مشكلة التلوث.. العالم بين السبات الآمن والنشاط القاتل

 

شبكة النبأ: تعد مشكلة تلوث من أبرز مشكلات البيئة وأكثرها تعقيدا، خصوصا وان هذه المشكلة المتنوعة التي تشمل تلوث الهواء و التربة والمياه، قد تفاقمت بشكل خطير في السنوات الاخيرة بسبب اتساع النشاط البشري، الذي كان سببا مباشرا في تعدد انواع الملوثات وانتشار المواد والغازات السامة وهو ما نعكس بشكل سلبي على الصحة العامة كما يقول بعض الخبراء، حيث تشير بعض التقارير الصحية الى ان تلوث الهواء بلغ مستويات مرتفعة خطيرة في اجزاء عديدة من دول العالم وهو ما قد يسهم بحدوث وفيات مبكرة وامراض وخسائر اقتصادية ضخمة.

وقالت وكالة تابعة لمنظمة الصحة العالمية إن الهواء الذي نتنفسه ملوث بمواد تسبب السرطان ويجب إدراجه ضمن قائمة المواد المسرطنة. واستشهدت الوكالة الدولية لبحوث السرطان ببيانات تشير إلى حدوث 223 ألف حالة وفاة في العالم في عام 2010 نتيجة الإصابة بسرطان الرئة الناجم عن تلوث الهواء. وقالت الوكالة إن هناك أيضا دلائل مقنعة على أن تلوث الهواء يزيد من خطر الإصابة بسرطان المثانة. ومن المعروف أن تلوث الهواء الناجم في معظمه عن وسائل النقل وتوليد الكهرباء والانبعاثات الصناعية أو الزراعية وأنظمة التدفئة والطهو يزيد من خطر الإصابة بمجموعة كبيرة من الأمراض منها أمراض الجهاز التنفسي والقلب. وتشير الأبحاث إلى أن مستويات التعرض لتلوث الهواء زادت بقوة في السنوات الأخيرة في أجزاء من العالم وبخاصة الدول ذات الكثافة السكانية العالية ومعدل التصنيع المتسارع.

ويرى بعض الخبراء ان مشكلة التلوث تزداد بزيادة إنتاج المواد الكيميائية واستخدامها في الصناعة، حيث يؤدي التخلص من هذه المواد إلى تلوث التربة والماء، ويزداد حجم مشكلة التلوث من الصناعة حينما يكون هناك إهمال أو عدم اهتمام بالتخلص من مخلفات المصانع الكيميائية بالوسائل التي تحافظ على التربة والماء من التلوث.

اوروبا

وفي هذا الشأن يتنشق حوالى 90 % من سكان المدن الاوروبية هواء ملوثا تشير تقديرات الى تسببه بوفاة 400 الف شخص بشكل مبكر سنويا، على ما افادت الوكالة الاوروبية للبيئة. ولا يزال تلوث الهواء السبب البيئي الرئيسي للوفيات المبكرة في الاوساط الحضرية في اوروبا، بحسب التقرير الذي جمع بيانات تتناول حوالى 400 مدينة. وأشارت الوكالة الى ان "المواطنين الاوروبيين يتنشقون غالبا هواء غير مطابق مع المعايير الاوروبية".

واضافت "جميع سكان المناطق الحضرية تقريبا عرضة لملوثات على مستويات مصنفة خطيرة من جانب منظمة الصحة العالمية" التي لها توصيات تعتبر اكثر تشددا من المعايير الاوروبية في هذا المجال. وأوضحت الوكالة في بيان انه "بالنسبة لبعض الملوثات فان اكثر من 95 % من سكان المناطق الحضرية معرضون لمستويات خطيرة".

وتمثل الازمات والامراض القلبية السبب الرئيسي (80 %) للوفيات الناجمة عن تلوث الهواء، تليها الامراض الرئوية والسرطان. كذلك تحدث التقرير عن خطر الجسيمات الدقيقة التي تدخل الى الشعب الاعمق في المجاري التنفسية وايضا الى الدم. ولفت التقرير الى ان "اثر تلوث الهواء له تبعات اقتصادية كبيرة اذ يقصر اعمارا ويزيد النفقات الطبية ويقلص الانتاجية بسبب ايام العمل الضائعة".

