الشيخوخة إرث بشري يثقل كاهل العالم

 

شبكة النبأ: كبار السن شريحة مهمة وكبيرة في جميع المجتمعات والدول، هذه الشريحة وكما يقول بعض المراقبين اصبحت اليوم تعاني الكثير من المشاكل الصحية والاجتماعية، التي تحتاج الى معالجات وخطط سريعة من قبل بعض الحكومات والجهات المعنية، في سبيل تخفيف تلك المعاناة. خصوصا و ان الكثير من التقارير والدراسات الخاصة قد اشارت الى وجود تغير جذري في التركيبة السكانية في العالم خلال العقود الأخيرة وللمرة الأولى في تاريخ البشرية، سيزيد عدد الأشخاص الذين تجاوزوا الستين عن عدد الأطفال في العالم في عام 2050.

وهناك الآن ما يزيد على اكثر من 700 مليون نسمة تزيد أعمارهم عن 60 عاما. وبحلول عام 2050، سيكون هناك بليونا نسمة، أي ما يزيد عن 20 في المائة من مجموع سكان العالم، تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر. وستكون زيادة عدد كبار السن أكثر وأسرع في بلدان العالم النامي، وستُصبح آسيا المنطقة التي تضم أكبر عدد من كبار السن، وتواجه أفريقيا أكبر زيادة متناسبة في هذا الصدد. ومع مراعاة هذا، من الواضح أنه يلزم إيلاء المزيد من الاهتمام للاحتياجات والتحديات الخاصة التي يواجهها العديد من كبار السن.

وفيما يخص اخبار هذه الشريحة التي اصبحت محط اهتمام واسع من قبل وسائل الاعلام المختلفة، والتي سعت الى نقل كل ما هو جديد وغريب ومميز من اخبار ودراسات ومبادرات تخص كبار السن، فقد أظهر تصنيف سنوي للأحوال المعيشية لكبار السن ان أفغانستان هي أسوأ بلد لمعيشة المسنين. وحل البلد الآسيوي في المركز الأخير للعام الثاني على التوالي في قائمة Global AgeWatch Index الصادرة عن HelpAge International وصنف الوضع الصحي فيه على وجه الخصوص بانه الأسوأ في العالم. وتصدرت النرويج القائمة -متقدمة مركزا واحدا عن العام الماضي- تلتها السويد وسويسرا وكندا وألمانيا وهي دول حافظت جميعها على البقاء ضمن المراكز العشرة الأولى.

ومع استثناء اليابان -التي حلت في المركز التاسع- جاءت الدول صاحبة المراكز العشرة الأولى مرة أخرى من غرب أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا واستراليا. ويأتي التقرير -الذي ركز على المتقاعدين وحذر من أن نصف سكان العالم يواجهون مستقبلا قاتما- في وقت يواصل فيه متوسط العمر المتوقع الارتفاع.

وبحسب الأمم المتحدة فان عدد الاشخاص الذين تزيد اعمارهم عن 60 عاما سيتضاعف إلى أكثر من المثلين ليتجاوز ملياري شخص بحلول 2050 مما يعني ان المسنين سيشكلون 21 بالمئة من سكان العالم. وقال توبي بورتر الرئيس التنفيذي لمؤسسة HelpAge International إن الحكومات في أنحاء العالم تحتاج إلى تطبيق سياسات محددة للتعامل مع "هذا التغير السكاني غير المتوازن." بحسب رويترز.

وقال "فقط اذا تحركوا الآن ستكون أمامهم فرصة للوفاء بحاجات مواطنيهم والحفاظ على نشاط اقتصادهم." ويقيس التصنيف -الذي يضم 96 دولة ويمثل تسعة من بين كل 10 اشخاص تجاوزا سن الستين حول العالم- المستوى المعيشي للمسنين وفق أربعة معايير .. المعاش التقاعدي والصحة والقدرة الشخصية والبيئة المواتية.

