تمثل ختام معرض الكتاب العربي الاوروبي الثامن الذي اقيم في باريس
بين 24 و30 حزيران/يونيو بندوة بعنوان "القدس: رهانات اليوم" تم خلالها
اطلاق دعوة مساء الخميس لتشكيل لجنة دولية للدفاع عن الحضارة والثقافة
في المدينة.
ورأى المؤرخ الياس صنبر في مداخلته ان السياسة المعتمدة من جانب
الفلسطينيين والعرب "ناقصة ومبنية على العواطف" وقال "لا نستطيع أن
ننقذ القدس بقولنا انها في قلوبنا. القدس هي بصدد الوقوع في يد
الاسرائيليين".
واضاف ان سياسة الضم والطرد التي تنتجها اسرائيل منذ العام 1948
تهدف "لان تكون فلسطين خالية من الفلسطينيين وحيث بات يعيش نصف مليون
شخص في مستوطنات الضفة الغربية".
وحذر صنبر من ان يأتي وقت في مفاوضات الوضع النهائي لن يكون هناك
شيء يمكن للفلسطينيين التفاوض عليه "خاصة في ظل تصريحات الرئيس
الاميركي جورج بوش التي اعتبرت انه يجب الاخذ الوقائع على الارض بعين
الاعتبار" وهو ما اعتبره صنبر لهجة اميركية جديدة تكرس سياسة الامر
الواقع.
واطلق اليمني يحيى عبدالله صالح رئيس جمعية "كنعان" الفلسطينية دعوة
لتشكيل لجنة دولية للدفاع عن الحضارة والثقافة في المدينة التي وضعتها
منظمة اليونسكو على لائحة التراث العالمي.
وتحدث عن الاخطار المحدقة بالثقافة والحضارة في القدس وقال "ليست
مجرد نتيجة رؤية لجماعات متطرفة او اخطاء حكومية وانما هي من صلب
السياسة الصهيونية ومن ضمن مخطط تهويد القدس".
من ناحيته اظهر المهندس والطوبوغرافي الفلسطيني مدير دائرة الخرائط
في "بيت الشرق" خليل تفكجي عبر خرائط ورسوم بيانية تم عرضها خلال
الندوة كيف يقضم الاحتلال الاسرائيلي اراضي القدس والاراضي من حولها في
مشروع "القدس الكبرى" التي تضم سلسلة مستوطنات معالي ادوميم.
واشار تفكجي الى كيفية مصادرة الاراضي للمصلحة العامة ولتحويلها الى
مستشفيات او حدائق عامة او غيره اضافة الى قانون املاك الغائبين الذي
يمنح الاملاك الفلسطينية للاحتلال الاسرائيلي.
والح تفكجي على ان الجدار الفاصل الذي بنته اسرائيل هو "جدار فصل
عنصري بكل معنى الكلمة لانه يعزل تماما 250 الف فلسطيني ما بين الخط
الاخضر والجدار الفاصل ويفصل بينهم وبين ارضهم" وتساءل بالتالي: كيف
يكون الأمن في هذه الحالة؟".
واستنتج مدعما بالخرائط ان كل التجمعات الفلسطينية محاصرة ولا يوجد
أي علاقة بين الامن وبين الجدار داخل اراضي الضفة الغربية كما اوضح ان
رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون يسعى الى اقامة مستوطنات يهودية
داخل الاحياء القديمة في القدس الشرقية حيث بات يوجد اليوم 54 الف وحدة
سكنية تم احتلالها ويسكنها 182 الف مستوطن.
كما شارك في الندوة كل من الارشمندريت الاب الدكتور عطا الله حنا
الناطق الرسمي في القدس باسم الكنيسة الارثوذكسية والشيخ تيسير رجب
التميمي قاضي قضاة فلسطين وركز كلاهما على التعددية الدينية للمدينة
ووحدة الانتماء الفلسطيني كما لفتا الى "التهويد المنتظم الذي يمارس من
قبل سلطات الاحتلال في القدس".
وقال الارشمندريت عطالله "نحن جزء من المكونات الحضارية والروحية
والانسانية لهذه الارض المقدسة التي هي فلسطين ولسنا قتلة ولا ارهابيين
كما يصورنا الاحتلال نحن دعاة سلام."
ولفت الشيخ التميمي الى ان "اسرائيل تقوم بنشر كاميرات متطورة جدا
على ابواب المسجد الاقصى لاخافة المصلين" و"تكرر من محاولات اقتحامه
ومخططات نسفه". وقال ان ما يحدث في القدس "مذبحة حضارية" حيث تقوم
اسرائيل بطمس وتغيير معالم المدينة.
فاروق مردم بك الكاتب والناشر تناول في مداخلته محطات في تاريخ
القدس حتى احتلال العام 1967 وقال ان المحتل يقيم خلطا اراديا بين ما
هو ديني وبين ما هو سياسي موضحا جوانب الخطورة في ذلك.
واشار مردم بك الى ان القدس ارض محتلة مثلها مثل اي ارض محتلة اخرى
ويجب ان تحرر بدل تحويل الازمة من قبل الاسرائيليين الى صراع ديني
"القدس يمكن ان تكون مدينة لشعبين ولمختلف الديانات".
وندوة "القدس: رهانات اليوم" كانت آخر الفعاليات التي نظمها معرض
الكتاب العربي الاوروبي الثامن في باريس والذي كانت فلسطين ضيفة الشرف
فيه.
وتركزت الانشطة على ضيف الشرف حيث تناولت ندوات اوضاع الصحافة
والنشر في فلسطين حاضرا وتاريخا. كما احيا الشاعر الفلسطيني سميح
القاسم في اليوم الثاني من المعرض امسية شعرية القى فيها مجموعة من
القصائد التي صدرت في ديوان اخير وابرزها قصيدة "غوانتانامو".
وكان من بين الانشطة ندوة هامة شهدها المعرض مساء الاثنين الماضي
بعنوان "المشاريع الكبرى للترجمة في العالم العربي" بمشاركة ناشرين
ومتخصصين في مجال النشر ابرزهم الدكتور جابر عصفور.
وشارك في الدورة 260 ناشرا بينهم 40 بالمائة من الاوروبيين لكن
الصيغة الجديدة التي اعتمدها المعهد قضت بان يشتري المعهد الكتب وان
يعرضها باسمهم ما اثر على جو المعرض الذي غاب عنه الناشرون كليا. |