وتطرق التقرير الى احصائيات لمنظمة الصحة العالمية والمفوضية الاوروبية تؤكد ان اكثر من 400 الف وفاة مبكرة تحصل سنويا بسبب التلوث الجوي. واستنادا الى بيانات من العام 2011، اشارت الوكالة الاوروبية للبيئة الى ان تلوث الهواء اودى بحياة 458 الف شخص في 40 بلدا في اوروبا، بينهم 430 الفا قضوا في البلدان الـ28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي.

من جانب اخر قالت وكالة البيئة الأورروبية في تقرير إن تلوث الهواء لا سيما الناجم عن منشآت الطاقة التي تعمل بالفحم كلف المجتمع ما يصل إلى 189 مليار يورو (235 مليار دولار) في عام 2012 وهو ما يعادل الناتج المحلي الاجمالي لفنلندا. وتقدم هذه الوكالة بحوثا لتوجيه صناع السياسات في الاتحاد الأوروبي الذين يعيدون النظر في مقترحات طرحتها المفوضية الأوروبية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي العام الماضي لتشديد قوانين تتعلق بجودة الهواء.

وحللت الوكالة تأثير تلوث الهواء الناجم من الصناعة على تكاليف الرعاية الصحية وأيام العمل الضائعة والأضرار بالمباني وانخفاض المحاصيل الزراعية وغيرها من التكاليف ووجدت أن تكلفة الخسائر لا تقل عن 59 مليار يورو وتصل إلى 189 مليار يورو فى عام 2012. وتعكس هذه الفروق الكبيرة الطرق المختلفة لتقدير التكاليف ومقارنات مع تقديرات بين 79 مليار يورو و 251 مليار يورو عام 2008 في بداية الفترة التي تم تحليلها من 2008 إلى 2012.

وانخفضت التكاليف عندما وضع قانون البيئة والانكماش الاقتصادي بالاتحاد الاوروبي حدا للانبعاثات بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين وأكاسيد الكبريت لكن الباحثين قالوا إن مواصلة احراز تقدم في الحد من الانبعاثات خلال فترات النمو الاقتصادي سيمثل تحديا.

فمن بين أكبر 30 منشأة تم تحديدها كمصدر لمعظم الضرر فإن 26 منها محطات لتوليد الطاقة وتعمل بشكل أساسي بالفحم في ألمانيا وشرق أوروبا. وكشف صناع السياسات في الاتحاد الأوروبي في نهاية العام الماضي عن مشروع قانون للحد من تلوث الهواء الناجم عن الصناعة وحركة المرور. بحسب رويترز.

ووفقا لوثيقة اطلعت عليها رويترز فإن المفوضية الجديدة التي بدأت مهامها منذ نوفمبر تشرين الثاني تبحث تغيير أو حتى الغاء القانون الجديد المتعلق بجودة الهواء. وقالت المفوضية انها لم تتخذ قرارا حتى الان. وتقول بعض القطاعات الصناعية انها تبذل جهدا حتى تكون تنافسية وأن لائحة الاتحاد الأوروبي تهدد بخروجها من أوروبا.

اليابان

على صعيد متصل ارتفعت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في اليابان إلى مستوى قياسي وذلك جراء زيادة استهلاك الوقود الأحفوري نتيجة لإغلاق عدد من مفاعلات توليد الطاقة النووية. وأظهرت البيانات الأولية التي نشرتها وزارة البيئة اليابانية أن الانبعاثات ارتفعت بنسبة 1.6 في المئة لتبلغ 1.395 مليار طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون مقارنة بعام مضى. ومثل هذا ارتفاعا بنسبة 1.3 في المئة عن عام 2005 و10.6 في المئة عن عام 1990.

وقالت اليابان وهي الخامسة عالميا في انتاج غازات الاحتباس الحراري- في العام الماضي انها تهدف بحلول عام 2020 إلى تخفيض الانبعاثات بنسبة 3.8 في المئة مقارنة بمستويات عام 2005. وهذا يمثل زيادة بنحو ثلاثة في المئة عن مستويات عام 1990 التي تتخذها الأمم المتحدة كمقياس ويعد تراجعا عن هدف الحكومة اليابانية السابق بتخفيض نسبة الانبعاثات بنحو 25 في المئة.