فقدان حاسة الشم

من جانب اخر ففقدان حاسة الشم ربما يكون اكثر خطورة من مجرد فقد احدى الحواس الخمس التي يتمتع بها الانسان.. إذ انه قد يكون مؤشرا الي زيادة خطر الوفاة في غضون خمس سنوات بين كبار السن. ففي دراسة اجريت على اكثر من ثلاثة آلاف شخص تراوحت اعمارهم من 57 إلى 85 عاما مات 39 بالمئة منهم بعد خمسة اعوام من فقدانهم حاسة الشم. واظهرت الدراسة -التي نشرت نتائجها في دورية (بلوس وان PLOS ONE) العلمية- ان نسبة الوفاة بلغت 19 بالمئة بين من لديهم مستوى متوسط لحاسة الشم و10 بالمئة فقط بين اولئك الذين اعتبر انهم يتمتعون بحاسة شم صحية.

وقال جايانت بينتو الذي قاد الدراسة في مقابلة عبر الهاتف "مقارنة بالاشخاص الذين لديهم حاسة شم طبيعية فان مخاطر الوفاة خلال خمس سنوات تزيد ثلاث مرات بين من فقدوا تلك الحاسة." وقال بينتو وهو استاذ مساعد متخصص في علم الوراثة وعلاج امراض حاسة الشم والجيوب الانفية بجامعة شيكاجو "يخبرنا هذا بأن حاسة الشم مؤشر قوي للحالة العامة لصحة الانسان." بحسب رويترز.

واشار الباحثون إلى ان الخلايا الجذعية في جهاز حاسة الشم لدى الاشخاص الاصحاء تتجدد تلقائيا. وتهكن الباحثون بأن فقدان الشم قد يكون مؤشرا الي تراجع قدرة الجسم على اعادة بناء مكوناته الاساسية وربما ينبيء بظهور مشاكل صحية اكثر خطورة.

مضادات للكوليسترول

على صعيد متصل اظهرت نتائج دراسة حديثة نشرت في الولايات المتحدة ان الغالبية العظمى من الاشخاص الذين تراوح اعمارهم بين 66 و75 عاما عليهم تناول عقاقير مخفضة للكوليسترول لتقليص خطر اصابتهم باحتشاء او بسكتة دماغية. وتناولت الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة الطب الباطني التابعة لـ"جورنال اوف ذي اميركان ميديكال اسوسييشن" (جاما) اكثر من ستة الاف اميركي من السود والبيض تراوح اعمارهم بين 66 و90 عاما، واستندت الى توصيات مثيرة للجدل صدرت نهاية 2013 عن "اميركان كولدج اوف كارديولوجي" و"اميركان هارت اسوسييشن".

وخلص المشرف الرئيسي على الدراسة مايكل مايديما وهو طبيب في معهد طب القلب في مينيابوليس الى ان 97 % من العينة -- و100 % من الرجال -- في الفئة العمرية بين 66 و75 عاما، عليهم تناول ستاتينات (عقاقير مخفضة للكوليسترول) حتى لو كان مستوى الكوليسترول لديهم في الحدود المسموح بها. وأوضح ان التوصيات القديمة كانت تستهدف فقط تقليص المستويات الزائدة من الكوليسترول السيء (ال دي ال) في حين ان التعليمات الجديدة تتناول الاشخاص الذين يواجهون خطرا مرتفعا للتعرض لنوبة قلبية او سكتة دماغية.

وبحسب التوصيات الجديدة، يتعين تناول عقاقير مخفضة للكوليسترول مثل "ليبيتور" لكل شخص يعاني امراضا قلبية وعائية او السكري من النوع الثاني (لدى البالغين) او لديه مستويات مرتفعة من الكوليسترول السيء لكن ايضا للاشخاص البالغين الذين يتمتعون بصحة جيدة لكنهم يواجهون خطرا للتعرض لاحتشاء او لسكتة دماغية يفوق نسبة 7,5 % خلال السنوات العشر المقبلة. بحسب فرانس برس.

