حرب العراق.. خلافات ومصالح خفية تؤخر الحسم

 

شبكة النبأ: عندما انطلقت عمليات (الموقف الصلب) في العراق وسوريا، قبل اربعة اشهر تقريبا، اعلنت الولايات المتحدة الامريكية، في حينها، ان تحالف دولي كبير (وصل عدد الدول المنضوية تحته الى 90 دولة لم تعلن اسماء بعضها بصورة علانية)، ستقوم بتشكيلة لمواجهة تنامي خطر تنظيم ما يعرف (الدولة الاسلامية/ داعش) والذي احتل مساحات واسعة من العراق وسوريا نهايات عام 2013 واواسط عام 2014، وبات يشكل خطرا حقيقيا على مصالح الولايات المتحدة الامريكية وامن الدول الغربية بصورة عامة، عبر تجنيد الالاف من مواطني ورعاي تلك الدول وبالأخص دول الاتحاد الاوربي، وكانت الولايات المتحدة الامريكية، بحسب تصريح كبار قادتها، تنظر بعين عدم الرضا الى الحكومة العراقية السابقة (بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي)، وتعتقد انه ساهم، الى حد ما، بفشل الجيش للتصدي لتنظيم داعش، اضافة الى تنامي الخلافات الطائفية التي عززت من الاخفاقات الامنية في عموم البلاد واوجدت بيئة مناسبة لسقوط مناطق عدة بيد عناصر التنظيم.

ومع تولي حكومة رئيس الوزراء الجديدة (برئاسة حيدر العبادي) الامور في البلاد، دعمت الادارة الامريكية الخطوات التي قامت بها، والتي جاءت في اطار اصلاح المؤسسات الامنية (وزارة  الدفاع والداخلية)، من الفساد المستشري فيها منذ سنين، عبر تغيير عشرات القيادات الامنية والمناصب الكبيرة، اضافة الى طرد عشرات الالاف من الجنود الوهميين من الذين يستلمون مرتباتهم الشهرية من دون القيام بأعمالهم وواجباتهم الامنية، كما عززت الحكومة الجديدة نوعا من الشراكة الوطنية مع المكونات والكتل الاخرى داخل الحكومة، وحل العديد من القضايا العالقة بين هذه الكتل، الامر الذي عكس نظرة ايجابية قد تساهم بشكل ايجابي في الميدان، سيما وان الانتصارات العسكرية التي حققتها القوات الامنية المدعومة بالمتطوعين (الشيعة)، قد جاءت نتيجة طبيعية للعمل والتوافق السياسي بين مجمل الكتل والقيادات العراقية سياسيا، اضافة الى انحسار موجة الاحتقان الطائفي التي عانى منها العراق مؤخرا، ويرى محللون، ان استمرار الامور على هذا المنوال التصالحي، قد يعزز مشاركة اكبر للسنة والاكراد في مواجهة التنظيم (خصوصا في المناطق الغربية من العراق)، الامر الذي سيسرع اسقاط سيطرة داعش على المناطق التي يستولي عليها، وربما سيفتح افاق جديدة لعملية سياسية تشهد استقرارا امنيا وسياسيا ملحوظ.

