تشكلت جبهة رفض في ايران في محاولة لقطع الطريق على التطرف مع
المحافظ المتشدد محمود احمدي نجاد الذي انتقل الى موقع الدفاع نافيا
التهم الموجهة اليه.
فقد اجمع قسم كبير من الشخصيات السياسية والدينية والفنية على
التحذير من ان تؤدي مقاطعة الانتخابات مرفقة بعمليات تزوير محتملة الى
فوز عمدة طهران احمدي نجاد بالانتخابات الرئاسية في الدورة الثانية
المقررة الجمعة.
ورغم ان هذا التحرك شمل قطاعات واسعة من المجتمع فلا يمكن التكهن مع
ذلك بنتيجة الانتخابات لا سيما ان المحافظين معروفون بقدرتهم على تعبئة
ناخبيهم اكثر من الاصلاحيين الذين دعت قواهم الاساسية الى التصويت
للرئيس الايراني السابق البراغماتي اكبر هاشمي رفسنجاني.
وشارك رفسنجاني من خلال لقاء مع الطلاب في جامعة طهران هو الاول من
نوعه في الحملة الهادفة الى تعبئة الناخبين لصالحه.
ونال الرئيس الايراني السابق دعما متحفظا من الطلاب في جامعة طهران
المصممين على التصويت له لمنع وصول محافظ متشدد ولو انهم لم يحصلوا منه
على اجوبة شافية في ما يتعلق بالسجناء السياسيين.
في المقابل انتقل فريق احمدي نجاد الى الدفاع. وعقد احد المسؤولين
في حملته رئيس المجلس البلدي مهدي جمران مؤتمرا صحافيا الثلاثاء ندد
فيه بالحملة الهادفة الى تقديم احمدي نجاد على انه متطرف.
وقال "للاسف يعمل البعض على تدمير صورة" عمدة طهران احمدي نجاد.
واضاف "لقد راينا منشورات كتب فيها ان الطالبان سيصلون" نافيا الشائعات
التي تشير الى ان احمدي نجاد من انصار فصل النساء عن الرجال في الاماكن
العامة. واضاف "هذه اكاذيب يتم نشرها على مستوى واسع".
وردا على سؤال عن شعور الايرانيين الخائفين من ان يعود المحافظون
المتشددون في حال استئثارهم بالسلطة الى السنوات الاولى للثورة قال
جمران "في بداية الثورة هل كانت هناك ستائر لفصل النساء عن الرجال في
الشارع؟ لا في بداية الثورة كان هناك جو من النقاوة والنزاهة".
كما ابدى استياءه من الشائعات التي تصف احمدي نجاد بالقاتل وقال "السيد
احمدي نجاد مهندس. لا يمكن ان يكون عمل كقاتل لصالح اجهزة الاستخبارات".
وكان احمدي نجاد ضابطا سابقا في حراس الثورة الجيش العقائدي للنظام.
ونفى جمران ان يكون مرشحه حصل على اي دعم من المجموعات العسكرية كما
يتهمه خصومه. وقال "الباسيج (الميليشيات الاسلامية) جزء من الشعب.
والتصويت سري من المستحيل ان نعرف لمن اعطوا اصواتهم".
ومنذ تأهل المحافظ المتشدد احمدي نجاد بشكل مفاجىء الى الدورة
الثانية من الانتخابات ارتفعت احتجاجات تتحدث عن "تزوير" في العملية
الانتخابية من اجل "ايصال مرشح معين من خلال صناديق الاقتراع".
ويقول خصوم احمدي نجاد ان مجلس صيانة الدستور المكلف الاشراف على
الانتخابات وبعض القوى العسكرية قامت بتعبئة منظمة خلال الساعات
الاخيرة من الانتخابات لصالح احمدي نجاد في صفوف المنظمات الاسلامية
الراديكالية والجيش.
وقال جمران "بعض الصحف تعلن ان هناك تسونامي قادما. هذا صحيح.
الموجة تأتي من الطبقات المحرومة الطبقات التي يدافع عنها احمدي نجاد".
ويدافع انصار احمدي نجاد عنه بالقول انه رجل "بسيط ومسلم وقريب من
الشعب". بينما الصورة المكونة عن رفسنجاني هي انه رجل نافذ في النظام
وصاحب ثروة طائلة.