وبحسب هذه الطريقة لقياس المخاطر والتي تلحظ عوامل عدة كالوزن الزائد والنقص في الحركة الجسدية والعمر، يواجه الاشخاص المسنون احتمالات كبيرة لتخطي نسبة الـ7,5 % المذكورة حتى في حال كان الكوليسترول في مستويات مقبولة، بحسب مايديما. ولم يتضمن هذا الدليل الجديد لاستخدام الستاتينات بشكل وقائي اي توصيات بالنسبة لمن هم فوق الـ75 عاما والذين يتناول اصلا اكثر من 50 % منهم في الولايات المتحدة هذه العقاقير المخفضة للكوليسترول. وقال طبيب القلب "ليس لدينا بيانات سليمة بشأن فعالية هذه المضادات للكوليسترول لدى الاشخاص المسنين فوق سن الـ75 عاما"، معتبرا انه لا يزال يتعين اجراء دراسات اضافية في هذا الصدد.

المسنون والكوارث

الى جانب ذلك وحين ضرب الاعصار كاترينا نيو اورليانز في الولايات المتحدة عام 2005 كان ثلاثة ارباع القتلى فوق الستين. وبعد خمس سنوات حين تعرضت اليابان لزلزال وأمواج مد (تسونامي) كان 56 في المئة من القتلى في سن الخامسة والستين أو أكثر. وجاء في تقرير ان كبار السن يعانون بدرجة أكبر خلال الفيضانات والاعاصير وموجات الحر والكوارث الاخرى ورغم ذلك لا يوضعون عادة في الاعتبار خلال التخطيط لادارة تلك الكوارث.

ووضع التقرير مكتب الامم المتحدة المعني بالحد من الكوارث ومؤسسة هيلب ايدج انترناشونال وجاء في وقت ارتفع فيه متوسط عمر الانسان وتزايدت اعداد المسنين. وحث التقرير حكومات العالم على إدراج كبار السن في كل مجالات التخطيط لادارة الكوارث في مسعى لخفض أعداد القتلى بين من هم فوق الستين. وقالت رئيسة مكتب الامم المتحدة المعني بالحد من الكوارث مارجريتا فالستروم "كبار السن هم عادة غير مرئيين في مجتمعاتنا الى ان يظهروا في أعداد الوفيات بعد الكارثة." وقالت في بيان "العالم بحاجة الى مزيد من الوعي بكيفية حماية كبار السن مع تغير المناخ وتعرض المسنين الى ظواهر شديدة." بحسب رويترز.

وتقول الامم المتحدة ان عدد من هم فوق الستين سيتضاعف ويصل الى مليارين بحلول عام 2050 أي أكثر من 20 في المئة من تعداد سكان العالم. ودعا المكتب ومؤسسة هيلب ايدج الحكومات الى توقيع ميثاق يلزمهم بوضع المسنين في الاعتبار في خططهم لتقليص مخاطر الكوارث بما في ذلك الانذار المبكر وتوفير الامدادات وعمليات الاجلاء.

تحدى نظرية الوهن

من جهة اخرى لا تجد الكندية أولجا كوتيلكو البالغة من العمر 94 عاما ان التحدي الاكبر بالنسبة لها هو اللياقة لخوض سباقات القفز العالي ورمي الرمح والقفز بالزانة وسباقات العدو للمسافات القصيرة بل هو العثور على منافسة من نفس عمرها. وتشكو كوتيلكو وهي مدرسة متقاعدة بدأت تشارك في السباقات وهي في السابعة والسبعين من عمرها من انها لا تجد متسابقات في مثل سنها وانها تتنافس عادة مع من هن أصغر منها سنا بنحو 15 عاما اي في فئة عمرية تتراوح بين 80 و85 عاما أو مع الرجال.

وتقول كوتيلكو التي لديها خزانة مليئة بالميداليات وشاركت في 11 سباقا من سباقات الميدان والمضمار "أحب ان أنافس من هن في سني ولو لم أجد فسأنافس نفسي." وتتحدى الرياضية الكندية الصورة التقليدية لكبار السن وتسخر مما يصفه العلماء بضغوط المرض وتقول انها نجحت في ارجاء ما يوصف بمرض الوهن المزمن وانها مازالت قوية. ولدت كوتيلكو في مزرعة ولعبت كرة القدم في شبابها لكنها لم تمارس اي رياضات أخرى حتى تقاعدها وبعد ذلك أدمنت سباقات الميدان والمضمار. بحسب رويترز.

