراب عن الطعام تجاوز الشهر بحسب ما اعلن البيت الابيض.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان في بيان "يطلب الرئيس من الحكومة الايرانية الافراج عن غانجي فورا ومن دون شروط والسماح له بتلقي العلاج الطبي".

واضاف ان "الرئيس بوش حزين للمعلومات الاخيرة التي تحدثت عن تدهور صحة غانجي وقلق جدا لمعرفة ان الحكومة الايرانية منعته من تلقي زيارات من عائلته او محاميه او تلقي العلاج الطبي".

وقال ماكليلان متوجها الى غانجي "اعرف انك في وقت تناضل من اجل حريتك الخاصة تقف اميركا الى جانبك". واشار الى ان سجن غانجي سببه "مواقفه السياسية" واضرابه عن الطعام يهدف الى القول انه "مستعد للموت مقابل الحصول على حقه بالتعبير عن رايه". وتابع ان "الرئيس يدعو كل المدافعين عن حقوق الانسان والحرية والامم المتحدة للاهتمام بقضية غاني وبحقوق الانسان في ايران".

وحكم على غانجي في كانون الثاني/يناير 2001 بالسجن لمدة عشر سنوات تم تخفيضها الى ست سنوات بسبب مقالات كتبها تتضمن اتهامات موجهة الى مسؤولين ايرانيين في قضية مقتل عدد من المثقفين الايرانيين. وخرج من السجن باذن موقت في 30 ايار/مايو لمدة اسبوع وطلب تمديد مدة بقائه خارج السجن من دون نتيجة.

ونقلت عنه زوجته معصومة شافعي الاثنين انه سيضع حدا للاضراب عن الطعام اذا حصل على "اطلاق سراح غير مشروط".

وكانت صحيفة«الشرق الأوسط» قد نشرت مقالا لجنجي سرب من سجنه ونشر الاثنين الماضي تحت عنوان «في انتظار موتي: هربت لكم هذه الرسالة من سجن إيراني». واعتبر الصحافي الإيراني نفسه مثالا يؤكد كذب ادعاءات النظام الإيراني بأنه لا يسجن أي شخص بسبب آرائه. وشكا الصحافي المعتقل، في مقاله من حرمانه من زيارة الأطباء له في زنزانته الانفرادية بالسجن، واتهم ما وصفه بالنظام الإسلامي في إيران بتبني «تكتيكات ابتدعها ستالين»، وقال «إذا لزم الأمر فسوف استمر في الإضراب عن الطعام حتى الموت».

يذكر أن الصحافي المعتقل كان قد كتب كتابا منذ 8 سنوات شرح فيه نشاطات فرق الموت التي شكلها النظام لقتل معارضيه.

وقال في مقاله: اصبح الكذب لدى الأنظمة الشمولية فضيلة، علما بأنه يعتبر بالنسبة للبشر العاديين إثما. يدعي الكذابون انه لا يوجد معتقلون سياسيون ولا يوجد حبس انفرادي، بل ويصرون على انه لا يوجد مضربون عن الطعام في السجون الإيرانية، وان سجوننا حولت الى فنادق. يعتقد هؤلاء ان بوسعهم تغيير الواقع بتغيير الكلام والمعاني. وبذلك يطلقون على زنازين الحبس الانفرادي «الأجنحة الخاصة»، ويدعون ان المشكلة قد حلت تماما. يعرفون بـ «الكذابين»، ويعرفون ايضا بـ «الفلاسفة الاسلاميين»، مغرمون بـ «الجوهر» كمقابل لـ «الوجود». إنهم ينكرون انهم سجنوا أي شخص بسبب آرائه، وأن المعتقل يعاني لأن ثمة شيئا خاطئا في جوهره.

يدرك العالم أجمع ان مئات الناس الذين اودعوا السجون في ايران خلال السنوات الاخيرة لأنهم يفكرون بطريقة مختلفة، رغم ذلك ينكر الكذابون وجود سجناء ضمير في الجمهورية الاسلامية.