وكان الرئيس الايراني محمد خاتمي دعا ضمنيا الى دعم لرفسنجاني عبر
توجيه نداء من اجل التصويت "للاعتدال" وضد "العودة الى الوراء". ودعا
مواطنيه بمن فيهم الذين لم يشاركوا في الدورة الاولى الى "المشاركة
الكثيفة" في الدورة الثانية من اجل "اثبات ان الاصلاح الممزوج
بالاعتدال والتفهم للوضع التاريخي هو ضوء لا يمكن لاي عاصفة ان تطفئه".
وكانت جبهة المشاركة ابرز حزب اصلاحي برئاسة شقيق الرئيس الايراني
محمد رضا خاتمي دعت الى التصويت لرفسنجاني في الدورة الثانية "من اجل
تجنب كارثة".
وقال شقيق المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الليبرالي هادي خامنئي
من جهته ان "ايران على مفترق طرق تاريخي وصعب". واضاف "رفسنجاني هو
الخيار الافضل. الخيار السيء قد يقودنا الى هوة عميقة".
كما اعلن آية الله جلال الدين طاهري المنشق من اصفهان دعمه
لرفسنجاني الذي حظي ايضا بمساندة فنانين كبار. ودعا المرشح المحافظ
الخاسر في الانتخابات الرئاسية الايرانية محمد باقر قاليباف ضمنيا
الثلاثاء الى التصويت ضد احمدي نجاد.
وجاء في بيان نشر على موقعه الالكتروني انه يجب اختيار "الاعتدال
وتجنب التطرف والدفاع عن القيم الاسلامية الحقيقية التي ارساها الامام
الخميني".
وفي بيان آخر قال انصار قاليباف انهم سيتوجهون الى مراكز الاقتراع
تحت شعار "لا لاحمدي نجاد. سنصوت لرفسنجاني".
وقلب احمدي نجاد (48 عاما) التنبؤات باحتلاله المرتبة الثانية في
الجولة الاولى غير الحاسمة يوم الجمعة الماضي بعد فوزه باصوات الفقراء
المتدينين الذين يعجبون باسلوب حياته المتواضع وتركيزه على معالجة
الفقر.
ويقول كثير من المحللين ان انتخاب رئيس متشدد قد ينهي الاصلاحات
الهشة التي بدأت في عهد الرئيس المنتهية ولايته محمد خاتمي.
وادار رفسنجاني (70 عاما) الذي كان المرشح الابرز قبل الانتخابات
حملة انتخابية بلا بريق في الجولة الاولى ولم ينظم اجتماعات كبيرة
معتمدا على صورته كرئيس سابق في الفترة بين عامي 1989 و1997.
لكنه قال يوم الثلاثاء لاربعة الاف طالب في حشد انتخابي بجامعة
طهران "لقد كنت المحرك الاساسي لانشاء الاصلاحات واتخذت حكومة خاتمي
خطوات اضافية .. ومن المؤكد ان هذه الخطوات ستمضي .. ويجب ان نضع
التخلف والتطرف جانبا."
وحمل بعض الطلبة لافتات تقول "واجهوا الشمولية..نحن نعطي اصواتنا
لهاشمي".
وقالت الطالبة سميرة ايوبي (23 عاما9 انها ستنتخب رفسنجاني لانه
اختيار بين السيء والاسوأ.
لكن بعد الحشد الانتخابي الحي في الجامعة حيث انطلقت موسيقى البوب
العالية وشمل جلسة اسئلة واجوبة خفيفة الظل قال الكثير من الطلاب انهم
لايزالون يرفضون التصويت.
وقال شاهين (26 عاما)انه لا يؤمن بهذا النظام بما يكفي للمشاركة في
الانتخاب.
ونقل رفسنجاني ايضا حملته الى جنوب طهران الفقير حيث يعيش الكثير من
مؤيدي احمدي نجاد. واحتشد نحو ثلاثة الاف شخص في الاستاد الرياضي لسماع
رفسنجاني وهو يعد بالوظائف والاسكان والمزايا الاجتماعية.
وقال ان من اولوياته في المرحلة الثانية من حركة البناء التركيز على
الفقراء.