مكافحة الفساد

في سياق متصل قال رئيس وزراء العراق حيدر العبادي إن هناك 50 ألف جندي وهمي في أربع فرق عسكرية بجيش بلاده في خطوة جديدة في إطار مكافحة الفساد التي يجريها في المؤسسة العسكرية منذ توليه المنصب، وقال خلال حديثه أمام المجلس "خلال فترة زمنية قياسية، خلال شهر واحد استطعت أن اكتشف من خلال التدقيق الورقي، خمسين ألف فضائي، في أربع فرق عسكرية"، وأضاف "أشعر بالأسى لما حدث، الجنود يقاتلون ويقتلون وغيرهم يستلم الرواتب، تمكنا من خلال تدقيق بسيط اكتشاف ذلك، وإذا أجرينا تفتيشا على الأرض فسنرى العجائب والغرائب"، واعتبر أن أخطر فساد ما هو موجود في المؤسسة الأمنية"، وأوضح المتحدث باسم الحكومة رافد جبوري أن "العبادي أمر خلال الأسابيع الماضية بتطبيق إجراءات صارمة لاكتشاف الجنود الفضائيين واكتشاف أوجه الخلل في المؤسسة العسكرية خصوصا من خلال عملية توزيع الرواتب"، وكلمة "الفضائيين" هي تعبير عن الجندي الذي لا يقوم بواجبه ويتقاضى راتبا شهريا، وبحسب موظف في وزارة الدفاع فإن الحكومة أوقفت الرواتب لمدة شهرين من أجل التدقيق بالقوائم بعد تفشي ظاهرة الجنود الفضائيين، ويقول ضابط عراقي رفض الكشف عن اسمه إن "أمراء الأفواج يتقاضون راتب نحو ثلاثين إلى أربعين جنديا يفضلون الجلوس في البيت عن أداء واجبهم"، وأضاف أن "هذه الأموال يتقاسمها أمراء الأفواج مع أمراء الألوية وقياداتهم الأعلى"، ويأتي هذا العمل في إطار مكافحة الفساد في المؤسسة العسكرية، وأقال العبادي بعد تسلم زمام الأمور عددا كبيرا من الضباط.

وأرسلت الولايات المتحدة التي أنفقت مليارات الدولارات على جهود بناء القوات المسلحة العراقية قبل أن تنسحب في عام 2011 مستشارين عسكريين إلى العراق لتدريب هذه القوات على مواجهة مقاتلى الدولة الإسلامية الذين يسيطرون الآن على أجزاء كبيرة من شمال البلاد وغربها، ومنذ تولى العبادي رئاسة الوزراء خلفا لنوري المالكي قام بعزل عشرات من ضباط الجيش تم تعيينهم خلال حكم المالكي الذي استمر ثمانية أعوام وتعهد بالقضاء على الفساد، وأعلن مكتب العبادي أنه أحال الى التقاعد 24 من كبار ضباط وزارة الداخلية وعين بدلا منهم ضباطا جددا وذلك في إطار خطة إصلاح لجعل قوات الأمن "أكثر فعالية في مواجهة الإرهاب"، وقال وزير المالية هوشيار زيباري إن الحاجة ماسة إلى اصلاح عميق الجذور لأجهزة الأمن لمكافحة ما سماه الفساد وسوء الإدارة، وقال إن الجيش يجب تطهيره من كل هذه الأعداد والأرقام للجنود الوهميين وغيرهم من صور سوء الإدارة. بحسب رويترز.

الى ذلك أثار الدعم الجوي الأمريكي وتعهدات بتقديم السلاح وتدريب الجيش العراقي توقعات بشن هجوم مضاد على تنظيم الدولة الاسلامية لكن الخلافات الطائفية تعوق المساعي الرامية لتكوين استراتيجية عسكرية وربما تؤخر الهجوم الشامل المنتظر، وكان مقاتلو التنظيم اجتاحوا شمال العراق في هجوم استمر 48 ساعة فقط في يونيو حزيران الماضي دون أن يلقوا مقاومة تذكر حتى وصلوا إلى مشارف بغداد ليلحقوا هزيمة مخزية بالجيش العراقي الذي دربته الولايات المتحدة ثم سلم الارض والسلاح أثناء تقهقره، وعلى النقيض فإن أي جهد ناجح من جانب الحكومة التي يقودها الشيعة لطرد تنظيم الدولة الاسلامية من الأراضي التي يحكم فيها ملايين العراقيين لن يتأتى إلا من خلال معركة شرسة ربما تمتد لما بعد العام المقبل.

