أمريكا.. دولة عنصرية بامتياز

 

شبكة النبأ: لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تواجه سيلا من الانتقادات الحادة، من قبل العديد من الدول والمنظمات العالمية بسبب سياستها العنصرية وانتهاكاتها المتواصلة لملف لحقوق الانسان، والتي تصاعدت في الفترة الاخيرة بسبب الممارسات القمعية، التي يقوم بها رجال الامن والشرطة البيض ضد المواطنين السود والتي اودت بحياة العديد منهم، كان اخرها مقتل رجلين أعزلين من السود في حادثتين منفصلتين، هما مايكل براون في فيرجسون بولاية ميزوري وإيريك جارنر في نيويورك وهو ما تسبب بحدوث اضطرابات واحتجاجات حاشدة كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان تاريخ الولايات المتحدة التي تتبجح بشعارات تعزيز القيم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، مليء بحوادث التميز العنصري وانتهاك حقوق الأقليات.

وفي هذا الشأن فقد دعا خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى وقف التصنيف العرقي الذي يقوم به ضباط إنفاذ القانون الأمريكيون ومراجعة القوانين التي تسمح للشرطة باستخدام القوة القاتلة.

وعبر الخبراء المستقلون عن الأسف لعدم قيام هيئتي محلفين كبريين في الولايات المتحدة بتوجيه تهم إلى ضابطي شرطة. وقالوا في بيان إنه لو أحيل الضابطان في قضيتي مايكل براون وإيريك جارنر إلى المحاكمة لكان ذلك كفيلا بكشف جميع الأدلة والسماح للعدالة بأن تأخذ مجراها. وقالت المقررة الخاصة لقضايا الأقليات بالأمم المتحدة ريتا إيزاك "أشعر بالقلق من قراري هيئتي المحلفين الكبريين والأدلة المتضاربة فيما يبدو فيما يتعلق بالحادثتين." وأضافت "القراران يتركان الكثيرين وقد خالجتهم مخاوف مشروعة تتصل بنمط من الحصانة عندما يكون ضحايا الاستخدام المفرط للقوة من الأمريكيين الأفارقة أو غيرهم من الأقليات."

ودعا موتوما روتيري -وهو كيني يشغل منصب المقرر الخاص للأشكال المعاصرة للعنصرية في الأمم المتحدة- إلى التحرك في مواجهة ما سماه أدلة على ممارسات تنطوي على تفرقة في المعاملة وتشمل التصنيف العرقي من جانب رجال الشرطة. وقال "مثل هذه الممارسات لا بد من استئصالها." بحسب رويترز.

وقال المقرر الخاص لعمليات الإعدام التعسفية في الأمم المتحدة كريستوف هاينز إن القانون الدولي لا يسمح باستخدام القوة القاتلة إلا عندما تفرض الضرورة المطلقة حماية الأرواح. وأضاف "القوانين في كثير من الولايات في الولايات المتحدة أكثر سماحا بكثير (من ذلك) وتخلق مناخا ليس فيه ما يكفي من القيود على استعمال القوة. مراجعة شاملة للنظام مطلوبة - القوانين التي تمكن (من استخدام القوة) وأنواع الأسلحة التي تستخدمها الشرطة والتدريب الذي تتلقاه واستعمال وسائل التكنولوجيا مثل الكاميرات التي تثبت على الأجساد لضمان المحاسبة (عن الأفعال)."

استخدام القوة المفرطة

من جانب اخر أعلن وزير العدل الأمريكي اريك هولدر أن تحقيقا تجريه وزارته وجد أن شرطة كليفلاند تفرط في استخدام القوة ضد المدنيين بصورة ممنهجة. ويكتسب التحقيق الذي بدأ في مارس اذار 2013 مزيدا من الأهمية بعد واقعة قتل شرطي من كليفلاند صبيا في الثانية عشرة من عمره كان يحمل ما تبين أنه مسدس لعبة. ويجتمع هولدر مع قادة الشرطة والمسؤولين المنتخبين في كليفلاند لبحث الاجراءات اللازمة للإصلاح. وشملت الاصلاحات السابقة تعيين مراقب اتحادي للإشراف على ادارة الشرطة.

