انفلونزا الطيور.. سلالات تتوالد بسرعة تنشر الرعب والفزع

 

شبكة النبأ: حالة من القلق الشديد تعيشها العديد من دول العالم، بسبب ظهور سلالة جديدة من فيروس انفلونزا الطيور قد تشكل تهديداً مستجداً على الصحة العامة والاقتصاد، خصوصا وان منظمة الصحة العالمية قد حذرت في العديد من بيانتها، من اندلاع وباء جديد لهذا المرض، الذي يحتاج الى مراقبة وحرص شديد، ونبهت ايضا الى أن الفيروس الجديد اذا أمكن أن يتبادل مع البشر في بعض المواد الوراثية، سيظهر نمطا فرعيا جديدا مختلف عنه يمكنه أن يتضاعف في البشر وينتشر بسرعة من شخص لأخر، ويؤدى لتفشى وباء عالمي للإنفلونزا شديد الفتك لا يمكن للأمصال الموجودة حاليا أن توفر الحماية ضد الفيروس الجديد. هذا بالإضافة الى الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي قد يسببها تفشي مرض انفلونزا الطيور.

وانفلونزا الطيور وكما تشير بعض المصادر، هو مرض فيروسي معدي، ينتقل عادةً بين الطيور، لكنّه بدأ بالانتقال إلى الانسان، مصدره الرئيس الطيور المائية مثل البط وينتقل بسهولة للطيور الداجنة ومن الجدير بالذكر أنّ هنالك 15 نوعاً مختلفاً من انفلونزا الطيور تم اكتشاف 5 منها لغاية الآن. وقد حدثت طفرة في التكوين الجيني والوراثي لهذا الفيروس مكنته من نقل العدوى من الطيور المصابة به إلى الإنسان، وهناك أيضا تأكيدات بأن سبب الإصابة هو التعرض المباشر للطيور الحية والمصابة بهذا الفيروس عبر إفرازاتها المخاطية كاللعاب أو الإفرازات بشكل عام وفضلاتها هذا الفيروس قد يعيش في اللحوم النيئة والمنقولة له من الطيور المصابة. ومن السهل لهذا الفيروس أن يعلق في الشعر والملابس كما يمكن دخوله إلى جسم الإنسان عن طريق الاستنشاق.

تحذير دولي جاد

وفي هذا الشأن فقد حذرت منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية، من أن النوع الجديد من أنفلونزا الطيور إتش5 أن8 الذي يطال ثلاث دول أوروبية "خطير" على مزارع الدجاج، ودعتا البلدان المعرضة لهذا الخطر إلى تسريع إجراءات الوقاية. وفي بيان تحدثت فيه منظمة الفاو والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية عن تهديد "كبير" خصوصا على قطاع تربية الدواجن "في الدول الفقيرة الواقعة على طول الممرات التي تمر عبرها الطيور المهاجرة عند تخوم البحر الأسود وشرق الأطلسي".

وفيروس إتش5 أن8 الذي رصد مطلع العام في الصين وكوريا الجنوبية واليابان، تم رصده في ألمانيا وهولندا وبريطانيا في مزارع دواجن كما رصدت السلطات الألمانية مؤخرا هذا الفيروس على بطة برية. وقالت المنظمتان "حتى الآن لم يؤكد أن فيروس إتش5 أن8 ينتقل إلى البشر. لكنه خطير جدا على الدجاج في المزارع". وأكدت المنظمتان أن "الفيروس قد يصيب أيضا الطيور البرية التي لا تظهر عوارض المرض عليها". بحسب فرانس برس.

والطيور البرية قد تنقل أيضا الفيروس إلى مسافات بعيدة وقد ينتقل من مزرعة إلى أخرى في الدول غير المهيأة ما يستلزم تشديد تدابير الحماية والوقاية تفاديا "لآثار خطيرة" على الدواجن وعلى الاقتصاد. وتوصي المنظمتان بتكثيف الجهود لمراقبة مزارع الدواجن وتشديد تدابير السلامة فيها من خلال الحرص خصوصا على عدم حصول احتكاك بين الدواجن والطيور البرية" وتوعية الصيادين والأشخاص الذين قد يكون لديهم نشاطات في البراري لكشف سريعا وجود طيور برية مصابة أو نافقة. وهذا النوع الجديد من فيروس إتش5 أن1 الذي انتشر من آسيا إلى أوروبا وأفريقيا في 2005 و2006 تسبب بوفاة 400 شخص ونفوق مئات ملايين الدواجن.