وتعتمد حكومة بغداد على الميليشيات الشيعية وقوات البشمركة الكردية لإحتواء الدولة الاسلامية وهذا في حد ذاته قد يفاقم التنافس الطائفي الذي فتح الباب أمام هجوم المتشددين خلال الصيف، وكانت صحف أمريكية نقلت عن مسؤولين في واشنطن قولهم إن مهمة التدريب الأمريكية ترمي إلى إعداد القوات العراقية لهجوم في فصل الربيع لاستعادة الأراضي بما فيها الموصل أكبر مدن شمال العراق ومركز قوة الدولة الاسلامية، وقال هيمن هورامي وهو من القيادات الكردية المقربة من الزعيم مسعود البرزاني إن القوات العراقية لن تكون جاهزة لنقل المعركة إلى الموصل حتى أواخر عام 2015، وأضاف "لن يحدث (هجوم) لا في الربيع ولا في الصيف" وأضاف أن إحراز تقدم يتوقف على استعداد الحكومة "لإعادة تنظيم الجيش والسرعة التي يمكن بها حل القضايا السياسية معنا ومع السنة ومدى سرعة التحالف في توفير الأسلحة الثقيلة للبشمركة والجيش العراقي". بحسب رويترز.

وقد حقق الجيش والميليشيات الشيعية والمقاتلون الأكراد بعض المكاسب في مقاتلة الدولة الاسلامية وصدوا تقدم التنظيم صوب الأراضي التركية في أغسطس اب الماضي واستعادوا مدينتين في محافظة ديالى على الطريق المؤدي من بغداد إلى ايران، وقال زعيم منظمة بدر الشيعية المؤيدة لايران التي شارك مقاتلوها مع قوات البشمركة وجنود الجيش في القتال في ديالى إنهم سيوجهون أنظارهم بعد ذلك لمحافظتي صلاح الدين والأنبار السنيتين إلى الشمال والغرب من بغداد قبل أن ينتقلوا إلى محافظة نينوى شمالا حيث تقع مدينة الموصل، وقال هادي العامري من محافظة ديالى "نحو نعول على دعم مقاتلي العشائر السنية، فبانضمامهم إلى القتال أصبح نصرنا مؤكدا"، وقال العامري إنه يتوقع الحصول على أسلحة ليس فقط من الحكومة العراقية التي تتوقع تخصيص ربع موازنة العام المقبل التي يبلغ حجمها 100 مليار دولار للقوات المسلحة بل يتوقع أيضا الاستفادة من برنامج السلاح والتدريب الذي تعتزم واشنطن تقديمه للعراق بقيمة 1.6 مليار دولار.

ويبدو أن افتراضات العامري مفرطة في التفاؤل لأن واشنطن والعشائر السنية تشعر بقلق شديد من الميشيليات الشيعية، وتهدف السلطات العراقية للتغلب على الخلافات العميقة بين الشيعة والسنة من العرب وكذلك الاكراد والجماعات الأخرى من خلال استيعاب مقاتليها المحليين في قوة حرس وطني ستمولها الدولة، لكن دور هذه القوة لم يتحدد بعد، وقال مستشار الحكومة زهير الجلبي إن الجيش ليس في وضع يسمح له بالانطلاق شمالا وإن سكان الموصل وأغلبهم من السنة سيقاومون أي حملة تشنها الميليشيات الشيعية وحدها، والبديل أن يتم تجميع قوة مشتركة من الجيش والعشائر السنية والبشمركة الكردية والمقاتلين الشيعة وإغلاق الحدود المفتوحة مع أراضي الدولة الاسلامية في سوريا، وقال الجلبي وهو من الموصل "الخطة موجودة لكن لا يمكن تنفيذها بهذه السرعة"، وقال وزير المالية هوشيار زيباري إن الدولة الاسلامية مازالت تشكل قوة هائلة لكنها بدأت تفقد القدرة على القيام بعمليات برية كبيرة لان ذلك يعرضها للضربات الجوية.