وكان اثنان من أصل 48 مفاعلا نوويا في اليابان يعملان في النصف الأول من السنة المالية الماضية بعد اغلاق باقي المفاعلات على خلفية مخاوف تتعلق بالسلامة اثر تسبب زلزال وأمواج مد (تسونامي) عام 2011 في ذوبان قلب مفاعل فوكوشيما النووي شمالي شرقي طوكيو. وبلغت نسبة الطاقة التي تنتجها المفاعلات النووية 26 في المئة من مجمل الطاقة الكهربائية التي تولدها اليابان وأجبر ذلك البلاد على استيراد الفحم والغاز الطبيعي مما زاد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. بحسب رويترز.

ويدعو رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي للعودة إلى توليد الطاقة النووية لكنه عبر في الوقت عينه عن رغبته في تخفيف الاعتماد عليها بمرور الوقت. وتبدأ عملية إعادة تشغيل المفاعلات النووية المغلقة العام المقبل على أقرب تقدير غير أن بعضها لن يعاد تشغيله على الإطلاق بسبب مخاوف متعلقة بالسلامة.

الصين

من جانب اخر اعلنت الصين انها ستسعى الى خفض حصة استهلاك الفحم في قطاع الطاقة من 69 حاليا الى 62 بالمئة في 2020 لكن ذلك سيترجم مع ذلك بارتفاع لاستخدام هذه المادة. وسيبلغ السقف الذي حددته الحكومة الصينية لاستهلاك للفحم الحجري 4,2 مليار طن في 2020، مقابل 3,6 مليار طن في 2013، اي بزيادة نسبتها 16 بالمئة.

والصين التي تعتبر اول بلد ملوث للجو بانبعاثات الغازات السامة المسببة للاحتباس الحراري، تمثل حاليا نصف الاستهلاك العالمي من الفحم. وهي مستمرة في بناء العديد من المحطات الحرارية. لكن بكين تعتزم خفض حصة الفحم في قطاع الطاقة بالقيمة النسبية، عبر زيادة حصة الطاقة النووية والطاقات المتجددة بنسبة 15 بالمئة.

ويجد ثاني اقتصاد عالمي نفسه مضطرا للتحرك للحد من ثاني اكسيد الكربون الذي ينبعث من وقود الفحم، لان تلوث الجو فرض نفسه كمشكلة كبرى في المدن الصينية. وحددت الصين لنفسها هدفا للحد من انبعاثاتها من الغازات الدفيئة المسؤولة عن سخونة الجو "حوالى 2030". وجاء هذا الاعلان اثناء استقبال الرئيس الصيني شي جينبيغ لنظيره الاميركي باراك اوباما في بكين. اما الولايات المتحدة التي تعد ثاني ملوث في العالم، فقد تعهدت من جهتها بخفض انبعاثاتها من الغازات السامة بنسبة تتراوح بين 26 و28% بحلول العام 2025، قياسا الى العام 2005.

على صعيد متصل خاض 25 الف شخص سباق ماراتون في بكين في اجواء خانقة من التلوث تضاهي 15 مرة المعدلات المسموح بها عالميا، فلم يجد بعضهم بدا من وضع اقنعة منقية للهواء. ولم يوافق القيمون على السباق على تأجيله في الوقت الذي كانت سحابة بيضاء من التلوث تهيمن على اجواء العاصمة الصينية. ومن العناصر الملوثة للهواء في اجواء بكين جزيئات تدخل الى اعماق الرئة، وهي موجودة في الهواء في بعض الاحياء من العاصمة بنسبة 400 ميكروغرام في المتر المكعب، علما ان المعدل الاقصى الذي توصي منظمة الصحة العالمية بعدم تجاوزه حرصا على سلامة الانسان هو 25.

وفيما واصل البعض السباق، ومنهم صينيون يعتبرون انهم "معتادون" على ارتفاع نسب التلوث في بلدهم، قرر آخرون الخروج من السباق معتبرين ان الجو لا يطاق. وقال العداء البريطاني تشاس بوب البالغ من العمر 39 عاما "حين رأيت كيف اصبح القناع المنقي للهوء الذي كنت اضعه بعد عشرة كيلومترات من الجري قلت في نفسي هذا لا يطاق، انه امر سخيف ان نجري في هذا الجو علما ان الجري نشاط يراد منه الحفاظ على الصحة". بحسب فرانس برس.