الطيور المهاجرة هي السبب

في السياق ذاته قالت منظمتان حكوميتان دوليتان إن سلالة انفلونزا الطيور التي رصدت في أوروبا تشكِّل خطرا كبيرا على قطاع الدواجن في البلاد التي تعبر فيها الطيور البرية المهاجرة. وأبلغت ألمانيا وهولندا وبريطانيا عن حالات إصابة بسلالة (إتش.5.إن.8) شديدة العدوى من أنفلونزا الطيور. وهذه السلالة شبيهة بالسلالة التي دمرت أسرابا من الطيور في كوريا الجنوبية لكنها لم ترصد قط في البشر.

وفي بيان مشترك قالت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والمنظمة العالمية لصحة الحيوان إن الخطر شديد للغاية على مربي الدواجن على طول مسارات هجرة الطيور البرية في البحر الأسود وشرق الأطلسي. وقالت متحدثة باسم المنظمة العالمية لصحة الحيوان إن البلدان الفقيرة أو البلدان التي تواجه اضطرابات سياسية مثل أوكرانيا هي عرضة للخطر بدرجة أكبر.

ويشتبه في أن الطيور البرية هي التي تحمل المرض الذي أدى بالفعل إلى إعدام مئات الآلاف من الدواجن في أوروبا. وقالت المنظمتان "إذا أصيبت قطاعات الدواجن التي تنخفض فيها مستويات الأمان الحيوي في بلدان استعدادها الطبي البيطري محدود فان الفيروس قد ينتشر عبر المزارع تاركا آثارا مدمرة على سبل كسب الرزق الضعيفة وكذلك على اقتصادات البلدان وتجارتها." بحسب رويترز.

وذكرتا أن حالات تفش أخرى للانفلونزا أظهرت أن الطيور البرية قادرة على حمل الفيروس لمسافات طويلة. ودعت المنظمتان إلى زيادة جهود المراقبة لرصد الفيروس مبكرا واتخاذ مزيد من الإجراءات لمنع الاختلاط بين الطيور البرية والدواجن المحلية وتحسين قدرات الطب البيطري على الاستجابة السريعة.

هولندا في خطر حقيقي

من جانب اخر ساعدت الزراعة على جعل هولندا بلدا ثريا لكن خبراء يحذرون من أن انتشار المزارع وتزايد عدد الحيوانات في واحد من أكثر قطاعات الزراعة كثافة في العالم قد يجعله عرضة لتفشي الأمراض. وقد تم اكتشاف سلالة شديدة العدوى من أنفلونزا الطيور في مزرعة هولندية الأمر الذي اضطر السلطات لفرض حظر لمدة ثلاثة أيام على نقل كل الدواجن والمنتجات المرتبطة بها.

لكن الحظر على النقل الذي كلف القطاع خسائر قدرت بمئة مليون يورو (120 مليون دولار) لم يمنع رصد سلالات شبيهة أو مطابقة في مزرعتين قريبتين الأمر الذي أدى لمد الحظر المكلف بالفعل إلى أسبوع كامل. وقال برنارد فالات رئيس المنظمة العالمية لصحة الحيوان "عندما يكون هناك مرض في هولندا وهي أعلى دولة في العالم من حيث كثافة المزارع سواء كانت مزارع دواجن أو خنازير فإن الأمر يكون موجعا." وقال "هولندا معرضة للخطر بالفعل بسبب كثافة (المزارع)."

ويدافع قطاع الزراعة في هولندا عن ممارساته ويقول قطاع الدواجن إنه ضخ استثمارات كبيرة في النظافة العامة منذ آخر وباء لأنفلونزا الطيور قبل 11 عاما بينما أصبحت الصناعة مصدرا هائلا للثروة. ومثلت الزراعة 16 في المئة من صادرات عام 2013 لكن هذه الكفاءة كان لها ثمنها فالخبراء يقولون إن وجود كل هذا العدد من المزارع والحيوانات في المزارع جعل النظام معرضا بشدة لانتشار الأمراض.