ويأتي هذا الاعلان في وقت يشهد توترا بين أعضاء أجهزة انفاذ القانون ومجتمعاتهم وخاصة مجتمعات السود أصحاب الدخل المنخفض. وأثار قراران أصدرتهما هيئة محلفين بعدم توجيه اتهام الى ضباط شرطة قتلوا رجالا عزل من السود في فيرجسون بولاية ميزوري ومدينة نيويورك احتجاجات كبيرة في أنحاء الولايات المتحدة. وبدأ تحقيق كليفلاند بعد ما وصفه هولدر بأنه سلسلة من حوادث لجوء الشرطة الى استخدام القوة المفرطة التي تسببت في نداءات من زعماء المدينة باجراء تحقيق اتحادي.

وفي حادث دخلت شرطة كليفلاند في عملية مطاردة بالسيارات لمسافة 35 كيلومترا بسرعة عالية في نوفمبر تشرين الثاني 2012 انتهت باطلاق الضباط نحو 140 طلقة على سيارة وقتل اثنين من ركابها العزل. ووجه الاتهام الى ضابط بالقتل الخطأ. وقال هولدر في تصريحات معدة سلفا إن "المحاسبة والشرعية اساسيتان لكي تثق المجتمعات في ادارات الشرطة ولكي يكون هناك تعاون حقيقي بين الشرطة والمواطنين الذين يخدمونهم." وفحصت وزارة العدل نحو 600 واقعة لاستخدام القوة الفتاكة وغير الفتاكة من عام 2010 الى عام 2013.

الى جانب ذلك فمن المتوقع خروج آلاف المحتجين إلى شوارع نيويورك لمظاهرات ضد عنف الشرطة رغم أن المدعين قالوا إنهم سيدرسون توجيه اتهامات لضابط. وأضيف مقتل أكاي جورلي (28 عاما) بالرصاص على درج إضاءته خافتة في مشروع سكني في بروكلين إلى سلسلة من أفعال الشرطة ضد سود عزل أشعلت توترات عنصرية في أرجاء الولايات المتحدة.

وشهدت مدينة نيويورك احتجاجات الغاضبة عندما لم توجه هيئة محلفين عليا اتهامات لضابط الشرطة دانييل بانتاليو لتسببه في مقتل إريك جارنر وهو أب لستة أبناء عمره 43 عاما في يوليو تموز. وصور أحد المارة الحادث. وأعلن القرار بعد تسعة أيام من امتناع هيئة محلفين أخرى عن توجيه اتهام للشرطي الأبيض الذي قتل شابا أسود أعزل بالرصاص في أغسطس آب في ضاحية فيرجسون بمدينة سانت لويس في ولاية ميزوري.

ثم قتل ضابط شرطة أبيض رجلا أسود أعزل بالرصاص في فينيكس بولاية أريزونا أثناء مشاجرة مما أدى إلى احتجاجات هناك. وقالت سورايا سوي فري وهي ممرضة (45 عاما) وناشطة من برونكس كانت تشارك في احتجاجات في نيويورك "الحكومة خلقت وحشا والوحش أصبح الآن طليقا." وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال إن المدعي العام لمنطقة بروكلين كينيث طومسون قال إنه سيعقد اجتماعا مع هيئة محلفين عليا لبحث الاتهامات التي ستوجه لضابط الشرطة الذي قتل جورلي. وقال الضابط بيتر ليانج إن الرصاص خرج من مسدسه دون قصد.