واخترقت امرأة الامن المشدد وقبلت يد رفسنجاني قبل أن تنزع عمامته
البيضاء وتضعها على رأسها وسط ضحكاته.
لكن خارج الاستاد لم يكن هناك تأييد لرجل يشاع ان اسرته من بين اغنى
العائلات في البلاد وان رئاسته ارتبطت بزيادة الفساد.
وقال محمد (17 عاما) ان رفسنجاني لايعرف سكان جنوب طهران لكن احمدي
نجاد واحد منهم.
وقال منصور (21 عاما) "انهم يريدون خفض الاسعار ويريدون ان ترتدي
النساء الزي الاسلامي..ونحن نعاني من الفقر حتى الموت."
وانتقد نجاد في كلمة القاها يوم الاثنين أمام مشرعين متشددين
بالبرلمان النهج الحالي للحكومة المتمثل في اجراء محادثات مع الغرب.
ونقلت وكالة انباء الطلبة الايرانية عن نجاد قوله "اولئك الذين
يتفاوضون يشعرون بالخوف ولا يعرفون الناس." واضاف "ان تشكيل حكومة
شعبية واصولية سيغير موقف البلاد سريعا لصالح الامة."
لكن منتقدين اصلاحيين بعضهم اتهم منظمات عسكرية مثل ميليشيا الباسيج
بمساندة أحمدي نجاد يقولون انه جزء من مؤامرة محافظة متشددة تعقد العزم
على فرض نظام استبدادي في ايران.
وقال محمد رضا خاتمي رئيس أكبر حزب اصلاحي ايراني والشقيق الاصغر
للرئيس الايراني المنقضية ولايته محمد خاتمي "اذا فاز (نجاد) فسيحكم
خامنئي كل شيء." وتابع قوله لرويترز "لن تكون هناك انتخابات حرة بعد
ذلك."
وكان متشددون اسلاميون معظمهم أعضاء سابقون بالحرس الثوري سيطروا
على العديد من مجالس المدن والبرلمان الايراني في انتخابات عامي 2003 و
2004 التي شهدت اقبالا ضعيفا من الناخبين.
وحث رفسنجاني الناخبين على مساعدته في انزال الهزيمة باحمدي نجاد في
تلميح الى حدوث "تدخل منظم" في عملية التصويت.
وقال في بيان نشر في العديد من الصحف "أنا بحاجة لمساعدتكم وأطلب
منكم الحضور في الجولة الثانية من الانتخابات حتى نمنع التطرف."
واحتشد الاصلاحيون خلف رفسنجاني حيث يعتبرونه اقل الضررين. وقال
خاتمي "رغم أننا قد لا نتفق مع برامج رفسنجاني الا أن علينا مساندته."
وقال أكبر تنظيم طلابي موال للاصلاح في ايران والذي قاطع الانتخابات
يوم الجمعة انه سينظم ايضا حملة نشطة من أجل فوز رفسنجاني.
وقال كثير من المحللين السياسيين رغم ذهولهم بأداء أحمدي نجاد القوي
في انتخابات يوم الجمعة ان الاصلاحيين لم يقدموا أي أدلة ملموسة على
حدوث تلاعب وانهم أخطأوا تقدير التأييد القوي لرئيس البلدية بين العدد
الكبير من الفقراء في ايران.
وقال محلل رفض نشر اسمه "قدم أحمدي نجاد نفسه على أنه روبن هود..
رجل صادق جاد في عمله ورجل يمثل الناس. انه يمثل استياء الناس من هؤلاء
الذين يعيشون حياة أفضل ويقودون سيارات فارهة وغير ذلك."
وقال محسن فرجي (25 عاما) عضو ميليشيات الباسيج الدينية شبه
العسكرية ان فوز أحمدي نجاد سيكون بشيرا بمرحلة جديدة في ايران. وتابع
"التاريخ سيتذكر هذه الانتخابات. موجة تغيير قادمة. الناس يريدون أحمدي
نجاد لانه واحد منهم."
وتستأنف الحملة الانتخابية يوم الثلاثاء ويجب ان تنتهي قبل 24 ساعة
من اجراء جولة الاعادة لاعطاء المرشحين فرصة يومين لحشد المزيد من
التأييد. |