ولم يوافق المنظمون على تأحيل السباق الى حين انقشاع سحابة التلوث بداعي ان معظم العدائين جاؤوا من خارج الصين أو من مناطق بعيدة عن بكين. وتعاني الصين من نسبة عالية جدا من التلوث في الجو وخصوصا بسبب استخدام الفحم في توليد الطاقة الكهربائية، الى جانب الاعداد الهائلة من السيارات في الشوراع. وفار بالسباق العداء الاثيوبي غيرماي بيرهاني غيربو، وحلت مواطنته فاطمة سادو درغو في المرتبة الاولى بين النساء.

الهند

الى جانب ذلك حظرت محكمة هندية سير جميع المركبات التي مضى على انتاجها أكثر من 15 عاما في شوارع العاصمة نيودلهي في محاولة لتنقية الهواء الذي اعتبرته احدى الدراسات البارزة هذا العام الأكثر تلوثا في العالم. ويقدر مسؤولو النقل أن هذا الحكم يشمل ما يصل الى ثلث المركبات البالغ عددها 8.4 مليون من دراجات نارية وشاحنات وسيارات وعربات صغيرة بثلاث عجلات (الركشة) التي تجوب الطرق المختنقة في دلهي والمناطق المحيطة بها.

وتقضي مدن في مختلف أنحاء العالم بمنع المركبات القديمة من السير في طرقها أو تقيد استخدام السيارات الخاصة لمعالجة التلوث المتزايد للهواء. وفرضت مكسيكو سيتي هذا العام حظرا على قيادة السيارات القديمة أيام السبت بينما فرضت فرنسا في شهر مارس اذار لفترة وجيزة قيودا مرورية هي الأكثر صرامة منذ 20 عاما. وقالت المحكمة الوطنية المعنية بالبيئة في حكم يحظر سير المركبات القديمة بشوارع المدينة "لا شك ولا جدال في أن تلوث الهواء في دلهي يزداد سوءا بمرور كل يوم".

وتقدر حكومة دلهي ان انبعاثات العادم الصادرة من المركبات هي المسؤولة عن ما يقرب من ثلاثة أرباع تلوث الهواء في دلهي كما وجدت دراسة لمنظمة الصحة العالمية شملت 1600 مدينة نشرت في مايو آيار أن العاصمة الهندية بها أقذر هواء في العالم. ورفضت الهند هذا التقرير. وقال بونيت جوبتا المحلل في شؤون السيارات ان هذا الحظر في دلهي يفتقر إلى الحافز لتشجيع السائقين على استبدال مركباتهم القديمة.

ونمت مبيعات السيارة لادا في روسيا جزئيا بفضل نظام يوفر حوافز نقدية لشراء سيارات جديدة اذا باع الأشخاص سيارتهم القديمة كخردة. ويقول منتقدو حكم نيودلهي انه غير قابل للتطبيق إلى حد كبير ولن يسهم بشكل يذكر في معالجة التلوث في مدينة ينزل الى طرقها 1500 سيارة اضافية كل يوم.

وكانت منظمة الصحة العالمية في دراسة نشرت في ايار/مايو وشملت 1600 مدينة في 91 بلدا، اعتبرت ان الجو في العاصمة الهندية هو الاكثر تلوثا مع تركز وسطي يبلغ 153 ميكروغراما في المتر المكعب. وتعترض السلطات الهندية على استنتاجات المنظمة الاممية.

ويقول غفران بيج كبير علماء المؤسسة العامة للبحث وارصاد نوعية الجو (سافار) "في غالبية الوقت نوعية الهواء في نيودلهي سيئة لكنها افضل من بكين" حيث يزيد تركز الجزيئات الدقيقة 20 مرة عن السقف الذي تحدده منظمة الصحة العالمية. لكنه يقر ان المستويات المسجلة بعد عيد ديوالي عندما تشعل الالعاب النارية سماء الهند تنافس تلك المسجلة في العاصمة الصينية موضحا "سيكون الوضع كذلك على مدى 24 ساعة ومن ثم تتحسن الامور". بحسب فرانس برس.

الا ان تلوث الجو في نيودلهي يستمر في التفاقم نظرا الى التوسع الحضري الزاحف الذي يغرق العاصمة في سحابة تخلفها انبعاثات عوادم السيارات ودخان المصانع ومحطات الطاقة العاملة على الفحم. ويتفاقم الوضع مع رمال صحراء راجستان التي تنقلها الرياح الغربية فضلا عن حرق الاخشاب لاغراض التدفئة والطبخ من قبل افقر الفقراء في مدن الصفيح. ويوضح انوميتا رويشودوري العضو في لجنة خبراء شكلتها الحكومة لوضع خطة لمكافحة التلوث "تعاني نيودلهي من مشكلة خطرة لان مستوى التلوث فيها مرتفع جدا طوال السنة بسبب الارتفاع السريع في عدد الاليات".