وينمو قطاع المزارع بمعدل لا يمكن لحظر النقل حتى أن يوقفه. ففي خلال ثلاثة أيام فقست 7.5 مليون بيضة في مستودعات حاضنة دون أن يتم نقلها. وبسبب التفشي الأحدث لانفلونزا الطيور - وهو تاسع وباء حيواني ينتشر في هولندا في أقل من 20 عاما - اضطرت السلطات لإعدام العديد من الطيور. وقال كليمنس دريسن خبير الطب الحيوي في جامعة واجينينجن وهي مركز رائد في أبحاث الزراعة "انه هذا النظام اللوجيستي المذهل... لكن ما إن تقول إنك لن تستطيع نقل الحيوانات بعد الآن فان (هذا النظام) سيبدأ بالتفكك."

الى جانب ذلك قررت السلطات الهولندية ذبح 50 ألف طائر في مزرعة دواجن مما يرفع الى 300 ألف عدد الدواجن والبط الذي ذبح في هولندا في الاسابيع الاخيرة. وذكر بيان حكومي ان الاختبارات أكدت تفشي سلاسة انفلونزا الطيور إتش5إن8 في مزرعة في بلدية زويتروود بغرب البلاد حيث صدرت أوامر بذبح 28 ألف دجاجة تبيض.

وأضاف البيان ان الذبح الذي أعلن عنه في مزرعة قريبة كان اجراء احترازيا. وتجري سلطات صحة الحيوان فحوصا على الدواجن في مزارع اخرى في المنطقة. وفرضت قيود على النقل في هذا القطاع أثرت على نحو 2000 مزرعة دواجن. وهولندا أكبر مصدر للبيض في العالم وأكبر مصدر للحوم الدواجن في الاتحاد الاوروبي. وقال البيان "من الضروري فعل كل ما هو مطلوب لمنع تفش كالذي حدث في 2003" عندما أعدمت 30 مليون دجاجة. بحسب رويترز.

وتزخر المزارع الهولندية بملايين الطيور والحيوانات وتقدر بنحو 103 ملايين دجاجة و12 مليون خنزير وأربعة ملايين بقرة وملايين الخراف والدجاج الرومي والبط والأرانب والماعز. ومنذ عام 1997 أعدمت هولندا 40 مليون دجاجة وبقرة وعنزة وخنزير وخروف لاحتواء تفشي أمراض كإنفلونزا الخنازير والحمى القلاعية وجنون البقر. وهولندا هي ثاني أكبر مصدر للمنتجات الزراعية بعد الولايات المتحدة حيث باعت بضائع إلى الخارج بقيمة تتجاوز 79 مليار يورو (98 مليار دولار) العام الماضي كما أنها أكبر مصدر للبيض في العالم وأكبر مورد للحوم الدواجن في الاتحاد الأوروبي.

حظر الواردات البيطرية

على صعيد متصل قالت إدارة التفتيش البيطري الأوكرانية إن أوكرانيا حظرت واردات جميع الطيور الحية ومنتجات الدواجن من بريطانيا وهولندا وألمانيا بسبب ظهور حالات إصابة بانفلونزا الطيور في تلك الدول. وقال مسوؤل بالادارة "سيظل الحظر ... ساريا الى أن تقول الهيئة الرقابية الدولية إن هذه الدول خالية من انفلونزا الطيور." وتستورد أوكرانيا كميات صغيرة نسبيا من الطيور والدواجن من تلك الدول سنويا.

وتأكد ظهور حالات من نوع شديد العدوى من انفلونزا الطيور في مزرعة بط انجليزية وهو نفس الفيروس الذي اكتشف بالفعل في ألمانيا وهولندا. وحذرت منظمة الصحة العالمية من أنه متى انتشرت فيروسات انفلونزا الطيور بين الدواجن توجد مخاطر عدوى من وقت لآخر أو في مجموعات صغيرة من البشر خاصة الاشخاص المخالطين للطيور المصابة أو البيئة الملوثة.

وإصابة البشر بانفلونزا الطيور نادرة ولا ينتقل الفيروس بسهولة فيما يبدو حاليا من إنسان لآخر. ووفقا لبيانات لمنظمة الصحة العالمية تغطي الفترة من عام 2003 حتى الثاني من اكتوبر تشرين الاول عام 2014 حدثت 668 حالة إصابة بشرية مؤكدة معمليا أبلغ عنها رسميا من 16 دولة. ومن بين هذه الحالات توفى 393 شخصا. بحسب رويترز.