وحتى تحافظ على لياقتها تزاول كوتيلكو تمرينات رياضية لمدة ساعة ونصف يوميا وتشارك في دورة للتمرينات الرياضية المائية ثلاث مرات في الاسبوع كما تقوم بشكل منتظم بتدريبات لليونة العضلات وتدريبات تنفس وسرعة رد فعل اليدين والقدمين. ويعيش في الجوار الكاتب الكندي بروس جريرسون (51 عاما) الذي يعاني من آلام وأوجاع منتصف العمر. أدهشته جارته المسنة كوتيلكو وأقنعها بأن تسمح للباحثين بدراسة حالتها على أمل اكتشاف سر تقدمها في العمر مع الاحتفاظ بكل هذه اللياقة. وكان أحدث كتاب له بعنوان "ما الذي يجعل أولجا تركض" حيث وثق قصتها ونتائج الاختبارات التي أجريت عليها.

مسنون في المياه القطبية

الى جانب ذلك تعمل البريطانية مارغو اندرسون متجاوزة سن التقاعد لتدخر مالا يكفيها للسفر الى اقصى جنوب الارجنتين لتسبح في المياه المتجمدة القريبة من القطب الجنوبي. وتقول هذه السيدة البالغة من العمر 67 عاما "ان كان ذلك آخر شيء اقوم به في حياتي فسأموت بعدها بسلام". وتستعد مارغو للقفز في المياه التي تبلغ حرارتها درجتين مئيوتين، في لاغو ارجنتينو، وهي ضمن مجموعة من 53 شخصا قصدوا منطقة باتاغونيا في جنوب الارجنتين، من بينهم ستة اشخاص فوق الستين من العمر، للمشاركة في مسابقة للسباحة في الشتاء الجنوبي تنظم لأول مرة.

والمشاركون من دول عدة، منها روسيا واستونيا وبولندا وايرلندا. ويجري ذلك في ظل احوال جوية سيئة، اذ تمطر السماء وترعد وتهب رياح باردة، لكن ذلك لا يوهن عزيمة المتسابقين. ووسط صيحات التشجيع من الاقرباء، من اولاد واحفاد، يقفز المتسابقون في مياه قطبية تطفو على سطحها قطع من الجليد.

وتقول مارغو انها تفضل الشتاء الجنوبي القارس على الصيف الاوروبي الحار، كما تصفه، وتضيف "لدي ثلاث حفيدات يقلن ان جدتهم مجنونة". وورثت مارغو هواية السباحة في المياه المجلدة عن والدها وجدها، وما زالت تحتفظ بصور لهما وهما يسبحان في الجليد. وتكسبها هذه الرياضة القاسية شعورا بتجدد الشباب، وتقول "يمنحني هذا التحدي شعورا بالحياة".

ومع ان مارغو جاوزت سن التقاعد، الا ان رغبتها في المشاركة في هذه النشاطات تدفعها الى مواصلة عملها بدوام جزئي، في مجال المساعدة الاجتماعية وتحديدا في مؤسسة للأطفال المعوقين في انكلترا، لتوفير المال اللازم للسفر والمشاركة في هذه المسابقات. وخلال الشتاء في بلدها لا تنقطع عن ممارسة الرياضات الصعبة، ففي شباط/فبراير الماضي، حققت هذه السيدة التي سبق ان عملت في مجال الانقاذ البحري، انجازا رياضيا اذ قطعت مسافة الف ميل بحري (1852 مترا) في بحيرة في خمسين دقيقة.

وتروي مارغو، مع صديقتها العزيزة جاكلين كوبيل ذات الستين عاما، كيف تتمرنان على السباحة في الجليد "نملأ حوض الحمام بالمياه والثلج، وننزل فيه ومعنا عداد وقت، لنقيس الوقت الذي نصمد فيه في حرارة متجمدة". وبفضل هذه التمارين، باتت مارغو وجاكلين قادرتين على السباحة لمسافة 1600 متر في جو بارد وحرارة قد تنخفض الى 20 درجة تحت الصفر. وتقول جاكلين "كل تمرين في الحوض يشكل تحديا قائما بذاته، وكل غطسة في حوض المياه المثلجة يعطي شعورا مختلفا عن غيره".