ووصف كيفن باول رئيس جماعة بي كي نيشن في مؤتمر صحفي مع أقارب جورلي إطلاق الرصاص بأنه جزء من "سلسلة لأعمال القتل المعاصرة خارج إطار القانون." وطالبت سيلفيا بالمر والدة جورلي بالعدالة لابنها. وقال سومومبا سوبوكوي (46 عاما) أحد منظمي حركة احتلوا وول ستريت إن الحركة التي ظهرت في عام 2011 للاحتجاج على عدم المساواة الاقتصادية ستنظم مؤتمرا في مانهاتن للاحتجاج على قرار عدم توجيه اتهام للضابط الذي تسبب في وفاة جارنر.

وفي علامة على القلق الوطني إزاء هذه القضية كلف الرئيس باراك أوباما قائد شرطة فلادليفيا بوضع توصيات حول سبل إعادة بناء الثقة بين الجمهور والشرطة. وقال تشارلز رامسي قائد شرطة فيلادلفيا في مقابلة "هناك توتر وهناك مشكلات حقيقية... يشعرون بأن الخدمة التي يحصلون عليها من الشرطة ليست عادلة ومتحيزة. فقدوا الثقة فينا إلى حد كبير ويتعين علينا استعادتها."

وخلافا لإطلاق النار على المراهق مايكل براون (18 عاما) في ميزوري قام أحد المارة بتصوير ما حدث بين ضابط الشرطة وجارنر بهاتفه المحمول. وتظهر لقطات الفيديو الضابط وهو يطوق عنق جارنر بذراعه ويجره إلى رصيف ويعاونه ثلاثة ضباط آخرين. وردد المشاركون في احتجاجات الشوارع في وسط مانهاتن "لا استطيع التنفس" وهي العبارة التي قالها جارنر تكرارا في فيديو يصور الحادث قبل موته. بحسب رويترز.

وكان يجري اعتقال جارنر بزعم بيع السجائر بشكل غير قانوني في ستاتن ايلاند. وقال محامي الضابط بانتاليو إن موكله قد يواجه إجراءات تأديبية بعد تحقيق داخلي تجريه الشرطة. ومن المرجح ان يركز ذلك التحقيق على لجوء بانتاليو إلى حركة خانقة لتوقيف الرجل تحظرها لوائح الشرطة. وقال المحامي ستوارت لندن إن بانتاليو قال لهيئة المحلفين العليا إنه استخدم أسلوبا للسيطرة ولم يضغط قط على عنق جارنر. وكان الطبيب الشرعي في نيويورك قال إن وفاة جارنر كانت ناجمة عن الضغط على عنقه وصدره وإن الربو والسمنة ساهما في الوفاة.

استقالة شرطي

الى جانب ذلك قالت صحيفة "سانت لويس بوست-ديسباتش" ان ويلسون (28 عاما) الذي قتل براون (18 عاما) في فرغسن في ولاية ميزوري في حادث ادى الى تظاهرات عنيفة في البلاد، غادر سلك الشرطة. و ارسل رسالة الى القيادة العامة للشرطة يبلغها فيها باستقالته لدواع أمنية. وكتب ويلسون في رسالته بحسب ما نقلت الصحيفة "كنت اود الاستمرار في العمل في الشرطة ولكن سلامة بقية عناصر الشرطة والمجتمع بأسره تكتسي اهمية كبيرة جدا بالنسبة لي". واضاف "قيل لي انني في حال واصلت ممارسة مهنتي فساشكل خطرا على السكان وعلى عناصر الشرطة في فرغسن، وهو احتمال يتعين علي ان امنع حدوثه".

وكان المحامي نيل برونتريجر وكيل الدفاع عن ويلسون اعلن ان موكله سيستقيل من سلك الشرطة ولن يعود اليه ابدا. وكان الشرطي ويلسون اطلق في التاسع من آب/اغسطس رصاصات عدة على براون الذي كان اعزل فارداه قتيلا، في حادث اشعل اعمال شغب في هذه الضاحية الصغيرة لمدينة سانت لويس والتي تقطنها غالبية من السود ولكن غالبية عناصر الشرطة فيها من البيض.