وامتنع زيباري وهو من الأكراد عن الخوض في تفاصيل الاستراتيجيات العسكرية سواء لحكومة بغداد أو السلطات الكردية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي لكنه قال إنه يجري التخطيط والتنسيق لمعركة الموصل، وقال "لا علم لي بهجوم في الربيع، فالهجوم مستمر في الربيع والصيف والشتاء، وقد تصدينا لهم في الخريف، فهذه معركة مستمرة معهم"، وستقيم الولايات المتحدة أربعة معسكرات لتدريب 80 ألف جندي عراقي اثنان منها حول بغداد وواحد في مدينة اربيل الكردية والرابع في الأنبار، كما وضعت واشنطن خططا لتزويد 45 ألف جندي عراقي و15 ألف مقاتل من قوات البشمركة وخمسة الاف جندي من العشائر السنية بالعتاد والسلاح، وقال دبلوماسي غربي كبير في بغداد إن التدريب قد يستمر ستة أشهر على أن تكتمل الجولة الأولى في أواخر الربيع، وقال إنه رغم تحول المد لغير صالح الدولة الاسلامية في شمال العراق فمن المرجح ان يستمر القتال في عام 2016، وإذا لم تتم السيطرة على الحدود فقد يتسلل مقاتلو الدولة الاسلامية عبرها ويتجمعون من جديد في سوريا، وتوقع هورامي المسؤول الكردي أن تكون المعركة طويلة وربما غير حاسمة، وأضاف "من أجل ضمان هزيمتهم في الموصل علينا أن نهزمهم في سوريا ايضا، فلا يمكن قهر الدولة الاسلامية بل يمكن، إضعافها لكن هذه العملية تحتاج سنوات".

معارك ضارية

فيما تدور معارك ضارية في جنوب مدينة الرمادي التي استولى عناصر تنظيم الدولة الاسلامية على بعض احيائها، قبل عدة ايام، بحسب مصادر امنية عراقية، وتشارك طائرات حربية في هذه المعركة التي تحرز تقدما بطيئا لاستعادة منطقة الحوز التي تمكن المسلحون خلال الايام القليلة الماضية من فرض سيطرتهم عليها، وقال الرائد علاء الدليمي من شرطة الانبار ان "قتالا عنيفا يجري في احياء الحوز والبكر والمعلمين (وجميعها في جنوب الرمادي)، بين القوات الامنية المدعومة من ابناء العشائر وعناصر داعش"، واضاف ان "الاشتباكات التي اندلعت، لاتزال مستمرة"، ووصلت تعزيزات عسكرية اضافية الى مدينة الرمادي التي اصبح مجمعها الحكومي بمرمى نيران مسلحي الدولة الاسلامية، وقال ضابط في قيادة شرطة الانبار "وصلتنا اعتدة واسلحة جديدة تضم صواريخ "اس بي جي 9" المضادة للدروع".

واوضح "قمنا بتعزيز دفاعاتنا ونشرنا عناصر اضافية من الشرطة حول المجمع الحكومي لمنع اي اختراق"، وتمكن التنظيم الذي تقدم خلال الايام القليلة من تفخيخ عدد من المنازل في منطقة الحوز لمنع تقدم القوات الامنية كجزء من تكتيكاته لمسك الارض، وسط غياب كتيبة هندسية لمعالجة هذه الحالات لدى القوات الامنية، وقال الشيخ عمر العلواني احد مقاتلي العشائر، "تمكنا من السيطرة على جميع مداخل منطقة الحوز، لكن القوات الامنية تتقدم ببطء خشية تعرضها الى انفجار منزل مفخخ"، واضاف "ليس لدينا كتيبة هندسية لمعالجة هذه الحالات، ونقوم حاليا برمي قنبلة يدوية على المنازل التي نمر بجوارها، فاذا لم ينفجر البيت، يعني انه غير مفخخ"، وخرجت اجزاء من مدينة الرمادي وقضاء الفلوجة الواقع شرقها، عن سيطرة الحكومة منذ بداية العام الجاري، لكن اجزاء اخرى وقعت بيد تنظيم الدولة الاسلامية بعد هجوم حزيران/يونيو الماضي، الذي اسفر عن سقوط الموصل، وكان قرار الحكم باعدام النائب السابق احمد العلواني الذي تخوض عشيرته قتالا شرسا في الرمادي اثر على معنويات ابناء العشيرة وانسحاب عددا منهم، ما ساهم في تقدم عناصر الدولة الاسلامية، لكن بعد ان تلقت العشيرة تطمينات بان يخضع الحكم للتمييز وابعاده عن التاثيرات السياسية، الى جانب تلقي العشائر دعما عسكريا وجويا مكثفا، تمكنت القوات الامنية من صد الهجوم وابعاد خطر سقوط المجمع الحكومي بيد التنظيم المتطرف. بحسب فرانس برس.