من جانب اخر قالت السلطات الألمانية إنه يجب الإبقاء على الدواجن التي تعيش بالمناطق الألمانية التي يزيد فيها خطر الاتصال مع الطيور المهاجرة داخل مباني المزرعة للحماية من خطر انفلونزا الطيور. وقالت حكومة ولاية نورد راين فستفاليا في بيان إن هذا القرار اتخذته السلطات الاتحادية وسلطات الولايات بعد اكتشاف بطة برية مصابة بانفلونزا الطيور. وأمرت سلطات مكلنبورج-فوربومرن بالفعل بإبقاء جميع الدواجن داخل مباني المزرعة بغض النظر عما إذا كان هناك خطر زائد من الاتصال مع الطيور المهاجرة.

إصابات بشرية مفاجئة

الى جانب ذلك أعلنت وزارة الصحة المصرية عن ثلاث حالات وفاة جديدة بانفلونزا الطيور ما أدى لارتفاع إجمالي الوفيات بالمرض إلى ستة هذا العام. وقالت في بيان إنها سجلت 11 إصابة بالمرض منذ بداية 2014. وظهر المرض في مصر لأول مرة عام 2006 وأودى إلى الآن بحياة أكثر من 63 شخصا وكبد البلاد التي يعمل ملايين من سكانها بتربية الدواجن خسائر قدرت بمليارات الجنيهات.

وكان عدد حالات الإصابة التي أعلن عنها حتى 19 نوفمبر تشرين الثاني منذ بداية العام الماضي قد بلغ سبع حالات بينها ثلاث وفيات. وقال البيان الذي أصدرته وزارة الصحة إن ثلاث حالات إصابة سجلت في محافظة المنيا جنوبي العاصمة في الآونة الأخيرة توفيت اثنتان منها. وأضاف أن حالة الوفاة الثالثة لامرأة عمرها 25 عاما "يوجد لها تاريخ تعرض لطيور (مصابة)" من محافظة بني سويف المجاورة.

على صعيد متصل أكدت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) حالة إصابة بشرية جديدة بفيروس انفلونزا الطيور(إتش7إن9) لتصبح أول حالة إصابة بالفيروس هذا الشتاء في إقليم قوانغدونغ بجنوب الصين. وقالت لجنة الصحة والعائلة في قوانغدونغ في بيان على موقعها على الإنترنت إنه تأكد اصابة إمرأة عمرها 31 عاما من مدينة دونغوان بالاقليم بالفيروس. وأضافت إن المريضة تعالج في مدينة قوانغتشوه عاصمة الإقليم وحالتها حرجة. وأصاب فيروس (إتش7إن9) المسبب لانفلونزا الطيور ثلاثة أشخاص في البداية في الصين في مارس آذار2013. وبعد ذلك أصاب أكثر من 450 شخصا وأودى بحياة 175 منهم.

من جانب اخر قالت المنظمة العالمية لصحة الحيوان إن سلالة انفلونزا الطيور التي رصدت في الهند يمكن أن تنتقل للبشر. لكن المنظمة قالت إنها ليست قلقة من الوضع لان الهند سبق وواجهت تفشيات للفيروس من قبل. ولم يتم الإبلاغ عن حالة إصابة بشرية منذ عام 2003 على الأقل.

واكتشفت الهند آلاف البط النافق بسبب سلالة شديدة العدوى من انفلونزا الطيور في ولاية كيرالا الجنوبية الأمر الذي دفع السلطات لإعدام أكثر من 200 ألف من الطيور. وفي تقرير سلم للمنظمة قالت وزارة الزراعة الهندية إن الطيور نفقت بسبب سلالة مختلفة من فيروس إتش.5 لكنها لم تحدد السلالة. وأظهر تقرير متابعة نشر على صفحة المنظمة على الانترنت أن الوزارة حددت السلالة بأنها اتش.5.إن1. بحسب رويترز.

ويمكن أن تكون هذه السلالة مميتة للبشر. وتسببت في وفاة قرابة 400 شخص ونفوق مئات الملايين من الدواجن بعد انتشارها من آسيا إلى أوروبا وأفريقيا في 2005 و 2006. وقال المدير العام للمنظمة برنارد فالات لرويترز هذا الأسبوع إنه منذ عام 2006 أعدمت الهند 6.4 مليون من الطيور بسبب انفلونزا الطيور. وأضاف أن التفشيات الأحدث ليست مدعاة للقلق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 7/كانون الأول/2014 - 14/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م