[newsday.htm] 
 
 
 

 

طريق رفسنجاني نحو الرئاسة يمر عبر واشنطن

 

في عام 1974 قام رجل دين ايراني برحلة برية عبر ارجاء الولايات المتحدة وتوقف مندهشا امام اشجار الخشب الاحمر العملاقة او للتحديق في بوابات فيلات هوليوود العملاقة.

وكتب اكبر هاشمي رفسنجاني فيما بعد في مذكراته انه اشمئز من الاخلاقيات المتحررة للامريكيين الا ان هناك الكثير الذي يمكن ان تتعلمه ايران من حرياتهم السياسية.

وبعد 31 عاما فانه اذا ما تجرأ احد على تحمل تحدي اصلاح العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن التي توترت عام 1980 فسيكون على الارجح رفسنجاني المراوغ الكثير الاسفار والمتوقع فوزه في انتخابات الرئاسة التي ستجري يوم 17 يونيو حزيران.

فهناك اصوات تتودد الى.. "الشيطان الاكبر".

وقال عباس مدرس التاريخ في طهران "أسوأ شيء اقترفه هذا النظام على الاطلاق هو السماح لعلاقاتنا بالولايات المتحدة بان تتلاشى. لقد شعرنا اننا تركنا في العراء مثل اطفال لم توجه اليهم الدعوة لحضور حفل."

كما يقول مرشحون اخرون في انتخابات الرئاسة مثل محمد باقر قاليباف ومحسن رضائي وهما قائدان سابقان في الحرس الثوري المتشدد ان حقبة الانفراج الفاترة مع الغرب يجب ان تنتهي وان ثمة حاجة لتحسين العلاقات.

ولكن هل يمكن لاي منهم انتهاج دبلوماسية بارعة مطلوبة لكسب وصال العم سام..

وتوترت العلاقات مع واشنطن في اعقاب الثورة الاسلامية عام 1979 عندما اقتحم طلبة متشددون مبنى السفارة الامريكية في طهران واحتجزوا 52 رهينة امريكية لمدة 444 يوما.

وباعتبارها جزءا من "محور الشر" تخضع ايران لعقوبات تجارية امريكية وهي متهمة بالسعي لامتلاك اسلحة نووية وتمويل جماعات مسلحة مناهضة لاسرائيل. وتنفي طهران هذه الاتهامات.

وتلقي واشنطن باللوم على ايران في الهجوم بقنابل على (ابراج الخبر) في السعودية عام 1996 الذي اسفر عن مقتل 19 امريكيا.

ولرفسنجاني سجل طويل في التعامل مع الولايات المتحدة.

خلال الثمانينات كان الوسيط الرئيسي في فضيحة (ايران كونترا) عندما باعت واشنطن اسلحة سرا لايران خلال الحرب مع العراق في مقابل مساعدة طهران في تأمين اطلاق سراح رهائن امريكيين في لبنان.

وحاول رفسنجاني كسر الجليد عام 1995 وعرض على شركة كونوكو الامريكية للنفط صفقة غاز طبيعي بقيمة مليار دولار. الا ان الرئيس الامريكي حينذاك بيل كلينتون صده.

وقال جاري سيك من جامعة كولومبيا ومساعد البيت الابيض لشؤون ايران خلال ازمة الرهائن ان اصرار رفسنجاني على التقرب الى واشنطن كان مهما.

وصرح لرويترز "في ايران كونترا لم تدفع واشنطن نصيبها من الصفقة وانفجر عرض لكونوكو بتطوير حقل غاز بحري في وجهه."

"ليس لديه سوى الخبرات السيئة لكنه يواصل المحاولة. هذا شيء يؤمن به بلا شك.

"انه رجل اعمال في المقام الاول ويؤمن بصدق بان الطريق لاعادة التقارب هو من خلال المال وتقديم العروض".

وقال سيك "ومع ذلك فان المشكلة بين الولايات المتحدة وايران اكبر من ذلك. انها ايديولوجية في الاساس ولا يمكن حلها بالتودد للجشع." مضيفا ان هناك معسكرا في الكونجرس الامريكي تعهد صراحة بعدم التحدث مطلقا مع ايران.

وقال رفسنجاني انه يتعين على الولايات المتحدة ان تتخذ الخطوة الاولى بالافراج عن اصول ايرانية بمليارات الدولارات مجمدة في حسابات امريكية منذ اندلاع الثورة.

ولكن دبلوماسيين ومحللين يقولون ان من غير المرجح ان تخطو واشنطن الخطوة الاولى. فما زال تركيزها على الاصرار على ان توقف ايران انتاج وقود نووي.

وتقول روزماري هوليز من المعهد الملكي للعلاقات الدولية "ايران لن تتوقف عن هذا مالم تكن المكافات السياسية ضخمة. فقط الولايات المتحدة يمكنها تقديم هذه المكافات وهي لا ترى اي سبب يدفعها لذلك."

ولاتبدي كبرى شركات النفط الامريكية اهتماما بثاني اكبر احتياطيات للنفط في العالم. وكانت شروط عقود النفط الايراني مخيبة لامال الشركات الاوروبية العاملة هناك.

كما ان اسرائيل حليفة الولايات المتحدة في قلب المشكلة كهدف محتمل لاي سلاح نووي قد تبنيه ايران.

وقال دبلوماسي مقره طهران "المشكلة ربما لا تكون في الاسلحة النووية في حد ذاتها ولكن امن اسرائيل. يمكن لايران ان تساعد بالقبول صراحة بحل دولتين."

