المصالح الأمريكية تحمي حكومتي القاهرة والرياض

 

يقول محللون وساسة انه على الرغم من اللهجة الحادة التي تحدثت بها وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس الى الحكومتين المصرية والسعودية الا انه لايزال في جعبة واشنطن الكثير لمعاقبتهما لعدم تطبيق اصلاحات بالسرعة الكافية.

وخلال جولتها في منطقة الشرق الاوسط التي شملت زيارة مصر والسعودية أدلت رايس بتصريحات صارمة وذلك تمشيا مع وجهة النظر الامريكية القائلة بأن الديمقراطية في العام العربي اصبحت من المصالح الامريكية الاستراتيجية على المدى الطويل.

وتعاونت مصر والسعودية لعشرات السنين مع المصالح الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية الامريكية في المنطقة وحصلتا في المقابل على معاملة لينة فيما يتعلق بالسياسات الداخلية.

وفي القاهرة أثارت رايس يوم الاثنين مطالب جديدة منها إلغاء العمل بقانون الطواريء ووضع حد لما وصفته بالتعسف في تطبيق العدالة ووضع معايير موضوعية من أجل اجراء انتخابات حرة نزيهة.

وكانت هذه من أقسى الانتقادات التي يوجهها مسؤول أمريكي رفيع الى حكومة مصر منذ ان أعلنت واشنطن ان الديمقراطية تمثل اولوية في سياساتها بالشرق الاوسط.

كما انتقدت رايس ايضا اعتقال ثلاثة من المعارضين السعوديين بعد ان تقدموا بالتماس الى الاسرة الحاكمة من اجل التحرك نحو تطبيق نموذج دستوري قائلة ان الدعوات من اجل الاصلاح يجب الا تكون جريمة في أي بلد.

ولم يتسن الاتصال بالمتحدث باسم الحكومة في مصر يوم الثلاثاء للتعقيب الا ان دبلوماسيا بالقاهرة قال ان اللهجة الصريحة الخالية من المجاملة التي تحدث بها رايس يجب ان يكون لها وقع الصدمة على المسؤولين المصريين.

وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم نشر اسمه "يجب ان تأخذهم الدهشة لأنها كانت محددة للغاية."

الا ان رايس لم تحدد جدولا زمنيا للمطالب الامريكية كما لم تكشف عن العواقب التي قد تحدث اذا لم تف الانتخابات الرئاسية في مصر في سبتمبر ايلول والانتخابات البرلمانية المتوقعة في نوفمبر تشرين الثاني بالاشتراطات المقبولة.

ووعدت رايس بأن الولايات المتحدة لن تفتح حوارا مع جماعة الاخوان المسلمون المحظورة التي تعد أكبر جماعة معارضة في مصر. وتغض الحكومة في مصر الطرف عن نشاط الجماعة.

وسئلت رايس عن عواقب اجراء انتخابات غير نزيهة فقالت لشبكة (ان.بي.سي) نيوز "لا أعتقد انه يتعين علينا ان نفعل أي شئ في هذه النقطة لكننا نعترف بوجود تغير كبير محتمل حاليا هنا في مصر ونسعى لتشجيع ذلك."

وقال وليد قزيها أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الامريكية بالقاهرة حيث ألقت رايس كلمة انه الى جانب المطالب الامريكية أعطت رايس مؤشرات على ان الولايات المتحدة لا تتوقع حدوث تغيير سريع في مصر.

وقالت على سبيل المثال ان الامر استغرق عدة سنوات كي تكفل الولايات المتحدة حقوق التصويت للجميع. وقالت رايس "هنا في الشرق الاوسط بدأت تتكشف الان نفس عملية التغير الديمقراطي المأمولة منذ زمن."

وقال قزيها "الانطباع الذي تكون لدي هو انه لا يوجد نفس القدر الكبير من الزخم. يؤكد ذلك ما سمعته في واشنطن."

وقال "ربما تكون الادارة (الامريكية) جادة فيما يتعلق بسوريا لكن بالنسبة لمصر والسعودية فهناك قدر كبير من المخاطر وقد تنطوي العملية الديمقراطية على زعزعة للاستقرار تفوق أي منافع."

وقال خالد دخيل استاذ الاجتماع بجامعة الملك سعود انه لا يتوقع أي خطوات تجاه مصر أو السعودية لأنهما ليستا على قمة الاولويات. واضاف "يعنى الامريكيون بثلاثة امور في الشرق الاوسط.. النفط والقواعد العسكرية وحسن العلاقات مع اسرائيل."

وقال عبد المنعم سعيد مدير مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وهو معهد بحثي بالقاهرة انه يرى قدرا كبيرا من الارضية المشتركة فيما يتعلق بالاصلاح يمكن في اطارها ان تتفق حكومة مصر والادارة الامريكية.

وقال "لا أظن انهم (الولايات المتحدة) يفكرون في أي عقاب... انهم لا يتعجلون في اصدار حكم ولست متأكدا من انه يوجد على الاجندة الامريكية اصدار حكم والعمل بمقتضاه."

وقال ان الولايات المتحدة لن تقوض العلاقات الطيبة مع مصر في الوقت الذي تتعاون فيه القاهرة فيما يتعلق بالانسحاب الاسرائيلي من غزة وفي الوقت الذي يمر فيه موضوع احتلال العراق بمأزق.

والتغير السياسي الرئيسي في مصر هذا العام كان تعديل بند في الدستور يتيح اجراء انتخابات رئاسية مباشرة يخوضها أكثر من مرشح.

ويقول محللون انه بعد 50 عاما من الانتخابات الرئاسية المحسومة سلفا والتي كانت تجري بنظام الاستفتاء دون مرشح منافس ونظرا للقيود المفروضة على المستقلين فمن غير المرجح ان يواجه الرئيس المصري حسني مبارك منافسة حقيقية.

وقال محمد مهدي عاكف مرشد جماعة الاخوان المسلمون ان الهدف الاساسي من انتقادات رايس هو "ابتزاز" مصر بأكبر قدر ممكن من اجل مصلحة الولايات المتحدة.

وقال "النظام الحالي يخدم مصالحها. ورؤية امريكا ان يبقى النظام الحالي. لو النظام الحالي اصبح لا يحقق لأمريكا اهدافها فستغضب عليه."

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 23/ حزيران/2005 - 16/ جمادى الأولى/1426