فرنسا

من جهة اخرى قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن فرنسا تريد التخلص بشكل تدريجي من استخدام الديزل كوقود لوسائل نقل الركاب الخاصة وإنها ستطبق نظاما لتحديد السيارات الأكثر تلويثا البيئة. وأضاف فالس إن الحكومة ستطبق العام المقبل نظاما لتحديد هوية السيارات من شأنه تصنيف السيارات بحجم التلوث الذي ينبعث منها. وسيتيح هذا للسلطات المحلية الحد من دخول السيارات الأكثر تلويثا للبيئة للمدينة. وقال فالس "نفضل في فرنسا محرك الديزل منذ فترة طويلة. هذا خطأ وسنلغي هذا بشكل تدريجي وذكي وعملي." ويقود نحو 80 في المئة من أصحاب السيارات مركبات تعمل بالديزل.

وقال فالس إن النظام الضريبي لابد وان يوجه المواطنين نحو خيارات تتعلق بالبيئة بشكل أكبر ولاسيما الاجراءات التي تتضمنها ميزانية 2015 لتقليص المزايا الضريبية لوقود الديزل مقابل الغاز. وأضاف فالس أن الحكومة تعمل على خطط لزيادة عدد المستفيدين من دعم لتغيير محركات الديزل القديمة في مناطق بها خطط لمكافحة التلوث. بحسب رويترز.

وكانت سيجولين رويال وزيرة الطاقة الفرنسية قد أعلنت في وقت سابق من العام الجاري إن السائقين الذين يستبدلون السيارات التي تعمل بالديزل بسيارات كهربائية سيكون من حقهم الحصول على مكافأة تصل إلى عشرة آلاف يورو(13500 دولار).

النفايات البلاستيكية

في السياق ذاته يقضي مليون ونصف مليون حيوان سنويا ضحية النفايات البلاستيكية التي تخلف في المحيطات.. والمشكلة مرجحة للتفاقم على ما تؤكد لورانس موريس احدى المسؤولات في المعهد الفرنسي لابحات التنمية (ايرد). وتقول مديرة الابحاث "تقضي المخلفات البلاستيكية سنويا على 1,5 مليون حيوان" من طيور واسماك وحيتان وسلاحف. وتحذر الدراسات الاخيرة للمعهد الفرنسي لابحاث التنمية من خطر يسمى "القارة السابعة"، وهو "جزر" تشكلها النفايات التي تعوم في المحيط الهادئ والاطلسي والهندي. وتشير لورانس موريس الى ان "30 % من الاسماك في شمال المحيط الهادئ ابتلعت مواد بلاستيكية خلال حياتها".

ويضم هذا المحيط اكبر "جزيرة" نفايات بلاستيكية رصدت حتى الان. ففي العام 1997 رصدت للمرة الاولى بين سواحل كاليفورنيا وهاواي. وقد تضاعف حجمها ثلاث مرات منذ ذلك الحين ليصل اليوم الى حوالى 3,5 ملايين كيلومتر مربع اي سبع مرات مساحة فرنسا. وتنمو "هذه الجزيرة" سنويا ب"80 الف كيلومتر مربع" على ما تؤكد الباحثة الفرنسية المتخصصة في الكيمياء المائية.

في العام 2011 ، اطلقت جمعية المحافظة على الحيتان والدلافين تحذيرا موضحة ان النفايات البلاستيكية تشكل تهديدا فتاكا على هذه الحيوانات "التي قد تبتلعها او تعلق فيها". منذ العام 2012 وصفت مجلة "بايولوجي ليترز" العريقة هذه الصفائح المؤلفة من مخلفات بلاستيكية التي قد تتواجد احيانا على عمق قد يصل الى 1500 متر بانها "حساء قاتل". هذه "الجزر" التي تجرفها التيارات البحرية تعلق في دوامات المحيطات من دون اي امكانية لتتحلل بشكل طبيعي.