وبدأت جاكلين بهذه الرياضة في سن الخامسة والخمسين، وهي تحتفظ منذ العام 2010 برقم قياسي لاطول وقت يستغرقه سباح في اجتياز بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا. وتقول "استغرقت الرحلة 28 ساعة و44 دقيقة لاصل من بريطانيا الى فرنسا، في سباحة متواصلة". وتعتبر ان رياضة السباحة في المياه المتجمدة "مفيدة للقلب والعقل والروح". بحسب فرانس برس.

والى جانب جاكلين ومارغو، يقف البولندي ليش بيدناريك البلغ 73 عاما متأملا المياه المتجمدة. ويقول "في كل مرة اسبح فيها بالجليد اشعر اني ولدت من جديد"، آملا في ان تنتقل هذه الهواية الى سكان دول اميركا الجنوبية. ويوافقه الشاب الارجنتيني ماتياس اولا ذو الاعوام التسعة والعشرين قائلا "احلم بأن ننظم بطولة للعالم في السباحة في الجليد هنا في باتاغونيا".

طلاب في دارا للعجزة

على صعيد متصل ترحب العجوز التسعينية جوانا برؤية الشاب جوريان حين يدخل غرفتها.. هو ليس حفيدها ولكنه جارها في مأوى العجزة. وهذا الشاب ذو العشرين عاما واحد من ستة طلاب اختاروا السكن في مأوى العجزة هذا في مدينة ديفنتر شرق هولندا، في اطار مشروع فريد من نوعه يتعايش فيه شباب ومسنون.

ولا يدفع هؤلاء الطلاب نفقات مقابل اقامتهم هناك، ولكنهم يقدمون ثلاثين ساعة عمل في الشهر، في خدمة النزلاء المسنين البالغ عددهم 160، في مهمات قد لا يكون للعاملين في المأوى وقت للقيام بها دائما. وتقول اريين ميهويزن المنسقة في المأوى "انهم يزورون المسنين، ويلعبون معهم، ويرافقونهم الى المركز التجاري، ويشترون الحاجيات للعاجزين عن الذهاب الى السوق".

وفيما تعاني دول اوروبية عدة من نقص في دور رعاية المسنين في ظل ارتفاع نسب المتقدمين في العمر، تسجل هولندا حالة معاكسة، ولا سيما بعد اجراءات التقشف التي شددت شروط الانتساب الى هذه الدور. ويؤدي ذلك الى عدم قدرة الدور الهولندية على سداد نفقاتها، فباتت تؤجر بعض غرفها الخالية لتأمين موارد.

غير ان دار "هيومانيتاس" تؤكد انها ليست في هذا الوضع، بل انها تستقبل الشباب لكسر عزلة نزلائها المسنين عن العالم الخارجي. وبما ان العمل التطوعي يلقى تقديرا في هولندا، فان هذه الفكرة تلقى رواجا، وتسعى دور عدة الى اعتمادها بأشكال مختلفة. ومن شأن ذلك ان يساهم في حل مشكلات عدة، منها ما هو مالي، ومنها ما يتصل بكسر عزلة المسنين.

وباتت مبادرات مماثلة تنتشر في دول اوروبية اخرى، منها مثلا اقامة طالب شاب مع مسن في منزله، واقامة تجمعات سكنية يتعايش فيها اشخاص من اجيال مختلفة. وفي فرنسا، ولا سيما في مدينة ليون، تطبق فكرة مشابهة تقوم على ان يدفع الطلاب ايجار الغرف، لكنهم يعيشون ضمن انظمة صارمة تمنع مثلا استقبال الاصدقاء، وفي مدينة اسنيير اعفي طالب من نفقات الاقامة في دار للعجزة مقابل العمل في الدوام الليلي اسبوعا واحدا من كل شهر.

