في
انتويرب عاصمة الألماس في العالم يبرم التجار صفقات ألماس بملايين
الدولارات بمجرد مصافحة وكلمة "ميزل" وهي كلمة ييدية (احدى لهجات اللغة
الالمانية التي يستخدمها اليهود) تعني "حظ" كما كانوا يبرمون صفقاتهم
منذ 600 عام.
فالثقة جزء لا يتجزأ من الحياة في بورصات الالماس الاربع في انتويرب
حتى أن الأعضاء يضعون إشعارات بالحجارة المفقودة والمعثور عليها على
لوحة مخصصة لذلك.
لكن
الزمن يتغير بسرعة.
فمثل
هذه العادات الغريبة أصبحت تتناقض مع صناعة تجاهد للحفاظ على ايقاعها
ومواجهة منافسة ضارية من مراكز مثل دبي التي صدرت العام الماضي ما
قيمته مليار دولار من الالماس غير المصقول لانتويرب وتقدم للمستثمرين
حوافز ضريبية كبيرة.
ويشير
المدافعون عن انتويرب الى البنية الأساسية الضخمة والخبرة ونوعية
الحياة التي تخدم تجار الالماس وقال ديليب مهتا الرئيس التنفيذي لشركة
روزي بلو الهندية للالماس التي يعمل بها 15 الف عامل على مستوى العالم
"بعد قول ذلك (يمكن قول) أن كل شيء يمكن ان يتكرر في مكان آخر. يجب ألا
نكتفي بما تحقق." وروزي بلو مقرها في انتويرب لكنها افتتحت مكتبا في
دبي.
وبلغ
حجم أعمال تجارة الالماس في انتويرب نحو 36 مليار دولار العام الماضي
ومثل الالماس نحو سبعة بالمئة من صادرات بلجيكا.
وتغير
شكل قطاع الالماس في انتويرب بدرجة كبيرة على مدى 30 عاما مضت. فكان
اليهود يسيطرون على التجارة منذ القرن الخامس عشر وحتى السبعينات عندما
بدأ الهنود يصلون.
واليوم تسيطر شركات الالماس الهندية على 60 بالمئة من السوق تاركة
لليهود نحو 30 بالمئة فقط.
وانتقل نحو 90 بالمئة من صناعة الالماس التي تشمل عمليات القطع والصقل
الى الهند حيث تقل تكلفة العمالة ست مرات. وظل هناك نحو 1700 فقط من
صاقلي الالماس في انتويرب بالمقارنة مع 25 الفا قبل ثلاثة عقود.
لكن
مازال ثمان من كل عشر ماسات غير مصقولة وواحدة من كل ماستين مصقولتين
تمر عبر هذا الميناء البلجيكي.
غير
أن مراكز مثل دبي وهونج كونج أصبحت في وضع يؤهلها لاقتناص حصة أكبر
نظرا لقربها من الهند والصين أكبر سوقين استهلاكيتين للالماس نموا في
العالم نظرا للنمو الاقتصادي الذي يزيد من حجم الطبقة المتوسطة.
والمراكز المنافسة ليست مصدر القلق الوحيد لحي الالماس في انتويرب وهو
مؤلف من شارعين للمشاة فقط بهما أغلب شركات الالماس وبنوك الالماس
وشركات الامن وبورصات الالماس ومعبد يهودي وكلها مراقبة بالكاميرات.
وكانت
بلجيكا المستعمر السابق للكونجو على صلة وثيقة منذ زمن بعيد بدول
افريقيا المنتجة للالماس لكن هذه الدول أصبحت تطلب حصصا أكبر من أرباح
هذه الحجارة الثمينة.
فتحدثت جنوب افريقيا عن تنظيم صادرات الالماس وتطوير صناعة صقل محلية.
وفي
مواجهة احتمالات انخفاض حاد في أعداد الماسات غير المصقولة التي تمر
عبر انتويرب يعرض مجلس الالماس الذي يمثل 1600 شركة ألماس بالمدينة
خططا لتوسعة نطاق الاعمال ليشمل توزيع المجوهرات.
وبعض
الشركات مثل روزي بلو بدأت تنخرط في العملية بكاملها من التعدين الى
بيع الالماس كمجوهرات.
وتأكدت الحاجة للتكيف في هذه الصناعة بتغيرات كبيرة حدثت في الفترة
الاخيرة في اسلوب عمل شركة دي بيرز أكبر شركة لتعدين الالماس في جنوب
افريقيا التي تورد 55 بالمئة من ألماس انتويرب.
فقد
خفضت دي بيرز التي تملك شركة انجلو امريكا حصة 45 بالمئة من أسهمها عدد
المتعاملين المسموح لهم بشراء الالماس منها تاركة العديد من الشركات
صغيرة ومتوسطة الحجم دون مورد.
ويختلط اليهود بقبعاتهم الداكنة ومعاطفهم التقليدية ويمزحون مع الهنود
بحللهم الحديثة الانيقة فيما يظهر نجاح التعايش بين القديم والجديد في
انتويرب.
لكن
نظرا للظروف الصعبة في الوقت الراهن بدأ العديد من الشبان اليهود
يبحثون عن عمل اخر بدلا من تولي ادارة شركات الالماس التي تملكها
عائلاتهم وتتناقلها عبر الاجيال.
ولكن
العديد من قادة الاعمال الهنود يرون مستقبلا في انتويرب ويمررون
الاعمال لابنائهم.
وقال
بهارات شاه مؤسس شركة ديامبكس "هذه سوق البقاء فيها للاقوي." وسينضم
ابنه قريبا للشركة التي يبلغ حجم اعمالها السنوي نحو 80 مليون دولار.
ومن
أجل مساعدة التجار غير المصرح لهم بالشراء من دي بيرز طرح مجلس الالماس
العام الماضي العلامة التجارية التي تضمن جودة الالماس المباع في
انتويرب.
ويتفاوض كذلك مع الحكومة البلجيكية على تسهيل عملية الاستيراد والتصدير
على تجار الالماس.
لكن
منتقدين يقولون ان انتويرب لم تتحرك بسرعة كافية لحماية تجارة الالماس.
ويقول
ايلي رينجر الذي يملك شركة متوسطة الحجم "الناس بدأت تفيق الان ونأمل
ألا يكون الوقت تأخر."
وهناك
الآن 24 بورصة للالماس في العالم بالمقارنة مع أربع فقط في عام 1950
وكانت جميعها في انتويرب.
وقال
احد العاملين في قطاع الالماس منذ فترة طويلة "في المستقبل ستصبح
انتويرب واحدة من عدة مراكز للالماس في العالم وأشك في ان تصبح مركز
الالماس في العالم."
ولكن
حتى هذا الوضع ربما يكون مهددا اذا لم تحافظ انتويرب على لاعبيها
الاساسيين في السوق.
وقال
مهتا من روزي بلو "كل ما يتطلبه الامر هو ان تنقل واحدة او اثنتين من
كبرى شركات التعدين مقارها الى مكان آخر وسيتبعها قادة الصناعة فتصبح
هذه مدينة اشباح." |