ولكن سيك لا يرى ان ايران تنهي عداءها لاسرائيل "هذا جزء اساسي من الثورة."

ويبدو ان الخطاب اللاذع الذي تميز به ربع القرن الاخير مستمر في الوقت الراهن.

ولا يزال مبنى السفارة الامريكية موجودا ولكن باعتباره "وكرا للجواسيس" وطلي برسومات لتمثال الحرية بوجوه من الجماجم المرعبة.

وتتمتع السفارة بموقع مركزي جيد اذا ما قرر الامريكيون العودة يوما ما.

وحول اهم مشكلة تعترض العلاقات الامريكية الايرانية قال أكبر هاشمي رفسنجاني إن على طهران ان تتخذ اجراءات لبناء الثقة تطمئن بها الغرب انها لا تطمح الى امتلاك قدرات نووية عسكرية.

وعلقت طهران برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي يمكن ان ينتج وقودا يستخدم في محطات الطاقة او لتصنيع الاسلحة بموجب اتفاق ابرمته في نوفمبر تشرين الثاني مع فرنسا وبريطانيا والمانيا والذي يعرض على ايران حوافز لوقف وتفكيك المشروع.

وتشارك الدول الثلاث الولايات المتحدة شكوكها في مسعى ايران لتطوير اسلحة نووية. وترى ان الطريقة الوحيدة للقضاء على هذه الشكوك هو ان تتخلى ايران عن كل انشطة التخصيب.

وقال رفسنجاني للصحفيين في ساعة متأخرة من ليل السبت "الان سياستنا تركز على اقناع الدول الغربية بل وامريكا ايضا بان برنامجنا النووي هو سلمي فقط."

ومضى قائلا "القضية الاكثر اهمية الان هي بناء الثقة. ونحن عازمون على بناء الثقة" لكنه لم يكشف ما اذا كان ينوي تغيير سياسة ايران النووية حال فوزه بالرئاسة.

وينظر الى رفسنجاني على انه الرجل الاوفر حظا لاصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة ولمح الى ان بوسعه ان يحصل على تأييد الزعيم الاعلى اية الله خامنئي الذي له القول الفصل.

وقال رفسنجاني "فيما يتعلق بالقضية النووية وقضايا أخرى (العلاقات مع امريكا) أعتقد انني أقرب الاشخاص الى الزعيم. تربطنا علاقة حميمة منذ أكثر من 05 عاما. أفكارنا متقاربة لدرجة انه لن تنشب بيننا اي نزاعات."

وقال دبلوماسيون يوم الجمعة الماضي إن خبراء من الوكالة الدولية للطاقة الذرية فتشوا موقعا لتخصيب اليورانيوم تحت الارض في إيران وتحققوا من أن طهران أوفت بوعدها تجميد كل الانشطة النووية الحساسة هناك.

وكان فريق من الوكالة الدولية ومقرها فيينا قد توجه إلى موقع تخصيب اليورانيوم في نطنز بوسط إيران يوم الخميس وتحقق من عدم وجود أي أنشطة تتعلق بانتاج وقود اليورانيوم.

وقال دبلوماسيون إنه من المتوقع أن تبلغ الوكالة مجلس محافظيها الذي يضم 35 عضوا بأن إيران أوفت بتعهدها بشأن تجميد أنشطة حساسة في نطنز وأماكن أخرى وذلك خلال الاجتماع ربع السنوي للمجلس الذي يعقد هذا الاسبوع.

وتقول إيران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فحسب. وقالت إن تجميد النشاط في نطنز وأماكن أخرى لن يستمر بعد يوليو تموز وهو الموعد الذي وعدت فرنسا وبريطانيا وألمانيا أن تقدم بحلوله خطة مفصلة لإيران بشأن الحوافز.

غير أن الاتحاد الاوروبي قال إن استئناف التخصيب في موقع نطنز الذي لا يزال تحت الانشاء سيدفعه إلى تأييد نداءات أمريكية باحالة الملف النووي الايراني إلى مجلس الامن لفرض عقوبات محتملة.

ورجحت استطلاعات الرأي فوز رفسنجاني في انتخابات الرئاسة الايرانية التي تجري يوم الجمعة ليستعيد المنصب الذي شغله من عام 1989 وحتى عام 1997 . لكنه لم يحصل على نسبة تأييد تصل إلى 50 في المئة الضرورية حتى لا تجري جولة ثانية بينه وبين أقوى منافس له بين المرشحين السبعة الاخرين.

وكل المرشحين الثمانية للانتخابات الرئاسية الايرانية هم أما من كبار المسؤولين الحاليين أو السابقين في الحكومة الايرانية أو من رجال الامن. ويعتبر رفسنجاني الاكثر اعتدالا من بين خمسة مرشحين محافظين لكن غالبيتهم استخدموا في حملتهم لغة الاصلاح.

وقال رفسنجاني "أعتقد أن الاعتدال في مصلحة البلاد. ولا أعتقد أن التطرف في مصلحتها. الاصلاحات يجب أن تستمر في الوقت الذي لا ننسى فيه مبادئنا أبدا."

وطالب رفسنجاني بأن تسير الاصلاحات السياسية والاقتصادية معا.

وأضاف "من الصعب تحسين الاقتصاد بدون توفير مناخ سياسي مناسب."

شبكة النبأ المعلوماتية - الاثنين 13/ حزيران/2005 - 6/ جمادى الأولى/1426