باحث مصري يدعو العرب للاعتراف بالتباينات الثقافية والدينية والطائفية

حث باحث مصري على الاعتراف بما وصفه بالتباينات الثقافية والاجتماعية والدينية والطائفية بين الدول العربية ووضع هذه الاختلافات في الحسبان في أي عمل تربوي عربي مشترك مع مراعاة خصوصية كل دولة.

وقال سامي نصار الاستاذ بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة في كتابه (قضايا تربوية في عصر العولمة وما بعد الحداثة) ان الاعتراف بهذا التنوع "ضروري فليست الوحدة أو القومية (العربية) هي القفز فوق التباينات أو الغاء بعضها لحساب البعض الاخر."

وأضاف ان تجاهل هذا التنوع على كافة المستويات من شأنه تأجيل الخلافات مؤقتا وربما يؤدي الى تعميقها في حين يكون الاعتراف بها ضروريا "باعتبارها روافد أصيلة في الثقافة العربية ومصدر غنى واثراء لها وسندا سياسيا وثقافيا لنا في التعامل مع الاخر."

والكتاب الذي صدر في سلسلة (افاق تربوية متجددة) عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة يقع في 216 صفحة من القطع الكبير ويعالج قضايا تربوية منها (الاتجاهات المعاصرة في علم اجتماع التربية) و(العمل التربوي العربي المشترك بين المد القومي والعولمة) و(صورة المعلم بين قيود الحداثة وشروط ما بعد الحداثة) و(جودة التعليم العالي في ظل تحديات العولمة).

وقال نصار ان العصر الحالي هو "عصر المعرفة واللا يقين. عصر الترابط الكوني وصدام الحضارات. عصر الاعتراف بالاخر واذابة هويته. عصر التحرر والهيمنة. انه عصر المتناقضات."

وأضاف أنه عني في كتابه "في هذا الزمن العربي الرديء بمناقشة العمل التربوي العربي المشترك الذي انهار مع تراجع المد القومي (العربي) وبروز دور الدولة القطرية في ظل حالة غريبة من التفكك والتشرذم وفقدان الثقة في النفس وفي الاخرين."

وأشار الى أن العمل العربي المشترك في مجال التربية ارتبط مدا وجزرا بالحالة السياسية العربية فعندما "ساد قدر من التضامن بين الدول العربية زادت فعالية مؤسسات العمل العربي المشترك ومنها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أو الجهاز العربي الاقليمي لمحو الامية... كان هناك مردود لما تبذله المنطمة والجهاز من جهد."

وذكر أن تداعيات الغزو العراقي للكويت في الثاني من أغسطس اب 1990 والذي أدى الى حرب الخليج الثانية أدت الى ما اعتبره تشرذما عربيا شهدت معه هذه المؤسسات وغيرها "بدءا من المؤسسة الام وهي جامعة الدول العربية قدرا كبيرا من التاكل في هياكلها."

ونوه نصار الى أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التي أنشئت عام 1970 حاولت ألا تلعب دور "ناقل الفكر.. ولكنها على الرغم من ذلك وقعت في شرك الثنائيات المتعارضة التي تعاني منها بنية الثقافة العربية مثل.. العرب والعالم.. كأن العرب ليسوا جزءا منه أو أنهم قدر عليهم أن يكونوا في مواجهته."

ومن الثنائيات التي ذكرها الكاتب أيضا العروبة والاسلام "كأن أحدهما لابد أن يكون بديلا عن الاخر."

وقال انه لا يؤمن بنظرية المؤامرة في صنع التاريخ الذي يرى في تدفقه "اللا نهائي تعبيرا عن علاقات اقتصادية واجتماعية وسياسية تتم في لحظات تاريخية معينة ذات سمات وقسمات حددتها المصالح المشتركة والمتعارضة والتوازنات المختلفة لمختلف القوى والجماعات الفاعلة فيه."

وأضاف أنه في ظل ما وصفه بقصور تعاني منه الانظمة التعليمية العربية وحالة "الوهن التي تعيشها الثقافة العربية يأتي المشروع الاسرائيلي للنظام الاقليمي شرق الاوسطي بما يتضمنه من تطبيع ثقافي مع اسرائيل.. هذا المشروع لا يتوقف عند حدود اقامة سوق شرق أوسطية بل هو في صيغته الاسرائيلية كما عبر عنه (رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق) شمعون بيريس يتعدى ذلك الى تأسيس نظام اقليمي جديد."

ووصف نصار مضمون الخطاب الثقافي الاسرائيلي بأنه "في جوهره مع الاتجاه الداعي الى عولمة القيم... هذا الاتجاه يهدف الى نشر وترسيخ حالة ذهنية أو سيكولوجية لدى العرب تجعلهم تدريجيا بلا وعي تاريخي ولا هوية قومية وطنية."

وأشاد التربوي المصري البارز حامد عمار بالكتاب في مقدمة أشار فيها الى تحديات تواجه العالم العربي منها ما وصفه بصراع القيم "التي تزحف بها العولمة وتداعياتها ولعل من أهمها السعي الى تكوين الفرد المنمط في قيم السوق في تجاوز تكوين المواطن الواعي بقيم تحديات وجوده.

"ولعل مشروعات تغيير خريطة الشرق الاوسط الكبير ومعالمها التي تتحدث عنها القيادات الامريكية وقيادات الاتحاد الاوروبي هي من المخاطر التي تفرضها تلك القيادات سواء بمختلف مصادر القوة والضغط بدعاوى حق يراد بها باطل كنشر الديمقراطية والالتزام بحقوق الانسان والتنوع الثقافي."

شبكة النبأ المعلوماتية - السبت 25/ حزيران/2005 - 18/ جمادى الأولى/1426