واضاف الصحفي الايراني في مقاله: نسج المدعي الاسلامي في طهران عدة روايات حول ظروف سجني. فقد ادعى مرة انني وضعت في الحبس الانفرادي لأنني دخلت في إضراب عن الطعام، وأنكر في اليوم التالي انني كنت مضربا عن الطعام، وزعم انني وضعت في الحبس الانفرادي لكي يلقنوني درسا. وفي آخر جاء برواية مختلفة زعم فيها انني وضعت في الحبس الانفرادي لأنني أعاني من مشاكل في التنفس واحتاج الى رعاية صحية.

على ماذا تشتمل هذه الرعاية الصحية؟ تعني هذه الرعاية حبس الشخص في زنزانة مظلمة وسيئة التهوية، فيما حظروا زياراتي حتى المتعلق منها بالرعاية الطبية. كما تعني ايضا حظر الاطلاع على الصحف او استخدام الهاتف، وحرماني من فترة الـ 20 دقيقة التي تمنح لأي مسجون للاستفادة من ضوء الشمس والهواء النقي.

قال المدعي الاسلامي انه يريد معاقبتي حتى «افوق وأدرك خطأ الطريق الذي اسير فيه والتراجع كما فعل البعض داخل سجون الاسلاميين».

ولكن اذا كانت الاستفاقة تعني رفض معتقداتي الراسخة، فتأكدوا ان جنجي لن يفيق مطلقا. التراجع وتوقيع خطابات التوبة تكتيكات ابتدعها ستالين وتبناها الآن النظام الاسلامي.

وإذا لزم الأمر سأستمر في الإضراب عن الطعام حتى الموت. واليوم فإن وجهي المنهار يكشف عن الطبيعة الحقيقية للنظام في جمهورية ايران الاسلامية. لقد اصبحت رمزا للعدالة ضد الطغيان. ان وجهي المحطم وجسدي النحيل يوضحان تناقضات نظام عانت فيه عبارتا العدالة والطغيان من استبدال معانيهما.

ويسألني من يراني اليوم وعلى وجوههم علامات الدهشة: اهذا انت؟ هل انت جنجي؟

اريد من العالم ان يعرف انني لست مريضا، ولم ابدأ اضرابا عن الطعام وان هبوط وزني من 77 الى 58 كيلوغراما هو نتيجة للتعذيب الذي تعرضت له في الشهر الماضي. لماذا ترفض السلطات السماح للصحافة بالتقاط صوري ونشرها؟

وختم مقاله قائلا: كما قلت دائما، اذا مت فإن «المرشد الأعلى» سيصبح مسؤولا عن موتي. لان المدعي الاسلامي مسؤول مباشرة أمامه. لقد عارضت السلطات المطلقة الممنوحة لـ «المرشد الأعلى» لأنها تتناقض مع القيم الديموقراطية. واعرف ان «المرشد الأعلى» لن يتقبل ولا حتى ابسط الانتقادات. والآن، وسط الانتخابات الرئيسية، شاهدنا كيف عاقب رفسنجاني وخروبي ومعين.

لقد تحدث المدعي الاسلامي علنا عن قتلي في السجن. وقال لزوجتي: ماذا لو مات جنجي؟ عشرات يموتون في سجوننا يوميا، ويمكن ان يكون جنجي واحدا منهم.

ان المدعي الاسلامي لا يعرف ان جنجي يمكن ان يموت ولكن حب الحرية والتعطش للعدالة السياسية لن تموت. ربما يموت جنجي ولكن الإنسانية وحب الآخرين، والأمل والتطلعات من اجل مستقبل افضل، لن تموت.

اقضي وقتي في حبس انفرادي، ولكن قلبي مستمر في الخفقان من اجل الحرية. وفي بعض الأوقات اسمع بعض السجناء يبكون لفتح نوافذ زنازينهم للسماح بدخول الشمس.

شبكة النبأ المعلوماتية - االاربعاء 13/ تموز/2005 - 5/ جمادى الأولى/1426