التواصل الاجتماعي

من جهة اخرى قال نشطاء ان الاحتجاجات في نيويورك على خلفية قضية خنق من قبل الشرطة والتي أججها تحقيق جديد في قتل رجل أسود أعزل باطلاق النار عليه سوف تمتد بمساعدة وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية. وقال النشطاء إن هذه المظاهرات منظمة بطريقة فضفاضة ويتم حشدها بالاتصال السريع. وقالت ثريا صوي فري (45 عاما) وهي ممرضة وناشطة "نظرا لوسائل الإعلام الاجتماعي، فالأمر ليس صعبا للغاية. كل ما عليك القيام به هو انشاء حدث وبعد ذلك تمسك النيران به".

ويجوب محتجون شوارع مدينة نيويورك منذ ان قررت هيئة محلفين كبرى عدم توجيه اتهامات جنائية ضد ضابط ابيض تسبب في مقتل اريك جارنر وهو ارجل اسود أعزل بعد تعرضه لخنق محظور على ايدي الشرطة. وتأجج الغضب بالفعل عبر الولايات المتحدة ازاء مسائل تتعلق بالعلاقات العرقية واستخدام الشرطة للقوة ضد الاقليات عندما آثرت هيئة محلفين كبيرة في فيرجسون في ميزوري عدم اتهام رجل شرطة قتل مايك براون وهو مراهق اسود غير مسلح باطلاق الرصاص عليه في اغسطس آب.

وشاركت فري في 6 احتجاجات بشأن قضيتي براون وجارنر. ولا تنطوي هذه الاحتجاجات على تخطيط استراتيجي بل فقط دعوة على تويتر او فيسبوك تقترح موعدا ومكانا لاجتماع. وقالت فري "من يصل الى هناك اولا ويكون لديه الصوت الاعلى يكون له الميل لقيادة الحشد". ويقول سومومبا سوبوكوي (46 عاما) وهو متمرس في حركة "احتلوا وول ستريت" انه يتعين على المتظاهرين خلافا للمطالبة بإدانة ضابط الشرطة الذي تسبب في خنق جارنر، أن يطالبوا بمزيد من السيطرة المجتمعية على الشرطة.

كاميرات مراقبة

على صعيد متصل يريد الرئيس الأمريكي باراك أوباما تزويد رجال الشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية بكاميرات نقالة أثناء عمليات التدخل. حيث اقترح خطة استثمار بقيمة 263 مليون دولار على ثلاث سنوات لتجهيز وتدريب رجال الشرطة، سيخصص منها 75 مليون دولار لشراء نحو 50 ألف كاميرا نقالة. وهذا بعد أحداث فيرغسون التي قتل فيها شاب أسود برصاص شرطي أبيض. وتعالت أصوات للمطالبة بتجهيز جميع عناصر الشرطة في البلاد بكاميرات صغيرة تعلق في الرقبة أو على البذلة أو حتى على النظارات.

وكان بن كرامب محامي براون أيد استخدام هذه الكاميرات وقال "لا يمكننا أن نفقد شابا آخرا في ظروف غير واضحة". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست "لاحظنا أن هذه البرامج كانت مفيدة جدا في حالات عدة"، لافتا إلى استخدام شرطة بوسطن لمعدات عسكرية خلال اعتداء نيسان/أبريل 2013، حين انفجرت قنبلتان قرب خط وصول ماراتون المدينة. بحسب فرانس برس.

ودعا أوباما الكونغرس إلى التعاون معه للتأكد من امتلاك قوات الأمن "الإمكانات الضرورية لتمويل التدريب والتقنيات الضرورية والتي يمكنها أن تحسن الثقة بين المجتمعات والشرطة". وتستخدم الشرطة هذه الكاميرات الصغيرة في بعض المدن الأمريكية مثل لوريل في ميريلاند (شرق) وهي في مرحلة اختبار في نيويورك وواشنطن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/كانون الأول/2014 - 21/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م