وتؤكد الباحثة في المعهد الفرنسي لابحاث التنمية ان الزجاجة البلاستكية "لن تتحلل لان الباكتيرا والطفيليات لا اثر لها على البلاستيك" موضحة ان اكثر من 80 % من البلاستيك الذي تتألف منه هذه النفايات هو مادة البوليثيلين وهو زهيد الثمن وصلب. واوضحت لورانس موريس ان الانواع البحرية يلتبس عليها الامر وتظن ان هذه المخلفات البلاستيكية هي طعام. وهي في الحقيقة طعام مسمم يؤدي الى هلاكها. بحسب فرانس برس.

وروت "وجدنا في احد الحيتان عناصر تدخل في بناء البيوت البلاستكية لزراعة الطماطم اتت عليها عاصفة والقتها في البحر. وقد استخرج من الحوت ما لا يقل عن 20 كيلوغراما من البلاستيك. ومن ضحايا هذه الظاهرة الطيور البحرية، على غرار القطرس التي تراقب سطح المياه بحثا عن الغذاء لنقلها الى صغارها. واوضحت الباحثة الفرنسية "عثر على طائر قطرس صغير نافقا وقد امتلا بطنه بالمواد البلاستيكية لان والديه نقلا اليه اغطية بلاستيكية ظنا انها طعام".

قناة السويس الجديدة

من جهة اخرى تمر بعض الكائنات العجيبة في قناة السويس كل يوم وأسفل هياكل سفن الشحن العملاقة التي تمر في القناة تعبر أيضا كائنات لا تعد ولا تحصى لتستقر في البحر المتوسط ملحقة الضرر بالنظام البيئي المحلي والاقتصادات الساحلية. ومع تخطيط مصر لحفر قناة جديدة موازية للممر المائي - الذي حفر قبل 145 عاما - وبتكلفة تقدر بثمانية مليارات دولار وهو مشروع يقول المسؤولون انه سيعزز التجارة العالمية فإن غزو هذه الكائنات عبر البحر الاحمر يمكن أن يشهد زيادة كبيرة.

تقول نوا شينكار من قسم علم الحيوان في جامعة تل أبيب ومتحف التاريخ الطبيعي "إذا زاد عدد السفن واتسعت القناة فان احتمال وصول هذه الأنواع سيزداد كثيرا." ويسير غزو الكائنات في معظم الأحيان تبعا لتيارات المياه الى الشمال من البحر الأحمر. وقالت نوا إن ما يزيد على 700 نوع من الكائنات البحرية الدخيلة تعيش الان في البحر المتوسط.

ويمكن لهذه الانواع أن تسافر متطفلة على هيكل السفينة او السباحة ببساطة عبر القناة. وبعد ذلك تدفع التيارات المائية التي تتحرك عكس اتجاه عقارب الساعة هذه الكائنات إلى الشاطئ الشرقي ومع مرور الوقت قطع بعضها ثلثي المسافة إلى جبل طارق. وتهدد الان أسراب قناديل البحر التي غزت في فترة السبعينيات المصطافين وتسد أنابيب محطات الطاقة في إسرائيل. وأصبح السمك البخاخ السام مصدر إزعاج شديد للصيادين المحليين. وتهدد ما تعرف بنافورات البحر أو المزقييات التي تلتصق بالجزء السفلي من السفن بأن تغطي قاع البحر.

ويشمل الوافدون الجدد مجموعة متنوعة من الرخويات والاسماك والقشريات وأنواعا اخرى وفقا لشينكار لكن من الصعب التنبؤ أيها سيتمكن من القيام بهذه الرحلة. وتتضمن إجراءات المكافحة الممكنة إقامة حاجز من المياه شديدة الملوحة عند مخرج القناة أو إنشاء تيار قوي يصعب على هذه الكائنات الهجرة من موطنها الأصلي. بحسب رويترز.

وكان في قناة السويس حاجز طبيعي داخل الممر المائي يتمثل فيما تعرف باسم البحيرات المرة والتي توجد بها مياه شديدة الملوحة عرقلت مرور الكائنات البحرية. لكن على مدار قرن من تطور القناة فقدت هذه البحيرات تأثيرها. وقال فرديناندو بويرو استاذ علم الحيوان في جامعة سالينتو الايطالية إن في حين أن قناة السويس من الحالات السيئة فإن غزو الكائنات البحرية يحدث في جميع انحاء العالم. وقال إن بمجرد وصول نوع من الأنواع يتعذر في معظم الأحيان القضاء عليه وأضاف " ليست هناك حلول بسيطة للمشاكل المعقدة وهذه المشاكل معقدة للغاية."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/كانون الأول/2014 - 15/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م