حرب الرايات

على صعيد اخر تدور في خضم المعارك بين القوات العراقية ومن ضمنها البشمركة الكردية وقوات موالية للحكومة وعشائر سنية، من جهة، وتنظيم الدولة الاسلامية من جهة اخرى، حرب من نوع آخر، سلاحها الرايات التي تحمل رمزية دينية تعكس جوانب طائفية وقومية للميدان العراقي المتشعب، وفي حين اقتصر دور الرايات في الحروب اجمالا على تحديد مناطق السيطرة والانتصار، تشكل في العراق دليلا على نزاعات دينية تعود الى قرون مضت، ووسيلة لاثبات الوجود، او حتى "فخا" للايقاع بالخصم، ويقول الخبير في "معهد دراسة الحرب" احمد علي "في العراق حاليا ثمة حرب رصاص ورايات، والاثنتان لا تنفصلان"، ويضيف "نفسيا، زرع العلم مهم جدا، ويخبر العدو انك موجود في منطقة معينة، ويطور شخصية وهوية لمجموعتك"، ومنذ الهجوم الكاسح للتنظيم السني المتطرف في حزيران/يونيو، وسيطرته على مناطق عدة وانهيار بعض قطعات الجيش، لجأت السلطات العراقية الى مجموعات شيعية مسلحة للقتال الى جانب الجيش والشرطة وقوات البشمركة الكردية اضافة الى عدد من العشائر السنية.

وتنضوي هذه المجموعات تحت مسمى "الحشد الشعبي" وأبرزها "منظمة بدر" و"عصائب اهل الحق" و"سرايا السلام" و "كتائب حزب الله"، والتي اتهمتها منظمات حقوقية بارتكاب اساءات بحق السنة خلال الحرب المذهبية بين العامين 2006 و2008، وعاودت هذه المجموعات حمل السلاح للقتال الى جانب القوات الامنية تلبية لنداء المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني، ورغم مناشدة السيستاني للطرفين اعتماد العلم العراقي حصرا في المعارك، لا تزال الرايات الحسينية ترفع في ميدان المعركة وعلى الآليات العسكرية الرسمية، الى جانب العلم العراقي الذي يرفع بشكل اساسي فوق المباني الحكومية والمقرات الامنية ودوريات امنية محدودة، في المقابل، يعتمد تنظيم "الدولة الاسلامية" راية سوداء كتبت فيها اولى الشهادتين "لا اله الا الله" باللون الابيض، فوق دائرة بيضاء كتب فيها بالاسود "الله رسول محمد"، في ما يعتقد انه "ختم" النبي.