وتقول جيا سيبكيس مدير دار "هيومانيتاس" ومطلقة هذه الفكرة قبل عامين "حين يكون الشخص التسعيني مصابا في ركبته، لن يقدر الاطباء على جعلها تتحسن، لكن ما يمكن ان نفعله هو ايجاد نمط حياة يومي يمكن ان نسيه الالمه". وينظم الطلاب عشاء يوميا في الدار، ويقيمون بعض الانشطة التي يبرعون بها، مثل جوردي الذي يعلم المسنين رسم لوحات الغرافيتي على الواح كرتونية في حديقة المأوى.

اما جوريان، فهو يعطي المسنين دروسا اسبوعية في المعلوماتية، اصبح غروت كوركامب البالغ 85 عاما قادرا بفضلها على ارسال بريد الكتروني والبحث عن المقاطع المصورة على الانرتنت واستخدام الفيسبوك. وتقول العجوز جوانا عن جارها جوريان "انا عجوز وهو شاب، لكننا نتفق تماما". ويقول جوريان "نقوم بأشياء صغيرة، ليست ذات اهمية كبيرة، لكنها تحسن مزاج المسنين". بحسب فرانس برس.

وتقول الطالبة دونيز ذات الاثنين وعشرين عاما "من جهة انا لا ادفع ايجارا، ومن جهة اخرى انا احب العمل مع اشخاص مسنين". وتضيف "نظرا لارتفاع ايجار غرف الطلاب، هذا البديل رائع"، ولا سيما ان ادراة المأوى لا تفرض اي شروط صارمة على الطلاب المقيمين فيها، اذ يمكنهم استقبال الاصدقاء وتربية حيوان، والخروج والعودة متى شاؤوا، بما لا يسبب الازعاج للآخرين. ويقول جوريان "في احدى المرات عدت في منتصف الليل، وتسببت في ايقاظ جارتي، فلم تكن مسرورة من ذلك، لكني اعتذرت منها ووعدتها الا يتكرر مني ذلك".

وفاة الطفل الشيخ

في السياق ذاته فارق سام بيرنز الحياة عن عمر الـ 17 عاما، بعدما كان مشهوراً بسبب مرضه النادر "الشيخوخة المبكرة" أو ما يسمى بـ"تناذر هوتشنسون جيلفورد" أو متلازمة "بروجيريا." وقالت مؤسسة البحوث "بروجيريا" أن بيرنز فارق الحياة بسبب مضاعفات من مرضه الوراثي النادر. وكان من المقرر أن يحتفل بيرنز ، بسبب اعتباره كابتن فخري في مبارة فاصلة لاتحاد كرة القدم الأمريكي "نيو انغلاند" مع "إنديانا بوليس كولتس"، حيث يهتف بحرارة مشجعيه الذين يبلغ عددهم 70 ألف شخص.

وبدلاً من ذلك، وقف المشجعون لحظة صمت حدادا على الشاب، وقال روبرت كرافت "أنا أحب سام بيرنز، وأنا شخص أعمق بسبب معرفتي به،" مضيفاً: "كان شابا مميزاً لمس قلبي وألهمني بسبب نظرته الإيجابية إلى الحياة." ويذكر أنه تم العمل على فيلم وثائقي بعنوان "الحياة كما يراها سام"، والتي وثقت معاناته مع متلازمة "بروجيريا." وكان بيرنز قد تحدث في مؤتمر "تيدكس" حول مرضه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. بحسب CNN.

وقال بيرنز: "رغم أن لدي الكثير من العقبات التي أواجهها بحياتي، إلا أني لا أريد أن يشعر الناس بالحزن حيالي." وتجدر الإشارة إلى أن مرض "الشيخوخة المبكرة" يصيب شخصاً واحداً تقريبا بين كل أربعة ملايين إلى ثمانية ملايين من الأطفال الرضع. ويوجد حوالي 200 طفل يعانون من هذا المرض في جميع أنحاء العالم. وتسبب الطفرة الجينية المرتبطة بالمرض، أن يتم إنتاج بروتين "بروجيرين"، والذي يعيق وظيفة الخلية العادية. ويعاني الأطفال المصابين به بسبب تقدمهم بالسن، من فقدان الدهون في الجسم والشعر وعدم القدرة على اكتساب الوزن، فضلاً عن أنهم يصبحون عرضة لتطوير مرض هشاشة العظام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/كانون الأول/2014 - 18/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م