قال روبرت مارتن، الذي تلا البيان الأميركي النهائي حول صيغة
اليونسكو المقترحة لميثاق التعددية الثقافية في باريس في 3 حزيران/يونيو،
إن هذه الصيغة "يشوبها الكثير من العيوب وتتعارض بشكل أساسي مع واجب
اليونسكو الدستوري بتشجيع حرية تدفق الأفكار من خلال الصورة والكلمة."
وقد أعلن مارتن رأي الولايات المتحدة أمام وفود من أكثر من 180 دولة
شاركت في مفاوضات حول الصيغة الأولى لميثاق التعددية الثقافية المقترح،
المعروف رسمياً باسم "ميثاق حماية تعددية المضمون الثقافي والتعبيرات
الفنية والتشجيع عليها."
وقد عقدت الجلسة الثالثة من جلسات مؤتمر الخبراء الحكوميين حول
الصيغة الأولية للميثاق الخاص بحماية تعددية المضمون الثقافي
والتعبيرات الفنية والتشجيع عليها في مقر منظمة التربية والعلوم
والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو) في باريس من 25 أيار/مايو
حتى 4 حزيران/ يونيو.
وقال مارتن، وهو مدير معهد خدمات المتاحف والمكتبات، وهو وكالة
فدرالية مستقلة لتقديم المنح والهبات تدعم المتاحف الأميركية الخمسة
عشر ألفاً ومكتباتها البالغ عددها 122 ألف مكتبة، إنه "تم إلى حد بعيد
تجاهل توسلاتنا بإجراء عملية تفاوض جدية للتوصل إلى ميثاق يشجع على
التعددية الثقافية ويعززها."
وأضاف مارتن أن الولايات المتحدة لاحظت، كما أنه قيل لها مراراً،
بأن صيغة ميثاق التعددية الثقافية "تدور في الواقع حول التجارة."
وقال: "ولأنها تدور حول التجارة، فإن هذا الميثاق يتعدى بوضوح
التفويض الممنوح لمنظمة اليونسكو."
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الأميركية القومية لليونسكو ستعقد
مؤتمرها السنوي الأول منذ حوالى 20 سنة في واشنطن العاصمة في 6-7
حزيران/يونيو. وسوف تناقش إحدى الندوات التابعة للمؤتمر "صيغة ميثاق
حماية تعددية المضمون الثقافي والتعبيرات الفنية والتشجيع عليها"
ومواضيع مرتبطة به.
إن صيغة الميثاق التي توصل إليها فريق العمل هذا يشوبها الكثير من
العيوب وتتعارض بشكل أساسي مع واجب اليونسكو الدستوري بتشجيع حرية تدفق
الأفكار من خلال الصورة والكلمة.
وكما سبق وأشرنا في أول تصريح لنا في هذه المفاوضات في أيلول/سبتمبر
الماضي، إن الولايات المتحدة من أكثر الدول في العالم تعددية ثقافية
وهي تعلن عن تعدديتها بكل فخر واعتزاز.
وقد جئنا ونحن على أتم الاستعداد للمساعدة في صياغة أداة فعالة
لتشجيع التعددية الثقافية. وكنا نأمل في التوصل إلى حوار حقيقي وإجماع
حق.
غير أن ما حدث هو أنه مع المضي قدماً في هذا الاجتماع، لم نلاحظ فقط،
وإنما قيل لنا مراراً أيضا، بأن هذا الميثاق لا يدور حول الثقافة. إن
ما شاهدناه في التقارير الصحفية المختلفة والبيانات الرسمية هو أن هذا
الميثاق إنما يدور في الواقع حول التجارة. والواقع هو أن برنامج العمل
التجاري كان من القوة بحيث أننا اضطررنا حتى إلى التلاعب بقوانين
اليونسكو المعمول بها منذ فترة طويلة لإفساح المجال أمام مشاركة
المفوضية الأوروبية، ذات المقدرة والكفاءة في التجارة لا الثقافة.
ولأن هذا الميثاق يتعلق بالتجارة، فإنه يتعدى بوضوح التفويض الممنوح
لمنظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو).
وعلاوة على ذلك، فإنه من الممكن أن يضعف الحقوق والواجبات التي تنص
عليها اتفاقيات دولية أخرى ويؤثر سلباً على فرص اختتام دورة مفاوضات
الدوحة للتنمية بنجاح. وبتأديته إلى ذلك، سيعيق تحقيق تقدم في مجال
تحرير الاقتصاد الذي قام بدور كبير جداًً في زيادة الازدهار في جميع
أنحاء العالم، وخاصة في الدول النامية، حيث تلعب الثقافة دوراً مهماً
جداً في التنمية.
وقد حاولت الولايات المتحدة توجيه هذه المفاوضات في مسار إيجابي في
كل مرحلة من مراحلها منذ أول لحظة من عودتنا مجدداً إلى اليونسكو. إلا
أنه تم إلى حد بعيد تجاهل توسلاتنا بإجراء عملية تفاوض جدية للتوصل إلى
ميثاق يشجع على التعددية الثقافية ويعززها.
كما أننا نشعر بالقلق لكون العملية التي انخرطنا فيها لم تتم في جو
الزمالة الذي يشكل صفة مميزة لاجتماعات منظمة اليونسكو، ولعل سبب ذلك
يعود إلى الإلحاحية المصطنعة التي أُسبغت على مهمة التوصل إلى نص كامل
خلال فترة قصيرة. ورغم أن المستشار القانوني أشار إلى أن المهمة
الموكلة إلى هذا الاجتماع المشترك بين العديد من الحكومات هي التوصل
إلى "مسودة ميثاق أولية،" إلا أن رئيس المؤتمر أصدر إلينا تعليماته
بالتوصل إلى وضع نص نهائي تام.
وقد أدت الطريقة التي عُقدت فيها الاجتماعات الحكومية إلى تثبيط
التفاوض والتشاور بدل تشجيعهما. كما تم تطبيق القوانين الخاصة
بالإجراءات الشكلية، وممارسات اليونسكو المعتادة أيضاً، بشكل غير
متساوق بينما تم تجاهلها تماماً في أحيان أخرى. وشجع الإصرار على
التصويت تحت ستار "التعبير عن المراد" على الانقسام بدل تعزيز التوصل
إلى توافق إجماعي.
لقد قوض ما قمنا به هنا في الأسبوع الماضي روح الإجماع التي تميز
عادة عمل اليونسكو ولا شك في أنه سيسيء إلى سمعة اليونسكو كمنظمة دولية
مسؤولة تتأمل الأمور بتعمق قبل اتخاذ القرارات.
ورغم نتائج الأسبوع الماضي المخيبة للآمال، ما زالت الولايات
المتحدة تأمل في أنه لا تزال هناك فرصة للتوصل إلى ميثاق يحظى بإجماع
حقيقي ويكون جديراً بأن يصدر عن منظمة التربية والعلوم والثقافة
التابعة للأمم المتحدة. |