ويقول مدير تحرير نشرة "انسايد ايراكي بوليتيكس" المتخصصة بالشؤون العراقية ناثانيال رابكين "بعض الميليشيات الشيعية تحاول ان تستثمر التقليد الشيعي المتعلق برايات عاشوراء عبر استخدامها لتحديد الارض او اظهار ان قضيتها امتداد لقضية الامام الحسين"، ويضيف "بطريقة مشابهة، يستخدم تنظيم الدولة الاسلامية علمه لاظهار نفسه مرادفا للدين، ويقول انه طالما ان علمه يحمل اسم الله، فان كل من يحرقه او يحقره هو عدو لله"، وتنتشر في شوارع بغداد رايات الامام الحسين، ثالث الائمة المعصومين، واخيه الامام العباس، كما ترفع هذه الرايات عند نقاط التفتيش للقوات الامنية وعلى آلياتها العسكرية، ويزداد انتشار الرايات خلال شهر محرم، تزامنا مع احياء ذكرى مقتل الحسين على يد جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية في العام 680، وتكتب على الرايات السوداء او الحمراء، عبارات "لبيك يا حسين، هيهات منا الذلة"، و"يا ابا الفضل العباس يا قطيع الكفين"، وبحسب الرواية التاريخية، كان العباس حامل راية الحسين، وقطعت يداه لاسقاطها، وبات المقاتلون الشيعة يتماثلون بهذه الراية في قتال "الدولة الاسلامية"، ويقول الاستاذ في الحوزة الدينية في النجف الشيخ فرحان الساعدي "اليوم تستخدم راية العباس في المعارك مع داعش لاستلهام تضحية الامام الحسين واخيه العباس واصباغ صفة تاريخية على الدور الذي تقوم به القوات المقاتلة"، ويوضح ان الراية تمثل "دافعا للتضحية والفداء، واشارة الى ان من يرفع هذه الراية يمثل منهج الامام الحسين واخيه العباس"، في المقابل، يستخدم التنظيم رايته التي يعدها "راية التوحيد" التي تجمع المسلمين السنة تحت "خلافته" التي اعلن اقامتها نهاية حزيران/يونيو، ويرى الباحث في شؤون الجماعات الاسلامية المعاصرة رومان كاييه ان هذه الراية بالنسبة لمقاتلي التنظيم "هي هويتهم، وهم فخورون بها"، وتتماثل مع زمن الرسول حين "كان العلم الابيض يستخدم خارج ساحات القتال، والعلم الاسود في ساحة المعركة". بحسب فرانس برس.

ونادرا ما يخلو انتاج دعائي للتنظيم كالصور والاشرطة المصورة، من مقاتل واحد على الاقل يرفع رايته، ومن أبرز لقطاته الدعائية، مشهد لمقاتل بملابس سوداء يسير على تلة وهو يحمل راية ضخمة للتنظيم، وتتداول حسابات مؤيديه على مواقع التواصل الاجتماعي، صورا تظهر فيها الراية السوداء بأعداد كبيرة، منها صورة انتشرت مؤخرا، تظهر 12 راية على الاقل مرفوعة في باحة فندق الموصل، كبرى مدن شمال العراق واولى المناطق التي سقطت بيد التنظيم في حزيران/يونيو، الى ذلك، استخدم التنظيم رايته لنصب "فخ" عسكري للايقاع بخصومه، وقتل ثلاثة عناصر من الشرطة نهاية ايلول/سبتمبر بعد نزعهم راية مفخخة للتنظيم من موقع استعادوا السيطرة عليه جنوب غرب كركوك (شمال)، وبحسب شهود عيان، اعتقل التنظيم في الشهر نفسه نحو خمسين شخصا بعد ازالة رايات له، واستبدلها برايات مفخخة لئلا يجرؤ احد على نزعها، ولا تقتصر الرايات على المقاتلين الشيعة او "الدولة الاسلامية"، بل تشمل ابناء العشائر السنية وعناصر البشمركة الكردية الذين يقاتلون التنظيم، وتعتمد العشائر بيارق من الحرير بلون واحد، عليها شعارات كالنجمة او الهلال والسيوف، اما القوات الكردية، فترفع علم كردستان بألوانه الأبيض والأحمر والأخضر تتوسطه شمس ذهبية، ويقول ضابط برتبة عقيد في البشمركة "رفع الرايات عامل مهم في المعركة العلم هو اساس النصر".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/كانون الأول/2014 - 18/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م